البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

كتاب وآراء   2020-01-07T09:05:00+02:00

ترتيب الجبهة الداخلية في قضية التهديدات التركية

حسام عبدالحكم

على خلفية قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حاز على موافقة برلمان أنقرة بنقل قوات تركية إلى ليبيا الشقيقة، وهل هو الخطر الأوحد الذي يهدد مصر ؟ نستطيع أن نقول أن هناك العديد من الأخطار الأخرى، فمن المعروف أن قضية تقسيم منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي حسب الرؤية "الصهيوأمريكية" باتت قاب قوسين أو أدنى، لا يؤجل تنفيذها سوى وجود جيش مصري قوي، وقيادة مصرية وطنية، صلبة، أعلنت رفضها الصريح، والقاطع لما سمي بصفقة القرن، خاصة بعد تهاوي القوى العربية بسقوط وانهيار جيوش كل من سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، التي كانت تعد ظهيرا داعما للجيش المصري، ولنا فيما حدث في حرب أكتوبر عام 1973 خير مثال على ذلك الدعم العربي لجيشنا الوطني.

... الخطر الأول يكمن في النظام القطري، العميل رقم واحد، الذي سخر رأس أموال الإمارة الخليجية لدعم جميع المخططات الغربية لتدمير، وإسقاط مصر، حيث شارك في تمويل ميليشيات داعش، التي استطاعت خلال فترة زمنية وجيزة أن تستولي على مايقارب ثلثي مساحة الشقيقتين سوريا، والعراق حتى حدث التدخل الروسي، الذي قلب موازين القوى بالقطرين الشقيقين، ودحر التنظيم الإرهابي.

... الخطر الثاني يتمثل في تغلغل النفوذ الأمريكي، والغربي في أوساط الأنظمة العربية، التي تحولت مع مرور الوقت عبر عدة عقود إلى مجرد كيانات، لا تمت للقومية العربية، أو قضاياها المصيرية بصلة، وإنما مجرد أدوات لتنفيذ كل ماتمليه أمريكا، وإسرائيل والدول الغربية، الذين أدخلوا هذه الأنظمة في أتون حروب طائفية، بددت قواهم، وشغلتهم عن الخطر الحقيقي، الذي يهدد الأمة العربية، وهو الكيان الصهيوني، واستبدلته لهم بأخطار وهمية ذات مسميات طائفية، فانقسم البلد الواحد إلى مسلم ومسيحي، وسني وشيعي، وكردي وعربي، وأمازيغي ونوبي، ودرزي وماروني، وآشوري وإيزيدي، الكل يعادي الآخرين، حتى تشكل رأيا عاما منقسما ذو ميول انفصالية، وقناعات راسخة لا تمت للواقع، أو المنطق بصلة بأن لدى كل طرف أعداءا محليين يمثلون أولوية في المواجهة عن العدو الأول، وهو الكيان الصهيوني.

... الخطر الثالث، وهو الأقدم فيتمثل في القوى الدولية، التي تعتبر أن العرب ليسو مؤهلين، لأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، ولا يستحقون أن يستمتعوا بثرواتهم، التي وهبهم الله إياها، والأهم من ذلك بأنهم لا يستحقون أن يعيشوا على هذه المساحات الجغرافية التي توارثوها عبر التاريخ، ومن هنا فإن الكيان الصهيوني، الإبن الروحي للاستعمار العالمي هو الأحق بأن يقيم دولته المزعومة فوق هذه البقعة من النيل إلى الفرات، على أنقاض الكيانات العربية المتخلفة حسب الرؤية الغربية الاستعمارية.

... الخطر الرابع، ويمثله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كرئيس فعلي للتنظيم الدولي للإخوان حسب ماقاله القيادي الفلسطيني السابق محمد دحلان، حيث يحمل "أردوغان" كما هائلا من الحسرة، والمرارة وقيادة بسبب إجهاضهم لأحلام التنظيم الإرهابي الإخواني في السيطرة على مصر باعتبارها القلب الحقيقي للعروبة والإسلام ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل في العالم بأثره، هذه المرارة جعلت من "أردوغان" عدوا حقيقيا لمصر، يقوم بتوظيف كل إمكانات الدولة التركية في تهديد أمنها ومستقبلها، وهو مايفسر قراره الأخير بنقل قوات عسكرية، وعناصر إرهابية، وعتاد وأسلحة لدعم حكومة الوفاق الليبية، الغير شرعية، ومنتهية الصلاحية، وفق القرارات الدولية، وأهمها اتفاق الصخيرات.

... وبالرغم من كل تلك الأخطار التي تهدد أمن، واستقرار، ووجود مصر، إلا أن الخطر الأكبر، الذي يهددها يأتي من الداخل المصري، ويتمثل في الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التي استطاعت أن تعيد بناء نفسها من جديد خلال مايزيد عن أربعة عقود مستغلة تراجع الدولة عن دورها التوجيهي، والتثقيفي والتوعوي، الجامع لكل فئات المجتمع في كيان وطني واحد.

وقد أدي ذلك إلى ظهور قطاع كبير ممن يفتقدون الحد الأدني من الثقافة والوعي الوطني، كان جزء من الفئة العمرية، التي تشكل وعيها في عصر مبارك، نتيجة وجود فراغ رسمي من الدولة، أطلق الحبل على الغارب للجماعات المتطرفة، فملأت هذا الفراغ بأفكار تخدم توجهاتها المعادية للوطن، قامت ببثها في عقول الكثيرين حتى استطاعت على مر عقود عدة أن تجعل من هذه الفئة رديفا مؤاذرا لها في كل مؤامراتها وخططتها لهدم الوطن مستغلة فيهم الوازع الديني، فأشبعتهم شعارات أججت مشاعرهم البريئة ووجهتها إلى وجهات خبيثة، تخدم فقط سياسات تلك الجماعات، دونما أدنى ولاء أو انتماء لأرض أو وطن، حتى أصبحت هذه الفئة خنجرا مسموما غائرا في ظهر المجتمع، ومنهم الخلايا النائمة التي ضمت الكثيرين من أصحاب الفكر الإخواني، أو الوهابي الداعشي، وهؤلاء بدئ تشكيلهم منذ أواخر عهد الرئيس السادات، في فترة السبعينيات من القرن الماضي، حينما قام بمنح قبلة الحياة لهذه التنظيمات، وأخرجها من السجون لكي يضرب بهم التنظيمات اليسارية، وخاصة الناصريين، فقاموا بعملية الإحياء الثانية لكل التنظيمات الإرهابية، وساروا في عهد مبارك على نفس نهج البناء التنظيمي، الذي بدأوه من قبل حتى وصلوا إلى مقاعد البرلمان بصفقات سرية بينهم، وبين النظام من أجل تمرير عملية التوريث لمبارك الإبن،

إضافة إلى ماسمي بالطابور الخامس، الذي نشأ أيضا بفعل تراخي قبضة الدولة في عهد مبارك والانفتاح الغير محسوب على الغرب ومنظماته الحقوقية والليبرالية، ومراكزه البحثية المشبوهة، اتشح بعضهم بأردية ليبرالية وتدثر آخرون بأغطية يسارية، حولتهم ملايين الدولارات واليورو والدراهم والريالات التي انهالت عليهم من كل صوب وحدب إلى قوى مالية كبرى تستطيع السيطرة على عقول الفارغين فكريا ووطنيا 

وهنا نجد أن تأثير هؤلاء، وهؤلاء أشد خطرا من كل التهديدات الخارجية، التي أسلفناها، حيث يناط إلى هؤلاء بتسميم الجبهة الداخلية، وضرب الروح المعنوية للجيش الذي يحمي الوطن، وللشعب الذي يؤاذر جيشه، وبالتالي بات من الضرورة أن تتكاتف كل القوى الرسمية ممثلة في مؤسسات الدولة المعنية مع القوى الشعبية وسائر الرموز الوطنية على هدف واحد وهو مواجهة هذا الفكر المسموم ومحاصرته ووقف تغلغله أكثر من ذلك في أوساط الشباب، وكذلك فضح مخططاته عن طريق نشر الفكر الوطني الصحيح وتنمية روح الولاء والانتماء للوطن، والعمل على توعية جميع فئات الشعب بخطورة فكرة التشرذم التي يعاني منها الكثيرين  نتيجة عملية التشويش التي أحدثتها تلك الجماعات، والكيانات العميلة التي أنتجت حالة من الخلط، وعدم وضوح الرؤيا لدى الكثيرين من البسطاء، حتى نستطيع توحيد كل الجهود في سبيل مواجهة ودحر الخطر الخارجي، الهادف إلى تفكيك الروابط التي تجمع أبناء الوطن الواحد، وتمهد لإسقاطه ثم تقسيمه.

حفظ الله مصر وألف بين قلوب أبنائها، ووحد كلمتهم، ووقاهم شر كل مكروه وسوء.


مقالات مشتركة