البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2019-02-28T07:39:19+02:00

( صور سيلفي وأمهات مكلومة ) .. مشاهد على رصيف القطار المنكوب

متابعات

كان قد مر ست ساعات على حادث ارتطام جرار قطار بمحطة سكة حديد بمبنى خرساني على رصيف (6) بمحطة مصر؛ حيث توجهت أنظار المسافرين نحوه، رافعين هواتفهم المحمولة لالتقاط صور ما تبقى من القطار المنكوب، الذي التف حوله ضباط وجنود من الأمن المركزي، محاولين-عبثًا- منع القادمين من الاقتراب أو التصوير.

 

على رصيف (8) وقف معتز سعيد-بائع بأحد الأكشاك- يروي لزميله بالكشك المُجاور، كيف التهمت ألسنة النيران المُنبعثة من الانفجار الناتج عن اصطدام جرار القطار، صباح اليوم الأربعاء، فيما يستمع الآخر مشدوهًا "والسواق كان فين!"، كأنه لم يستمع لهذا السؤال يستكمل "النار شبت في الناس مبقناش عارفين نطفيهم إزاي"، يطغى على صوته أصوات عجلات قطار قادم تشرئب أعناق ركابه صوب القطار المنكوب.

 

بجانب القطار المنكوب، تقف مريان صالح رفقة زوجها، زائغة العينين، تسأل أحد أفراد الأمن عن شقيقتها الموظفة بالمحطة التي شبت النيران فيها- بحسب رواية أحد زملائها- غير أنها لم تعثر عليها حتى الآن؛ سواء في عِداد الموتى أو المصابين، تسأله عنها، تعطيها أوصافها "طويلة، وشعرها قصير"، تأتي الإجابة بالنفي، فتمعن النظر في بقايا ضحايا الحادث الملتصقة بالرصيف، تتنهد، يربت زوجها على كتفها، ثم يصطحبها، للتوجه إلى غرفة كاميرات المراقبة؛ علّهما يعثرا لها على آثر.

 

لم ينقطع الضجيج على الأرصفة المُتاخمة، الجميع يحمل حقائبه على ظهره، لكنه قبل أن يستقل قطاره يذهب أولًا إلى رصيف (6) رفقة هاتفه المحمول لالتقاط صورة، تكون شاهدة على تواجده في مكان الحادث، تلك الفعلة التي يبدي البعض تذمرهم منها "بتصوروا إيه.. مصيبة وحلت على الناس"، لم يولوا اهتمامًا بتلك التعليقات، تضغط أصابعهم على الكاميرات، يستوقفهم للحظات ارتطام القطار بالجدار الخرساني "إزاي ده حصل!".

 

على الرصيف المُقابل، حاول أفراد الأمن منع المارة من التصوير، والاقتراب، فما لبث أن دفعوهم بعيدًا، حتى عادوا مُجددًا، فالحادث جلل، ومواعيد قطاراتهم لم تحل بعد، والمصيبة تخص أصحابها فقط "الله يصبر أهلهم". تمر إحداهم مكفهرة الوجه، رثة الملابس، تتلفت حولها، تجذب         أحد أمناء الشرطة من يده، تعطيه أوصاف نجلها ذو الثامنة عشر ربيعًا "طويل وكان لابس جاكت أسود"، تقول بصوت متقطع سرعان ما تحول لنحيب، يوقفه كلماتها الأخير "روحي إسألي في المستشفيات"، تستوضح الأمر أكثر فيما تضع يديها على صدرها "الواد اتعور!"، لم يكن لديه إجابة نافية أو سواها، ولم تنتظر هي، هرولت صوب المستشفى علّها تجده.

 

كانت الشمس تخفت رويدًا رويدًا، ضجيج المارة يختلط بأصوات القطارات، لكن سؤال بعينه كان أعلى منهما "كان فيه سواق ولا لأ!"، غير أن أحدًا لم يجب، سوى أمام غرفة تجمع أمناء الشرطة على رصيف (8)؛ حيث قال أحدهم-رفض ذكر اسمه- "كان فيه سواق بس كان بيتخانق مع زميله وساب القطر لحد ما دخل في المبنى"، يؤكد أنهم تحفظوا عليه، ينهي حديثه سريعًا، يهرول إلى الداخل، بينما يمر مسافران انهمكا في الحديث عن الحادثة "السواق ده لازم يتعدم.. حرام الناس اللي ماتت".

 

فرغ الكثيرون من التقاط صور بجانب القطار المنكوب بما فيها صور "السيلفي"، فيما ظلت دعاء حسن واقفة بجانب أحد الأكشاك الكائنة على رصيف مُجاور، شاردة الذهن، واهنة الجسد، يسألها المارة عما حدث، لم تجب "مبقتش قادرة أتكلم من اللي شوفته.. اللي حصل للناس كان صعب"، تقول بصوت خفيض يتلاشى وسط أصوات عجلات قطار "إسكندرية- الصعيد" الذي حل موعده، فتكدس ركابه على الأبواب والشبابيك وعيونهم مُعلقة بالقطار المنكوب إلى أن انطلق بهم قطارهم.


مقالات مشتركة