الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2024-03-11T11:50:43+02:00

مصر بين حلم الاكتفاء الذاتى وشبح ثورة الجياع

ايمان بدر

 

تربينا كمصريين على عبارة ( محدش بيبات من غير عشاء) ولكن حكى لنا أجدادنا ممن عاصروا الحروب خاصةً الحروب العالمية عن واقع آخر مختلف تماماً تلخصه عبارة ( الناس مش لاقية تاكل) فيما روى لنا التاريخ عن أزمات نقص غذاء ومجاعات عانى منها الشعب المصري منذ عهد نبى الله يوسف عليه السلام وكذلك الشدة المستنصرية وغيرها من الأزمات.

وفي مطلع الألفية الحالية لاحت في الأفق مصطلحات مثل ( أزمة الغذاء العالمي) وقيل إنه مشروع مازال موضوعاً في الادراج الأمريكية للضغط على العالم بسلاح إلقاء القمح في مياة المحيط حتى ترتفع أسعاره ويطارد الناس شبح الجوع، ما يجعلهم أكثر تبعية وخضوع للهيمنة الأمريكية- عملا بمبدأ عض قلبى ولا تعض رغيفى - في ظل عالم القطب الأوحد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.

وعلى ذكر الدب الروسي ولأن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين قرر منذ أن كان رئيساً لحكومة بلاده استعادة أمجادها والوقوف في وجه الهيمنة الأمريكية، كانت أبرز نجاحاته أن يجعل بلاده من أقوى الدول المصدرة للاقماح والحبوب الغذائية في العالم، ومن ثم فور إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلاسل الإمداد فيما يتعلق بالقمح والذرة المستخدمة كعلف للدواجن، عاد الحديث عن أزمة غذاء عالمية كانعكاس مباشر لنقص الاقماح والاعلاف، خاصةً وأن تلك الحرب تزامنت أو تلت موجات الطقس السيء والتغيرات المناخية التي أدت إلى انهيار محاصيل الحبوب في دول أخرى مثل البرازيل والهند وتايلاند.

ومازالت الحرب الروسية الأوكرانية تلقى بظلالها على المشهد الاقتصادي العالمي، خاصةً في دولة مثل مصر كانت تعتمد على واردات روسيا وأوكرانيا من القمح والعلف بشكل كبير، وبالرغم من نجاح الدولة حتى الآن في السيطرة على رغيف الخبز وتوفيره مدعما بخمسة قروش، ولكنها فقدت السيطرة على أسعار سلع غذائية أخرى أبرزها الدواجن التى انعكس غلاء أسعارها على اللحوم الحمراء والأسماك، كما عصفت بالسوق المصري أزمة سكر تلتها أزمة أرز، ومن المتوقع أن تستمر وتتفاقم الأزمتان وربما تلحق بهما أزمة زيت مع قرب حلول شهر رمضان المبارك.

 

 

 

7.8 مليون مصرى يعانون من نقص الغذاء

 

  • ارتفاع أسعار القمح بنسبة 14% والذرة  8%  والتعويم برئ من أزمة البصل
  •  
  • مصر تحتل المرتبة 57 فى قائمة مؤشرات الجوع العالمى

 

دائماً ما ترجع الحكومات أى أزمات تتعلق بارتفاع الأسعار خاصةً أسعار السلع الغذائية إلى جشع التجار، بينما يدافع التاجر عن نفسه مبرراً هذا الارتفاع بالأسعار العالمية وموجات التضخم والقفزات المرعبة في سعر الدولار خاصةً بعد قرارات تحرير سعر الصرف المعروفة بالتعويم، كما استطاع البعض أن يتاجروا بالحرب الروسية الأوكرانية لرفع أسعار الأعلاف بشكل مبالغ فيه وتم إخفاء كميات ضخمة رغم قرارات الدولة بالإفراج الجمركى عن واردات الأعلاف، وهو أمر ليس بغريبًا على دولة عرفت مصطلح " غنى حرب" واعتاد بعض تجارها أساليب استغلال الأزمات للتلاعب بقوت الناس من خلال تعطيش الأسواق وتجويع الفقراء، منذ الحرب العالمية الأولى، وربما من قبلها.

 ولكن تلك الحجج والتذرع بالحرب الروسية والأسعار العالمية وقرارات التعويم كلها تبدو واهية حين ترتفع أسعار سلع تنتج محلياً ولدينا فيها اكتفاء ذاتي بل وصادرات إلى الخارج، وفي هذه الكلمة ( صادرات) يكمن السبب الحقيقي وراء الأزمات مثلما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المنزلى بسبب الاتجاه إلى تصديره على حساب السوق المحلى، تلجأ الحكومة أيضاً إلى تصدير حاصلات زراعية لتوفير العملة الأجنبية الصعبة، وتكون النتيجة أزمات خانقة في السوق المحلى لعل أشهرها أزمة البصل الشهيرة حين أصبح سعر كيلو البصل يفوق كيلو التفاح، وتحول الأمر إلى ( نكتة سياسية واقتصادية) أو ما يعرفه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بـ( كومكس) يتندرون به على فشل سياسات الحكومة في التعامل مع أزمة نقص بعض السلع، لأنه من المفترض أن يتم وضع خريطة للصادرات تغطى السوق المحلى قبل الاتجاه إلى التصدير وتأخذ فى الاعتبار الارتفاعات المتوقعة فى سعر الدولار مع كل قرار بتعويم الجنيه، وقد تجلى هذا الفشل والتخبط حين أضطرت الحكومة إلى إصدار قرار وقف تصدير البصل، ومع ذلك لم تتراجع الأسعار، حيث يلجأ التجار فى مثل هذه الحالات إلى إخفاء السلعة وتعطيش السوق، مثلما حدث من قبل مع الأرز والسكر وغيرهما.

وفي محاولة لتوضيح العلاقة بين الأزمات الاقتصادية العالمية وقرارات التعويم بناء على تعليمات البنك الدولي من ناحية، وبين انعكاساتها المحلية على أسعار السلع الغذائية من ناحية أخرى، صدرت مؤخراً دراسة بعنوان

 ( الأمن الغذائي في مصر من التبعية إلى الاكتفاء الذاتي) أعدتها الخبيرة الاقتصادية آية حمدى، تناولت خلالها أحدث إصدار للبنك الدولي، في هذا الشأن تحت عنوان

 ( تحديث الأمن الغذائي) تناول التقرير الصادر في ديسمبر ٢٠٢٣، تفاصيل التقلبات في أسعار السلع الغذائية، محذراً من استمرار موجات التضخم وانعكاساتها على الغلاء.

وبالأرقام أشار التقرير إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في غالبية البلدان منخفضة الدخل ومن بينها مصر ودول افريقيا وامريكا اللاتينية بنسبة تصل إلى ٥٪ بشكل عام، فيما ارتفعت أسعار الحبوب وتحديداً القمح بنسبة ١٤٪ والذرة بنسبة ٨٪، أما باقي الحبوب فقد بلغ متوسط ارتفاعها نسبة ٨٪، فيما عدا الأرز الذى ارتفعت أسعاره بنسبة ٣٦٪، فيما قفزت أسعار السكر إلى أعلى مستوياتها متأثرة بموجات الجفاف التى اجتاحت الدول المصدرة الرئيسية وأبرزها الهند وتايلاند.

وتوقع التقرير عودة المجاعات في بعض دول افريقيا مثل الصومال والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا، موضحاً أن هناك ١٥٣ مليون إنسان سوف يعانون من أزمة نقص الغذاء في المرحلة الثالثة والتى تعنى وجود غذاء لكن غير كاف، بينما يواجه ٣١٠ ألف شخص أزمة غذائية في مرحلتها الخامسة التى تصل إلى حد المجاعة.

أما عن مصر فقد أشار تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن الأمر ليس جديداً ، حيث بلغ عدد الذين كانوا يعانون من نقص الغذاء خلال الأعوام

 ( ٢٠٠٤_ ٢٠٠٦) أى في أواخر عهد الرئيس الأسبق الراحل حسنى مبارك، بلغ ٥ مليون نسمة بنسبة ٦.٤٪ من اجمالي عدد السكان آنذاك، أما مؤخراً وفي الفترة من

 ( ٢٠٢٠ - ٢٠٢٢) فقد وصل العدد إلى ٧.٨ مليون نسمة يعانون من نقص الغذاء بنسبة ٧.٢٪ من السكان، الذين تزايدت أعدادهم بنسبة ٤٣.٥٪ خلال هذه الفترة.

وبالرغم من تلك الزيادة السكانية الكبيرة تحتل مصر مستوى معتدل في مؤشر الجوع عالمياً، حيث تحتل المرتبة رقم ٥٧ من أصل ١٢١ دولة.

 

 

 

 

 

            جهود الدولة لمواجهة الجوع الغذائى والمائى

 

 

- تنفيذ 320 مشروع بتكلفة تتجاوز 42 مليار جنيه

 

- الصادرات الزراعية ارتفعت بنسبة 24.6% لتبلغ 3.6 مليارات دولار

 

 

بالرغم من مشروعات البنية الأساسية والمدن الذكية والطرق السريعة والقكارات فائقة السرعة التى انجزتها الدولة ومنحتها صورة تقترب من الشكل الخارجى للدول المقتدمة والثرية، ولكن مازالت مشكلات الفقر والجوع أشبه بديدان تنخر فى جسد المجتمع وفى عمق الشارع المصرى من الداخل، ودائمًا ما يتساءل المواطن الذى يمثل ثروة مصر البشرية الحقيقية " هو أنا هستفيد إيه من الطرق والكبارى، هو إحنا هناكل حتة من العاصمة الإدارية الجديدة ولا هنتعالج لو ركبنا المونوريل".

وبالأرقام والوقائع، أجابت الورقة البحثية عن هذه التساؤلات البائسة، حيث أوردت جانب من جهود الدولة   لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، تتمثل تلك الجهود فى قيامها بتنفيذ حوالي 320 مشروعًا زراعيًا تكلفت أكثر من 42 مليار جنيه في مجالات: دعم التنمية الزراعية وصغار المزارعين، وضمان الزراعة المستدامة، ومكافحة التصحر، والحد من آثار التغيرات المناخية، والأخيرة تعد شبحًا جديداً يطارد العالم وتوليه مصر إهتمامًا حيث كان الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً من أوائل الذين فتحوا ملف التغيرات المناخية وتأثيراتها على الانتاج الزراعى والسمكى والأمن الغذائى منذ بدايات عهده وتحديدًا فى خطابة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015، كما شارك فى قمة باريس للمناخ فى نفس العام، وفيما بعد إستضافت مصر بمدينة شرم الشيخ مؤتمر المناخ العالمى كوب 27، ومازالت تبذل جهودًا كبيرة وتتخذ خطوات فى سبيل الحد من مخاطر التغيرات المناخية ومجابهة تأثيرها على نقص الغذاء، من خلال استصلاح واستزراع المزيد من الأراضى والتوسع فى الانتاج الزراعى والحيوانى والسمكى، لسد الفجوة الغذائية المنتظرة.

 وأضافت الخبيرة الاقتصادية فى سياق الدراسة أن تلك الجهود قد أدت إلى ارتفاع صادرات مصر من الحاصلات الزراعية خلال الموسم التصديري للعام المالي 2022-2023 بنسبة 24.6% لتبلغ ما قيمته 3.6 مليارات دولار في مقابل 2.9مليار دولار خلال الموسم التصديري 2021-2022، وتم تصدير 109 آلاف طن حاصلات زراعية لدول أفريقيا بنحو 63 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو 72 ألف طن بقيمة 98 مليون دولار لدول الأمريكتين “الشمالية والجنوبية” وأستراليا.

 

خطة العام المالى الحالى تستهدف التوسع فى زراعة القمح لتصل إلى 3.43 ملايين فدان

 

 

-           زيادة المساحات المزروعة بالذرة والفول للوصول بالاكتفاء الذاتى من القمح والذرة إلى 49% ومن الفول إلى 30%

 

انتقلت الدراسة من الإنجازات التى تحققت بالفعل إلى الخطط المستهدفة للفترة الحالية والمقبلة موضحةً أن الدولة لديها خطة للعام المالي الحالي تستهدف التوسع في المساحات المخصصة لزراعات القمح إلى 3.43 ملايين فدان، وللذرة إلى 2.8 مليون فدان، و220 ألف فدان للفول البلدي، إضافة إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح والذرة إلى 49%، ومن الفول إلى 30%، لأنه من عجائب وغرائب الشعب المصرى الذى تتندر عليه بعض الشعوب وتطلق علينا أولاد الطعمية وتنادى على المصرى فى الخارج بلقب " الفوال"، ومع ذلك لا ننتج كميات تكفينا من الفول الذى نجيد تحويله إلى طعمية، بل ووصل سعر سندوتش الفول أو الطعمية فى بعض المناطق الفقيرة والأحياء الشعبية والقرى إلى خمسة جنيهات.

 

            صدق أو لا تصدق: 100 مليار جنيه حجم الاستثمارات فى الدواجن

 

-           إنتاج مصر من الأسماك 2 مليون طن سنوياً واكتفاء ذاتى من اللحوم الحمراء بنسبة 70%

 

 بالرغم من أن سعر كيلو اللحوم الحمراء تجاوز الـ 400 جنيه فى غالبية المناطق الشعبية أيضًا، ولكن مازالت الدولة تتطلع إلى زيادة إنتاجها من اللحوم الحمراء لتحقيق إكتفاء ذاتى يصل إلى 70%، ومن الأسماك إلى 98%، لأن وجود وفرة فى اللحوم الحمراء تنعكس على ضبط أسواق وأسعار الأسماك والدواجن كعلاقة طردية متوازية.

وعلى ذكر الثروة السمكية التى تعد أحد أهم مصادر الأمن الغذائي، بالإضافة إلى كونها مصدرًا رئيسًا للدخل القومي،  من المعروف أن مصر تطل على سواحل طويلة للبحرين المتوسط والأحمر ولدينا أيضًا بحيرات عملاقة تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي؛ الأمر الذي حفز الدولة على تشجيع مشروعات لتطهير وتوسيع هذه البحيرات وكذلك أقامت مشروعات الاستزراع السمكي وأبرزها بركة غليون وغيرها، بهدف سد الفجوة الغذائية من البروتين الحيوانى، فضلًا عن توفير أسماك بجودة عالية، وزيادة الصادرات والحد من الواردات، ومن أهم الجهود المبذولة بلوغ إجمالي انتاج مصر من الثروة السمكية حوالي 2 مليون طن سنويًا.

أما عن الثروة الحيوانية فهى أحد أكثر القطاعات ذات القيمة المضافة والإمكانات التنموية الكبيرة للاقتصاد القومي المصري؛ لذا تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا لهذا القطاع لتحقيق إنتاج وطني من اللحوم والألبان يلبي احتياجات السوق المحلية، ويسهم في خفض الفجوة الغذائية في أحد أهم مصادر البروتين الحيواني، وتوفيره بالكميات والجودة والأسعار المناسبة، بالإضافة إلى خفض عجز الميزان التجاري من اللحوم الحمراء، بالإضافة إلى 100 مليار جنيه حجم الاستثمارات في الثروة الداجنة خلال الفترة من (2014 – 2023).


مقالات مشتركة