البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

كتاب وآراء   2019-10-14T10:18:26+02:00

الفساد .. و التعصب الأعمى

د.محمد فياض

المتأمل اليوم في واقع الأمة الإسلامية يصاب بالإحباط الشديد لكون هذه الأمة البائسة تعرف أخطر تمزق منذ نشأتها . والسبب الكامن وراء هذا التمزق هو آفة التعصب للعقائد الطائفية التي ولدت عبر التاريخ الإسلامي الممتد ، وتناسلت تناسل الجراثيم أو الأورام الخبيثة ، وتفاقم أمرها حتى صارت الأمة الواحدة طرائق قددا بسبب آفة التعصب للعقائد الطائفية .

التعصب :"ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية" وبالتالي فيمكن أن تتعدد مظاهرها بدون أن يغير ذلك من ظاهريتها الاجتماعية البحتة، فالتعصب الديني مثلاً لا يختلف في شيء البتة عن أي تعصب آخر سواء أكان قومياً أو طائفياً أو قبلياً أو وطنياً أو مناطقياً أو عرقياَ، فكلها صور وتشكلات لظاهرة اجتماعية واحدة لكل صورة منها بواعثها النفسية الداخلية، ومن هذا المنطلق - أعني اجتماعية ظاهرة التعصب - فقد تناول علم النفس الحديث الاتجاهات التعصبية على أساس دراسة جذورها ومكوناتها البيئية والثقافية التي عملت على تعميقها وتضمينها (اللاشعور) الفردي، وهو ما يعني أنها ليست صفة بيولوجية تنتقل تأثيراتها عبر المورثات الجينية من جيل إلى جيل، إنها ببساطة شديدة ظاهرة من ظواهر الاجتماع البشري يستطيع الناس اكتسابها وفق شروط ثقافية واجتماعية معينة".

 

**كيف تحاور من لا يريد أن يحاورك؟ وكيف تجلس مع من يعتقد أن كل الأماكن ملكه؟ وكيف تقترب ممن يهرول بعيدا عنك وهو يلعنك؟ وكيف تتودد إلى من يتوهم أنه أعلى منك مقاما فى الدنيا ومنزلة فى الآخرة؟ وكيف تسدى النصح أو تقدم خدمة إلى من يعتقد أنك مجرد أداة سخرها الله لخدمته؟ كل هذه الأسئلة لم تمنع المفكرين السياسيين والفلاسفة من أن يمدحوا «التسامح» باعتباره «قيمة إنسانية عظيمة» يجب ألا نتخلى عنها أو نهجرها، بأى حال من الأحوال، حتى لو كنا قد قررنا ألا ننسى الإساءة التى وقعت لنا، حتى لا نقع فى الفخ مرة أخرى. وعلينا أن نفهم دوما أن أعداء الحوار، ودعاة التعصب، متواجدون فى كل زمان ومكان.

 

تعصب الانسان لما تربى ونشأ عليه من معتقدات او رؤيته اياها اصح الصحيح يكاد ان يكون طبيعة معوجة فى الانسان وان لم يكن فى الحقيقة كذلك يكفى لعلاجها المعرفة والاعتبار ولا علاقة له بخطأ او صواب هذا المعتقد والدليل على ذلك ان كل اصحاب الديانات الوضعية والوثنية من هندوس وبوذيون وطاويون ومجوس وغيرهم ينظرون لدياناتهم ومعتقداتهم نفس هذه النظرة مما لا يجعل مجالا للتمييز فى هذا الكرنفال العظيم الا للعقل ولا شىء سواه بالاضافة الى ان التعصب الديني لا يختلف في شيء البتة عن أي تعصب آخر سواء أكان قومياً أو طائفياً أو قبلياً أو وطنياً أو مناطقياً أو عرقياَ .وعلم النفس يؤكد على ذلك فى دراسته لسيكولوجية التعصب و نفسيه التعصب الاعمى ليظهر لنا بان التعصب لا يخرج عن كونه طبيعة معوجة فى الانسان تحركها بواعث نفسية قد تكون فى بعض الاحيان مرضية لا علاقة لها بصحيح او خاطىء.

 

فعلم النفس الحديث : "يعرِّف التعصب بأنه "اتجاه نفسي لدى الفرد يجعله يدرك موضوعاً معيناً أو فرداً آخر غيره أو جماعة من الناس أو طائفة أو مذهباً (إدراكاً إيجابياَ محباً) أو (إدراكاً سلبياً كارهاً) دون أن يكون لطبيعة هذا الإدراك بجانبيه ما يبرره من المنطق أو الأحداث أو الخبرات الواقعية او الثوابت المطلقة" ووفقاً لهذا التعريف، فإن المتعصب عندما يقوم بإدراك موضوع ما (رؤية عقدية مثلا) إدراكاً إيجابياً متعاطفاً معها فإنه لا يأخذها على أنها مجرد أحد المعطيات النسبية للحياة الإنسانية، أو أنها مجرد رأي ينضاف إلى آراء أخرى عديدة لكل منها الحق في خوض غمار تأويله الخاص لذلك الموضوع المثار، لا بل إنه حينما يدركها إدراكاً إيجابياً محباً فسينظر إليها باعتبارها حقيقة وحيدة كاملة ناصعة البيان دامغة الحجة لا تضاهيها حقيقة أخرى في تماهيها مع المطلق، أما عندما يدركها في جانبها السلبي (رؤى الآخرين المخالفة) فسيراها ثاويةً في أقصى يسار الحقيقة عارية من كل ما يمت إليها بصلة، متفاصلة مع كل ما يتصل بالخير أو الجمال أو الفاعلية أوالإبداع الإنساني مفاصلة نهائية لا رجعة فيها، ويترتب على تلك النظرة (اللاواعية) أنه سيعتبر كل من يشاركه الإدراك بجانبيه (الإيجابي تجاه رؤيته المذهبية والسلبي تجاه رؤى الآخرين) فهو السعيد سعادة لن يشقى بعدها أبدا، بنفس الوقت الذي يرى فيه كل من لا يشاركه إدراكه ذلك على أنه هالك لا محالة.

 

التعصّب يهدم جسوراً من التواصل يجب أن نقوّي بنيانها. وكلٌ منا مطالبٌ باحترام الآخر فلنصنع الوسائل التي بها يُبدي كلٌ منا محاسن معتقداته، أما التعصّب فيصنع العكس. التعصّب يرسمُ على وجه صاحبه جبيناً عبوساً، ولا سلام في عينيه، ولا سماحة على وجهه، وبعكس التعصّب: المحبة تفرد الوجه وتلمس في عينيه إشراقة من الأمل وطيب المعشر فتحبه.

 

لا أمل لعالمنا في غياب المحبة والتسامح واحترام الآخر.

وأخيراً، لا بدّ من القول أن المتعصبين لهم تواجدٌ ملحوظٌ بين جميع الطوائف والديانات، والطيّبون لا شك متواجدون بين مسلمين ومسيحيين، ومن منّا يودّ إكرام عقيدته فليكرمها بطيب معشره وبحسن تعامله وبانفتاحه ومرونته.


مقالات مشتركة