البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2020-03-01T12:14:47+02:00

حكايات وأسرار دعم ( أردوغان ) لجماعة الإخوان

ايمان بدر

لا يخفى على أحد حجم الدعم الذى تقدمه الدولة التركية ممثلة في نظامها الحاكم حالياً لجماعة الإخوان المسلمين، حيث وفرت لهم أنقرة ملاذاً آمنا بل وحياة رغدة بعد أن لفظهم المجتمع المصرى وتم إسقاط نظامهم بثورة 30 يونيو 2013، والأدهى أنه حتى بعد تصنيف الجماعة كجماعة إرهابية وصدور أحكام قضائية نهائية بإدانة قياداتها وعناصرها بعد ثبوت تورطهم في أعمال العنف والتخريب داخل مصر وغيرها من الدول العربية، مازال الرئيس التركى رجب طيب اردوغان يستضيف قياداتهم ويوفر لهم المنصات الإعلامية والقنوات الفضائية للهجوم على الدولة المصرية، ويتيح لهم حريات سياسية تمكنهم من تشكيل مجالس ثورية وكيانات معارضة للنظام المصرى الحاكم من داخل تركيا، بل ويمول ويسلح الجماعات الإرهابية المسلحة التى خرجت من رحم الجماعة ويقيم لهم معسكرات تدريب داعشية في قبرص التى تحتلها بلاده، ليصدر الإرهاب والخراب إلى مصر والدول العربية.

 

وإذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أعلن فى أعقاب إحدى العمليات الإرهابية النوعية أننا لا نحارب تنظيمات أو عناصر مسلحة ولكن هناك دول بأكملها تقف خلف هذه الخلايا وتمولها لأنها دول يحكمها قيادات فى جماعة الإخوان نفسها وتنظيمها الدولى، فإن اردوغان نفسه لم يخفى انتمائه للإخوان ولا دعمه لداعش التى هى نموذج مستحدث للتنظيم السرى للإخوان، حيث كان قد أعلن منذ عام 2015 إبان الحرب على تنظيم داعش الارهابى فى سوريا والعراق، أن العناصر المسلحة التى ستفر من الموصل والرقة سيتم إرسالها إلى سيناء، ومؤخراً أعلن العميد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبى أن النظام التركى يقوم بدعم خلايا تنظيم القاعدة في دول إفريقية تتماس حدودها مع ليبيا مثل تشاد والنيجر ومالى، بهدف تسهيل تسلل تلك الخلايا الإرهابية إلى ليبيا بهدف التحرش بحدود مصر الغربية.

 

وعلى خلفية ذلك تبرز علامات استفهام حول أسباب استمرار هذا الدعم، رغم فشل كل محاولات ودعوات الجماعة لإسقاط النظام المصرى واختراق المجتمع من جديد، حيث يرى بعض المحللون أن السبب قد يرجع إلى العلاقات الأيديولوجية والشخصية والعائلية بين النخبة الحاكمة في تركيا من المنتمين للتيار المتأسلم وبين قيادات التنظيم الدولى، وعلى سبيل المثال هناك علاقة نسب تربط إبراهيم الزيات مسئول الإخوان فى ألمانيا وبين نجم الدين أربكان مؤسس تيار الإسلام السياسى فى تركيا الذى خرج من عباءته أردوغان وحزب العدالة والتنمية، بينما يجمع آخرون على أن الأمر يتجاوز الشخصيات والعلاقات الخاصة والعائلية ويمتد لمشروع إخوانى صهيونى، يقوم على فكرة إعادة إحياء الخلافة العثمانية التى تتلاقى مع نظرية أستاذية العالم الإخوانية.

 

 

 

الخلافة العثمانية سقطت عام 1924 وجماعة الإخوان تأسست عام 1928 كوريث لمشروع الخلافة

 

  • الاحتلال البريطاني أسس الجماعة لضرب فكرة القومية العربية وإجهاض حركات التحرر من الاستعمار

 

  • تفاصيل لعبة المصالح المشتركة بين أردوغان والإخوان برعاية إسرائيل

 

 

 

تحت عنوان لماذا تستمر تركيا في دعم الإخوان بالرغم من فشل مشروعهم صدرت مؤخراً دراسة أعدها محمد ربيع الديهى الخبير في الشأن التركى والإسلام السياسي، استرجع خلالها الروابط التاريخية بين النظام التركى الحاكم ذو الخلفية المتأسلمة وبين جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أن الخلافة العثمانية سقطت على يد مصطفى كمال أتاتورك واتجهت تركيا للعلمانية الصريحة عام 1924، وليست مصادفة أن تتأسس جماعة الإخوان على يد المخابرات البريطانية الاستعمارية عام 1928، حيث تأسست هذه الجماعة كمشروع طائفي مناهض لفكرة القومية والعروبة ومن ثم اصطدم بالنظام الناصرى الذى حمل راية التحرر من الاستعمار الغربي وقادها من داخل مصر إلى خارجها لتحرير الشعوب العربية والعالم، وفى نفس التوقيت كانت نفس الدولة الانجليزية الاستعمارية ترعى المشروع الصهيوني لإقامة الدولة الإسرائيلية وبالتالى كان لابد للمشروع الطائفى اليهودى من مشروع إسلامى موازى له، لغرس روح الطائفية وتعزيز الصراعات المذهبية.

 

وعلى ضوء ما سبق ليس مستغرباً أن تكون تركيا هى الدولة الداعمة للإخوان وفى نفس الوقت هى أكثر دولة تقيم علاقات استراتيجية وعسكرية مع إسرائيل، حيث يرى اردوغان نفسه خليفة عثمانى جديد ووريث لمستعمرات أجداده وفى القلب منها مصر، بينما قدمت جماعة الإخوان نفسها منذ نشأتها كوريث لمشروع الخلافة الذى تتشابه معالمه مع نظرية الأممية وأستاذية العالم التى هى من أدبيات حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية ومرشدها الأول.

 

ولا تقتصر فكرة المصالح المشتركة والمتبادلة على جماعة الإخوان فقط، بل تمتد إلى جميع التنظيمات الإرهابية المسلحة التى خرجت من رحم فكر الإخوان الأصولى الراديكالي واتخذت العنف تحت شعار الدين منهجا لها، حيث أكدت الدراسة أن اردوغان وجد في هذه التنظيمات وسيلة لإحياء الإرث العثماني وإعادة السيطرة على دول المنطقة لأنه يعلم أن جماعة الإخوان هى منبع جميع حركات العنف المتأسلم والمصدر الأول للفكر التكفيري الطائفى العنصرى، ولذلك لم يدخر جهدا في دعم الجماعة وما خرج من رحمها بهدف خلق صراعات إيديولوجية وطائفية بل وحروب أهلية ومذهبية داخل دول المنطقة ليسهل تقسيمها والسيطرة عليها واحتلال أراضيها، وهو ما فعله باحتلال أراضي سورية وعراقية وصولاً إلى ليبيا، وهو ما اعترف به أحمد يايلا القيادى السابق بالشرطة التركية الذى أكد أن اردوغان يرى أن دعمه للجماعات المتشددة سيقوده للسيطرة على المنطقة.

 

وعلى الصعيد الاقتصادي من المعروف أن اردوغان إستطاع من خلال تنظيم داعش الإرهابى أن يسرق بترول العراق وغاز سوريا ليبيعه بصفقات فاسدة بالمليارات لإسرائيل، والأدهى أنه احتفل مع تل ابيب بمرور 65 سنة على تأسيس الدولة الصهيونية، وهو ما يوضح تلاقى المصالح سياسياً واقتصاديا بين جميع الأطراف، ومن ثم لم يخطئ الإعلامي توفيق عكاشة حينما كان أول من أطلق على الإخوان أنهم صهاينة الإسلام.

 

 

 

أردوغان يعتمد على الإخوان

فى خطة التجييش الداخلى والتقسيم الخارجى

 

 

  • أنقرة اعتبرت أن مصر عادت لتكون ولاية عثمانية وبعد سقوط الجماعة في القاهرة لفظتها دول المنطقة

 

  • طامعون في مصر بسبب انخفاض الخصوبة وتراجع نسبة الشباب والرجال في بلاد فتيات الليل والشواذ

 

 

 

أكدت دراسة أعدتها شبكة "تيم بوبيوليزم" أن نظام حزب العدالة والتنمية الذى يحكم تركيا بقيادة أردوغان يعتمد على خطاب سياسى شعبوى، ربما لأن طبقة المثقفين تدرك خطورة مشروع الإسلام السياسى ولا تتقبله، واستشهد ربيع الديهى بهذه الدراسة ليوضح في سياق ورقته البحثية أن أردوغان يحتاج لوجود الإخوان الهاربين في بلاده لصناعة ظهير شعبى أطلق عليه مصطلح التجييش الداخلى لحماية حكمه، مثلما يعتمد عليهم فى تخريب وتقسيم الدول وزرع الفتنة خارج حدود بلاده، ومن ثم يوفر لهم الملاذ الآمن والمناخ الذى يحتاجونه ويحتاجه هو لتحقيق طموحاته وأطماعه.

 

تلك الأطماع التى أعتقد أنها تحققت بالفعل منذ لحظة وصول جماعة الإخوان ونظام محمد مرسى إلى سدة الحكم فى مصر، حيث اعتقدت أنقرة أن القاهرة عادت لتكون إحدى ولاياتها، وتناسى راعى الإرهاب أن مصر ظلت هى الدولة الوحيدة العصية على الانطواء تحت راية الخلافة العثمانية وتكررت محاولات الانفصال عنها في عهد الدولة الطولونية والاخشيدية، وظل حاكم مصر هو الوحيد الذي يحمل لقب سلطان مصر وليس والى كما كان يحدث في الولايات الأخرى.

 

ولأنها مصر فقد أيقن شعبها خطورة المخطط واستطاع أن يسقط نظام الإخوان ويجهض حلم الخلافة الاردوغانية خلال عام واحد، ولأنها دولة خلقت للقيادة والريادة سرعان ما توالى سقوط الإخوان وانهيار دعواتهم في غالبية دول المنطقة بمجرد أن لفظهم الشعب المصري.

 

ولهذه الأسباب مازال الرئيس التركى يخطط ويطمع ليس فى إعادة الإخوان إلى حكم مصر، ولكن بالأدق يطمع في السيطرة على مصر من خلال الإخوان، خاصةً في ظل تراجع مؤشرات الاقتصاد التركى بسبب نقص الموارد البشرية وانخفاض معدلات الخصوبة وتراجع نسبة الشباب والرجال، وهو أمر طبيعى في دولة يقوم اقتصادها على تجارة الأجساد وتبيح الشذوذ والخمور وبيوت الدعارة وشواطئ العراة وصالات القمار.

 

ولأنه لص وسارق للثروات كما وصفه الرئيس السوري بشار الأسد، يسيل لعاب اردوغان على موارد مصر، فقبل أن يطمع فى غاز شرق المتوسط كان يخطط لحفر قناة تنافس قناة السويس، ومد أنبوب للغاز الطبيعي من الجزيرة العربية إلى أوروبا، وحينما أيقن أن مصر هى الأقدر على ذلك بحكم موقعها الجغرافي ووجود قناة السويس المزدوجة، أصبح لا يجد طريقة لإشباع أطماعه المريضة إلا بالسيطرة على مصر باستخدام جماعة الإخوان، التى كان يعتمد عليها في البداية كفكر يتوغل فى المجتمع، كقوة ناعمة حسبما وصفها مستشاره ياسين أقطاى، وحالياً أصبح يعتمد على أجنحةا المسلحة وخلاياها الإرهابية لضرب الدولة المصرية وتقويض مؤسساتها وإستهداف جيشها وشرطتها، كما فعلت تلك التنظيمات فى غالبية دول المنطقة، التى تدخل اردوغان لاحتلال مساحات من أراضيها بمجرد نجاح التنظيمات الإرهابية في ضرب مؤسساتها العسكرية والأمنية.

 

 

 

من أجل مصالحه الشخصية

 

الرئيس التركى لن يتخلى عن الجماعة الإرهابية وسوف يستمر فى دعم المتطرفين

 

-                              المنطقة العربية باتت فى مهب الرياح بعد الربيع العربى وإيران هى المنافس الأقوى لتركيا

 

 

 

يري أردوغان في دعمه للإخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي في المنطقة أنه يقوم بتأمين العمق الاستراتيجي التركي من خلال خلق ولاءات بهدف تأمين مصالحه ومصالح تركيا التي تسعى إلى تطوير قدراتها العسكرية لإحياء الإرث العثماني، هذا الدعم يحقق لها تفوقاً معنوياً على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ حيث روج أنصار أردوغان في الداخل والإسلاميين في العالم له على أنه يتحدّى أميركا وأوروبا وأعداء الأتراك من العرب، وإلا فلما يدعم ويبرر الإعلام الموالي لأردوغان التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول.

 

 

 

لذلك من المستبعد تمامًا أن يتخلى أردوغان عن نهجه وأسلوبه العقائدي هذا، فهو لا ولن يكفّ عن حساباته الشخصية في المنطقة، حيث بات الوضع أكثر تعقيداً وخطورة طالما أن أردوغان يعتقد أن هذه الحسابات تساعده على القيام بالمزيد من المغامرات في ليبيا وسوريا والعراق وقطر واليمن والسودان ولبنان، وهو يرى في نفسه الحامي الوحيد لحمى "الإخوان " والعرب والمسلمين في المنطقة والعالم، وتري المعارضة التركية أن نهج أردوغان له علاقة مباشرة بسياساته في الداخل؛ حيث يسعي أردوغان إلى البقاء في الحكم مدي الحياة، بينما يقتنع أردوغان أن نجاحه في هذه المهمة "التاريخية" أمر مرهون بنجاح الإخوان بالعودة إلى حكم مصر بعد أن لفظهم الشعب المصري في 30 يونيو 2013، لذلك يسعي إلى تهديد الأمن القومي المصري عن طريق دعم الإرهاب والفوضى سوء في الداخل المصري أو الدول المجاورة لمصر جغرافيا مثل ليبيا، وبانتصاره في سوريا، ويفسر كل ذلك استمرار التواجد التركي الكبير بكل مؤسّساته شرقي الفرات وغربه، وتقديم كافة أنواع الدعم لكل الفصائل المسلحة وأحزاب وقوى الإسلام السياسي السوري والعربي.

 

وفى ضوء ما سبق استخلصت الدراسة أن نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم لتركيا بقيادة رجب طيب إردوغان سيستمر في نهجه هذا مهما كلفه وكلف تركيا ودول المنطقة، التي يرى في كل تفاصيلها شأنًا داخليًا بحتًا بالنسبة له شخصيًا، وقبل أن يكون ذلك بالنسبة لتركيا التي ترى في إيران البلد المنافس الوحيد لها، طالما أن المنطقة العربية باتت في مهبّ الرياح الإقليمية والدولية بعد "الربيع العربي"، ولولا هذا "الربيع العربي" لما كنا الآن نتحدث عن تركيا وأردوغان بهذه الصيغة بعد أن أثبتت السنوات الماضية بكل تفاصيلها الدقيقة والخطيرة أنه لم ولن يتراجع عن نهجه المعروف، ومازال يعتقد أن ذلك سيساعده على تحقيق كل أهدافه.

 

ويعيدنا هذا الطرح إلى الأسباب الحقيقية التى دفعت دول الغرب الاستعمارية الصهيونية إلى إعلان دعمها لما يسمى ثورات الربيع العربى، لأنها باختصار تريد للدول العربية أن تبقى فريسة بين براثن هذا المثلث البغيض من تركيا إلى إيران إلى إسرائيل.


مقالات مشتركة