الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2018-12-25T16:33:34+02:00

مشاكل وأزمات تهدد نجاح نظام التأمين الصحى الجديد

إيمان بدر

هل تنجح مبادرات الوزيرة وأغانى حكيم فى العبور بمصر من المرض إلى الشفاء

هالة زايد بدأت بالبكاء على قوائم الانتظار واحتفلت بإطلاق مبادرة القضاء على «فيروس سى» مقابل 129 مليون دولار من البنك الدولى

مازال شهداء منظومة الصحة يتساقطون من السرطان والفشل الكلوى إلى إهمال الأطباء وسوء حالة المستشفيات ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية

إيمان بدر

مقدمة

 

تتعامل الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة المصرية مع المنظومة العلاجية بطريقة الماكياج الخارجى فقط، وبلغة الأطباء تعمل طبيبة أمراض النساء السابقة بأسلوب يريح غالبية بنات حواء يعتمد على «ديكوريشن نوت تريتمنت»، أو التجميل وليس العلاج، حيث بدأت الوزيرة عهدها لتذرف الدموع الأنثوية أثناء عرض فيديوهات لمواطنين أنقذهم قرارها من قوائم الانتظار، معلنة أنها أول وزيرة استطاعت القضاء على تلك القوائم البغيضة التى كانت فى كثير من الأحيان أطول من أعمار المرضى، ولكن يبقى السؤال هل انتهت قوائم الانتظار بالفعل، وماذا عن مرضى الأورام السرطانية والفشل الكلوى والأمراض المزمنة الذين مازالوا ينتظرون دروهم أو قد يسبقه إليهم ملك الموت.

وإذا كانت الوزيرة قد انتقلت من مرحلة البكاء إلى الاحتفالات العالمية، حيث أقامت فى أكتوبر الماضى احتفالًا بانطلاق مبادرة «100 مليون صحة» للقضاء على فيروس الكبد الوبائى سى، وكذلك الأمراض غير السارية مثل السمنة وضغط الدم والسكر، فإلى أى مدى تنجح مثل هذه المبادرات فى ظل مستشفيات غير صالحة للآدميين ومنظومة صحية يعانى فيها الطبيب والصيدلى والممرض، وشركات أدوية تحولت إلى مافيا تحتكر العلاج ومستلزمات طبية تتناقص وتختفى من آن لآخر، بينما تبقى أمراض مثل السرطان والفشل الكلوى تنخر فى أجساد المصريين وتقتلتهم، فيما يقتل الإهمال وتدنى مستوى الخدمات مرضى آخرون بل وأطباء أيضًا يتساقطون ليتحولون بفعل الإهمال وتدنى مستوى الخدمة تارة إلى جناة وتارة أخرى إلى مجنى عليهم.

وإذا كان الواقع يؤكد أنه ليس بالمبادرات ولا بإعلانات المطرب حكيم وصاحبة السعادة إسعاد يونس يشفى العليل ويبصر الضرير، فإن تلك المبادرات  لم تكن أولى الفرقعات، حيث فجرت الحكومة مع مطلع العام الجارى فقاعة إسمها نظام التأمين الصحى الجديد، وهاهو العام قد أوشك على الرحيل، ومازال القانون غير واضح المعالم، على الرغم من صدور لائحته التنفيذية، قبل عدة شهور، وكأنما تحول إلى لوغاريتم غير قابل للحل، أو إلى نص أفلاطونى لا يصلح للتطبيق.

وإذا كان البنك الدولى قد أعلن أنه يدعم مشروعات ومبادرات الدكتورة هالة زايد، وأنه منحها 129 مليون دولار لدعم مبادرة القضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية، فهل سيكون المقابل من خلال تطبيق نظام التأمين الصحى الجديد، هو تخلى الدولة عن دورها فى توفير الخدمات العلاجية للفقراء، وتركهم فريسة للقطاع الخاص، أم أنها ستتحول عن طريق هذا القانون إلى دعم المستشفيات الخاصة التى يقع عليها اختيار لجنة التعاقدات، وتترك المريض ليقلى حظه «منه للمستشفى»، على طريقة منظومة التموين التى تدعم شركات إنتاج الصلصة والتونة ومسحوق الغسيل الأوتوماتيك، على حساب المواطن الجائع، وكذلك منظومة التعليم التى تمول من البنك الدولى بهدف إلغاء المجانية وتشجيع الاستثمار فى المجال التعليمى.

وبشكل عام هل جاءت حكومتنا الحالية بكامل تشكيلها لتستكمل تنفيذ أجندة البنك الدولى، لتتجه الدولة إلى مزيد من القروض وخصخصة الخدمات والاستثمار فى أجساد الناس وقوت يومهم ومستقبل أبناءهم.

 

رئيس الجمهورية صدَّق عليه ومجلس النواب أقر لائحته التنفيذية منذ 6 أشهر

حلم غير قابل للتطبيق على أرض الواقع

 

فى إطار عملية الإصلاح التى تقوم بها الدولة المصرية، سعت الحكومة إلى تدعيم شبكة الحماية الاجتماعية وتعزيز أدوات التضامن المجتمعى، من أجل تخفيف وطأة الإصلاح الاقتصادى وإجراءاته القاسية، وانعكس ذلك فى إقرار نظام التأمين الصحى الشامل رقم 2 لسنة 2018، وبالفعل صدَّق رئيس الجمهورية على القانون الذى كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر من التصديق عليه، حين أصدر مجلس النواب لائحته التنفيذية، وبعد مرور 6 أشهر على إصدار اللائحة التنفيذية، مازال القانون غير قابل للتطبيق بشكل مكتمل على أرض الواقع، ومن ثم يصبح من الطبيعى أن تبرز علامات استفهام حول العقبات التى تعوق تحقيق أهدافه، وماهى إمكانية نجاحه فى التعامل مع المشكلات التى مازالت قائمة، ومدى القدرة على تطبيق الفلسفة التى استند عليها القانون، كنظام متكامل تم وضعه للتعامل مع الواقع الطبى فى مصر.

وفى هذا السياق انطلق القانون فى مواده الـ67 من فلسفة تستهدف معالجة جوانب خلل المنظومة الصحية، خاصةً تلك المتعلقه بمظلة التأمين الصحى، محاولة الاستفادة من أوجه الخلل في المحاولات السابقة، والتى من بينها القانون الذى مازال مطبق حاليًا فى غالبية محافظات مصر، علمًا بأنه حال تعميم التجربة سيتم إلغاء العمل بجميع القوانين السابقة، التى يأتى القانون الجديد ناسخًا لها ومتضمنا المبادئ العامة لأحكامها.

ويرى المدافعون عن القانون الجديد أنه يستهدف الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة، ويقوم على معالجة مشكلة تردى الخدمة الصحية من خلال فصل الخدمة عن التمويل، وتأسيس هيئة اقتصادية اعتبارية ذات موازنة مستقلة، هى الهيئة العامة لنظام التأمين الصحى الشامل، تتولى إدارة وتمويل النظام والتعاقد مع الجهات التى تعمل على تقديم الخدمة، كما تهدف الحكومة من وراء ذلك إلى تعزيز لامركزية القرار داخل المنظومة العلاجية، وذلك من خلال تقويض العديد من صلاحيات وزارة الصحة بحيث يتم توزيع المسئوليات بين 3 هيئات هى الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل، والهيئة العامة للرعاية الصحية، والهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، على أن تتولى كل هيئة وضع استراتيجيتها وتخطيط سياساتها التنفيذية ومراقبة تنفيذها، بشكل يضمن استدامة الخدمة التمويلية من ناحية و استدامة جودة الخدمة العلاجية المقدمة من ناحية أخرى، سواء من خلال تحصيل اشتراكات المؤمن عليهم أو مساهمات أصحاب الأعمال، فضلاً عن عائد استثمار أموال الهيئة والاحتياطات المتاحة لديها.

وفى إطار الاستراتيجية الاستثمارية تتحقق عناصر الإتاحة وحرية المتلقى فى الاختيار بين الأطباء والمستشفيات التى يفضل العلاج لديها، ناهيك عن مراعاة البعد الاجتماعى للمرضى غير القادرين من خلال تعزيز المصادر التمويلية، حيث ينص القانون على استثناء الفئات غير القادرة من دفع الاشتراكات على أن تتحمل الدولة اشتراكاتهم بنسبة 5 بالمئة من الحد الأدنى للأجور المعلن عنه شهريًا لكل منهم.

وعلى الرغم من تلك المزايا التي تبدو مثالية فإن غالبية الخبراء يؤكدون على استحالة تحقيق هذا الحلم، نظرًا لاصطدامه بالعديد من العقبات على أرض الواقع.

 

تدهور البنية التحتية وتدنى مستوى المنشآت والأجهزة وسوء حالة الأطباء والممرضين والإداريين.. أبرز العقبات

السيسى: اعترف بأن الدولة غير قادرة على تطوير المستشفيات ولا تملك إلا الأفكار والمبادرات

وفاة طبيبة صعقًا بالكهرباء حلقة فى مسلسل الإهمال ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

 

حول أبرز العقبات التى تعوق نجاح النظام الجديد للتأمين الصحى، صدرت مؤخرًا دراسة بعنوان: «قانون التأمين الصحى الشامل: الفرص والتحديات»، أعدها مهاب عادل الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أورد خلالها أبرز العوامل التى تهدد المشروع بالفشل، وفى مقدمتها تدهور البنية التحتية للقطاع الصحى الحكومى، سواء فيما يتعلق بالمستشفيات على مستوى المبانى والمنشآت والأجهزة، أو ما يتصل بالعنصر البشرى من أطباء وممرضين وإداريين.

وأوضحت الورقة البحثية أن مواد قانون التأمين الصحى نفسه تتضمن ما ينص على أن تلتزم الدولة برفع جودة وكفاءة المنشآت التابعة لها، قبل البدأ فى تطبيق القانون وتعميمه فى جميع المحافظات، على أن يستمر تطبيقه فى المحافظات التى بدأ العمل به فيها لحين توفير الاعتمادات اللازمة لتطوير المنشآت والبنية والتحتية.

وتطرق الباحث إلى صعوبة وربما استحالة تحقيق هذا الهدف فى ظل تراجع الإمكانات المتاحة لدى الدولة، مشيرًا إلى تصريح علنى أدلى به الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيًا خلال أحد جلسات منتدى شباب العالم الذى عقد مؤخرًا بمدينة شرم الشيخ، حيث قال الرئيس نصًا إن مصر غير قادرة على رفع كفاءة المنشآت التعليمية مع بداية كل عام دراسى، وأضاف:"إن هذا ينطبق على المدراس وغيرها من المنشآت الحكومية مثل المستشفيات، وتابع: «الظروف الاقتصادية تجعلنا لا نملك إلا الأفكار والمبادرات».

وعلى خلفية ذلك تأتى الاعتراضات على المبادرات المتعددة التى تتبناها الحكومة ووزرائها، والتى تنفق عليها المليارات فيما تبقى الخدمة المقدمة سيئة، فى ظل تدنى كفاءة المستشفيات وانخفاض مستوى الجودة وغياب النظافة ونقص الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية، ناهيك عن تذمر الأطباء وهيئة التمريض بسبب انخافض أجورهم وضآلة بدلاتهم، بل وموت بعضهم ضحايا للعدوى أو لسوء حالة البيئة التى يعملون بها من المستشفيات إلى سكن الأطباء، على غرار الطبيبة الشابة التى استشهدت صعقًا بالكهرباء بسبب عدم صلاحية دورة المياة فى سكن الأطباء للاستعمال الآدمى، ووجود «دش المياه» بجوار سلك الكهرباء العارى.

 

مخاوف من خصخصة صحة المصريين

- عدم التكافؤ بين قطاعات التعاقد الخاصة والحكومية

- لجنة تسعير الخدمات العلاجية تضم مستقلين وممثلين للقطاع الخاص

- هؤلاء يبحثون عن مصالحهم الخاصة والاتجاه الربحى يغلب على تقديم الخدمات

 

على جانب آخر، تطرق الباحث مهاب عادل إلى عنصر آخر من عناصر عدم قابلية النظام الجديد للتطبيق وفقًا للرؤية المثالية التى وضع من أجلها، حيث تناول «عادل» حقيقة عدم التكافؤ بين محتوى الخدمات المقدمة من قطاعات التعاقد، بسبب التفاوت الرهيب بين الإمكانات التمويلية المتاحة للقطاع الخاص مقابل الفقر الذى تعانى منه نظيراتها من القطاعات الحكومية الصحية، وفى هذا السياق حذرت الدراسة من استئثار القطاع الخاص بمستشفياته وأطبائه بتقديم الخدمة العلاجية للمواطنين المؤمن عليهم، فى ظل حالة التدهور التى يعانى منها القطاع الحكومى بالشكل الذى يجعله يفتقد إلى أبسط معايير الجودة،  التى من المقرر أن تحددها هيئة الإحكام والرقابة الصحية التى نص النظام الجديد على تأسيسها لتتولى الدور الرقابى والمعيارى.

ولأن المستشفيات والمنشآت الخاصة فى المقابل تتمتع بقدرات تمويلية أكبر وبنية تحتية أفضل من الحكومية، أشارت الدراسة إلى أن هذا الاستئثار ربما يتبلور فى صورة «خصخصة للقطاع العلاجى التأمينى»، فى ظل منافسة غير عادلة بين القطاعين الحكومى والخاص، تنعكس على غلبة الاتجاه الربحى الاستثمارى فى تسعير الخدمات، علمًا بأن الهيئة العامة المنوط بها التسعير تضم خبراء مستقلين وممثلين عن القطاع الخاص، ومن الطبيعى أن يعمل هؤلاء لخدمة مصالح منشآتهم، وهو الأمر الذى تبرز معه مشكلة تضارب المصالح، الغالبة على معظم القطاعات الخدمية التى تتجه الدولة إلى خصخصتها بإشراك القطاع الخاص والأهلى فى إدارتها، حيث كان الرئيس السيسى أيضًا قد أكد على ضرورة تشجيع الجمعيات الأهلية لإنشاء المستشفيات الخاصة، لأن الحكومة حال إنشائها مستشفى سوف تعجز عن الاستمرار فى إدارتها وتوفير الخدمات اللازمة لها فى ظل ارتفاع الأسعار، وعدم تحقيق أرباح.

 

البيروقراطية الحكومية تحاصر اللائحة التنفيذية

- التطبيق خلال 15 سنة وغياب الشفافية فى معايير التعاقد

 

من أبرز العقبات التى تعوق نجاح النظام، تأتى مشكلة غياب التخطيط الإجرائى وعدم وجود استراتيجية لوجيستية وخطة زمنية للتطبيق، حيث ينص القانون على أن يتم تعميم التجربة خلال فترة 15 سنة من صدور اللائحة التنفيذية، وهى فترة طويلة بشكل كبير، كما لم يتم وضع معايير لتطبيق النظام تدريجيًا على بعض الفئات والحزم والمحافظات.

وحذرت الدراسة من مشكلة متوقعة تتعلق بعدم وضع معايير تحدد أسس ومنهجية التعاقد، وهو أمر يهدد بغياب الشفافية عن التطبيق.

وانتقدت الورقة البحثية عدم وضح آليات التطبيق فى اللائحة التنفيذية للقانون، على الرغم من إيجابية المساحة التى يتيحها نص القانون من حرية قد يتحقق معها علاج لمشاكل البيروقراطية الإدارية، غير أن هذا الهدف لم يتم بلورت آليات تحقيقه بشكل مفصل خلال اللائحة التنفيذية.

 


مقالات مشتركة