جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2019-03-03T13:34:03+02:00

أقوى ملكات الفراعنة في متحف ( ناشيونال جيوجرافيك ) بواشنطن

صوت الملايين

لقرون، كان رجال مصر القديمة محور الاهتمام، لكن من الضروري التركيز على النساء اللاتي حكمن مصر القديمة.  "كوينز أوف إيجيبت" أو "ملكات مصر" هو عنوان المعرض الجديد  في متحف "ناشيونال جيوجرافيك" في واشنطن العاصمة، الذي يسلط الضوء على الطرق الفريدة التي اتبعتها المرأة للسيطرة والحكم في أرض الأهرامات.

 

ووفقا لموقع "ناشيونال جيوجرافيك"، يعرض المعرض أكثر من 300 قطعة أثرية مصرية قديمة، من ضريح الملكة نفرتاري إلى تماثيل تصور "إلهة المعركة" "سخمت" والتي غالبًا ما تمثل كسيدة برأس لبؤة جالسة على العرش أو واقفة. ويقدم المعرض طرقا لا تعد ولا تحصى تثبت أن المصريين القدماء كانوا يعبدون ويحترمون القيادة النسائية القوية.

 

وتقدم كارا كوني، أستاذة علم المصريات بجامعة كاليفورنيا في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، نظرة ثاقبة على هذه الظاهرة في كتابها الذي صدر مؤخراً بعنوان "المرأة الحاكمة"، وهو مصدر إلهام للمعرض الجديد.

 

وفي كتابها، قدمت "كوني" دراسة وفحصا لتاريخ القوى النسائية وتحديدا 6 من القائدات العظيمات، وهن مرنيه، ونفروسوبك، وحتشبسوت، ونفرتيتي، وتاوسريت، وكليوباترا، بالإضافة إلى هيكل السلطة الذي مكنهن من الحكم لآلاف السنين.

 

وذكرت "كوني" أنه لم يكن من غير المألوف أن تحكم النساء، إلى حد ما، في هذه الحضارة المتطورة للغاية. لكن احترام المساواة بين الجنسين لم يكن السبب الذي أوصل هؤلاء النساء للحكم، إذ كُلفت الملكات في كثير من الأحيان بحماية العرش للأمراء الشباب الذين كانوا لا يزالون صغارًا جدًا على اتخاذ القرارات.

 

وكان المصريون القدماء يعتقدون أن الأيادي الثابتة للأمهات يمكن أن توجه وتقود الأمة كطريقة لانتقال السلطة دون أن تهز الوضع الراهن للنظام الأبوي.

 

"وفي الواقع، عندما كانت هناك أزمة سياسية، اختار المصريون القدماء المرأة مراراً وتكراراً لملء الفراغ في السلطة، تحديداً لأنها كانت الخيار الأقل خطورة"، كما كتبت "كوني" في مقال لـ"ناشيونال جيوجرافيك".

 

ووفقا لـ"كوني"، لم تحكم "ميرنيث" من الأسرة الأولى في مصر القديمة سوى بهدف رؤية ابنها الصغير "دن" على العرش دون مضايقة، وهذا الطفل انتهى به المطاف إلى أن يصبح أطول ملك يعيش في أسرته وأكثرهم نجاحًا.

 

ولم تحكم "نفروسوبك" من الأسرة الحاكمة الـ12 سوى بسبب انتهاء سلالة أسرتها، وهي ابنة الملك أمنمحات الثالث، وأخت الملك أمنمحات الرابع، وخليفته على عرش مصر بعد أن مات ولم يكن له وريث للعرش، وكانت مدة حكمها 3 أعوام و4 أشهر كما جاء فى بردية القوائم الملكية بمتحف تورين. وحكمت "نفروسوبك" البلاد كملك مستقل وتمتعت بوضع سياسي مستقر في مصر ولم يشب عصرها أي تمردات ضد حكمها.

 

أما "حتشبسوت" من الأسرة الحاكمة الـ18، فحكمت للحفاظ على قوة ابن أختها الصغير، وواجهت الكثير من المشاكل في عصرها لكونها أنثى، وبعد وفاتها تم محو إرثها كملكة، إذ كانت كلمة "ملكة" تعني ضمنيًا أنها مجرد مساعد جنسي لزوجها الملك وليست حاكمًة. وبعد 20 عامًا من وفاتها تم محو أسمائها وصورها وتماثيلها وتحطيمها، ونُسبت إنجازاتها العظيمة إلى والدها أو أخيها. وترى "كوني" أن تجربة "حتشبسوت" تعلمنا جميعًا أنه عندما تنجح المرأة في مكان العمل، يمكن دائمًا إعادة نسب إنجازاتها إلى النظام الأبوي.

 

وهذه الحقيقة أدركتها "نفرتيتي" من الأسرة الثامنة عشر، التي إذا كانت قد حكمت بالفعل، فأدركت أن عليها أن تحافظ على طموحها وكيانها الأنثوي بأسماء ذكورية جديدة. ومن المحتمل أنها حكمت كملك مشارك، باسم أنخخبيري نفرنيفرواتن، وربما لاحقاً، كملك وحيد باسم عنخخبر سمنكري.

 

ويجب أن تكون "نفرتيتي" قد عرفت أنها كانت تمهد الطريق للذكور القادمين بعدها، وبالفعل كان هذا الشاب هو العظيم توت عنخ آمون، الذي اكتشف قبره السليم في وادي الملوك.

 

كما وصلت الملكة "تاوسريت" من الأسرة التاسعة عشرة السلطة من خلال الحكم نيابة عن الملك الصبي قبل أخذ الملكية لنفسها وحدها. ولم تخف "تاوسريت" طموحها، الذي جعلها تقضي على جميع منافسيها. لكن مثل هذه الطموحات النسائية لن يتم التسامح معها، إذ أُزيحت "تاوسريت" من قبل قائد حرب نصب نفسه ملكا بهدف استعادة القانون والنظام لمصر التي تنمو عسكريا.

 

ثم جاءت كليوباترا، التي قادت التمرد ضد شقيقاها وأبعتدهما عن الحكم بأفعالها القاسية، لذلك استخدما رجالا أقوياء مثل يوليوس قيصر ومارك أنتوني للزواج منها والسيطرة عليها.

 

لكن حتى كليوباترا، التي نصبت نفسها بعد آلهة الحب والجمال، حتحور، لم تستطع منع نفسها من أن تصبح أما في النهاية، تمهد الطريق إلى الملكية لابنها بطليموس الخامس عشر، المعروف باسم قيصريون، الاسم الذي يشير إلى أباه بدلًا من والدته. وفي النهاية، لو كان قد عاش لحكم مصر بدلاً من أن يُقتل من قبل "أوكتافيان"، لكانت كليوباترا قد تصرفت أيضاً كمجرد عنصر نائب في النظام الأبوي الأكبر.

 

6 ملكات قويات، 5 منهن أصبحن فراعنة، وترى "كوني" أنه مع ذلك، كان على كل واحدة منهن أن تتكيف وتخضع لأنظمة السلطة الأبوية من حولها، بدلاً من تشكيل شيء جديد. الأمر الذي يثبت أن قصة القوة النسائية في مصر القديمة لم تكن كما نتخيلها نحن ليوم.


مقالات مشتركة