خطة مصرية لحل أزمة نقص المياة ومواجهة شبح المجاعة المائية       وقائع تعذيب المرضى الغلابة داخل مستشفيات التأمين الصحى       بتعليمات رئاسية .. مد مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية للمزارعين       بعد الخروج من الكأس .. مجلس الزمالك يجمد المفاوضات مع زيزو       بالأسماء .. كولر يحسم قائمة الأهلى المبدئية لمواجهة السوبر الإفريقى أمام الزمالك       اخبار سارة .. 5183 فُرصة عمل في 78 شركة بـ15 مُحافظة       التفاصيل الكاملة لتقارير اللجنة الأوليمبية المقدمة لوزارة الشباب عن أولمبياد باريس       «التعليم»: تدريب مديري المدارس الابتدائية على برامج التنمية المهنية       نظام قبول خريجي الشهادة الثانوية السعودية (نظام المسارات) بالجامعات المصرية       وزارة التعليم تحظر دخول مندوبي المبيعات و توزيع الكتب الخارجية من دخول المدارس       بدء تنفيذ المرحلة الثانية من المرور الميداني على المنشآت الطبية في جميع محافظات الجمهورية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2024-08-24T00:50:04+02:00

خطة مصرية لحل أزمة نقص المياة ومواجهة شبح المجاعة المائية

ايم

قبل أسابيع قليلة وقف رئيس الحكومة الإثيوبية أبى أحمد بكل غطرسة يزعم أن لديهم أعظم سد في العالم وأنهم بدأوا التشغيل بالفعل، ومن يريد الحرب فسوف يذهبون إليه ولن ينتظروه، في استفزاز واضح لمصر لا يأتى من أديس أبابا ولكن من الدول والقوى الاستعمارية الصهيونية التى تقف منذ البداية داعمة لمشروع سد النهضة الاثيوبي الذى أجمع المحللون منذ البداية أيضاً أنه ليس مشروع كهرومائى تنموى ولكنه مشروع سياسي استراتيجي بهدف الضغط على مصر واللعب بورقة الأمن المائى في ملفات أخرى لم تعد خافية على أحد من تهجير الفلسطينيين إلى توطين اللاجئين وغيرها من الأمور.

وإذا كانت تلك الأمور باتت واضحة لوسائل الإعلام بل والمواطن العادى فكيف تعاملت وتتعامل القيادة السياسية مع هذا شبح الفقر المائي أو المجاعات المائية التى باتت تطارد العالم أجمع مع ثبات غالبية الموارد المائية في مقابل تزايد أعداد السكان وتنامى المشروعات الزراعية والعمرانية والصناعية وصولاً إلى خطر التغيرات المناخية وما تؤدى إليه من ظواهر التصحر والجفاف والحرائق، وكلها مخاطر باتت قريبة وتهدد مساحات واسعة من العالم.

 

 

 

 

نصيب الفرد من المياة تراجع من ٢٠٠٠ متر مكعب في الستينات إلى ٥٠٠ متر مكعب حالياً بدون تشغيل سد النهضة

 

 

احتياجات مصر المائية ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً ومواردها ٥٩.٦  مليارا فقط

 

- مشروعات إعادة استخدام المياة تكلفت ١٩٠ مليار جنيه

 

إذا كانت القيادة المصرية قد فطنت وحذرت مبكرا من خطر التغيرات المناخية، فقد ظلت الدولة أيضاً تشدد على أنها لن تسمح بالمساس بأمن مصر المائى، وحين فسر المحللون هذه التصريحات أكدوا أن الخيار العسكري ليس مطروحا بقوة ولكن هناك خيارات التنمية والبحث عن بدائل لتوفير المياة وتحقيق ما يشبه الاكتفاء الذاتي منها، من موارد أخرى بالتوازي مع نهر النيل، الذي لا يتعرض للنقص سد النهضة الاثيوبي وغيره من السدود والأزمات فقط، ولكن نصيب الفرد من المياه بالفعل يتراجع حتى قبل أن تشرع إثيوبيا في بناء مثل هذه السدود، لأسباب تتعلق بثبات مورد نهر النيل في مقابل الزيادة السكانية والتوسع العمراني والاستصلاح الزراعى.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حصة مصر من الطاقة المائية للنهر تبلغ ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنوياً، وفقاً لاتفاقية عام ١٩٥٩، أما عن نصيب الفرد فقد تراجع من ٢٠٠٠ متر مكعب في الستينات إلى ١٠٠٠ متر مكعب في التسعينات من القرن الماضي، لتصل حالياً إلى حوالى ٥٠٠ متر مكعب فقط.

وفي هذا السياق تبلغ احتياجات مصر المائية ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً بينما لا تزيد مواردها المائية عن عن ٥٩.٦ مليار متر مكعب، يمثل نهر النيل النسبة الأكبر منها حيث يساهم ب٥٥.٥ مليار فيما تأتى ٢.٤ مليار من المياه الجوفية العميقة الغير متجددة، وتهطل الأمطار حاملة ١.٣ مليار، بينما تقوم مصر بمعالجة وإعادة استخدام ٢٠.٩ مليار متر مكعب من المياه، وتقوم بتحلية كميات من المياه تبلغ حتى الآن ٤٠. مليار متر مكعب فقط.

وعلى ذكر مشروعات تحلية ومعالجة المياه تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أسابيع قليلة إبان افتتاح موسم الحصاد بمشروع مستقبل مصر مشيرًا إلى تبنى مصر عدة مشروعات لإعادة استخدام المياه تكلفت ١٩٠ مليار جنيه لتعظيم العائد من وحدة المياة.

وعلى الصعيد الاقتصادي وبالرغم من هذه الجهود مازالت مصر تستورد محاصيل زراعية مقابل استهلاك مائى يقدر ب ٣٣.٥ مليار متر مكعب سنوياً، أى أن توفير مياة الشرب والصرف الصحى وضمان وصولها للمواطنين بشكل مأمون ليس فقط حق أساسى من حقوق الإنسان وضرورة لاستدامة الحياة ولكنه أيضاً عامل رئيسي لتقليل فاتورة الاستيراد ومن ثم جاء ضمن الركائز الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة خاصةً فيما يتعلق ببناء مجتمعات سليمة والقضاء على الفقر والأمراض والأوبئة، وهو أمر أدركه المصريون منذ آلاف السنين حين أقاموا حضارتهم الإنسانية الراقية على ضفاف النيل لتتقدم دولتهم إقتصاديا واجتماعياً اعتماداً على مياهه التى لم تكن فقط مصدر للحياة والزراعة والنماء ولكن رفعوه إلى منزلة القداسة ومن أجله أعلنوا التضحية والفداء.

 

 

 

 

 

 

 

أبرزها محطة العين السخنة والعلمين وشرق وبورسعيد والغردقة

 

خريطة مشروعات تحلية مياة البحر

 

تعرف تحلية مياة البحر بأنها عملية لتحويل المياة الغير صالحة للشرب نتيجة زيادة الأملاح إلى مياة صالحة للشرب، وعن مدى صلاحية المياة بحسب نسبة الملوحة يستطيع الجسم البشرى أن يتحمل معدل ١٢٠٠ ملى جرام أملاك لكل لتر ماء، ولكن ليس لفترات طويلة، أما الاستخدامات المعتادة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فتكون ٥٠٠ ملى جرام لكل لتر ماء.

وفيما يتعلق بالبحار التى تطل عليها سواحل مصر والتي يمكن استخدامها في تحلية المياة فتبلغ نسبة الملوحة في البحر المتوسط ٣٥ ألف ملى جرام لكل لتر، أما البحر الأحمر فتبلغ نسبة الملوحة ٤٢ ألف ملى جرام.

وحول إمكانية تحلية مياة البحار والاستفادة منها في مصر، والخطوات التي اتخذت بالفعل في هذا المجال صدرت مؤخراً دراسة بعنوان ( التنمية المستدامة ومشروعات معالجة المياه في مصر) أعدتها هبة زين الباحثة بالمرصد المصري، أوضحت خلالها أن مصر ليست أول دولة تتجه إلى إقامة محطات تحلية، ولكن هناك ١٨٣ دولة تتم بها عمليات التحلية بل وتعتمد عليها، خاصةً دول الشرق الأوسط، وبشكل عام يبلغ إجمالي المياة المحلاة حول العالم ٧٨.٣ مليون متر مكعب فيما يتم معالجة وإعادة استخدام ٩١.٤ مليون متر مكعب حول العالم.

أما عن منطقة الشرق الأوسط تحديداً والتى يسكنها ٦٪ من سكان العالم، فهى تحتوى على ١٪ فقط من موارد المياه العذبة في العالم، بحسب بيانات البنك الدولي، وتعتمد بعض دول هذه المنطقة على تحلية مياه البحر بشكل أساسي وأبرزها دول الخليج الاكثر معاناة من قلة المياة بسبب طبيعتها الصحراوية، وفي مقدمتها دولة البحرين التى تحصل على ٩٠٪ من مصادر المياه بها عن طريق تحلية مياه الخليج العربي، أما السعوديه فتمتلك ٣٥ محطة تحلية لتأمين ٥٠٪ من احتياجاتها، بينما تحصل الكويت على ٩٣٪ من استهلاكها من المياة عن طريق التحلية.

ونجحت هذه الدول فى إقامة أعداد كبيرة من المحطات لكونها دول ثرية، نظراً لارتفاع تكلفة تلك المحطات التى تصل إلى ٤ أضعاف إقامة المحطات العادية لمياة الشرب، حيث يتكلف تحلية متر مكعب واحد إلى ١٥ ألف جنيه.

وبسبب ارتفاع التكلفة تلجأ مصر إلى إقامة محطات التحلية بهدف الشرب وليس الزراعة ولتوفير نفقات نقل المياة من الوادى والدلتا إلى المحافظات الساحلية والحدودية خاصةً وأن أغلبها محافظات سياحية، ولدينا في مصر مدن ساحلية تعتمد على تحلية مياه الشرب منذ ثلاثة عقود، حيث تتميز هذه التقنية بأنها حل مستدام يوفر تكلفة نقل المياة، ويسهم في تنمية المناطق الحدودية والبعيدة عن العمران.

وبالمواقع والأرقام تناولت ( زين) في سياق ورقتها البحثية أبرز المحطات، حيث تمتلك المحطات الأكبر في الشرق الأوسط ويبلغ عددها مئة محطة تحلية، بطاقة ١.٢ مليون متر مكعب يومياً، بحسب وزارة بيانات وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة.

وأوردت الدراسة بعض هذه المحطات وفي مقدمتها محطة العين السخنه التى ستعمل على تحلية ٦٤ ألف متر مكعب يومياً، لصالح المنطقة الاستثمارية والصناعية ( ضمن مشروع تنمية محور قناة السويس) وتتعاون الدولة المصرية في هذه المحطة مع دولة سنغافورة التى تعد رائدة ولها تجربة ناجحة في هذا المجال.

ومن العين السخنة شمال غرب خليج السويس إلى شرق بورسعيد حيث أقيمت هناك محطة بتكلفة ٣ مليارات جنيه، وبطاقة ١٥٠ ألف متر مكعب يومياً كمرحلة أولى، و٢٥٠ ألف متر مكعب كمرحلة ثانية.

ومن شرق البلاد إلى غربها حيث توجد محطة العلمين التى تخدم مساحة كبيرة وتعمل بطاقة ٤٨ ألف متر مكعب يومياً، وانشأتها الهيئة الهندسية في زمن قياسي لا يتعدى ١٥ شهراً لخدمة مدينة مرسى مطروح وضواحيها بهدف تنمية تلك المنطقة سياحياً.

وإلى الحدود الجنوبية أنشأت الدولة محطة حلايب ومحطة الشلاتين وأيضاً محطة نبق في جنوب سيناء،  بالإضافة إلى محطات الطور ورأس سدر ودهب ونوبيع، وكلها مناطق سياحية هامة لم تحظى باهتمام كافى خلال الفترة الماضية بسبب أزمة نقص مياة الشرب وارتفاع تكاليف نقلها.

 - سيناء تتحول إلى مزرعة عملاقة باستخدام مياة الصرف المعالجة في الزراعة

- تنفيذ ٥٨٨ مشروع باستثمارات ٢٧ مليار جنيه

 

دائماً ما يشدد الخبراء على الأهمية الاقتصادية لشبه جزيرة سيناء ليس فقط لأسباب تتعلق بالبعد الاستراتيجي والنشاط السياحى والتعدينى، ولكن على الصعيد الزراعى يمكن أن تتحول أرض الفيروز إلى سلة غذاء لمصر والمنطقة بأكملها حال توفير مياة الرى اللازمة لاستصلاح مساحات واسعة من أراضيها التى طالما ارتوت بدماء الشهداء وآن لها أن ترتوى بعرق المزارعين والبنائين.

ومن أجل هذا الهدف أنشأت الدولة المصرية منذ بداية عهد النظام الحالى عدة مشروعات ضخمة أبرزها قناة السويس الجديدة ومحور تنمية قناة السويس والسحارات لتخزين المياة تحت القناة وكذلك الانفاق التى تربط سيناء بمدن القناة وباقي محافظات مصر.

ولكن تبقى مشكلة نقص المياه عائق أمام التنمية، وإذا كانت محطات تحلية مياه البحر تستخدم لأغراض الشرب فإن الدولة تتحرك بالتوازي مع ذلك في اتجاه استغلال مياة الصرف الزراعي والصحى وإعادة تدويرها وتنقيتها، وهى تقنية سبقت الحضارة المصرية القديمة العالم إلى استخدامها كعادة أجدادنا العباقرة من الفلاحين الفصحاء ملوك البناء والتعمير والتحضر على مر الزمان، حيث وثقت نقوشهم على جدران مقبرة امينوفيس الثانى نجاحهم في إعادة تدوير المياة واستخدامها في الرى قبل ١٤٥٠ عاماً قبل الميلاد.

ومن القديم إلى الحديث أنشأت الدولة المصرية ٥٨٨ مشروعا في هذا المجال باستثمارات تجاوزت ٢٧.٣ مليار جنيه تشمل ٦٦ محطة معالجة للصرف الصحي، بطاقة إجمالية ٢.٩ مليون متر مكعب يومياً.

واوضحت الدراسة أن غالبية هذه المحطات تعمل بنظام المعالجة الثنائية، حيث تبلغ نسبتها ٨٢٪ فيما تقوم ١٦٪ من المحطات بمعالجة المياة معالجة مبدئية وتصل إلى مرحلة المعالجة الثلاثية ٢٪ فقط من المحطات.

ومن أبرز تلك المحطات محطة بحر البقر التى تعمل بطاقة تصل إلى ٥.٨ مليون متر مكعب يومياً وتستهدف استصلاح ٤٢٠ ألف فدان في سيناء، وهناك أيضاً محطة المحسمة التي تعمل بطاقة ١ مليون متر مكعب يومياً وتستهدف استصلاح ٤٢.٨ ألف فدان في سيناء أيضاً.

ومن أجل هذه الأهداف تم إنجاز مشروعات البنية التحتية الضخمة من السحارات أسفل قناة السويس إلى الكباري ومحطات الرفع وقناطر الحجز، من أجل تحويل أرض الفيروز إلى مزرعة عملاقة ومجتمع عمراني متكامل الخدمات والمرافق.

ولا تقل قيمة الساحل الغربي عن الحدود الشرقية حيث تميز سكان محافظة مطروح وضواحيها من أبناء القبائل المصرية الأصيلة بقدرتهم على الزراعة رغم قلة المياة خاصةً زراعة الشعير الذى يمكن أن يكون البديل الصحى والارخص للقمح، ومن أجل تنمية هذا المجتمع المنتج أقامت الدولة محطة مياه الحمام التى تعمل بطاقة ٧.٥ مليون متر مكعب يومياً ويجرى حاليا انشاء مسار لنقل مياة الصرف الزراعي إلى مدينة الحمام، ويبلغ طول هذا المسار ١٧٤ كم منها ١٥٢ ترعة مكشوفة والباقي مواسير.

 

 

        محطة الجبل الأصفر الشهيرة بهرم مصر الرابع

 

أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط وثانى أكبر محطة فى العالم

 

انتقلت الدراسة إلى محطة الجبل الأصفر لتصفها بأنها أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط وثانى أكبر محطة فى العالم، حيث تستوعب 2.5 مليون متر مكعب يوميا بعد محطة في المكسيك طاقتها الاستيعابية 3 ملايين مليون متر مكعب يوميا، ومن المتوقع أن تتخطاها بعد اجراء بعض التوسيعات. والانتاج الحالي يمكن الاستفادة منه في ري ما لا يقل عن 150 ألف فدان، وتخدم حوالي 2.5 مليون نسمة.

وأشارت الباحثة إلى أن القائمين على المشروع يصفون المحطة بأنها هرم رابع لمصر، بسبب حجم الكتلة الخرسانية المستخدمة في المشروع والتي تقدر بـ 182 ألف م3، بينما بلغت أطوال المواسير بالمشروع 15 كم طولي بخلاف المواسير الخاصة بالمرافق، فيما تقع المحطة على مساحة 1500 فدانا ويتم إدارتها بالكامل إلكترونيًا.


مقالات مشتركة