جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

د.محمد صالح يكتب   2019-04-27T23:19:44+02:00

شم النسيم .. أقدم عيد على وجه الأرض

د. محمد أحمد صالح


 يحتفل العالم كله ومعه مصر هذه الأيام بعيد شم النسيم والذى يعد أقدم عيد على وجه الأرض وهو عيد مصرى أصيل يكشف عن مدى عظمة وفكر المصريون القدماء .. وهو واحد من أعياد مصر القديمة ، و يعود الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام ، وقد سمي بهذا الاسم نسبة للكلمة "شمو"، وهي كلمة أصلها هيروغليفي قديم ، ويرمز شم النسيم إلي بعث الحياة ، وكانت الأعياد فى مصر القديمة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل .

  وبهذه المناسبة أؤكد أن الكثيرين يقعون فى خطأ كبير حينما يخلطون ما بين قدماء المصريون وبين الفراعنه .. لأن الفراعنة وإن كانوا جزءا من فترة زمنية فى مصر القديمة إلا أنهم كانوا ملعونين وفقا لما ذكره القرآن الكريم .. حيث فرق القران بين المصريين وبين آل فرعون .. فلم يقل المصريين ولم ينسب أي شر أو كفر لهم أو لمصر ولم يتوعد المصريين أو مصر بأي عذاب لا في الدنيا ولا الأخرة ....وانما نسب الشر والكفر إلي فرعون وال فرعون وتوعدهم بالعذاب والعقاب في الدنيا والأخرة .

 

 قال تعالى : ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف : 103

 

   وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأعراف : 130]

 

  وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ [الأعراف : 137]

 

    كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال : 52]

 

 وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ [يونس : 88]

 

 (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود : 97]

 

   وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى [طه : 79]

 

   إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ [المؤمنون : 46]

 

 قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ [الشعراء : 11]

 

     فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ [غافر : 45]

 

   النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر : 46]

 

  ولم ينسب لمصر الا كل خير .. وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ [البقرة : 61]

   فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ [يوسف : 99].

وبهذه المناسبة المصرية الأصيلة يسعدنى ان أتقدم بخالص التهانى القلبية لكل الشعب المصرى عامة وأقباط مصر بصفة خاصة وأدعو الله أن يعيدها علينا جميعا ونحن نسيج وطنى واحد لا تفرقنا الفتن ولا تقسمنا الصراعات

ولذلك قررت أن أكتب لكم هذا الأسبوع عن موضوع شم النسيم وحكاياته وأسراره التى قد لا يعرفها الكثيرون :

اعتقد المصريون القدماء أن يوم شم النسيم هو بداية خلق العالم ، وأن الحياة تبدأ من البيضة ولذلك كان المصريون يعرفون بداية الربيع عندما تتعادل فترة الليل مع النهار وكانوا يأتون بالبيض ويقومون بتلوينه فإذا فقست البيضة كان هذا بالنسبة لهم فأل خير وسعادة أما إذا لم تفقس كان ذلك بمثابة نذير شؤم .كما أن البيض يرمز لدي قدماء المصريين إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" إله الخلق عند المصريين القدماء وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد ، فقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلاسل من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم

وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض ، حيث يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق ) .

 ولأن الحياة في اعتقادهم بدأت في الماء قدسوا أكل الأسماك في يوم إشراق الحياة "شم النسيم" ، وكذلك البصل الذي ارتبط في أساطيرهم القديمة بقدرته علي طرد الأرواح الشريرة . وكان المصريون ينظرون إلى شم هذا اليوم بإعتباره رمزاً للخصوبة فإلى جانب البيض والسمك يحرص المصريون حتى الآن على تناول الترمس والحلبة والمعروف عنهما أنهما منشطين للعملية الجنسية , وقد أثبت العلم الحديث أن الترمس ينشط هرمون الأنوثة .. ولمن لا يعلم كان المصريون عند حدوث الحمل يقومون بوضع الترمس والحلبة فى إناء صغيرة مع بول السيدة الحامل لمعرفة نوع الجنين .. فإذا   طفا الترمس على سطح الإناء كانت المولودة أنثى والعكس صحيح .

ومن ذلك الوقت وإلي الآن والمصريون يحتفلون بعيد شم النسيم يوم الاثنين التالي مباشرة ليوم الأحد الذي يوافق عيد الفصح وفق تقويم الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية .وقد تم تحريف الاسم بمرور الزمن حيث أضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة .

ومن أهم الأطعمة التي يتناولها الناس في هذا اليوم والتي لازالت قائمة إلي الآن ، البيض، والفسيخ)، والخَسُّ، والبصل، و الملانة (الحُمُّص الأخضر)، وهي أطعمة مصرية ذات مدلول لدي المصريين القدماء.

 فمثلاً البيض يرمز لدي قدماء المصريين إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" إله الخلق عند المصريين القدماء وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد ، فقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلاسل من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم

 

 وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض ، حيث يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق )  .

 

  وبدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع - شم النسيم- مع بداية العيد نفسه أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة ، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (اخناتون ) ، وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند المصريين القدماء  .

 

 أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان قدماء المصريين ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه - بحسب زعمهم - فيحقق دعائهم و يبدأوا العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، وهي العادات التي ما زال أكثرها متوارثاً إلى الآن .

 

 كما بدأ أكل الفسيخ في شم النسيم في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل "نهر الحياة" (الإله حعبى) عند الفراعنة الذي ورد في متونه المقدسة عندهم أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع -حسب زعمهم-  .

 

  وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ .وقد كانت لديهم عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ - كما ذكر هيرودوت ذلك المؤرخ الإغريقي الذي اعتنى بتواريخ المصريين القدماء  والفرس،وقال عنهم: "إنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن .

 

أما الخَسُّ فهو من النباتات المفضلة في ذلك اليوم، وقد عُرِف منذ عصر الأسرة  الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة. كان الخس من النباتات التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها .

 

 وفى النهاية أقول إن هذا العيد ليس عيداً لأقباط مصر فقط ولكنه عيد لكل المصريين ..وهو أكبر تجمع وتظاهرة شعبية تتم فى المساحات الخضراء والهواء الطلق ..وقد إحتفلت به مصر طوال تاريخها منذ عهد المصريون القدماء سواء كانت مصر قبطية أو إسلامية ...ولذلك يمكن القول إنه عيد يرتبط بتاريخ مصر والديانات كلها .


مقالات مشتركة