البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات  

الإخوان يبحثون عن مبررات شرعية لأكاذيبهم ...باركوا مشروع التوريث في عهد مبارك فلم يعاقبهم علي أقوال المرشد السابق بتسليح عشرة آلاف مقاتل... رفضوا المشاركة في ثورة يناير وعندما تيقنوا من رحيل النظام صاروا أكثر ثورية عن غيرهم ...الخلافات مع أبوالفتوح وهمية وشباب الجماعة هو الذي يقود مسيرته الانتخابية ...يستشهدون بالأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح لإبعاد الاتهامات عنهم

كتب..محمد عبد اللطيف

غريب أمر جماعة الإخوان المسلمين.. هي تتعامل مع الرأي العام باعتباره قاصرًا، لم يبلغ سن الرشد.. تتحدث باسمه، وكأنها امتلكت إرادته أو علي أقل تقدير في يدها، بوصلة توجيهه.. تدغدغ مشاعر البسطاء باسم الدين والشريعة.. وهي في قراءة نفسها تكذب.. وتعلم أن الرأي العام يعرف أنها تكذب، ومع ذلك تتمادي فيما تفعل لتحقيق مآربها الرامية إلي تكوين دولة الخلافة باتباع مبدأ التقية، وإظهار عكس ما تبطن منذ النشأة علي يد الإمام حسن البنا الذي يبدو أنه بريء من تصرفات تلاميذه.. وقيادات الجماعة، لا تعرف إلا العمل في الظلام، والحجرات المغلقة، يجيدون براعة عقد الصفقات للوصول إلي غاياتهم.. تعاونوا مع الملك فاروق، بعد أن زينوا له دولة الخلافة ونقضوا عهودهم بعد ذلك.

حاول جمال عبدالناصر عقب ثورة يوليو، أن يستعين بهم في الحياة السياسية، علي أن يودعوا العمل السري.. رفضوا.. وأثناء تشكيل الحكومة.. سعوا للانفراد بكل شيء.. فوجه لهم ضربة قوية، بعد محاولات اغتياله.. أخرجهم السادات من السجون وانقلبوا عليه، بعد تشجيع الجماعات التي خرجت من عباءاتهم علي اغتياله، والتحريض علي إثارة القلاقل في المجتمع.. وقد يظن البعض أن نظام مبارك كان علي النقيض من سابقيه علي غير الحقيقة، الدامغة والثابتة، التي لا تقبل أي تأويل فهو أجاد التعامل معهم.. مبارك أوهم الغرب والشرق وأمريكا والداخل، بأن البديل له هم الإخوان.. وهم من جانبهم وجدوا ضالتهم، في تحقيق المكاسب، وعقد الصفقات.. مرشدهم أول من بارك توريث الحكم لجمال، وأعلن ذلك بصورة واضحة.. والمقابل صمت السلطة، علي تناميهم في الحياة السياسية من خلال الإيماء بأنهم ضحايا النظام والسلطات الأمنية.. وفي المقابل صمت مبارك وأجهزته الأمنية، علي تصريحات المرشد بامتلاك عشرة آلاف مقاتل، ينتظر موافقة النظام لإرسالهم إلي الأراضي المحتلة.

تاريخ الجماعة طويل علي عقد الصفقات واستخدام العنف عن طريق الاغتيالات منذ «فاروق» وبعده.. وعندما اندلعت ثورة يناير كان الإخوان علي الجانب الآخر، بجوار النظام يحاولون التفاهم علي حمايته، وتحقيق مكاسب ضيقة، لا تخدم إلا تنظيمهم، وما أن اتسع نطاق المظاهرات.. وأدرك الجميع أن مبارك مخلوع مخلوع لا محالة ركبوا الموجة.. بل ووصل بهم الادعاء إلي أنهم أشعلوها ووفروا لها قدرًا من الحماية، ليبدأوا جولة جديدة من الصفقات مع المجلس العسكري، هم يدركون طبيعة اللعبة السياسية، فقرروا علي غير الحقيقة فصل عبدالمنعم أبوالفتوح لأنه قال إنه سيرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية.. وهم لا يريدون ذلك حسب ادعائهم، لكنها وسيلة مبتكرة لتسويق أبوالفتوح لدي الكارهين للجماعة، باعتباره منشقًا، وهو ما دفع إلي التكهن بوجود صفقة مع العسكري لتمرير عملية التسويق.. وأن ما جري من سيناريوهات، تم إعداده مسبقًا بأن يظهروا وجود خلافات علي غير الحقيقة.. أبوالفتوح الذي تربي في أروقة الجماعة، وصار أحد أبرز قياداتها، لا يمكن له أن يخرج عن عباءتها، وإلا لا معني لوجود مبدأ السمع والطاعة.

قيادات الجماعة، يقولون الشيء ويفعلون نقيضه في آن واحد، فور الثورة، تحدثوا عن المشاركة لا المغالبة، وراحوا يديرون الأمور ويعقدون الصفقات في اتجاه المغالبة، وعدم قبول شركاء من أي تيار سياسي.. استخدموا عناصرهم للترويج لهم في المساجد، أثناء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، حتي ظن البعض أن التصويت بنعم هو بمثابة الفوز بمقعد في الجنة.. وتحقق لهم ما أرادوا وأقنعوا البسطاء بأنهم ذاقوا العذاب في الأنظمة السابقة.. وأكدوا مرارًا وتكرارًا أنهم لا يرغبون في الحصول علي الأغلبية البرلمانية، ونافسوا علي كل المقاعد.. أعلنوا أنهم لا يستطيعون تحمل مسئولية إدارة الدولة بمفردهم، وفي نفس الوقت مارسوا الضغوط علي المجلس العسكري، لإقالة حكومة الجنزوري بغرض تشكيل حكومة برئاسة خيرت الشاطر، يقولون عنها حكومة ائتلاف وطني، قالوا إنهم لن يقدموا علي انتخابات الرئاسة وطعنوا في المجلس الذي منح خيرت الشاطر مرشحهم العفو من القضايا والأحكام.. وكانت خشيتهم من الطعن ضده لعدم رد اعتباره، فقدموا مرشحًا احتياطيا وهو محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة.

الرأي العام من جانبه أدرك ادعاءاتهم والأكاذيب المتكررة وهم أدركوا أيضًا ذلك الشعور الشعبي، علي خلفية محاولات احتكار التأسيسية الخاصة بإعداد وصياغة الدستور والمنافسة علي موقع الرئاسة، رغم أن أبوالفتوح مرشح الجماعة وأنصاره ومؤيديه هم من شباب الإخوان الذين يؤمنون بالطاعة العمياء.

علي خلفية تراجع شعبيتهم والحديث عن أكاذيبهم، حاول قيادات الجماعة أن يجدوا فتاوي لإباحة هذه الأكاذيب، التي لا تربطها أي علاقة بالدين أو الفتاوي لكن هذه هي طريقتهم وهذا هو أسلوبهم منذ عشرات السنين، فقد أعدوا دراسة تحمل وجهات النظر من الناحية السياسية والشرعية لإنقاذ ما تبقي من رصيد.. جاء فيها أن الجماعة نفسها أمام متغيرات كثيرة تدفعها دفعاً لمواكبة الأحداث المتسارعة التي تهدد كل الإنجازات التي حققها شعب مصر العظيم منذ ثورة يناير المباركة، فقد ظهر بوضوح حجم المؤامرة التي تحاك لشعب مصر، وما بدا من سلوكيات المجلس العسكري واستماتته لفرض امتيازات وصلاحيات ومبادئ فوق دستورية يسعي لتقنينها في الدستور الجديد، وإصراره علي استمرار حكومة الجنزوري، التي نفضت أيديها عن القيام بمهمة الإصلاح الجاد والتنمية الحقيقية، وتسببت في زيادة معاناة شعب مصر بدلاً من المساهمة الجادة في حل مشكلاته، حتي وصل الحال بمصر وأهلها إلي ظهور مشكلة جديدة مع كل صباح جديد، لتتراكم المشكلات علي غيرها من الأزمات غير المتناهية التي تسببت فيها هذه الحكومة أو عجزت عن حلها، والكفيلة بإغراق مصر في فوضي عارمة مقصودة، ومن ثم تشويه صورة برلمان الثورة وإقناع الناس بعجزه وعدم قدرته علي القيام بالتغيير المنشود، ثم المطالبة بإسقاطه وحله في نهاية المطاف.

فكان لزاماً علي جماعة الإخوان المسلمين من منطلق وعيها بخطورة المرحلة، وبعد أن تخلت عدة أطراف عن التزاماتها المتفق عليها للوصول بمصر إلي بر الأمان، ومن باب الإصلاح وحمل الأمانة التي ألزمت بها نفسها عبر تاريخها الطويل، قررت الجماعة الدفع بمرشح منها لمنصب رئاسة الجمهورية.

وما أن أعلنت جماعة الإخوان المسلمين نيتها في ترشيح واحد منها لخوض غمار انتخابات الرئاسة المنتظر ممثلاً عن الجماعة، حتي تكاتفت كافة القوي المناهضة لمشروع النهضة الإسلامي، واستنفرت العديد من وسائل الإعلام إمكاناتها وطاقتها القصوي، وحشدت العديد من القنوات الفضائية جيشاً من المتفقهين، ومن العلمانيين والليبراليين الكارهين للإسلام ومبادئه، والمناوئين للإسلاميين عامة وللإخوان المسلمين خاصة.. وأمام هذه الادعاءات والاتهامات وجب بيان وتوضيح براءة الإخوان المسلمين من الناحية الشرعية من هذه التهمة، والتأكيد علي صحة موقف جماعة الإخوان المسلمين بالدفع بمرشح منهم ليترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، ويمكن بيان ذلك من خلال النظر في نصوص الكتاب والسنة، وفقه السياسة الشرعية، ومقاصد الشريعة ومبادئها وقواعدها.

بين الأئمة من علماء الإسلام في شروحهم للنصوص التي استند عليها من رمي جماعة الإخوان بتهمة خلف الوعد التي هي من خصال المنافقين، بأن الرجوع عن الوعد لا يقدح في صاحبه إلا إذا كان قد عقد العزم مقدماً علي خلف الوعد عند إنشائه، أي أنه حين وعد كان ينوي مخالفة الوعد، أما إذا وعد وهو عازم علي عدم إخلاف وعده، ثم بدا له عارض أو مانع أو عذر أو رأي منعه من الوفاء بوعده، فلا يعد هذا إخلافاً للوعد الذي هو من صفات المنافقين.

قال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:" خُلْف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارناً للوعد، أما لو كان عازماً ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق، قاله الغزالي في الإحياء.

وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: وَقَوله: "وَإِذا وعد أخلف"، خلف الْوَعْد: الرُّجُوع عَنهُ، وَهَذَا مَحْمُول علي من وعد وَهُوَ علي عزم الْخلف، أَو ترك الْوَفَاء من غير عذر، فَأَما من عزم علي الْوَفَاء فَعرض لَهُ عذر مَنعه من الْوَفَاء فَلَيسَ بمنافق.

وقال الإمام المناوي رحمه الله: إذا وعد أحداً بخير في المستقبل، أخلف: أي جعل الوعد خلافاً بأن لا يفي به، لكن لو كان عازماً علي الوفاء فعرض مانع فلا إثم عليه.

وقد يقال هنا: وهل شققنا عن قلوب الإخوان لنعلم صدق نيتهم من عدمه حين أعلنوا عن عدم نيتهم في الدفع بواحد منهم لمنصب الرئاسة؟

ويرد علي ذلك بأن العديد من الأدلة والشواهد تدل علي صدق جماعة الإخوان المسلمين فيما أعلنوه بعدم نيتهم في الدفع بمرشح منهم للرئاسة، ومن هذه الشواهد ما يلي:

قامت جماعة الإخوان المسلمين بفصل واحد من أهم كوادرها التاريخية عندما رفض الالتزام بقرارها الذي أعلنته بعدم نيتها في ترشح أحد منها لانتخابات الرئاسة وفصل كل مَن يخالف هذا القرار، فكانت جادة فيما أعلنت عنه، وكان بالإمكان أن تسانده وتؤيده من تحت الطاولة، أو تلوح وتهدد بتأييده، لكنها كانت دائماً ثابتة علي موقفها رغم اتهام البعض لها بأن ترشحه ليس إلا صفقة وتمثيلية بين الجماعة والمجلس العسكري.

وفي فقه السياسة الشرعية عزم النبي صلي الله عليه وسلم قبل فتح مكة علي أداء العمرة مع أصحابه رضوان الله عليهم، بل وأخذوا خطوات عملية في هذا الاتجاه، بأن تجهزوا وخرجوا من المدينة في اتجاه مكة، وقرب الوصول إلي هدفهم الذي بذلوا من أجله ما بذلوه، استجدت أمور لم تكن ماثلة أمامهم عند بداية القرار، فقد اعترضتهم قريش وأبت دخولهم وحشدت لقتالهم، وتطور الأمر إلي إمكانية حدوث صدام لم يكن في الحسبان، فاستشار النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه في الأمر، ووازن وفق السياسة الشرعية بين المصالح والمفاسد التي يمكن أن تترتب علي الاستمرار في قرار أداء العمرة الذي اتخذوه، فرأي أن الخير في عدم الإصرار علي ما عزموا عليه وأعلنوه، وتفاوض مع خصومه بما عُرف بـ «صلح الحديبية» والذي بمقتضاه قبِل صلي الله عليه وسلم الرجوع ومن معه إلي المدينة دون تنفيذ القرار الذي اتخذوه والهدف الذي خرجوا من أجله وساروا إليه كل هذه المسافة البعيدة، ولم يرض جلّ الصحابة - رضوان الله عليهم- علي هذا القرار الجديد، وأبدوا استعداداً للقتال من أجل إتمام ما عزموا عليه وخرجوا من أجله، وكان علي رأس المعترضين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم أدركوا لاحقاً أن الخير كل الخير كان في قرار عدم استكمال ما أعلنوه سابقاً

 


مقالات مشتركة