جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

صحافة وتوك شو   2018-09-05T00:35:25+02:00

محمد عبد اللطيف يكتب الشائعات .. من التشكيك فى الدولة الى الحرب الخفية على الشركات

محمد عبد اللطيف

بين كل شائعة وأخرى ، ينسال نزيف من الشائعات، لا يتوقف، ولا يمكن ملاحقة مشاهده المتنوعة بأى صورة من الصور ،لكن ما يثير الدهشة ، أن هذا الكم الهائل منها، يتم تداوله فى الميديا ومواقع التواصل الاجتماعى بطريقة " الزن على الودان " عبر التكرار وابتكار الأساليب المتنوعة للتدليل بها والتأكيد عليها ، حتى تترسخ  الأكذوبة فى أذهان الناس، وكأنها حقيقة  دامغة لا تقبل الشك، لذا فان أرقام الشائعات التى رصدتها  تقارير الأجهزة، وأعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ربما تكون أقل بكثير  من الحقيقة ، فأرقامها  تتجاوز عشرات الآلاف فى الأونة الأخيرة ، طالت كل شئ فى هذا البلد من السياسة الى القضايا الجنائية،  جميعها لا يستند لأى دليل،يمثل  ولو جزء من الحقيقة ان كانت هناك حقيقة بالأساس .


 لم تترك الشائعات كبيرة أو صغيرة فى هذا البلد الا وطالتها بصورة مستفزة ، الأمر الذى يؤكد أن قوى غامضة لديها من القدرات والامكانيات ما يجعلها تنفق بسخاء على ترويج الأكاذيب ، بهدف خلق مناخ معاد للدولة ومؤسساتها ، وهادم لقطاعاتها الاقتصادية ،حدث هذا فى جريمة ميت سلسيل ، وفى جريمة  مقتل مقاول الرحاب وأسرته  ، ومقتل أنبا وادى النطرون وغيرها من آلاف القصص الوهمية .


مؤخرا وأثناء رحلتى فى البحث عن أدوية ، اقتربت من مشهد الحروب الخفية بين شركات الدواء العالمية، فوجدت أنها تدور فى نطاق حروب متقنة ، تديرها مافيا محترفة فى اطار الحرب الاقتصادية على الدولة المصرية وشركاتها الوطنية ، ووجدت ، أيضاً"، أنها ليست مثل الحروب التقليدية المتعارف عليها فى كواليس البيزنس ، والتى تنطلق عادة من قواعد تحكمها قوانين السوق وتراعى خلالها الأبعاد الانسانية ، بداية من المنافسة وجودة والابتكارات والأنشطة البحثية ، لكنها حروب من نوع آخر لها أبعاد سياسية واقتصادية عالمية ، تقوم برصد مبالغ ضخمة للحرب بالوكالة ، يقوم  بها الاعلام والسوشيال ميديا بأدوار تمهيدية  لصالح شبكات المصالح ، وتشارك فيها مكاتب محاماة دولية ، أما الدور فهو تشويه بعض الشركات التى تثق فيها الدولة ومؤسساتها السيادية ، عبر اطلاق  الشائعات، باعتبارها  أهم أدوات المعارك الضارية ، التى تدور فى كواليس صناعة وتجارة الدواء على المستوى الدولى ، ولعل رسائل الرئيس مبارك التى بعث بها فى مؤتم الشباب الأخير  بشأن رصد 23 ألف شائعة ، تكون محفزة على  دحض تلك الشائعات ، فهى تهدف هدم المؤسسات والتشكيك في سمعتها.

تكشفت ، على الأقل بالنسبة لى ، حقيقة النوايا التى تقف وراء نشر الادعاءات الباطلة والشائعات المسمومة للتشكيك فى قدرة الدولة وسلامة توجهاتها ، عندما طالت قطاع الدواء المصرى، خاصة فى أعقاب تدخلت الجهات السيادية فى الدولة المصرية لانهاء كارثة الاتجار بالواء فى السوق السوداء بعد اخفاءه عمداً، فقد جاء التدخل لوضع حد لحالة الفوضى  التى سادت هذا القطاع المهم ، خاصة فى الاحتياجات الضرورية من الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة ، منها أدوية "فيروس سي "  وأدوية مرضى السكر والضغط ،  والقلب والأهم من كل هذا ،لبن الأطفال الذى مثل اختفائه بفعل فاعل حالة من المخاوف لدى قطاعات الشعب المختلفة، وأذعج فى نفس الوقت وزارة الصحة ، بل الحكومة والأجهزة السيادية ،باعتبار أن لبن الأطفال ليس مجرد سلعة يتم استيرادها وتوزيعها على الصيدليات لبيعها حسب الغرض والطلب ، لكنه منتج استراتيجى ، نقصه يمثل تأثيرا سلبيا على الأمن القومى ، باعتباره غذاء ضروري يؤثر على بنية الأطفال  الصحية والجسمانية ، ففى ظل الصراع الخفى للسيطرة على سوق الدواء ومحاولات اخراج الاستثمار المصرى بهدف التحكم فى السوق من أباطرة توحش نفوذهم وتضخمت ثرواتهم جراء التحكم فى أسعار السلع الاستراتيجية وفى مقدمتها الدواء، كان من الضرورى أن تتدخل المؤسسات السيادية الضامنة لاستقرار البلد ،لمواجهة العبث بمستقبل الأجيال القادمة ، وتصرفت بصورة ايجابية سريعة لتبديد المخاوف وتوفير الاحتياجات الضرورية، بأن تصدت للأزمة وتحملت عبء استيراد لبن الأطفال عن طريق الدولة ، وتحديد أسعاره لكى يصبح فى متناول غير القادرين من الفئات الفقيرة ومتوسطة الحال  باعتباره مدعوما من الموازنة العامة للدولة .


المؤسسات السيادية أسندت نوزيع كميات الألبان المستوردة الى شركات وطنية  ذات سمعة طيبة،  قادرة على توزيعها وفق حزمة الاشتراطات المحددة من قبل الدولة  وفى اطار استراتيجية الحماية الاجتماعية ، وتحت اشرافها ورقابتها الكاملة ، ومنها الشركة المتحدة للصيادلة التى حصلت على الموافقة،  بتوزيع نصف الكميات تقريبا،  لتقديمها أقل عروض ربحية ، الأمر الذى  أحبط مافيا الدواء التى  تريد احتكار السوق  والتحكم فى أسعار الدواء، فقامت القوى الغامضة التى تدار من  أفراد ينتمون لجماعة الاخوان فى الداخل ،ومعهم ممثلى الشركات عابرة القارات ، بادخال الشركة ومعها عدد من الشركات المصرية عبر الشكاوى  والادعاءات ، فى دوامات الاتهامات واطلاق الشائعات لهدمها وهى " ابن سينا ـ المتحدة ـ مالتى فارما ـ رامكو ـ الشرق الأوسط للكيماويات " واتهامهم  بالاحتكار، وتلى ذلك اطلاق شائعات التهرب من الضرائب رغم أن توزيع الدواء محكوم ولايمر خارج القنوات الشرعية والرقابية ،  وتم الابلاغ عن تهرب يفوق قيمة توزيع الأدوية داخل مصر ، وذلك لارباكها بما يؤدى لخروج الشركاء الدوليين، والوكلاء الأجانب وهذا يؤدى بالتبعية لدخول الشركات الأمريكية  والسيطرة على السوق المصرى ووضع 100 مليون مواطن تحت وطأة المافيا.


كل هذا يفسر لنا لغز اختفاء الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة من الأسواق ، أما الغريب فهو دخول الشائعات الخاصة بقطاع الدواء للميديا ، عبر أفراد محترفين ، يقومون بخدمة الغول القادم ، سواء بدراية أو بدون دراية ، لكنهم يحصلون على المقابل المعلوم ، وينفذون ما يملى عليهم لنشره عبر وسائل التواصل والنشر كنوع من الابتزاز .


مقالات مشتركة