الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2020-03-05T20:40:22+02:00

الملفات المسكوت عنها فى ( رؤية مصر 2030 )

محمد طرابيه

 

استبشرنا خيراً  منذ 6 سنوات ، عندما تم الإعلان عن رؤية مصر 2030 ، والتى تتضمن عدداً من الخطط والإستراتيجيات للمشروعات التى سيتم تنفيذها على مدى 15 عاماً ، و تستهدف نقل مصر لمصاف الدول العظمى – وفقا لما تم الإعلان عنه  .

المؤيدون لهذه الرؤية يرون أنها تستشرف المستقبل ، وتحاول مصر من خلالها محاكاة الدول الكبرى التى تقوم بوضع وتنفيذ خطط قائمة على أسس علمية واقعية .

أما المنتقدون لها فيرون أنها مجرد شعارات مثل تلك التى سبق أن رفعها الحزب الوطنى فى عهد حسنى مبارك أو قيادات جماعة الإخوان فى عهد محمد مرسى ، وأن هذه الإستراتيجية غير واضحة المعالم ، ولا توجد نتائج واقعية لها رغم أنها دخلت عامها الخامس حالياً .

 

ونظراً لقناعتى الشخصية بأهمية هذه الرؤية والإستراتيجية ، فسوف أتناولها فى سطور هذا المقال .

وبما أن الإعلام المصرى قد نشر واذاع طوال السنوات الماضية أخباراً وحوارات تتضمن الحديث عن تفاصيل وملامح هذه الإستراتيجية ، فإننى سوف أتناول وجهة النظر الآخرى التى تستهدف الكشف عن السلبيات والمعوقات التى تم الكشف عنها من خلال التطبيق العملى لهذه الإستراتيجية ، ونستهدف من وراء ذلك تسليط الضوء على أبرز المشاكل على أمل أن تقوم الجهات المعنية بمواجهتها والقضاء عليها لضمان تحقيق الأهداف المرجوة منها .

فى البداية ، أطرح عدداً من التساؤلات ، وأتمنى أن تكون هناك إجابات شافية ووافية عليها  من جانب الجهات الرسمية  لكشف الحقائق للرأى العام :

ماذا تم بشأن تنفيذ رؤية  2030 حتى الآن ؟ ولماذا لم يشعر بها المواطن العادى بنتائجها رغم أنها دخلت عامها الخامس ؟  وما الأخطاء التى كشف عنها التطبيق العملى حتى الآن ؟ وهل يمكن إعادة النظر فى بعض بنود هذه الإستراتيجية لمواكبة التطورات الجديدة التى حدثت على أرض الواقع ؟.

أقول هذا الكلام بعدما تبين وجود ثغرات فى الإستراتيجية الخاصة  ب " رؤية مصر 2030 " ، والدليل إعتراف  أحمد كمالى، نائب وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى ، خلال المؤتمر الذى نظمه مكتب الالتزام البيئى باتحاد الصناعات المصرية ، تحت عنوان «أهداف التنمية المستدامة.. فرص واستدامة للقطاع الخاص» والذى عقد  فى 15 يناير 2019 ،  حيث قال إنَّ الوزارة تعمل، حالياً، على تحديث رؤية مصر 2030، بعد اكتشاف بعض التحديات التى تواجه تنفيذها. وأوضح كمالى  أن أهم تلك التحديات التى تعوق تنفيذها يتمثل فى الزيادة السكانية التى لم تكن قد وضعت فى الاعتبار، بالإضافة إلى عدم توفر التمويل اللازم بشكل كامل.

وفى هذا الإطار أسأل : هل قدمت الحكومة تقريراً وافيا  للرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن ما تحقق من انجازات وإخفاقات فى هذا الشأن ؟  ولماذا لا يتم تشكيل لجنة تابعة للرئاسة  لمتابعة تنفيذ وتقييم المشروعات والخطط التى تم وضعها ضمن هذه الإستراتيجية ؟!!  .

وهنا اقترح على الرئيس السيسى  أن يقوم بإختيار أحد مساعديه وتكليفه بتولى مهمة الإشراف على تنفيذ هذه الخطة  والتنسيق بين كافة الجهات المعنية  لتذليل أى عقبات أو أزمات قد تظهر أثناء التفيذ ؟.

وليسمح لى الرئيس السيسى  أن اقترح عليه  القيام  بتخصيص أحد مؤتمرات الشباب القادمة  للحديث عن هذه الإستراتيجية منذ بدايتها وحتى الآن ، ليعرف الشعب الحقائق كاملة  .

وبصراحة مطلقة أقول أنه لا يعقل أن تكون آخر مرة تم الحديث عن هذا الموضوع فى مؤتمرات الشباب منذ ثلاث سنوات ، عندما شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي فى 24 يوليو 2017  في جلسة بعنوان «رؤية مصر 2030»، في إطار فعاليات المؤتمر الوطني الدوري الرابع للشباب ،  ولذلك أتمنى أن يتم  تخصيص المؤتمر القادم لمناقشة هذه الإستراتيجة من كافة جوانبها .

ولمزيد من التفاصيل ،  نشير إلى أن رؤية  مصر 2030 بدأ الإعداد لها منذ أبريل عام 2014 ، وتم الإعلان عنها وتدشينها في فبراير 2016 وتتسم الرؤية بدرجة كبيرة من الشمول؛ حيث ضمت العديد من الأهداف الكبرى . وتضم الوثيقة ثلاثة أبعاد استراتيجية هي؛ التنمية الاقتصادية، والمحور الاجتماعي، والمحور البيئي، وينقسم كل منها إلى محاور فرعية. وتتسم العديد من هذه الأهداف بالطموح الشديد مقارنة بالإطار الزمني المنظور لتحقيقها .

ويؤكد الخبراء أن الرؤية غلبت عليها فكرة وصول مصر إلى الثلاثين دولة الأبرز في مؤشرات الأهداف المختلفة، وجاء ذلك على حساب تحديد أهداف أكثر معقولية وقابلية للتحقيق في إطارها الزمني. كما غاب عن الرؤية تحديد أولويات وسياسات واضحة لتحقيق هذه المكانة المرجوة، بل إن تحقيق بعض هذه الأهداف قد يكون متناقضًا مع غيرها مثل؛ هدف تقليص الإنفاق، وإمكانية تعارضه مع الأهداف ذات البعد الاجتماعي، وهو ما يؤكد مجددًا على ضرورة تحديد الأولويات بوضوح.

فى هذا السياق كشفت دراسة مهمة للغاية اصدرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان " رؤية مصر 2030.. تحديات المرحلة القادمة " والتى أعدتها د. هناء عبيد ، أنه إذا تم تقييم المنجز وفقًا لاستراتيجية مصر 2030 من خلال مقارنة سريعة لتطور وضع مصر على المؤشرات التي حددتها الاستراتيجية كمعايير لقياس نجاحها في تحقيق الأهداف، يتبين أن العديد من هذه المؤشرات لم تحقق المستهدف مرحليًا، خاصة وأن عام 2020 هو عام تحقيق الأهداف المرحلية للاستراتيجية. بل إنه في بعض المؤشرات قد حدث انتكاس عن نقطة البداية، لعل أوضحها مؤشر الفقر، وهو الهدف الأول والرئيسي من أهداف التنمية المستدامة؛ حيث وضعت الاستراتيجية هدفًا لها خفض نسبة الفقراء إلى 23 % بعد حوالي خمس سنوات، تمهيدًا لوصولها إلى 15 % بنهاية مدة الخطة عام 2030 ، بينما في واقع الأمر فإن نسبة الفقر ارتفعت لتصل إلى %32.5 ، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للمحاسبات الصادرة حديثًا حول نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك ، كما ينطبق الأمر نفسه على مؤشر محاربة الفساد،؛ حيث تحسن ترتيب مصر منذ إطلاق الاستراتيجية تحسنًا طفيفًا من الترتيب 108 عالميًا عام 2016 إلى 105 عالميًا وفقًا لمؤشر الشفافية الدولية لعام 2018 ، بينما تهدف الاستراتيجية إلى وصول مصر إلى الثلاثين دولة الأفضل في مكافحة الفساد.

وعلى صعيد النمو الاقتصادي، هدفت الاستراتيجية إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة جدًا تصل إلى 10 % بحلول عام 2020 ، وهو معدل بالغ الطموح بالنظر إلى التباطؤ العالمي. فبالرغم من الارتفاع في معدلات النمو الاقتصادي من 4.2 % عام 2015 إلى 5.3 % عام 2018 ، إلا إنه ما زال بعيدًا عن الهدف المرحلي الذي تحدده الاستراتيجية.

 

وكشفت أن الاستراتيجية، أحيانًا ما تدرج في إطارها مشروعات سابقة على إطلاق الاستراتيجية ذاتها، في منحى يجافي التسلسل الزمني والموضوعي.

ويشير الموقع الإلكتروني للاستراتيجية في قسم «أسئلة شائعة» أن الاستراتيجية لا تحوي محورًا للصناعة أو الزراعة، أو السياحة و لا تطرح تصورًا واضحًا حول التصنيع.

وتحت عنوان "  مشكلة النموذج الملهم " ، كشفت الدراسة أن وثيقة استراتيجية 2030 التي صاحبت مؤتمر التنمية الدولي الذي عقد في مارس عام 2015 أشارت إلى تجارب مختلفة عن وثيقة وزارة التخطيط الأخيرة. كما أن المسودة الأولى للوثيقة تشير إلى نماذج دولية لم يأت ذكرها على الموقع الرسمي للاستراتيجية. ومن غير الواضح ما هي المعايير المعتمدة في اختيار النماذج الدولية التي تعتمد عليها تلك المبادرات كنماذج استرشادية، ومدى تشابهها مع الحالة المصرية، بشكل يسمح بقدر من الاستفادة من خبراتها، أو مدى الاستفادة من تلك الخبرات والتجارب في إعداد الرؤية التنموية من ناحية ثانية، أو ما هي عناصر التشابه أو الاستلهام في كل نموذج على وجه التحديد.

وتتفق معظم التجارب المعتمد عليها في كونها تتميز بمعدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، وتتبع اقتصاد السوق الحر ومنها؛ ماليزيا، والكويت، والهند، والبحرين، والإمارات العربية، وكينيا، واستراليا. ومن الواضح أن تجارب دول الخليج العربية غير ملائمة للاحتذاء بها في الحالة المصرية من حيث اعتمادها بشكل كبير على صادرات النفط من ناحية، والاختلاف الديموجرافي بينها وبين مصر من ناحية ثانية.

أما بالنسبة لماليزيا - والتي تستشهد بتجربتها العديد من المبادرات السابقة بما فيها الحالية - فإن أبرز ما يميز مسارها هو رفض الاقتراض من صندوق النقد الدولي ورفض الانصياع لروشتته في الإصلاح في أوج الأزمة الآسيوية في نهاية التسعينيات لتصبح الدولة الوحيدة من دول الأزمة التي اتخذت هذا المسار.

 

 

من مجمل ما سبق يمكن القول إن المرحلة القادمة من التخطيط الاقتصادي باتت تستلزم التركيز على الجوانب التنفيذية والبرامج في القطاعات المختلفة، لنقل استراتيجية التنمية 2030 من حيز الأهداف العامة والمبادئ الاسترشادية إلى حيز التخطيط الفعال.

 

من ناحية آخرى أتوقف أمام أهم ما توصلت إليه دراسة مهمة جداً بعنوان " قراءة نقدية لاستراتيجية مصر للتنمية 2030  " والتى كشفت أن رؤية مصر لاستراتيجية التنمية عظيمة ولكن لا يمكن اعتبارها إلا نظرية افتقرت إلى مقومات التطبيق الفعال، وهذه المقومات هي كالتالي:

 

أولاً: لم يتم تحديد كيان وطني رسمي قائم أو يتم تشكيل لجنة أو مجلس وطني يكون مخولاًبالإشراف على ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية ضمن الإطار الزمني المحدد وتقييم النتائج وتحديد الدروس المستفادة لاحقاً.

 

ثانياً: لم يتم الإشارة إلى الموازنة اللازمة لتغطية نفقات هذه الاستراتيجية، ولم يتم تحديد مصادر التمويل بشكل واضح ودقيق، فالمصادر التي تم تحديدها هي مصادر عامة، ولم تحدد مشاريع أو مصادر بعينها أو قيمة التمويل والمشاركة المطلوبة من الأطراف المذكورة كالقطاع الخاص، واقتصاد المشاركة وغيرها.

 

ثالثاً: لم تحدد الاستراتيجية نقاط القوة التي سيتم الاعتماد عليها أثناء عملية التنفيذ كالموارد والكفايات الموجودة، والأخرى المطلوب توافرها أو تحقيقها على الوجه الأمثل، إلى جانب عدم ذكر الفرص المتاحة في البيئة الخارجية لمصر ويمكن استغلالها، في حين أيضاً أنه لم يرد ذِكر لأي من نقط الضعف الداخلية، أو المهددات الخارجية التي يمكنها أن تؤثر على مسير تنفيذ الاستراتيجية.

 

رابعاً: إن الأهداف المحددة هي عظيمة بحد ذاتها، ولكنها بحاجة إلى فترة أكثر من 15 عاماً لأجل التحقيق، خاصة أن مصر تفتقر إلى العديد من الموارد التي يمكنها أن تساهم بشكل جدي وفعلي في تحقيق الأهداف المحددة.

 

خامساً: لم تحدد الاستراتيجية القطاعات الإنتاجية التي سوف تخصها بالتنمية، فمن غير الطبيعي أن تقوم دولة بتطوير جميع القطاعات الإنتاجية دفعة واحدة، فهذا يحتاج إلى مليارات غير منتهية من الدولارات، في حين أهملت الاستراتيجية أيضاً أن مصر بلد زراعية بالدرجة الأولى وأهملت الإشارة إلى القطاع الزراعي وأهمية الاستثمار فيه وتطويره ضمن استراتيجية التنمية.

 

سادساً :عدم اثبات توافق جميع أطراف وأطياف المجتمع المدني والسياسي والتمثيلي الرسمي كالاتحادات النقابية، والجامعات، مجلس النواب وغيرها، حيث لم يُذكر أنه تم عرض الاستراتيجية للنقاش الجماعي من أجل التغذية الراجعة والتوافق عليها وتبنيها من قبل جميع الأطراف.

 

وبعد أن إستعرضنا كل هذه الحقائق والوقائع والمشاكل نسأل :

 أين دور مجلس النواب الذى يعد أكبر جهة رقابية فى مصر فى هذه القضية ؟ ولماذا لا نسمع له صوتاً فيها من قريب أو بعيد ، رغم أنها تخص حاضر ومستقبل مصر وليس دولة آخرى ؟.

وهل تتابع الجهات الرقابية ملفات ومراحل تنفيذ هذه الإستراتيجية للتعرف على العقبات والمشاكل التى قد تؤدى لعدم تنفيذ هذه الإستراتيجية الهادفة لتحقيق مستقبل أفضل لمصر وشعبها ؟.

ولماذا لا نصارح الشعب بتفاصيل ما تم إنجازه فى هذا الشأن حتى الآن لطمأنة الناس على أن خطوات الحلم الذى  سمعوا عنه مراراً وتكراراً تتحقق على أرض الواقع  ؟ .

وهل تقوم الجهات الرسمية المعنية بتنفيذ هذه الرؤية  بالأخذ بما تكشفه التحقيقات الصحفية والحلقات التليفزيونية من مشاكل وأزمات قد تهدد تنفيذ بعض جوانب رؤية 2030 ؟ ؟!!! .


مقالات مشتركة