الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2019-11-24T20:31:44+02:00

قائمة الكوارث القادمة فى مصر بسبب التغيرات المناخية

محمد طرابيه

قال الدكتور أشرف صابر رئيس هيئة الأرصاد الجوية، فى 13 نوفمبر الجارى  ، إن مصر نجت من تكرار كارثة عام 1994،عندما حدثت سيول بأسيوط نتيجة أن المنخفضان اجتمعوا معا لكن الله حفظ مصر والمنخفض القادم على شمال البلاد تحرك وإذا لم يحدث ذلك كانت الدلتا ستغرق مثلما غرقت البندقية في إيطاليا اليوم.

وما دمنا نتحدث عن قضية التغيرات المناخية لابد ان نشير فى هذا السياق إلى إعلان الأمم المتحدة أن فعاليات المؤتمر السنوي لتغير المناخ ستنعقد فى خلال الفترة من 2 ديسمبر المقبل وحتى 13 من الشهر نفسه.

 فى هذا السياق كشفت دراسة مهمة للغاية صدرت مؤخراً بعنوان " تغير المناخ في مصر .. ما بين التهديدات وسبل المواجهة " ،  والتى أعدتها ريم عبدالمجيد  الباحثة فى المركز العربي للبحوث والدراسات ، أن مناخ مصر  كان مستقرًا في السابق، ففي خلال فصل الشتاء (من ديسمبر إلى فبراير)، تكون درجات الحرارة في مصر معتدلة مع بعض الأمطار، وخاصة فوق المناطق الساحلية و خلال فصل الصيف (من يونيو إلى أغسطس)، المناخ حار وجاف في جميع أنحاء البلاد. وتشهد مصر تأثير رياح خامسين، التي تجلب العواصف الرملية والترابية خلال فصل الربيع ، وتزيد درجات الحرارة وتراجع الرطوبة.

 

أما الآن فقد أصبحت مصر تشهد تغيرًا في المناخ من حيث درجات الحرارة ومعدل هطول الأمطار ومنسوب مياه البحر. فتشير السجلات لمتوسط ​​درجات الحرارة الموسمية والتقلبات العشرية السنوية إلى ارتفاع درجات الحرارة بحوالي 0.03 درجة مئوية في القرن الواحد منذ القرن العشرين.

 

وتحت عنوان " تغير المناخ في مصر " ، كشفت الدراسة  أنه فيما يتعلق بهطول الأمطار ، فإنه نظرًا لأن الهواء الأكثر دفئًا لديه قدرة أعلى على حمل الرطوبة في صورة بخار الماء، فإن المناخ المستقبلي لمصر يزيد من احتمالية حدوث هطول قوي للأمطار مما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات.

وبالنسبة  لإرتفاع مستوى سطح البحر ،  فسوف يزداد ارتفاع مستوى سطح البحر  استجابة لتغير المناخ، ويقصد به مجموع التمدد الحراري المحيطي، ذوبان الجليد من الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية الصغيرة، ذوبان الجليد وفقدان الجليد من غرينلاند وأنتاركتيكا، والتغيرات في تخزين المياه الأرضية. وقد ارتفع مستوى سطح البحر المتوسط في مصر بمعدل 1.8 مم/سنة حتى عام 1993، وعلى مدى العقدين التاليين ارتفع إلى 2.1 مم/السنة، ومنذ عام 2012 وصل إلى 3.2 مم/سنة ومن المتوقع أن يتم غمر ما يصل إلى 734 كيلومترًا مربعًا (أكثر من 280 ميل مربع) من دلتا النيل بحلول عام 2050 و 2660 كيلومتر مربع (أكثر من 1000 ميل مربع) بحلول نهاية القرن.

 

وهنا نسأل : بعد أن تم الكشف عن كل هذه المخاطر والكوارث ، ما هى التاثيرات المحتمل حدوثها فى مصر جراء هذه الظواهر الكارثية التى تنذر بعواقب وخيمة . حيث أكد العلماء أن تغير المناخ  اصبح ظاهرة سياسية تؤثر على الاستقرار السياسي على المستوى الإقليمي والعالمي حيث إنه يعمل كمضاعف للتهديد، مما يزيد من احتمال عدم الاستقرار السياسي . ويؤثر على متغيرات مثل الطاقة، الغذاء والماء والنمو السكاني .. الخ .

كما كشفت الدراسة أن التغيير في درجات الحرارة السنوية يعكس الضغط المتوقع على الحاجة العامة للتدفئة أو التبريد، وهو أحد العوامل الدافعة لاحتياجات الطاقة الواسعة. وستؤدي الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة في مصر إلى زيادة الحاجة إلى استهلاك الطاقة في التبريد سواء كان ذلك من خلال تكييف الهواء أو من خلال عمليات التبخر التي تتطلب عادة مضخات للمياه. كما إن التغييرات الشهرية في درجات الحرارة تمكن من معرفة حجم الطلب المحتمل على الطاقة للتبريد، ومن المتوقع ارتفاع درجات الحرارة الموسمية أي زيادة أيام درجة التبريد بما يعني استهلاك أكبر للطاقة.

يضاف لما سبق أن زيادة احتمالية حدوث هطول قوي للأمطار يمكن أن تؤثر على إنتاج الطاقة إلى حد كبير. على سبيل المثال، يمكن أن تتوقف خطوط النقل الخاصة بالوقود عن طريق الفيضانات المحلية، أو يمكن أن تتلف شبكات التوزيع بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات.

 

نأتى الى القضية الأهم فى مصر حالياً ، والتى تزايدت وتيرة الحديث عنها فى السنوات الأخيرة وتحديداً منذ أن شرعت دولة اثيوبيا فى بناء سد النهضة ، هذه القضية هى   "  الأمن المائي " ، حيث أنه من المحتمل أن يكون التأثير الأول لتغير المناخ في مصر ملحوظًا في مجال المياه التي هي بالفعل مورد محدود، حيث نصيب الفرد من الحافة على خط الفقر، أقل من 1000 متر مكعب في السنة، حيث  يوفر نهر النيل أكثر من 95٪ من المياه لمصر. ويتراوح معدل هطول الأمطار السنوي بين 180 مم/ سنة على الساحل الشمالي، إلى 20 مم في المتوسط من مصر إلى 2 مم/ سنة في صعيد مصر. ومن المتوقع أن يكون كل من العرض والطلب على المياه مبالغًا فيه بسبب تغير المناخ. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الطلب على المياه بمعدل 5 ٪. وتشير معظم التوقعات المستقبلية إلى انخفاض في توافر المياه ، حيث تصل في بعض الحالات إلى 70٪. وسيكون قطاع الزراعة القطاع الاقتصادي الأكثر تأثراً من نقص المياه ، حيث يستهلك 80٪ من ميزانية المياه ، ويستوعب 40٪ من العمالة المصرية ، ويشكل 20٪ من إجمالي الناتج القومي.

أما بالنسبة لتاثير قضية التغيرات المناخية على الأمن الغذائى ، فإنه ننتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات في جزء كبير من دلتا النيل (الجزء الأكثر زراعة في أرض مصر)، سيتراجع إنتاج الغذاء لأن ما يقرب من نصف محاصيل مصر، بما في ذلك القمح والموز والأرز، تزرع في الدلتا.

من ناحية أخرى، ستتأثر أيضًا المناطق الباقية في دلتا النيل (وليس تحت الماء)، بالمياه المالحة من البحر الأبيض المتوسط ​​والتي ستلوث المياه الجوفية العذبة المستخدمة في الري. وسوف تعرض الأنشطة الزراعية والاكتفاء الذاتي للغذاء إلى تأثير إضافي نتيجة لزيادة درجة الحرارة.  ومن المتوقع أن يتراوح الانخفاض في الأنشطة الزراعية بسبب الزيادات في درجات الحرارة بين 10 إلى 60٪. وسينخفض إنتاج المحاصيل الاستراتيجية انخفاضًا كبيرًا بحلول منتصف القرن (2050).

 

من ناحية آخرى ، كشف الخبراء أن الزيادة في درجة الحرارة  ترتبط ببعض التغييرات في النظام البيئي وزيادة تلوث الهواء نتيجة للانبعاثات وتآكل التربة وسرعة الرياح.  وسيؤدي الوضع المناخي الجديد إلى زيادة كمية الغبار الصحراوي الذي يتم حمله في جميع أنحاء البلاد مما يسبب مشاكل صحية واقتصادية. مثل هذه التأثيرات ستؤدي إلى بعض حالات التفكك الديموجرافي (مثل زيادة ضغط الهجرة إلى أوروبا)، والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الكثافة السكانية.

 

ومن المحتمل أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر وهو تأثير آخر لتغير المناخ، إلى إغراق ربع دلتا النيل، مما يجبر حوالي 10.5 % من سكان مصر على ترك منازلهم. وسيكون التأثير أكبر إذا تضاعف عدد سكان مصر، كما هو متوقع، إلى حوالي 160 مليون نسمة بحلول منتصف القرن، مع الكثافة السكانية الحالية في دلتا بحوالي 4000 شخص لكل ميل مربع.

 

نأتى إلى  إحدى القضايا المهة للغاية والتى لها علاقة قوية  بتغير المناخ وهى قضية الصحة ، حيث أنه من المتوقع أن يكون لتغير المناخ آثار ضارة على صحة الإنسان في مصر، والتي سوف تتراجع بسبب الكثافة السكانية العالية. فيسهم تغير المناخ في انتشار وشدة الربو، والأمراض المعدية، والأمراض التي تنقلها ناقلات الأمراض، وسرطان الجلد، وإعتام عدسة العين، والسكتات الدماغية الحرارية. من المتوقع حدوث حالات وفاة إضافية بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والإسهال والتهابات الزحار. من المتوقع أن يكون معدل وفيات الأطفال وحالات سوء التغذية أكثر تواترًا .

 

وبعد أن استعرضنا كل هذه الوقائع والكوارث على مختلف المستويات والقطاعات فى مصر نسأل  : كيف تم التخطيط للتعامل مع هذه الكوارث على مصر والمصريين فى المستقبل القريب والبعيد ؟ وقبل أن نواصل طرح المزيد من التساؤلات  ، نشير إلى أن هناك مجموعة من التوصيات والمقترحات لمواجهة هذه الأخطار منها :

1- اتخاذ القرارات التى تتناسب مع الطبيعة طويلة الأجل لتغير المناخ ومشتملة على سيناريوهات متعددة.

 

2- تعزيز قدرة مصر على التكيف مع تغير المناخ من خلال تكييف الموارد المائية وقطاع الزراعة، ورفع الوعي الشعبي بقضية تغير المناخ.

 

3- مراجعة الآليات التى اقترحها  البنك الدولي لمواجهة تغير المناخ منها ما يتعلق بارتفاع مستوى سطح البحر حيث اقترح اتباع نهج الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية (ICZM) من خلال إعادة توجيه النمو بعيدًا عن الأراضي الشاطئية لتقليل المخاطر المرتبطة بارتفاع مستوى سطح البحر والتعرض للمشاكل الأخرى المتعلقة بالمناطق الساحلية، وإنشاء الأراضي الرطبة في المناطق المعرضة لآثار ارتفاع مستوى سطح البحر في الدلتا المنخفضة، مثل بحيرة المنزلة وبحيرة البرلس .

 

4 -  تنفيذ تدابير المحافظة على المياه للقطاعات الزراعية (مثل الري بالتنقيط) والقطاعات الصناعية (مثل إعادة التدوير). والحفاظ على خزانات المياه الجوفية العميقة كمخزن استراتيجي للتطورات غير المتوقعة في الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء.

 

5 - سن برامج لتحسين جودة المياه والصرف الصحي لتقليل التلوث، مع إعطاء أولوية عالية لإعادة تدوير النفايات الصناعية والصرف الصحي. وبناء مستجمعات المياه والسدود لجمع المياه في مناطق الفيضانات. وإعادة تنشيط مستجمعات مياه الأمطار القديمة (أنظمة الكرمة الرومانية) على الساحل الشمالي الغربي واستخدامها في الزراعة.

وفى النهاية نطرح عدداً من التساؤلات التى نتمنى أن تكون هناك إجابات واضحة وصريحة عليها من الآن حتى لا تتزايد مخاطر هذه الكوارث السابق الإشارة اليها :

هل لدى كافة الأجهزة المعنية فى مصر علم تامل ودراسات وافية عن الكوارث المحتملة للتغيرات المناخية ؟ وهل قامت بتشكيل لجان أو إعداد دراسات لبحث كافة الوسائل الممكنة والإستراتيجيات المناسبة للتعامل معها ؟ ولماذا لا تشكل مؤسسات بارزو ومنها مجلس النواب لجنة خاصة وتقوم بعقد جلسات استماع للمسئولين فى كافة الجهات لبحث سبل التعامل مع هذه الكوارث  ؟ ولماذا لا يقوم الإعلام المصرى المقروء والسموع والمرئى من الآن باسليط الضوؤ على هذه القضية الشديدة الخطورة على الأجيال الحالية والقادمة ؟!!! .

 

 


مقالات مشتركة