جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات  

قبل أسابيع من الاحتفال بذكراها الأولي نكشف أخطر أسرار ثورة 25 يناير

كتب..بلال الدوى

ونحن مقبولون علي الذكري الأولي لثورة 25 يناير المجيد ما زال مخزن أسرارها لم يتم الكشف عنه حتي الآن.. وبالرغم من اجتهاد الكثيرين في البحث والتنقيب عن هذه الأسرار.. فإن كثرة الأسرار والأحداث المتلاحقة سواء المتعلقة بالعائلة المباركية أو بالحزب الوطني المنحل أو حقيقة الخلافات بين حبيب العادلي وزير الداخلية وقتها.. وبين عمر سليمان رئيس المخابرات وقتها.. ودور المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع في أحداث 25 يناير حتي تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك في 11 فبراير.

كل هذه الأحداث بكل تأكيد تحمل في طياتها المزيد من الكواليس والأسرار التي لم يتم الكشف عنها.. لكننا وباجتهاد نحاول الوصول إلي معلومات تتعلق بهذه الأحداث الساخنة.. وربما نسعد لو توصلنا إلي معلومة واحدة من مصادرها.. حتي نأتي للقارئ ونسردها كما هي.. وقتها نشعر بالسعادة لأننا أدينا دورنا وواجبنا تجاه القارئ.

من ضمن هذه الأسرار تلك المتعلقة بتقارير الأجهزة السيادية قبل أحداث الثورة.. ومنها تقارير جهاز المخابرات العامة وتحديدًا ما يتعلق بالأمن القومي الذي كشف في أحد تقاريره عن وجود احتمالات كبيرة لحدوث اضطرابات داخلية في البلاد.. من شأنها أن تؤثر علي سير الأحداث في البلاد.. وخلال تلك الفترة صدرت أيضًا تقارير من جهاز أمني سيادي آخر تابع للقوات المسلحة يحذر من حالات شغب واضطراب في البلاد نتيجة الضغب الشعبي الرهيب الناتج عن انتخابات مجلس الشعب في سنة 2010.. جاءت هذه التقارير لتأكيد حالة الغضب الشعبي المكتوم.. وبالفعل تم عرضها علي الرئيس مبارك شخصيا الذي غضب غضبًا شديدًا من التلميحات الموجودة في التقارير، واجتمع مع كل من اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة، والمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع.. للاستفسار منهما حول حقيقة ما في التقارير من توقع «اضطرابات داخلية».. وشرح كل من سليمان وطنطاوي وجهة نظره بخصوص التخوفات التي وردت في التقارير.

وسأل مبارك عنها ولم يكن من سليمان وطنطاوي سوي توسيع مضمون الاضطرابات الداخلية إلي احتمالية نشوب حرب أو مظاهرات غفيرة.. أو غضب شعبي.. أو أحداث فتنة.. أو مطالبات بحل البرلمان.. وكانت نتيجة الاجتماع أن قال لهم مبارك نصًا: خلاص اتصرفوا.. واعملوا اللي انتو عايزينه.

وكعادة مبارك كان يسلم كل السلطات الرئاسية لنجله جمال.. خرج من اجتماعه مع سليمان وطنطاوي وسرد لـ«جمال» ما جري في الاجتماع.. ما اضطر جمال إلي الاتصال بـ«حبيب العادلي».. وزير الداخلية الذي بدوره لم يبد أي تعليقات حول هذه التقارير حينما سأله جمال عن وجهة نظره فيما ورد في تقارير من عمر سليمان وحسين طنطاوي.. وكان رد العادلي واضحًا حينما قال لـ«جمال»: هسأل أمن الدولة.. وأطلب منه تقارير حول الأوضاع الداخلية وحقيقة توقع اضطرابات داخلية.. وخلال هذه المكالمة الهاتفية.. عبر جمال مبارك لـ«العادلي» عن غضبه الشديد من ابتعاد المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان عنه وعدم موافقتهما علي اطلاعه علي تقاريرهما وسيطرتهما علي عقل الرئيس مبارك وتحذيراتهما الشديدة لـ«جمال عبدالعزيز» السكرتير الخاص للرئيس مبارك بضرورة عرض التقارير علي مبارك شخصيا وعدم عرضها علي جمال مبارك.

وبالفعل قام العادلي بمخاطبة اللواء حسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة وقتها طالبًا منه تقريرًا حول حقيقة الأوضاع الداخلية في مصر بعد انتخابات البرلمان.. وهو ما حدث وبسرعة.. وكانت المفاجأة أن تقريرًا مهمًا أصدره جهاز أمن الدولة يؤكد احتمالية حدوث اضطرابات داخلية.. لكن حبيب العادلي قام بحجب التقرير ولم يعرضه علي «جمال مبارك».

وكان «سليمان وطنطاوي» قد اتفقا علي ضرورة السيطرة علي مبني التليفزيون بماسبيرو لأنه هو الجهاز الحيوي والمهم خلال الفترة المقبلة.. وأن هذه الاضطرابات الداخلية قد تمتد إلي الكورنيش لتمتد إلي التليفزيون وتحاول السيطرة عليه.. لذلك كان تركيزهما حول كيفية تأمين مبني التليفزيون.. لكن ما ورد في التقارير جعل تخوفاتهما تزداد بعد أحداث تونس.. وهو ما جعلهما يتفقان علي ضرورة نقل استوديو نشرة الأخبار الرئيسية بالتليفزيون المصري إلي جهة أخري.. وبعد اجتماعات مطولة وطويلة ومستمرة وسريعة حضر بعضها كل من أنس الفقي وزير الإعلام.. وعبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار.. والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية.. واللواء أحمد فايز مدير أمن الرئاسة.. وعدد من ضباط الحرس الجمهوري، وبعدها تم الاتفاق علي وجود الاستوديو بقصر الاتحادية برئاسة الجمهورية بعد أن تم اقتراح أن يتم نقل الاستوديو إلي مقر جهاز المخابرات العامة.. أو مقر وزارة الدفاع.. أو مقر المخابرات الحربية.

لكن سليمان وطنطاوي أصرا علي أن يتم نقل الاستوديو إلي قصر الاتحادية.. حتي لا يتهمهما أحد بأنهما نقلا نشرة الأخبار إلي أحد المقار التابعة لهما.. وهو ما قد يغضب الرئيس مبارك.

وعلي الفور جاءت التعليمات بضرورة تقليد أو تأثيث استوديو آخر مشابه لاستوديو قطاع الأخبار الذي تبث منه نشرة الأخبار الرئيسية.. وليس نقل الاستوديو.. حتي لا يشعر المواطن المصري أو أي شخص آخر.. بأنه تم نقل الاستوديو حينما تبث نشرة الأخبار من قصر الاتحادية.

وفي أول أيام شهر يناير 2011 كان الموعد المحدد لافتتاح الاستوديو.. وعندما حضر إلي قصر الاتحادية المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع وهو بجوار اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة.. وجدا في استقبالهما أنس الفقي وزير الإعلام وعبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار، وعددًا من ضباط الحرس الجمهوري واللواء أحمد فايز مدير أمن الرئاسة.. لكن المفاجأة هي وجود «حبيب العادلي» وزير الداخلية.. وجمال مبارك نجل الرئيس مبارك.

في هذه الأثناء لم يرحبا «سليمان وطنطاوي» بـ«العادلي وجمال» الترحيب اللازم.. وتجاهلاهما.. وأخذا يتفقدان الاستوديو الجديد المماثل تمامًا للاستوديو المقام في ماسبيرو.. وتابعا تشابه كل شيء في استوديو قصر الاتحادية مع استوديو قطاع الأخبار.. الكراسي هي نفس الكراسي.. وأجهزة الاستوديو هي وهي وغرفة الكنترول «Control room» طبق الأصل والكاميرات.. والديكور وغرفة أخبار طبق الأصل.. للدرجة التي جعلت اللواء عمر سليمان يقول حينما شاهد الاستوديو: هذا خداع مقنن.. ليرد عليه المشير ويقول: إنه تشابه مقنن لحماية البلد.

كان استوديو قطاع الأخبار الخاص بنشرة الأخبار بعد تطويره قد تكلف 65 مليون جنيه.. لكن الاستوديو المشابه بقصر الاتحادية تكلف نفس المبلغ لكن الرئاسة هي التي تحملت التكاليف.

وقتها قال «عبداللطيف المناوي»: الآن لو تم استهداف التليفزيون.. لا قدر الله.. نستطيع تأمين مصر.. ونستطيع السيطرة علي الرأي العام المصري وننقل رؤية ووجهة نظر الرئاسة دون خوف من هذه الاضطرابات الداخلية المتوقعة.

يذكر أن استوديو قطاع الأخبار بالتليفزيون المصري الخاص بنشرة الأخبار هو بمثابة أعلي ستوديو أخبار في الشرق الأوسط وهو يفوق بكثير استوديوهات قنوات الجزيرة القطرية.. والعربية.. وBBC بالقاهرة.. وكانت هناك محاولات من جانب المسئولين أن يكون هناك استوديو آخر مشابه في قناة النيل للأخبار.. لكن توفير ميزانية خاصة له.. لاقي معارضة شديدة من المسئولين وقتها.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد.. بل إن مبارك بالرغم من أنه لم ير الاستوديو.. إلا أنه قد طلب زيادة مكتب خاص به داخل الاستوديو.. شريطة أن يكون من الحوائط الزجاجية بحيث يري ما يحدث في الاستوديو وهو داخل مكتبه.. إضافة إلي طلبه أيضًا ضرورة إنشاء «Stand» خاص به في أحد جنبات الاستوديو،مما يساعده علي إلقاء خطابات من هذا المكان علي اعتبار أن هذا المكان مؤمن.. وبالفعل تم تركيب الـ«ستاند» وهو ما يطلق عليه «بوديوم» بلغة الإعلام.. يقف أمامه الرئيس ليلقي خطابه في حالة حدوث الاضطرابات الداخلية التي حذرت منها الأجهزة السيادية التابعة لكل من اللواء عمر سليمان والمشير حسين طنطاوي.

وكأن هذا الاستوديو أنشئ خصيصًا لإلقاء مبارك خطاباته أثناء ثورة «25 يناير».. فقد قام مبارك بإلقاء خطابه الأول منه في 28 يناير مساءً ليعلن فيه أنه طالب الحكومة بتقديم استقالتها.. وكانت حكومة أحمد نظيف.. والخطاب الثاني حينما أعلن أنه لن يترك مصر أبدًا وسيموت في أرضها وسيدفن فيها.. والإعلان عن تشكيل حكومة برئاسة الفريق أحمد شفيق.. وتولي عمر سليمان نائبًا لرئيس الجمهورية.. والخطاب الثالث.. التخلي عن سلطاته إلي اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية.

كل هذا يدل علي أن مصر في أيامها الأخيرة قبل الثورة كانت أرضًا خصبة لهذه الثورة.. وكل المؤشرات كانت تؤكد حدوث هذه الثورة.. خاصة في ظل حالة الانقسام الواضحة داخل أذرعة السلطة في مصر.. والسبب هو «جمال مبارك» الذي أدار مصر برجاله من الوزراء الفاشلين من رجال الأعمال وشلته من التابعين له في الحزب الوطني ولكن كانت شلة أخري لا يرضيها ترك البلد لعبة في يد جمال.. يلعب بها كيفما يشاء وهذه الشلة كان يقودها المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان.. ومعهما البعض من داخل قصر الرئاسة ومنهم اللواء أبوالوفا رشوان سكرتير الرئيس مبارك الذي يطلق عليه «عين المشير علي الرئيس».

لكن جمال مبارك كان يتمتع بوجود شلة من المراهقين حوله.. مراهقين في كل شيء.. مراهقين في السياسة منهم د.محمد كمال وأسامة سرايا ومجدي الدقاق.. مراهقين في عالم البيزنس منهم ياسر الملواني وطاهر حلمي.. مراهقين من الوزراء.. أبرزهم أمين أباظة ورشيد محمد رشيد وأحمد المغربي وزهير جرانة.. كل هؤلاء ينضم إليهم مراهقون في الحزب الوطني كانوا لا يجرؤو علي نطق كلمة واحدة تغضب جمال.. وكان بجوار جمال مبارك علي الدوام اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية وأنس الفقي وزير الإعلام.. وهما السبب المباشر لسقوط نظام مبارك ونجله.

هذه هي الحلقة الأولي من أسرار ثورة 25 يناير.. ونعد القارئ بأسرار جديدة في الأعداد المقبلة.. التي سيتم الكشف خلالها عن كواليس ما حدث في الثورة.. خاصة ما يتعلق بالعادلي والمشير.. وعمر سليمان وقصر الرئاسة.. والحزب الوطني.

 

 

 


مقالات مشتركة