جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   30/04/2015

مفاجآت مثيرة نكشف: 10 ثغرات تهدد ببطلان القانون الجديد لتقسيم الدوائر الانتخابية

كتب..محمد طرابيه

 

 

 اللجنة لم تلتف إلى قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص كما استقرت عليها أحكام المحكمة الدستورية وأبطلت

بموجبها 6 مجالس منتخبة تشريعية ومحلية

 

 

تقسيمات الدوائر واسعة بلا أى ضابط ضمت مناطق، حضرية وريفية، مخططة وعشوائية، غنية وفقيرة بما يكذب تماما مزاعم المذكرة الإيضاحية المؤيدة من مجلس الدولة عن انضباط تقسيم الدوائر

 

 

قانون الانتخاب جاء خاليًا من تحديد أى دوائر خاصة بالمصريين فى الخارج بالمخالفة لنص المادة 88 من الدستور التى قررت حقوقهم فى المشاركة والترشيح والانتخاب

 

عدم مراعاة النسبة والتناسب بين عدد الأعضاء المنتخبين بنظام القوائم والمنتخبين بالنظام الفردى

 

 

المرشحون المستقلون يعانون من المنافسة مع المرشحين الحزبيين الذين سبق وأن أبطلت المحكمة الدستورية العليا نصوصاً انتخابية مماثلة لأنها تتيح لهم من خلال اتساع الدوائر وتراميها فرصًا لا تتاح للمستقلين

 

 

نظام القوائم المطلقة يمنح أى قائمة تحصل على صوت ناخب واحد زائد على نصف الناخبين للفوز بجميع المقاعد مهدرة أصوات النصف الباقى.

 

 

على الرغم من أهمية تقسيم الدوائر فى العملية الانتخابية إلا أنه لايمكن مناقشة هذا البُعد على نحو منفرد أوبمعزل عن المنظومة الدستورية والقانونية لهذه العملية.

 

فالعملية الانتخابية تنظمها نصوص دستورية وقانونية أخرى تسبق النصوص المتعلقة بقانون تنظيم الدوائر وتؤثر فيها وتحدد سلطة المُشرع بخصوصها، وبغير معالجة هذه النصوص ربما لايكون هناك ما يستحق المناقشة فى قانون تقسيم الدوائر.

 

 

بل إننا لاندرى ماهو المبرر لإفراد عملية قانون الدوائر بقانون خاص بدلاً من إلحاق المواد والجداول التى ينص عليها بمواد قانون انتخاب مجلس النواب نفسه.

 

 

لقد كان إلحاق نصوص تقسيم الدوائر بقانون الانتخاب هو الحل الذى توجبه السياسة التشريعية الرشيدة بعد أن أنهى المشرع الدستورى عملية إزدواج السلطة التشريعية وقصرها على مجلس واحد هو مجلس النواب.

 

 

 

هذه بعض الحقائق التى كشفتها دراسة مهمة صدرت هذا الاسبوع عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان (قانون تقسيم الدوائر: نظرة نقدية وتحليلية ) والتى أعدها د. احمد عبد الحفيظ.

 

 

الدراسة كشفت عن العديد من الأسباب والأسرار الدستورية والقانونية التى تهدد ببطلان وعدم دستورية قانون تفسيم الدوائر الانتخابية الذى أعدته اللجنة المشكلة من مجلس الوزراء برائسة إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية.. وفيما يلى ننشر الملاحظات العشرة التى رصدتها الدراسة.

 

 

1-أنه برغم ما جاء فى بيان قسم التشريع بمجلس الدولة من أن العملية لا يمكن أن تجرى بشكل حسابى مطلق فإن الحقيقة أن واضعى القانون نظروا إلى القانون نظرة مادية حسابية بحتة حكمتهم فى تحديد عدد الدوائر الفردية والعدد اللازم لتمثيلها من النواب.

 

 

 2-أن ثمة نوع من الارتباك سواء من قبل اللجنة أو من قبل قسم التشريع بمجلس الدولة حول معايير النظر لسلامة النصوص مابين المعيار الحسابى البحت الذى نفاه كلا الطرفين، والمعيار الدستورى والقانونى المحايد الذى قرر الطرفان أنه قد وقع الالتزام به، ومعايير المواءمة السياسية التى أكد الطرفان أن القانون ابتعد عنها رغم الإشارات الواضحة التى تفيد بأن هذه العوامل قد وضعت فى الاعتبار.

 

 

 

كما هو واضح مثلاً مما ورد فى تقرير قسم التشريع عن "وجود اعتبارات اقتصادية واجتماعية تحول دون إنقاص المقاعد في بعض المحافظات "وهو ما يدخل فى باب المواءمات السياسية بما لا يتسق تماماً مع ما "أكده رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة أن المشروع المعروض يتوافق مع المعايير المنصوص عليها فى الدستور،  وهى عدالة التمثيل للسكان والمحافظات،  والتكافؤ للناخبين كما يتفق مع المعايير الدولية المعمول بها في الدول". كذلك أطل هذا المعيار السياسى فى تصريحات أحد أعضاء اللجنة والذى"أشار إلى أن التقسيم سيخلق تنافسًا،  وهو أمر محمود،  وأن هذا شأن أي تقسيم إداري كان سيتم الأخذ به،  فالتنافس مطلوب ليفرز المجتمع أفضل ما لديه.

 

 

الأمر نفسه في تقسيم القوائم الأربع"، وذلك على عكس ما قال فى ذات الحديث من أن"اللجنة قد تبنت معيارًا مجردًا عن الهوى والميل السياسى فى وضع الوزن النسبى للمقعد،  وذلك بعد تحققه من الوزن النسبي المخصص لكل محافظة،  وأنه فى حال وجود انحراف فهو في الحدود المقبولة".

 

 

 

3-على أننا نشك كثيراً فى أن عملية تقسيم الدوائر قد جرت على النحو المأمول معه عدم تعرضها لأى مشاكل دستورية لاحقة.ذلك أن الدوائر التى تنتخب بنظام القوائم المطلقة فقد لحقها نفس العوار الذى أبطلت المحكمة الدستورية العليا بمقتضاه النصوص السابق بيانها وهو كون النصوص الجديدة شأن النصوص السابق القضاء بعدم دستوريتها قد جانبت الالتزام بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص المكفولين فى الدستور. فضلاً عن العوار الأصلى فى قانون الانتخاب الذى حدد هذه القوائم بأربعة قوائم على مستوى الجمهورية وجعلها قوائم مغلقة تنتخب بنظام الأغلبية المطلقة.

 

 

 4-والحق أن الصعوبات التى واجهها واضعوا القانون تنبع فى جوهرها من التعقيد الذى أوجده الدستور فى تشكيل المجلس عندما منح التمييز الإيجابى لست فئات وهو ما لا مثيل له فى أى نظام انتخابى آخر فى حدود علمنا، فقد كانت اللجنة مطالبة باستيفاء هذا التمثيل لهذه الفئات، فى ظل نصوص تعتمد تعبيرات لغوية ليس لها أى مدلول قانونى محدد مثل تعبيرات"التمثيل الملائم، التمثيل المناسب" إلخ.

 

 

 

5-وليس بعيداً عن تقرير الحقيقة أن اللجنة فى هذا المدخل الحسابى الصرف لم تلتف إلى قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص كما استقرت عليها أحكام المحكمة الدستورية العليا وأبطلت بموجبها عدة مجالس منتخبة تشريعية ومحلية فى ست سوابق دستورية يستحيل للمحكمة أن تتراجع عنها، بإعتبارها محكمة سوابق تلزم نفسها بعدم الرجوع فى ما سبق لها حسمه من مبادئ فى تأويل النصوص الدستورية.

 

 

 

بل الحق أن نصوص تقسيم الدوائر الجديدة قد أضافت إلى عوار غيبة المساواة وتكافؤ الفرص بالنسبة للمرشحين وحدهم فى السوابق المذكورة والذى رتبته مرة على حرمان المستقلين من الترشح، ورتبته فى المرة الثانية وهو الأهم على اتساع الدوائر بشكل يعجز المستقلين عن المنافسة فيها أمام مرشحى الأحزاب.أضاف القانون الجديد إلى هذا العوار عواراً آخر بكون هذا الاتساع فى الدوائر لا يستقيم على معيار واحد إلا ذلك المعيار الحسابى الصرف لعدد الناخبين الذين يمثلهم كل نائب على وجه التقريب.فلا يمكن تصور وجود دائرة واحدة تتسع للمساحة الواسعة الممتدة من محافظة الجيزة إلى محافظة البحر الحمر شاملة جميع محافظات الصعيد، وأخرى مماثلة للمساحة الواسعة الممتدة من القاهرة إلى معظم محافظات الدلتا ولكل منها 45 نائباً، ثم إفراد الإسكندرية ومحافظات قليلة أخرى بقائمة تضم 15 مقعداً شأنها شأن القائمة الرابعة لبقية محافظات الدلتا والقناة وسيناء.

 

 

 

هذه كلها تقسيمات لدوائر واسعة بلا أى ضابط ضمت مناطق، حضرية وريفية، مخططة وعشوائية، صناعية وزراعية، عالية ومنخفضة التعليم، غنية وفقيرة بما يزرى تماماً بمزاعم المذكرة الإيضاحية المؤيدة من قسم التشريع بمجلس الدولة عن "انضباط تقسيم الدوائر بحيث يتناسب وعدد السكان فى كل دائرة من الدوائر التى تقسم إليها البلاد، عدالة تمثيل المحافظات بضمان تمثيل كل محافظات الدولة فى مجلس النواب بصرف النظر عن عدد سكانها، مراعاة بعض المبررات الموضوعية،  التى تتفق والتوجهات الدستورية،  مثل طبيعة بعض المحافظات الحدودية أو المحرومة،  واعتبارات تنوع المكونات السكانية أو تمثيل بعض المناطق،  التى لم تكن ممثلة من قبل،  أو لتحفيز التوطن فى المجتمعات العمرانية الجديدة فى ضوء الوزن النسبى للمقعد".

 

 

 

6- أما بالنسبة للمصريين فى الخارج فقد اكتفى قانون الانتخاب بمنحهم مرشح واحد فى كل قائمة من القائمتين المكونتين من 15 مرشحًا وثلاثة لكل قائمة مكونة من 45، وجاء قانون الدوائر خالياً من تحديد أى دوائر خاصة بهم وذلك كله على عكس نص المادة 88 من الدستور التى قررت حقوقهم فى المشاركة والترشيح والانتخاب بما يناسب أوضاعهم لدرجة أنها استثنتهم من الأحكام الدستورية نفسها بخصوص الفرز والتصويت وإعلان النتيجة وهو ما يعنى أنها قصدت مراعاة أوضاعهم خارج البلاد، واختلافها بالكلية عن أوضاع المصريين فى داخل البلاد، الأمر الذى نرى معه عدم دستورية خلو القانون من إفرادهم بدوائر خاصة فى أماكن تجمعاتهم بالخارج.

 

 

 

7- هذا فضلاً عن عدم مراعاة النسبة والتناسب بين عدد الأعضاء المنتخبين بنظام القوائم وأولئك المنتخبين بالنظام الفردى لصالح هذا النظام الأخير بما يهدر كل حكمة من اختيار النظام المختلط وبما يناقض –فى رأينا- حكمة الشارع الدستورى فى فتح الباب أمام إختيار النظام المختلط.حيث لايمكن ان يكون المشرع الدستورى قد قصد من فتح هذا الباب وإطلاق يد المشرع العادى فى تحديد اى نسبة بين النظامين حال اختياره النظام المختلط، لا يمكن أن يكون المشرع قد قصد إلى مجرد هذه العملية الشكلية التعسفية التى جسدتها النسب المخصصة لكلا النظامين كما حددها قانون الانتخاب ونفذها قانون تقسيم الدوائر.

 

 

8-ونفس أوجه العوار السابقة لحقت بنظام الانتخاب الفردى وتقسيم دوائره على ذلك النحو التعسفى الذى جمع مناطق كثيرة  فى دائرة واحدة حدد لها ثلاثة نواب، وجمع مناطق اخرى أقل خصها بنائبين، بينما أنعم على مناطق أخرى صغيرة الحجم والسكان فجعلها دائرة ضغيرة يمثلها نائب واحد.. وذلك كله بعملية تقسيم تعسفية لايمكن رصد أى منطق لها إلا المنطق الحسابى البحت والذى حفز اللجنة على تجميع كل عدد من السكان أو الناخبين المتوافقين مع المتوسط الحسابى الذى يمثله نائب واحد،  ودون أى اعتبارات أخرى من التى زعم أنه جرى مراعتها.

 

 

 

 9-وهكذا أهدرت المساواة بين المرشحين سواء بنظام القوائم أو النظام الفردى، مابين مرشح مطلوب منه أن يلهث مع قائمته فى دائرة تتسع لمئات الكيلو مترات، وبين بيئات وشرائح انتخابية مختلفة المشارب والأهواء بلا رابط، وآخر ليس مطلوباً منه مع قائمته إلا التحرك فى دائرة لاتجاوز عشرات الكيلو مترات وإن عانى مثل صاحبه من اختلاف الأهواء والأجواء وأمزجة وطبائع ومصالح الناخبين، ومثله المرشح بالنظام الفردى الذى قد يحمل ثلاث فرص للفوز فى دائرة شديدة الإتساع، أو يحمل فرصتين فى دائرة أقل اتساعاً، أو فرصة واحدة فى دائرة محدودة المساحة وذلك كله بلا منطق معلوم.

 

 

 وفى جميع الأحوال يعانى المرشحون المستقلون من المنافسة مع المرشحين الحزبيين الذين سبق وأن أبطلت المحكمة الدستورية العليا نصوصًا انتخابية مماثلة لأنها تتيح لهم من خلال إتساع الدوائر وتراميها فرصًا لا تتاح للمستقلين.

 

 

أما النظام الفردى فبرغم كونه النظام الأساسى الذى يمثل عماد البرلمان بمقتضى نسبة العضوية المنتخبة على أساسه والتى تبلغ 80% فقد خلا من أى تمييز إيجابى لصالح أى فئة من التى طلب الدستور تمييزها فى هذا البرلمان فقط.

 

 

10- على ان النظام الجديد فى الانتخاب وتقسيم الدوائر لم يكتف بإهدار المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين وحدهم بل حمل ذات العوار لأول مرة بالنسبة للناخبين،  فهزأ بقاعدة تكافؤ الناخبين التى نص عليها الدستور وأهدر أصوات ما قد يقارب نصف عدد ناخبى كل دائرة، وذلك باختياره نظام القوائم المطلقة حيث يكفى أى قائمة أن تحصل على صوت ناخب واحد زائد على نصف الناخبين لتفوز بجميع المقاعد مهدرة أصوات النصف الباقى من الناخبين الذى لم يحصل على هذا الصوت الوحيد الزائد، ويبقى ان ثمة ناخب مميز محظوظ من حقه أن يختار قائمة من خمسة وأربعين عضواً وعدد ثلاثة نواب فرديين، بينما زميله الأقل حظاً لا يحظى بانتخاب أكثر من خمسة عشر نائباً بنظام القوائم ونائب واحد منفرد وربما نائبين.

 

 

 وهكذا ينتهى بنا الحال إلى نظام انتخابى قاصر غريب بشقيه سواء المنظم للانتخاب أو المحدد للدوائر، ترك فرصًا كبيرة لمطاعن دستورية جادة أدت فعلاً للحكم بعدم دستوريته، حتى وإن جاء هذا الحكم مقصوراً على النص المتعلق بالدوائر الفردية ومقراً بدستورية الدوائر المحددة لنظام القوائم وهو مانراه مخالفاً لما كنا نظنه مع آخرين من مختلف رجال القانون والقضاء فى ضوء المبادئ المستقرة من واقع الأحكام السابقة للمحكمة الدستورية العليا.


مقالات مشتركة