![](https://www.soutalmalaien.com/uploads/1696273235_688722a0201621b77af2.png)
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن النظام العام مطلب ديني ووطني وإنساني، مؤكدًا أن الإسلام دين النظام بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ.
وأضاف «جمعة» خلال خطبة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة، أن الصلاة نظام، والصيام نظام، والحج نظام، وليست أفعالًا اعتباطية كيفما جاءت، فكلُّ شيءٍ في هذا الكونِ خَلقَهُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- وسَخَّرهُ لحِكْمةٍ وبحِكْمةٍ، قال سبحانه: «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ» (المؤمنون: 115)، ويقول جلَّ شأنُه: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر: 49).
وتابع: أن كل شيء في هذا الكون يؤدي دوره ووظيفته التي خلقه الله -عز وجل- من أجلها، بانتظام وإتقان وإحكام، بحيثُ لا يتقدم لاحِقٌ على سابِقٍ، ولا يتأخر سابِقٌ على لاحِقٍ، وفي ذلك يقول الحق سبحانه: «وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» (يس: 38-40).
وأكد وزير الأوقاف، أن الكون كله قائم على النظام، حيث يقول الحق سبحانه: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ» (الرحمن : 5)، فكل شيء عنده سبحانه بحساب ونظام وقدر، يقول سبحانه: «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ» (المؤمنون : 18)، ويقول سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» (المؤمنون: 12-14)، ويقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ» (الصف : 4).
ونبه الدكتور مختار جمعة، على أن احترام النظام مطلب ديني ووطني وإنساني، إذ لا يُصلح الناس فوضى بلا نظام، ولا تكون الدولة دولة بلا نظام، فأول مقومات الدولة: شعب وأرض ونظام وحكومة، وهذا النظام هو ما يعبر عنه بالدستور والقانون، وما يفسر القانون أو ينبثق عنه من لوائح وتعليمات وإرشادات، وما تقوم به مؤسسات الدولة من وضع ضوابط لتنظيم حياة الناس في مختلف المجالات، وكل ذلك شرط أساس لعمارة الكون واستقرار العمران.
ونوه بأن الشعوب المتحضرة هي أكثر الشعوب التزامًا بالنظام العام والآداب العامة والحفاظ على حقوق الآخرين، وعدم الافتئات عليها أو التجاوز في حقها، مؤكدًا ضرورة أن يكون للمجتمع من نظام يسير عليه حتى لا يكون الناس فوضى بلا نظام، ويشمل ذلك احترام الإنسان لقواعد المرور وآدابه وعدم كسر إشاراته، كما يشمل المحافظة على كل ما يتصل بالشأن العام والنظام العام، ولا يتجاوزه حتى لو كان مجرد التجاوز في دوره في الانتظار أو الصف، ويشمل كذلك الالتزام بكل ما تقرره قوانين الدولة، وكل ما شأنه أن يرسخ أسس النظام العام ويجعل من مجتمعنا مجتمعًا منظما منضبطًا في كل شيء.
ولفت إلى أن المتأمل في حال الدول المتقدمة، والمجتمعات الراقية يعلم يقينًا أنها ما وصلت إلى ما وصلت إليه إلا باحترامها للقوانين، والتزامها بتطبيقها، ومن احترام النظام: الالتزام بمبدأ الحق والواجب، فكما يريد الإنسان أن يأخذ حقه عليه أن يفي بواجبه تجاه مجتمعه سواء في أداء ما عليه من التزام أو سداد ما يُحصل من خدمات، ولا يعمد إلى التفلت مما عليه من استحقاقات.