جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   31/07/2016

صوت الملايين تكشف المستور وإهدار المال العام فى المركز القومى للسينما ..الدولة ترفع دعم السينما لـ 50 مليونًا.. والمسئولون يصرفونها مكافآت وحوافز ومجاملات

كتب..ماهر هنداوي

 

 كشفت مستندات رسمية حصلت عليها "صوت الملايين" أن  إهدار المال العام فى القطاع الحكومى عرض مستمر، لن يتورع عن القيام به المخالفون ومرتكبوا التجاوزات إلا اذا تغيرت التشريعات والقوانين وتغليظ العقوبات جنائيا وماليا واداريا.

 

 

ويأتى اختراق جدران  الجهاز القومى للسينما لكشف التجاوزات داخله  تزامنا مع الاهتمام الكبير من الدولة ورئيس الحكومة ومجلس النواب المنتخب، الذى وصل الى أعلى درجة منذ ايام بالموافقة وتصويت الاغلبية على رفع دعم السينما من 20 مليون جنيه سنويا إلى 50 مليون جنيه، وذلك بقرار أصدره رئيس الوزراء شريف أسماعيل، وهو ما اعتبره البعض خطوة نحو دعم عملية التنوير ومواجهة السينما الهابطة برفع دعم الدولة للمركز القومى للسينما.

 

 

وقد حصلت "صوت الملايين" على مستندات تكشف قيام  مسئولي  المركز القومى للسينما بإهدار أموال الدولة فى مكافآت للعاملين بالمركز وبوزارة الثقافة، بدعوى أنها تقديرا لدور العاملين ومجهوداتهم أثناء الحريق الذى اندلع فى مدينة السينما فى  شهر يونيو الماضى وكذلك لمجهودات العاملين داخل وخارج المركز فى مهرجان الاسماعيلية الثامن عشر للأفلام التسجيلية والقصيرة.

 

 

المثير أن هذه الحجج الواهية  لانفاق المال العام فى غير مساره المخصص له تتناقض مع تصريحات واعتراف الدكتور أحمد عواض رئيس المركز القومى للسينما  بأن حريق مدينة السينما أتلف ديكور الحارة وأن المنطقة المبنى بها ديكور الحارة توجد  وسط أحراش كثيرة وأشجار عالية وهو ما جعل الحريق ضخما. وهو ما يعد تناقضا واضحا وصريحا مع صرف هذه المكافآت. التى تم صرفها بدعوى قيام العاملين بالتصدى لحريق كاد يحدث كارثة سينمائية خطيرة كانت ستفقد على أثره السينما المصرى كنزا كبيرا من الافلام القديمة، وذلك بعد ان نشب  فى سينما رادوبيس بمنطقة الهرم، فى أوائل شهر يونيه الماضى  وانتقلت سيارات الإطفاء لمكان الحريق لمحاولة السيطرة عليه.

 

 

وطبقا للمستندات التى حصلت عليها  "صوت الملايين" والتى تحمل توقيع احمد عواض رئيس المركز القومى للسينما وتأشيرة خالد جلال رئيس قطاع الانتاج الثقافى الذى يتبعه المركز القومى للسينما بالموافقة طبقا للوائح والقانون على إثابة العاملين بإدارة الأمن بالمركز وأعضاء لجنة الحماية المدنية ولجنة الأزمات والكوارث وبعض موظفى المركز من مجهودات للحفاظ على المبنى ومحاصرة النيران  فإنه يتم إثابة من وردت اسماؤهم كل حسب مجهوده بإجمالى مبلغ وقدرة "14350"جنيها وضمت لائحة الأسماء الواردة فى الطلب بعض من الموظفين والعاملين بالمركز ممن لا علاقة لهم بالحماية المدنية أو إطفاء الحريق ولم يثبت تواجدهم فى مدينة السينما أثناء الحريق كما كشفت مصادر لـ"صوت الملايين"  وتراوحت مكافآتهم من 1500 لـ750 جنيها لكل منهم، اما الطلب الثانى المرفوع من عواض لخالد جلال والذى حصل على نفس تأشيرة الموافقة فيتضمن الموافقة على منح العاملين بالمركز ومن خارجه ممن ساهموا فيما اسماه الكشف نجاح مهرجان الاسماعيلية السينمائى للأفلام التسجيلية والقصيرة - والذى لم يحقق أى مردود سواء على المستوى المحلى أو الدولى وكان محل انتقاد من النقاد- مكافأة 250 ألف جنيه من اموال المركز وموازنة المهرحان لتشجيعهم طبقا لما ورد فى التقرير.

 

 

اللافت ان رئيس المركز لم يكتف بمن شاركوا فى المهرجان بل قام بصرف مكافأة 900 جنيه لكل عامل من باقى العاملين بالمركز ممن لم يشاركوا فى المهرجان من ميزانية المهرجان باجمالى "175 ألفا و850 جنيها  ليقارب اجمالى المكافآت للعاملين حوالى 400 ألف جنيه فضلا عن 200 ألف جنيه للقيادات من مخرجين ومشرفى اضاءة وديكورات.

 

تجدر الإشارة إلى أن كشوف المكافآت الاربع التى حصلت "صوت الملايين على نسخة منها لم تقتصر فقط على الاسماء التى حصلت على مكافآت وإثابات  للعاملين بالمركز القومى للسينما فقط، ولا حتى الانتاج السينمائي  وانما تعدتها لتجامل موظفى ديوان عام وزارة الثقافة وسكرتارية حلمى النمنم وزير الثقافة مجاملة له، حيث منحت مكافآت لطاقم سكرتارية الوزير ومدير إدارة الامن وبعض العاملين فى الإدارة المالية والحسابات والإدارة القانونية وحتى سائقى الوزير وموظفى المكتب ووصلت المكافآت لـ"3000 جنيه " لكل منهم  وهو ما أثار حفيظة العاملين بقطاعات أخرى من الوزارة شاركت بالفعل فى المهرجان مثل هيئة قصور الثقافة حيث تم تجاهلهم فى تلك المكافآت.

 

 

كما كشف مصادرنا داخل جهاز السينما أن 90% من العاملين لم يحضروا عمليات انقاذ المركز، واخماد الحريق، مؤكدة أن اهمال العاملين عوامل الأمان والاشراف عليها كان سببا من اسباب الحريق، وبدلا من التحقيق مع المهملين قام المركز بمكافآتهم رغم ان الخسائر التى كانت متوقعة لامتداد الحريق لن تقل عن 10 ملايين جنيه.

 

 

وفجرت المصادر مفاجأة مؤكدة ان المركز القومى للسينما نفسه لا تتوافر فيها أبسط انواع عوامل الامان والطوارئ ومنها تواجد عربات حماية مدنية واطفاء على الرغم من أن  المركز يحتوى على غرف أرشيفية للأفلام وهو ما يعتبره  كثير من كبار الفنانين  كنز ا ثمينا لا يجب الاهمال أو التهاون فى الحفاظ عليه.

 

 

كما أوضحت المصادر ان صرف المكافآت للعاملين بالمركز القومى للسينما أو بديوان عام وزارة الثقافة أو قطاعات الانتاج بالمركز غطاء كبير الحجم للتستر على الفساد المالى داخل هذه الجهات، وبوابة تبرير لحصول القيادات على مكافآت وحوافز وادماجها فى مكافآت العاملين.

 

 

يأتى ذلك البذخ والاسراف فى وقت تزداد ميزانية  دعم السينما من 20 مليونا إلى 50 مليون جنيه سنويا بنسبة  زيادة قدرها 150 %،لانفاقها على افلام هابطة وسينما مبتذلة تعيش أسوأ أيامها  فى الوقت الذى يئن فيه  الشعب من قلة وتخفيض الدعم على البترول والوقود والكهربا.

 

 

وأكدت المصادر أنه للأسف الشديد هذه الميزانية لا تصرف فى طرقها المشروعة وإنما يتم التحايل عليها لتدخل جيوب المنتفعين والقيادات التى أوهمت الحكومة ونواب مجلس الشعب ضرورة الموافقة على زيادة الدعم حتى تكون استفادتهم  منه أكبر.

 

 

وأكدت المصادر أن  الغرض الأساسى من إنشاء المركز القومى للسينما كان إنتاج الأفلام التسجيلية، التى رأت الدولة أنها أداة جيدة تصلح للدعاية للدولة و"إنجازات"  الحكومة، وهى نظرة متخلفة لهذا النوع من الأفلام التى تلعب دورا فى النقد والترشيد والكشف عن تناقضات الواقع على نحو لا يتوافر لصناع الأفلام الخيالية الروائية.مشيرة إلى أنه من المثير للسخرية أن كل إنتاج المركز لهذه النوعية من الأفلام لا يزيد سنويا على 3 أو 4 أفلام وفى الوقت نفسه يعمل بهذا المركز 550 موظفا يتقاضون رواتب تنتزع نحو 90 فى المائة من الميزانية السنوية المخصصة للمركز التي  لن تقل بعد زيادة الدعم  لجهاز السينما على  مبلغ 15 مليون جنيه سنويا  فيما لا يزيد ما ينفق على النشاط المفترض، على 10 % من الميزانية.

 

 

وأضافت المصادر أن ملفات الفساد داخل المركز القومى للسينما تعاقب عليها خلال  السنوات الخمس الماضية  الماضية خمسة رؤساء  يدور حولهم جدل كبير.

 

 

وأكدت  أنه من ضمن ملفات الفساد فى الجهاز وجود ملف لفيلم  «بأى أرض تموت» للمخرج أحمد ماهر -مخرج فيلم «المسافر» الفاشل الذى كلف الدولة 24 مليون جنيه،  يحتوى على مخالفات كثيرة  وتسيطر عليها مافيا حالت دون التحقيق فيها.

 

وأكدت انه لم ينتج المركز فى عهد وليد سيف الرئيس السابق للجهاز أفلاما تسجيلية يعتد بها، لكنه  كان يتفاخر بأنه خصص فريقا لتصوير كل مراحل العمل فى مشروع قناة السويس الجديدة، وقد فشل فى الحصول على الدعم المالى لعدد من الأفلام الروائية المتميزة.

 

لافتة الى أن خلاصة الأمر أن المركز القومى للسينما، الذى كان البعض يرغب فى تحويله إلى قطاع مستقل تماما عن وزارة الثقافة، أصبح فى حالة مزرية من الفوضى والفشل والتقاعس تدعو إلى إعادة فتح كل ملفاته، بل ووجوده نفسه من إغلاقه وإلغاء وزارة الثقافة أيضا.


مقالات مشتركة