جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

دنيا ودين   20/12/2015

البحوث الإسلامية: 6 أسباب لنزول القرآن على الرسول في 23 سنة

كتب..شيماء عصام

 

قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن القرآن نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجماً في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة.

 

وأضاف الجندي أن معنى نزوله منجماً أنه نزل مفرقاً أي لم ينزل دفعة واحدة، وإنما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مجزءاً حسب الوقائع والأحداث، والعرب تقول للمفرق: منجَماً.

 

وأوضح المفكر الإسلامي، أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وذلك لعدة حكم، ذكرها الله تعالى، فقال سبحانه: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا» الفرقان 32.

 

وبين أن الآية السابقة تشير إلى الحكمة الأولى من نزول القرآن منجمًا: لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته، مؤكدًا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- واجهه فى دعوته للناس مشقة شديدة ونفور وقسوة وتصدى له قوم فطروا على الجفوة وجبلوا على العناد يتعرضون له بصنوف الأذى والعنت، مع رغبته الصادقة فى إبلاغهم الخير الذى يحمله إليهم، فكان الوحى يتنزل عليه صلى الله عليه وسلم فترة بعد فترة، بما يثبت قلبه على الحق.

 

وتابع: أن الحكمة الثانية: التحدى والإعجاز، منوهًا بأن المشركين تمادوا فى غيهم، وبالغوا فى عتوهم، وكانوا يسألون أسئلة تعجيز وتحد يمتحنون بها رسول الله فى نبوته، فمن هنا كان من مقاصد تنـزيل القرآن مفرقاً الرد على شُبه المشركين أولاً بأول، ودحض حجج المبطلين، إحقاقًا للحق وإبطالاً للباطل، قال تعالى «وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا» الفرقان 33.

 

وألمح إلى أن الحكمة الثالثة: تيسير حفظه وفهمه، موضحًا: فنزل القرآن الكريم على أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، وليس لهم دراية بالكتابة والتدوين حتى تكتب وتدون، ثم تحفظ وتفهم، كما قال تعالى: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ» الجمعة (2).

 

واستكمل: فنزل القرآن منجمًا ليستطيعوا حفظه كله بيسر فعن عمر قال: «تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبى صلى الله عليه وسلم خمسا خمسا» - أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان.

 

واستطرد: أن الحكمة الرابعة التدرج فى التشريع، فليس من السهل على النفس البشرية أن تتخلى عما ورثته من عادات وتقاليد، وكان عرب الجاهلية قد ورثوا كثيراً من العادات التي لا تتفق مع شريعة الإسلام، كوأد البنات، وشرب الخمر، وحرمان المرأة من الميراث، وغير ذلك من العادات التي جاء الإسلام وأبطلها، فاقتضت حكمته تعالى أن يُنـزل أحكامه الشرعية شيئاً فشيئاً، تهيئة للنفوس، وتدرجاً بها لترك ما علق بها من تلك العادات يشير إلى هذا المعنى أن تحريم الخمرلم ينزل دفعة واحدة، بل كان على ثلاث مراحل كما دلت على ذلك نصوص القرآن الكريم، وفى قوله تعالى (ونزلناه تنزيلا) إشارة إلى أن نزوله كان شيئا فشيئا حسب مصالح العباد، وما تتطلبه تربيتهم الروحية والإنسانية، ليستقيم أمرهم وليسعدوا به فى الدارين.

 

ولفت إلى أن الحكمة الخامسـة: مسايرة الحوادث، موضحًا: فمن مقاصد نزول القرآن مفرقا مسايرة الحوارث المستجدة والنوازل الواقعة، فقد كان القرآن ينزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمواكبة الوقائع الجديدة وبيان أحكامها قال تعالى: «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ» النحل 89، منوهًا بأن كثيرًا من الآيات القرآنية نزلت على سبب أو أكثر، كقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وحادثة الإفك وغير ذلك من الآيات التى نزلت بيانا لحكم واقعة طارئة.

 

ونوه بأن الحكمة السادسة هي الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد، مشيرًا إلى أن القرآن الذى نزل منجمًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى أكثر من عشرين عاما تنزل الآية أو الآيات على فترات من الزمن يقرؤه الإنسان ويتلو سورة فيجده محكم النسج، مترابط المعانى، متناسق الآيات والسور، كأنه عقد فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل فى كلام البشر «كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ».


مقالات مشتركة