جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

منوعات   2018-06-26T14:17:40+03:00

30 يونيو.. العالم يحيي اليوم الدولي للكويكبات

أ ش أ

يحيي العالم اليوم الدولي للكويكبات، الذي يوافق الـ 30 من شهر يونيو من كل عام، وهو اليوم الذي أطلقه علماء الفيزياء الفلكية ، بهدف رفع الوعي بشأن مخاطر اصطدام أي من الكويكبات بالأرض. ومن المعروف أن الكويكبات عبارة عن أجرام سماوية تدور حول الشمس مثل الكواكب، وتتألف من معادن ومواد صخرية، وهو ما يجعلها مختلفة عن المذنبات، التي تتكون جزئيا من مواد صخرية لكن لديها لب جليدي وتنطوي على غبار ومكونات عضوية.

 

وتشكلت المجموعة الشمسية التي يقع فيها كوكب الأرض قبل 4 مليارات و500 مليون عام، ومنذ ذلك الحين شهدت الأرض حوادث اصطدام عدة مع أجرام فضائية. وتقول " أنتونيلا باروتشي" عالمة الفضاء في مرصد باريس، لقد ساهمت تلك الأجرام التي ارتطمت بالأرض في ظهور الحياة على سطحها، حاملة المياه والمواد العضوية إليها لكنها أيضا سببت دمارًا هائلا فالكويكب الذي ارتطم بما يعرف اليوم بالمكسيك قبل 65 مليون عام أدى إلى انقراض أنواع حية كثيرة منها الديناصورات.

 

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في ديسمبر 2016 القرار 90/ 71 ، الذي أعلن يوم 30 يونيو اليوم الدولي للكويكبات ، حيث يهدف إلي رفع مستوى الوعي العام حول خطر تأثير الكويكبات وإبلاغ الجمهور حول إجراءات الاتصالات اللازمة والتي يتعين اتخاذها على المستوى العالمي في حالة وجود تهديد ذات مصداقية بالقرب من الأرض.

 

واتخذ قرار الجمعية العامة بناءً على اقتراح قدمته رابطة مستكشفي الفضاء والذي أقرته لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية.

 

وكان إطلاق يوم الكويكبات أول مرة في عام 2014، بمبادرة من براين ماي عازف الجيتار في فرقة كوين الشهيرة وعالم الفضاء الأمريكي روستي شويكارت ومؤسسة "بي 612" الأمريكية. واختير يوم 30 يونيو لأنه يعيد إلى الأذهان حادث انفجار كويكب قطره 40 مترًا في سماء سيبيريا في مثل هذا اليوم من عام 1908، متسببًا بتدمير غابة مساحتها 2000 كم مربع ، وامتد تأثير الحادث على مساحة قدرها 770 ميلا مربعا . وقدرت قوة انفجار الجرم في الغلاف الجوي للأرض بما يعادل 30 مرة قوة انفجار قنبلة هيروشيما.

 

ويعمل علماء ووكالات فضاء على دراسة السبل الممكنة لحرف أي جرم متجه إلى الأرض عن مساره، في خطط تذكر بأفلام الخيال العلمي؛ حيث يستطيع أبطال تلك الأفلام أن يدمروا الأجرام الفضائية التي توشك أن تضرب الأرض فينقذوا حياة البشر من نهاية كارثية؛ لكن درء خطر هذه الأجرام في الحقيقة عملية معقدة أكثر من ذلك بكثير.

 

وتشير تقارير وكالة بحوث الفضاء "ناسا" عن مكتبها الخاص بالتنسيق الدفاعي الكوكبي الذي يقتفي أثر الكويكبات وغيرها من الأجسام التي تحوم قرب الأرض ، حيث تطرق البرنامج إلى توضيح الأضرار التي قد تنجم عن اصطدام أي من الكويكبات بالأرض ومدى جاهزية وكالة ناسا لتجنب مثل هذه الاحتمالية، بما في ذلك احتمالية استعانتها بتفجير نووي لتبخير جزء من الكويكب قبيل حدوث الاصطدام لتقليل المخاطر.

 

وأشار بول تشوداس مدير مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا في ولاية كاليفورنيا، إلى أن العلماء نجحوا حتى الآن في اكتشاف ما يزيد عن 16 ألف جسم يحوم بالقرب من الأرض ( سواء كويكبات أو مذنبات )، وأن ما يقرب من ثلاثة أرباع تلك الأجسام يزيد حجمها عن 50 مترًا، وهو ما يعني أنها قد لا تتفكك قبل الاصطدام وأنها قد تسفر عن حدوث أضرار بالغة إذا ارتطم أي منها بالأرض.

 

وأضاف تشوداس، أنه رغم تضاؤل الفرص المتعلقة بوجود جسم كبير في طريقه إلى الأرض، إلا أن عواقب حدوث ارتطام قد تكون وخيمة للغاية. وفي أسوأ الحالات قد نتعرض لتصادم يؤدي لكارثة عالمية، لكن ذلك يتطلب كويكبًا يزيد حجمه عن كيلو متر.

 

وختم تشوداس بقوله إن وكالة ناسا نجحت في تحديد 90 % من الأجسام التي قد تتسبب في حدوث تصادم عالمي حال ارتطامها بالأرض، وأن الوكالة قامت بتجهيز التقنيات التي يمكن التعامل من خلالها مع أي تصادم محتمل وما قد ينتج عنه من أخطار.

 

وكان مختبر الدفع النفاث التابع لناسا قد أعلن أن كويكبين صغيرين اقتربا من الأرض بمسافة أقل من بعد القمر عنا في شهر فبراير الماضي ، وهو أمر غير معتاد مما أثار تساؤلات الناس. فقد اقترب أحد الكويكبين، واسمه " 2018 سي سي" نسبة لعام وشهر اكتشافه، من الأرض وابتعد عنها في 6 فبراير، وكان بعده عن الأرض حوالي 184 ألف كيلومتر. ومر الكويكب الثاني واسمه " 2018 سي بي" قرب الأرض في 9 فبراير، وفي أقرب مكان له، كان يبعد 64 ألف كيلومتر، أي 16% فحسب من المسافة بين الأرض والقمر التي تبلغ 384,472 كيلومترا.

 

لكن احتمال مرور هذه الكويكبات بالغلاف الجوي للأرض أو أن تصطدم بها غير وارد. ويقوم مركز دراسات الأجرام القريبة من الأرض التابع لمختبر الدفع النفاث بمراقبة الكويكبات التي تقترب من الأرض، ويتتبع نظام سنتري لرصد التصادمات (نظام الحارس( التابع للمنظمة، الكويكبات التي قد تصطدم بالأرض، ويجمع معلومات عنها. وتبقى الكويكبات القريبة من الأرض على قائمة سنتري حتى يستبعد الاصطدام.

 

ويزيل النظام أسماء الكويكبات بعد التأكد أنها لا تشكل أي تهديد؛ كهذين الكويكبين ، حيث يستغرق الأمر وقتا لمراقبة الكويكبات والمذنبات، ولا يمكن استخدام التلسكوبات الأرضية لتعقبها إلا ليلًا، عندما تكون السماء صافية. وحالما يكتشف الباحثون هذه الأجرام القريبة من الأرض، يتنبؤون بمساراتها استنادًا إلى الأرصاد السابقة. ويستغرق إنشاء نموذج تنبؤ جيد بين أسبوع وشهر، وفق موقع ناسا. وأكدت ناسا أن 2018 سي سي و2018 سي بي لن يصطدما بالأرض.

 

في الوقت نفسه ، أكمل فريق من علماء الفلك تجربة دولية هي الأولى لاختبار قدرتنا على تعقب الكويكبات الخطرة وتعاون علماء من كل أنحاء العالم لرصد الكويكب " 2012 تي سي 4" وتحليله كمحاكاة لحالة اصطدام حقيقي.

 

وقد بدأت العملية في يوليو عندما رصد علماء الفلك الكويكب " 2012 تي سي 4" بالتلسكوب الكبير جدًا في المرصد الأوروبي الجنوبي ، وهو كويكب صغير كان على مسار قريب من الأرض.

 

واختار العلماء تي سي 4 كهدف لهذه العملية التي سميت حملة مراقبة تي سي 4. ونتيجة لاقتراب تي سي 4 من الأرض، حلل العلماء حجم الكويكب وتكوينه ومساره وكان التأكيد على أن قنوات الاتصال الدولية جاهزة لتبادل المعلومات بسرعة وفعالية جانبًا رئيسًا من جوانب العملية. وقال " بوريس شوستوف" مدير العلوم في معهد علم الفلك في الأكاديمية الروسية للعلوم، إن مهمة 2012 تي سي 4 كانت فرصة رائعة للباحثين لإبداء الاستعداد للمشاركة في التعاون الدولي الجاد لمعالجة الخطر المحتمل على الأرض الذي تشكله الأجرام القريبة من الأرض. ويسرني أن أرى كيف عمل العلماء من مختلف الدول بفعالية وحماس من أجل هدف مشترك.

 

وأتاحت ملاحظات علماء الفلك التأكد من أن تي سي 4 لن يصطدم بالأرض في أي من مداراتها المستقبلية. وإضافة لذلك، استطاعوا تحديد تكوين الكويكب ودورانه وتقلبه، وستكون المعلومات مهمة جدًا إذا وصلت بنا التقنيات يومًا إلى استخراج موارد الكويكبات. واختتم الحدث في أكتوبر عند وصول الكويكب إلى أقرب نقطة له من الأرض على بعد 43,780 كيلومتر.

 

وأخذت ناسا هذا المشروع كفرصة لاختبار قنوات الاتصال ضمن الحكومة الأمريكية، وإرسال رسائل عبر الوكالات وحتى عبر السلطة التنفيذية. وقال " مايكل كيلي" قائد عملية تي سي 4 في مقر وكالة ناسا في واشنطن، إن هذه المحاكاة لحالة تصادم حقيقية سمحت للمجتمع الفلكي بأن يصبح أفضل استعدادا اليوم للتعامل مع تهديدات الكويكبات الخطيرة المحتملة.

 

ويعمل علماء ووكالات فضاء على دراسة السبل الممكنة لحرف أي جرم متجه إلى الأرض عن مساره، في خطط تذكر بأفلام الخيال العلمي؛ حيث يستطيع أبطال تلك الأفلام أن يدمروا الأجرام الفضائية التي توشك أن تضرب الأرض فينقذوا حياة البشر من نهاية كارثية؛ لكن درء خطر هذه الأجرام في الحقيقة عملية معقدة أكثر من ذلك بكثير.

 

ويقول إيان كارنيلي المسؤول في وكالة الفضاء الأوروبية، أن الطريقة الوحيدة لتجنب الأضرار الناجمة عن ارتطام أجرام يقل قطرها عن 50 مترًا بالأرض هي تعيين المنطقة التي سيقع فيها هذه الارتطام، وإجلاء السكان منها؛ إذ إن الأضرار ستكون مقتصرة على هذه المنطقة فقط. أما إن كان الجرم أكبر، ما يعني أن ضرر ارتطامه أشمل، فينبغي حرفه عن مساره أو التخلص منه كي لا يصطدم بالأرض.

 

وهناك ثلاث طرق مقترحة حتى الآن لفعل ذلك. الأولى هي إطلاق قنبلة نووية إلى الفضاء تنفجر قرب الكويكب فتولّد طاقة تدفعه في اتجاه مختلف؛ لكنها لا تنجح مع الأجرام الكبيرة. و الطريقة الثانية ، حرف الجرم عن مساره بالاستعانة بأجسام تطلق من الأرض تسبب جاذبية دافعة، وهي لا تنجح إلا مع الأجرام الصغيرة. أما الطريقة الثالثة، فتقضي بإطلاق جسم من الأرض يضرب سطح الكويكب بسرعة هائلة ويجعله يغيّر مساره وسرعته، وهي الطريقة الأكثر تقدمًا حتى الآن. وتنوي وكالتا الفضاء الأمريكية والأوروبية إطلاق مهمة مشتركة «آيدا» في عام 2022 لتجربتها. وتقضي المهمة بقذف قمر الكويكب «ديديموس» بجسم يغير سرعته ومساره.

 

واستنادًا إلى التوصيات المتعلقة بالاستجابة الدولية لخطر الأثر على الأرض من الأجسام القريبة من الأرض، الذي أقرته لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية في عام 2013، و الشبكة الدولية للإنذار بخطر الكويكبات ، والفريق الاستشاري المعني بتخطيط البعثات الفضائية في عام 2014. وتستخدم الشبكة الدولية للإنذار بخطر الكويكبات خططًا وبروتوكولات اتصال محددة تحديدًا جيدًا لمساعدة الحكومات في تحليل العواقب المحتملة لأثر الكويكبات ودعم تخطيط استجابات تخفيف الأثار الناتجة. و الفريق الاستشاري المعني بالتخطيط للبعثات الفضائية هو منتدى للوكالات المشتركة المعنية بالفضاء والذي يحدد التكنولوجيات اللازمة لانحراف الأجسام القريبة من الأرض، ويهدف إلى بناء توافق في الآراء بشأن التوصيات المتعلقة بتدابير الدفاع الكوكبي.

 

وتشير التقارير العلمية ، أنه لدى الحكومة الأمريكية بروتوكول تفصيلي للتعامل مع التهديدات المختلفة. ويتولى مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لناسا في العاصمة الأمريكية واشنطن مسؤولية اكتشاف الأجرام التي قد تكون خطرة، وتتبعها، وتوفير معلومات دقيقة ومحدثة، والتنسيق مع الحكومة الأمريكية لتخطيط الاستجابة للتهديدات الحقيقية. وتستطيع قراءة الخطة الافتراضية للتعامل مع حدث مشابه، والتي قدمت في مؤتمر الدفاع الكوكبي للعام 2017، وتستطيع أيضا استخدام التطبيق المتوفر لمعرفة ما يجب فعله لحرف كويكب معين عن مساره. ووفقًا لتعليمات موقع ناسا ، لا يستطيع أي سلاح معروف اليوم إيقاف الكويكبات لارتفاع معدل سرعتها، والذي يبلغ 19 كيلومترًا في الثانية.

 

وكشفت تقارير وكالة ناسا ، أن أحد الكويكبات القليلة التي قد تصطدم بالأرض هو " بينو" ، ويتوقع مركز دراسات الأجرام القريبة من الأرض أنه لن يقترب من الأرض مرة أخرى حتى العام 2135. وقد يغير هذا الاقتراب مسار بينو، ويضعه في مسار اصطدام مع الأرض بين 2175 و2199. ولا تتجاوز فرصة حدوث الاصطدام 0.037% ، لكن ناسا لن تجازف بالاحتمالات. ففي سبتمبر 2016، أطلقت الوكالة بعثة أوسيريس ريكس، وهو مسبار يتوقع أن يصل إلى بينو في العام 2018، ويعود إلى الأرض بعينة من الكويكب في العام 2023. وسيستخدم الباحثون المعلومات التي يجمعها المسبار خلال المهمة لتحديث تنبؤاتهم. وبحسب تأكيدات ناسا، لا يوجد أي داع للقلق من أي اصطدامات قريبة.

 


مقالات مشتركة