رسالة للمعارضة الوطنية

لو كنت ترى أخي المعارض أن خروج ثورة تطالب بعزل الرئيس شيء صائب  فهذا حقك وقد تنجح تلك الثورة وتحقق مرادك، ولكن من واجبي أيضا أن أسألك: هل وضعت احتمال واحد في المليون بأنك قد تكون على خطأ وتسير الأمور في اتجاه آخر وتدخل البلاد في فوضي لا يعرف مداها إلا الله، وتدخل مصر وجيشها في نفق التفكك والانهيار لا قدر الله، ونجد أنفسنا في مواجهة مصير العراق وليبيا وسوريا واليمن والسودان ؟

هل تخيلت نتائج الفوضى من نهب وخراب ودمار للبيوت والمتاجر والمزارع والمصانع والمستشفيات والمدارس وسائر المؤسسات وكل أوجه الحضارة في بلادنا ؟

هل تخيلت أن تسيطر على بلادنا جماعات إرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرها ويذبحون رجالنا وشبابنا ويسبون نسائنا ويباشرونهن ثم يبيعونهن أويتهادونهن ؟ هل تخيلت أمك أو زوجتك أو بنتك في هذا الوضع ؟

هل تخيلت أن تستغل قوي دولية خارجية مثل أمريكا وإسرائيل الوضع ويوجهون ضرباتهم إلى جيشنا فينهار ثم يحتلون مصر ويضعون رجالها في معتقلات على غرار جوانتانامو وبوغريب ثم يقسموا مصر إلى دويلات كما خططوا ونفذوا في دول شقيقة، ماذا سيصبح الوضع لو سارت هناك دويلة إسلامية وأخرى مسيحية وثالثة نوبية ورابعة فلسطينية كما هو مخطط بصفقة القرن التي رفضتها مصر ؟ ثم يأتون لك برئيسا جديدا محمولا على دباباتهم وعلى هواهم ينفذ لهم خطتهم بتقسيم الدول العربية وإتمام مخطط الشرق الأوسط الكبير وتحقيق حلم إسرائل في دولة تمتد من النيل إلى الفرات ؟

هل تخيلت ملايين القتلى لا قدر الله الذين سيسقطون، أو تخيلت ملايين المهجرين الذين سيهيمون على وجوههم في الصحراء الشرقية والغربية أو يركبون مراكب النجاه في البحرين المتوسط والأحمر دون وجهة محددة، ماذا يسكون مصيرهم.

وهل تخيلت وضع العالم العربي والإسلامي بعد سقوط مصر ؟ هل سيكون هناك عربا أو مسلمين ؟ أم سيتم سحقهم وإبادتهم مثلما حدث مع الهنود الحمر "سكان أمريكا الأصليين" الذين هلك منهم 90 مليونا وأقامت الولايات المتحدة الأمريكية إمبراطوريتها على أجسادهم وجماجمهم ؟

أدعوك أخي إلى وضع كل الاحتمالات في الحسبان، ولا تغامر بوطنك وأهلك في مقامرة غير مدروسة النتائج، لا تجعل كراهيتك الغير مبررة للرئيس سببا في هدم بلادك والقضاء على حضارتك ودينك وثقافتك ولا تجعل مصدرك في المعلومات واحدا فقط، واستمع إلى وجهة النظر الأخرى وضع احتمال أن تكون هي الأصوب.

إحسبها أخي الفاضل بحساب العقل والمصلحة فالرئيس قد يكون على صواب ويحقق لنا ما وعدنا به في بناء دولة قوية وقادرة وعظيمة تتوافر فيه سبل العيش الكريم، وتتوافر فيها الرفاهية التي تتمناها ونتمناها جميعا، وحتى  لو افترضنا جدلا أنه سيئا  فمهما طالت مدته أو قصرت فإنه لن يخلد في الحكم، أما الوطن، ومستقبل أولادك، وأحفادك فهو الباقي، وهو الأولى بالحفاظ عليه.

ولتعلموا أخي وأختي وإبني وابنتي أن مصرنا الغالية ظلت طوال تاريخها هدفا لمعظم القوى الطامعة والمستعمرة، لاتريد لها تلك القوى أن تتقدم وتعلو لتصل إلى مكانتها الحقيقية خوفا على أنفسهم لأنهم يعرفون جيدا قدرة وقيمة هذا الشعب الجسور الذي يخشون هبته وهذا البلد العريق الذي علم العالم أسس الرقي والتقدم والحضارة، وهو مايستوجب علينا أن نكون أكثر حرصا على وحدته وقوته وتقدمه.

فلنحفظ بلادنا ليحفظها الله ولنحسن الظن في بعضنا لعل الله أن يجمع شملنا ويوحد كلمتنا ولنتفائل بمستقبلنا لعل الله أن يأتي لنا بالخير والرغد والسعادة فهو وحده الرازق الوهاب.

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، واحفظ اللهم بلادنا وجنبها شر المحن والفتن ماظهر منها ومابطن.. اللهم آمين