جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   19/11/2015

مصر على أعتاب تحقيق الحلم النووى بتنفيذ روسى.. تأجيل المشروع 52 عاما بسبب الضغوط الخارجية.. عبد الناصر أول من فكر فى المحطة النووية والسيسى يحقق الحلم المصرى

كتب..بلال الدوي

 

الضغوط السياسية والخارجية، بالإضافة إلى مصالح رجال الأعمال الذين يريدون استغلال أرض الضبعة لإقامة مشاريع سياحية، وغياب الإرادة السياسية قبل ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كانت وراء تأجيل تنفيذ المشروع النووى لتوليد الكهرباء على مدار الـ52 عاما الماضية منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى 1963.

 

ومن المتوقع أن يشهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الخميس، توقيع الاتفاقية الحكومية الإطارية بين مصر وروسيا بحضور مبعوث الطاقة الروسى ورئيس شركة روس آتوم الروسية والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء لإقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء.

 

مصر من أوئل الدول النامية التى اهتمت بإنشاء محطة نووية فى 1963 ففى عام 1963 فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بدأ اهتمام مصر بإنشاء أول محطة نووية، تقرر إقامتها فى منطقة سيدى كرير بعد دراسة عدد من المواقع البديلة فى أنشاص ومديرية التحرير لتوليد 150 ميجا وات، لتكون أول محطة فى العالم ذات استخدام مزدوج، تعمل لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بطاقة تعمل بمعدل 20 ألف متر مكعب فى اليوم، غير أن حرب 1967 قطعت الطريق على إنشاء محطة سيدى كرير بعد أن رسى عقدها على أكبر الشركات الأمريكية العاملة فى بناء المحطات النووية. –

 

أعادت مصر التفكير مرة ثانية فى إحياء برنامجها النووى بعد حرب 1973، وذلك بعد دراسات أكدت ضعف احتياطات البترول، فتقرر إقامة 8 محطات نووية تغطى احتياجات مصر المستقبلية من الطاقة، وتعوض نقص احتياطياتها البترولية. وعلى هذا الأساس وقعت مصر اتفاقا مع لجنة الطاقة النووية الأمريكية لتوفير خدمات إثراء الوقود النووى اللازم للمحطة، كما صدر قرار جمهورى بإنشاء هيئة المحطات النووية المصرية للإشراف على بناء المحطة، وقرار آخر بتخصيص مساحة 50 كيلو مترا مربعا على ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول 15 كم وعمق 3 كم فى منطقة الضبعة لبناء المحطة، والتى كان قد رسى عقدها على الشركة الأمريكية ذاتها، التى كانت قد كلفت بدراسة إنشاء المحطة قبل حرب 1967.

 

 

 

وخلال زيارة الرئيس الأمريكى نيكسون، إلى مصر أعلن عن موافقة الولايات المتحدة على تزويد مصر بمحطتين نوويتين تصل قدرتهما إلى 1800 ميجاوات، وفى عام 1978، أجرت الهند أول تفجير نووى اختباراً لقنبلتها النووية الأولى التى فاجأت العالم، وفى تلك الأثناء تم التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والتى كان من ضمن شروطها إخضاع المحطات النووية للتفتيش من طرف الدول العظمى للتأكد من سلمية المحطات. وعندها اشترطت الولايات المتحدة على الرئيس السادات ضرورة أن تصدق مصر على المعاهدة التى كانت قد وقعتها، وتقبل بإخضاع أنشطتها النووية لرقابة الوكالة الدولية، رفض السادات الشرط الأمريكى، وأصر على امتناع مصر عن التصديق على المعاهدة، ما لم تفِ الولايات المتحدة بوعودها السابقة وتلزم إسرائيل بالانضمام إلى المعاهدة، ووجه موقف السادات هذا ضربة قوية إلى المشروع ما أدى إلى إجهاضه.

 

 

فى فبراير عام 1982، ألح خبراء الطاقة فى مصر فى وزارتى البترول والكهرباء على الرئيس محمد حسنى مبارك بإزالة العراقيل من أمام البرنامج النووى المصرى الذى تم تطويره، بحيث يهدف إلى إنشاء ثمانى محطات نووية قدرة كل منها ألف ميجاوات، ويبدأ بتنفيذ محطتين فى منطقة الضبعة التى تم اختيارها بعد دراسة 12 موقعاً بديلاً على امتداد البحر الأحمر جنوباً حتى الغردقة وعلى امتداد الساحل الشمالى من رشيد (مدينة) إلى السلوم. نشطت مصر مرة أخرى من أجل تعديل اتفاقيتها مع وزارة الطاقة الأمريكية لرفع حصة إثراء اليورانيوم اللازم لتشغيل المحطات النووية المصرية من 600 ميجا وات التى كانت مقدرة لمحطة سيدى كرير إلى أربعة آلاف ميجاوات، بما يغطى احتياج 4 محطات قدرة كل منهم ألف ميجاوات. غير أن الانفجار الذى وقع فى مفاعل تشيرنوبيل والأحداث التى تلته جعلت العالم ينظر بعين الريبة إلى المحطات النووية لذا تم إلغاء المشروع.

 

 

وفى عام 2006 أحيا مبارك مشروع الضبعة من جديد بعد أن أدرك أهميته، وأصدر قرارا جمهوريا عام 2007 للبدء فى المشروع. وبعد أن انتهت هيئة المحطات النووية من تحديث المواصفات واستكمال أجهزة القياس للموقع عام 2010، وكانت صالحة للطرح فى مناقصة عامة فى ديسمبر من نفس العام، تم تأجيلها لأنه شهر إجازات، وكان مقررا له طرحه فى يناير 2011، وقامت ثورة 25 يناير، وتسبب الانفلات الأمنى فى تدمير البنية التحتية للمحطة وتوقفه.

 

 

 وعلى الرغم من قيام ثورة 25 يناير، وتولى الرئيس المعزول محمد مرسى الحكم، والذى اعتقد الجميع أنه سيولى هذا المشروع اهتماما إلا أنه طوال فترة رئاسته لم يتخذ أى قرار بشأن المشروع، إلى أن قامت ثورة 30 يونيو، وتم إصدار قرار بالبدء فى تعديل المواصفات الخاصة بالمشروع، استعدادًا لدخوله حيز التنفيذ فى عهد الرئيس المؤقت عدلى منصور. وينتظر الحلم النووى المصرى قرار الرئيس عدلى منصور بتحديد موعد المناقصة العالمية، وذلك بعد أن انتهت المحطات النووية والاستشارى الأجنبى للمشروع من صياغة المواصفات الخاصة بالمشروع بقدرة فى توليد الكهرباء ما بين 900 إلى 1650 ميجاوات، وتم عرضه على مجلس الوزراء والذى أرسله للرئيس لاتخاذ قرار بشأنه، ومن المقرر أن يتم افتتاح أول مرحلة من المشروع فى عام 2020 بقدرة فى توليد الكهرباء ما بين 900 إلى 1650 ميجاوات.

 

 

وفى 14 يونيو 2014 خلال حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيساً للجمهورية أعاد الأمل مرة أخرى لدخول مصر العالم النووى، وأكد خلال كلمته أن هناك محورين أساسيين أحدهما يدشن للمشروعات الوطنية العملاقة مثل مشروع تنمية محور قناة السويس وإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية. وبدأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية فى مفاوضات جادة مع 3 دول تقدموا بعروض لإنشاء المحطة النووية وهم روسيا وكوريا والصين، وكان أفضل العروض لصالح مصر هو العرض الروسى الذى تم اختياره لتنفيذ أول محطة نووية لتوليد الكهرباء. واشترطت مصر فى كراسة المواصفات الخاصة بمشروع المحطات النووية، أن يكون الحد الأدنى للصناعة المحلية فى المحطة الأولى 20% على أن يزيد فى المحطة الثانية 35% حتى تصل النسبة إلى 100%، وتتضمن العطاءات تحميل الشركة الموردة للمحطة 90% من المكون الأجنبى 10% من المكون المحلى لتكلفة المحطة.

 

 

 

ومن المتوقع أن يوفر المشروع النووى أكثر من 60% من إنتاج السد العالى للكهرباء، مما سيؤدى إلى القضاء على أزمة الوقود والطاقة التى تمر بها البلاد فى الفترة الراهنة، علاوة على توفير كميات هائلة من الوقود المستخدم فى توليد الكهرباء، والذى يصل 2 مليون طن سنويا، فى حين أن المحطة النووية لا تحتاج إلا 50 طنا من الوقود النووى سنوياً. وتقع منطقة الضبعة فى محافظة مرسى مطروح، ووفقا للكتيب الإحصائى لمحافظة مرسى مطروح، فإن الضبعة تحتوى على 13 وحدة محلية، وعدد سكانها 7664 نسمة، وأكدت الدراسات صلاحية الموقع وملاءمته لإنشاء المحطة النووية، وتبع ذلك إعداد البنية الأساسية للموقع، والتى تشمل إنشاء شبكات رصد للزلازل الدقيقة، ومحطات رصد إشعاعى، ومد شبكات المياه والصرف الصحى، وإنشاء طرق ومبانٍ ومنشآت.

 


مقالات مشتركة