البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2019-11-08T01:27:24+02:00

السيناريوهات البديلة لمصر فى مواجهة أزمات سد النهضة

ايمان بدر
  • رئيس الوزراء الاثيوبى: لن نكمل الخزان إلا بالتنسيق مع مصر وخبير عسكرى يتساءل: هل هذا الرجل يملك عصا سحرية

 

  • اعتذار أبى أحمد للسيسى وقسمه على عدم المساس بحصة مصر ليس حلا والملفات الشائكة لا تدار بالقسم و" الحلفان "

 

  • البعض إستعجلوا ضرب السد بالميسترال وآخرون إحتفلوا بحرق صور أبى أحمد وقالوا "إللى ييجى علينا ميكسبش"

 

  • تدخل أمريكا كطرف رابع لن يحقق مصلحة مصر لوجود إسرائيل كشريك فى السد

 

 

إيمان بدر

 

 

حينما وقف رئيس الوزراء الاثيوبى أبى أحمد فى برلمان بلاده وأعلن أنهم على استعداد لحشد مليون مقاتل فيما أسماه حرب الدفاع عن سد النهضة، تحول الأمر إلى ساحة للسخرية والتندر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذهب البعض إلى أن آخر مرة حارب فيها هؤلاء كانت حرب الفيل وانهزموا بطير أبابيل، فيما وصلت الأمور لدى البعض الآخر إلى المقارنة بين الجيش المصرى ونظيره الإثيوبى باعتبار جيشنا هو العاشر على مستوى العالم فمن تكونون أنتم، فى تلميح مندفع إلى أنه لا بديل عن الخيار العسكري، والأدهى أن بعض القنوات الفضائية تبارت على استضافة العسكريين المتقاعدين ليؤكدوا على أن مصر حصلت على حاملتى الطائرات "ميسترال" والطائرات الرافال لتأمين حقوقها المائية.

 

ومن الخيار العسكري إلى خيار التدويل أو اللجوء للتحكيم الدولى، الذى يعيدنا إلى خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى فى الأمم المتحدة أمام جمعيتها العمومية المنعقدة في سبتمبر الماضي، والتى تحدث فيها "السيسى" عن سد النهضة الأثيوبي داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤلياته تجاه تلك القضية التى تعتبرها إثيوبيا قضية تنمية بينما هى بالنسبة للمصريين قضية حياة ووجود، وهنا تحولت دفة الحوارات الإعلامية إلى خبراء العلاقات الدولية الذين أكدوا أن اللجوء للتحكيم الدولى لن يجدي لأنه يجب أن يكون بموافقة الأطراف الثلاثة مصر والسودان واثيوبيا، فيما أكد هؤلاء أن دخول طرف رابع في المفاوضات مثل الولايات المتحدة الأمريكية لن يحقق المصلحة المصرية، وذلك لوجود إسرائيل كشريك في تمويل وبناء وتأمين السد، والمعروف علاقة أمريكا بإسرائيل.

 

فكان المقترح الآخر هو اللجوء لروسيا كطرف رابع، وبالفعل عقدت القمة الأفريقية الروسية فى منتجع سوتشي، برئاسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره المصري عبد الفتاح السيسى بوصفه رئيسا للإتحاد الأفريقى، وبحضور رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد الذى اعتذر للرئيس السيسى عن تصريحات حشد المليون مقاتل، وردد خلف السيسى باللغة العربية قسمًا بالله بألا تمس بلاده حقوق مصر فى المياة، فى مؤتمر صحفى بدت الأمور خلاله ودية متفائلة ضاحكة.

 

ولكن هل تدار الملفات الشائكة بالقسم والحلفان، وهل علينا أن ننتظر الحل من السماء مثلما احتفلنا بانتفاضة الشعب الأثيوبي إحتجاجا على سياسات حكومته، وحرق المتظاهرين صور أبى أحمد فى الشوارع، لنهلل ونقول إن "اللى بييجى على مصر مبيكسبش".

 

والسؤال الأهم هم ماذا بعد أن إعتذر الرجل للرئيس المصرى، وقال نصًا: لن نكمل سد النهضة أو الخزان إلا بالتنسيق مع مصر، ثم أعلن عن إستئناف المفاوضات بجدول زمنى تنشر نتائجه أولًا بأول، وهل رئيس الوزراء الاثيوبى هذا يملك عصا سحرية لتطويع جميع الأطراف لصالحه، وهذا السؤال تحديدًا طرحه خبير عسكرى ومهندس سابق بالقوات المسلحة تحفظ على ذكر إسمه، ولكنه أكد أن حركات أبى أحمد هذا على المسرح الإقليمى تبدو مثيرة للجدل، وكأنه معه عصا سحرية لحل المشاكل تجعلنا نتوقف ونسأل من يقف خلفه مع إسرائيل، وكيف استطاع فى أيام قليلة أن يقضى على جميع مشاكل بلاده مع الجيران بعد عقود من الخلافات، وكيف اقتحم الشأن السودانى لينزع فتيل الأزمة فى لحظات، ثم تحرك إلى جنوب السودان، وكسف أقنع الجانب المصرى بالإفراج عن الإثيوبيين بيده، وباليد الأخرى كان يصافح إسرائيل ويحصل منها على منظومة صواريخ لا يمنحها الصهاينة لأحد،  ثم بدون مقدمات يحصد نوبل للسلام، ثم يعلن موقفه المتشدد من سد النهضة بعد ضمان تحييد البيئة العملياتية المحيطة،  من البحرية بالبحر الأحمر والأرضية بالسودان شماله وجنوبه، ثم يعتذر وتيراجع ويفتح الباب للطمأنة، تساؤلات تستحق النشر والنقاش وإن رفض صاحبها ذكر إسمه، نحاول الإجابة عليها فى سياق السطور التالية.

 

 

 

 

 

 

إثيوبيا تراجعت عن كافة الاتفاقيات وخالفت وثيقة المبادئ والأعراف الدولية المتبعة

 

  • مصر إقترحت ملأه خلال 7 سنوات وإثيوبيا أصرت على 3 سنوات فقط
  • رفضت وضع حد أدنى للتعامل مع حالات الجفاف المتوقع

 

 

 

لم تكن أزمة تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبى حول إمكانية حشد مليون جندى، هى العقبة الأولى التى تعثرت بسببها المفاوضات، ومن ثم يتوقع الخبراء ألا تكون العثرة الأخيرة بالرغم من اعتذار الرجل وتراجعه عنها، حيث عادت الأزمة تفرض نفسها بقوة منذ أن تراجعت أديس أبابا عن كافة الاتفاقيات التى تم الوصول إليها منتصف عام 2018.

وحول تلك الفكرة صدرت مؤخراً دراسة بعنوان "مسارات بديلة. . الخيارات المصرية فى مواجهة سد النهضة"، أعدها مصطفى صلاح الباحث بالمركز العربى للبحوث والدراسات، أوضح خلالها أن وزير الرى المصرى كان قد اجتمع مع نظيريه الاثيوبى والسودانى مطلع شهر أكتوبر المنقضي، وعكف الوزراء  الثلاثة على بحث كيفية الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف، ولكن توقعت الدراسة أن تعنت الجانب الإثيوبى وإصراره على موقفه سوف يؤدى إلى أحد احتمالين، إما تدويل الأمر باللجوء إلى التحكيم الدولى، أو الحل العسكري.

وأرجع الباحث توقعاته إلى أن الجانب الإثيوبى كان قد تعهد بعدم المساس بحصة مصر من المياة من قبل، ولكنه تراجع عن هذه التعهدات ورفض كافة المقترحات المصرية التى تدعو إلى ملأ السد فى غضون 7 سنوات وليس 3 سنوات، باعتبار أن الملأ في 3 سنوات الذى تتمسك به إثيوبيا يشكل تهديدًا لأمن مصر المائى بينما يرى الجانب الأثيوبي أن هذا الأمر قرار سيادى من اختصاصها فقط.

 

وأضاف "صلاح" فى ورقته البحثية أن وزارة الرى والموارد المائية المصرية أعلنت بشكل قاطع خلال أكتوبر الماضي، أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، حيث قدمت أديس أبابا مقترح جديد يعد بمثابة ردة على كل ماسبق الاتفاق عليه، من مبادئ حاكمة لعملية الملأ والتشغيل، وذلك لخلو هذا الاقتراح من ضمان وجود أدنى حد من التصريف السنوى من السد، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التى قد تحدث في المستقبل.

 

والأدهى أن إثيوبيا رفضت مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة وأصرت على قصر التفاوض على مرحلة الملأ وقواعد التشغيل أثناء مرحلة الملأ، بما يخالف المادة الخامسة من نص اتفاق إعلان المبادئ الذى تم توقيعه في 23 مارس 2015، كما يتعارض مع الأعراف المتبعة دولياً للتعاون في بناء وإدراة السدود على الأنهار المشتركة.

 

 

 

       تشمل مقاطعة الكهرباء واللجوء لمجلس الأمن وتسوية الأوضاع فى السودان

 

نصر الدين علام : مصر لديها 3 حلول لتعطيل السد أو إيقافه

 

 

 

رغم الحالة الود التى تظهر العلاقات بين البلدين أو بالأدق بين الزعمين المصرى والاثيوبى من آن لآخر، ولكن دائمًا ما تلوح فى الأفق مخاوف وشكوك بل وإتهامات للجانب الإثيوبى بأنه يمارس التسويف ويستهلك الوقت، حتى يكتمل السد ويمتلأ ويصبح أمر واقع، وهو ما علق عليه السيسى إبان خطاباته على هامش الجمعية العامة الأخيرة للأمم المتحدة، مشددًا على أن مصر لن تقبل بفرض الأمر الواقع عليها.

 

 وفى هذا السياق كان الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق قد أكد أن مصر لديها 3 محاور ممكنة للتعامل مع الأزمة، حال استمرار سياسة استنزاف الوقت، موضحًا أن الخطوة الأولى هي إعلان مصر مقاطعة الكهرباء المولدة من السد، وهي خطوة لن توقف عملية البناء لكنها تعطل تشغيلها وتهدر اقتصاداته وتعطل كذلك مخطط السدود الأخرى على النيل الأزرق.

 

أما عن الخطوة الثانية فهى اتخاذ مسار قانوني عن طريق مجلس الأمن الدولي لوقف البناء حتى تقييم سلامة السد الإنشائية لتجنب مخاطر انهياره ولتقييم تداعياته المائية والبيئية على مصر والسودان، مع رصد المخالفات الإثيوبية لمعاهدة 1902 واتفاقية الأمم المتحدة للأنهار المشتركة وإعلان المبادئ.

 

فيما تتمثل الخطوة الثالثة فى تسوية الأوضاع في السودان ووضع إطار واضح للعمل والتفاوض بخصوص سد النهضة في إطار اتفاق 1959.

 

 

 

وبشكل عام يحذر الخبراء من خطروة إستئناف المفاوضات بدون تدخل استشاريين دوليين لتقييم الآثار السلبية التى ستتعرض لها مصر والسودان جراء ملأ وتشغيل السد، ومن ثم تصبح المفاوضات مجرد إستنزاف للوقت حال إصرار إثيوبيا على رفض تدخل هؤلاء الاستشاريين الدوليين.

 

 

 

كل 5 مليارات متر مكعب نقص في المياة يقابله تبوير مليون فدان وتشريد مليون أسرة

 

هل إثيوبيا تستغل الورقة المائية لتحقيق سيطرة سياسية ؟!!

 

 

 

على صعيد العلاقات السياسية المصرية الاثيوبية والتأثيرات الاقتصادية لاستكمال بناء وتشغيل سد النهضة، قال الدكتور محمد سلمان طايع وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فى تصريحات سابقة إن حياة الشعوب ترتبط بالمياة وجوداً أو عدما، كما أن علاقات الدول ترتبط بالمتغير المائى، ومن ثم يجب التعامل مع قضية مياة النيل باعتبارها قضية هيدروبوليتكية.

 

ووصف الخبير السياسى قضية سد النهضة بأنها أزمة بامتياز، لافتاً إلى أنها بدأت في ستينيات القرن الماضي، ولكنها لم تتضح إلا حينما أعلنت إثيوبيا عن بناء السد بمواصفات فنية جديدة تهدد المصالح المصرية.

 

وعن التأثير السلبى للسد على الاقتصاد المصرى قال وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن تشغيل السد بهذه المواصفات سوف يؤثر على إيراد مصر المائى وعلى إنتاجها الزراعى، موضحاً أن كل 5 مليارات متر مكعب نقص في المياة يقابله تبوير مليون فدان من الأراضي الزراعية، مما سيقلل معدل الحاصلات والمنتجات الزراعية ويؤدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل جنونى، بالإضافة إلى تشريد مليون أسرة مصرية، ناهيك عن تملح التربة وتقليل خصوبتها، مما ينعكس بالسلب على الأحياء المائية والأسماك، كما سيؤدى إلى انهيار السياحة النيلية.

 

ولأن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة حذر أستاذ العلوم السياسية من استغلال الجانب الاثيوبى للأزمة من خلال اللعب بالورقة المائية لخلق حالة من الهيمنة والسيطرة السياسية على مجريات الأمور، ومن ثم يصفه الخبراء بأنه مشروع سياسى وليس مشروع كهرومائى، يمكن إعتباره حزام جديد حول رقبة مصر من ناحية الجنوب.

 

 

 

الحل من وجهة نظر إثيوبيا: على مصر مساعدتنا فى زراعة 20 مليار شجرة لتغيير الظروف المناخية

 

 

 

نعلم أن 75% من روافد نهر النيل يأتينا من الهضبة الإثيوبية التى تضم النيل الأزرق وعطبره والسوباط، ومن ثم فإن 85%  من تدفقات نهر النيل الـ 84 مليار متر مكعب من الهضبة الإثيوبية موزعة على أساس أن 50 مليار من النيل الأزرق ، 22 مليار من نهرى عطبرة والسوباط، فيما تؤكد التقارير أن  15%   فقط يأتى من الهضبة الاستوائية حيث يأتينا من النيل الأبيض 12 مليار متر مكعب.

 

ويتضح حجم العجز المائى إذا عملنا أن 55.5 مليار متر مكعب حصة مصر ، 18.5 مليار حصة السودان، بإجمالى 74 مليار متر مكعب، والباقى من إجمالى التدفق الـ 84 مليار يذهب إلى خزان بحيرة ناصر، ومن ثم فلدينا عجز حوالى 20 مليار متر مكعب لمصر بين التدفق الفعلى والإحتياجات.

 

وفى ظل هذه الظروف يصبح العجز المائى قائم بالفعل سواء بنى السد أو لم يبنى، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد إلى أن يدعو مصر لأن تدعم بلاده فى زراعة 20 مليار شتلة، وهو ما سيزيد من تدفق الأمطار فى مواجهة التغيرات المناخية، لتنتهى مشكلة المياة.

 

 ولكن يبقى السؤال إذا كانت مصر قادرة على زراعة 20 مليار شجرة فى أثيوبيا، هل تزرعها هناك أم أن صحارينا أولى بهذه الثروة القادرة على تغيير الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التى كان الرئيس المصرى أول من حذر منها فى قمة المناخ التى عقدت عام 2015 على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة آنذاك.

 

 


مقالات مشتركة