البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2020-03-12T21:15:41+02:00

أخطر الأسرار العائلية فى حياة حسنى مبارك

أشرف عبدالحميد

سيظل إسم حسنى مبارك مثيراً للجدل فى التاريخ المصرى الحديث ، لأنه أحد قادة حرب السادس من أكتوبر عام 1993 ، كما أنه ظل رئيساً لمصر طوال ثلاثين عاماً كانت له فيها إنجازات كما كانت له إخفاقات وأخطاء شأنه شأن كل رؤساء مصر .

هذا الملف ليس هدفه نشر إيجابيات مبارك كما قد يتخيل البعض  ، لكنه يقدم من خلال تقرير شامل نشرته " العربية نت " تفاصيل جديدة لا يعرفها الكثيرون عن الحياة الشخصية والعائلية لحسنى مبارك .

 

على بعد نحو 40 كيلومتراً من القاهرة، تقع منطقة كفر المصيلحة، التابعة لمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وهي مسقط رأس الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومسقط رأس عائلته، وفيها عاش طفولته وجانباً من فترة صباه قبل أن يلتحق بالكلية الحربية وينتقل وأسرته بالكامل للإقامة في القاهرة.

 

فى هذا السياق كشف أهالى القرية وأقارب الرئيس الأسبق، بعض ذكرياته، وجانبا من حياته الخاصة، ومعلومات حول علاقته بهم.

منزل أسرة الرئيس الأسبق كان يقع في قلب القرية، وعلى مساحة تبلغ نحو 600 متر قبل أن يهدم ويتحول إلى قطعة أرض فضاء، مازال بها سلم داخلي وجدار يحمل ذكريات الأسرة.

 

ولد الرئيس الأسبق حسني مبارك في 4 مايو من العام 1928 لأب كان يعمل في محكمة في المنوفية، وأطلقت عليه الأسرة اسم "محمد"، ودُوّن في شهادة ميلاده اسمه بالكامل "محمد حسني السيد إبراهيم إبراهيم مبارك". وتقول الروايات إن الجد الأكبر إبراهيم كان ينحدر من قرية في كوم حمادة بمحافظة البحيرة، قبل أن ينتقل في عهد الخديوي إسماعيل، أي قبل أكثر من 170 عاما، إلى كفر المصيلحة بمحافظة المنوفية سعيا للزرق.

 

ينتمي للقرية أيضا عبدالعزيز باشا فهمي، وزير العدل في حكومات ما قبل ثورة 1952، وكان عضوا بالوفد المصري بقيادة سعد زغلول الذي تولى التفاوض مع الإنجليز للجلاء عن مصر، وكان أول من وضع مشروع الدستور المصري في العام 1920، ثم تولى وزارة العدل وكانت تسمى الحقانية في العشرينيات من القرن الماضي.

 

وامتلك عبدالعزيز فهمي مع عائلته أراضي كثيرة تبرعت ببعضها للعائلة لإقامة منشآت خدمية في القرية، منها مسجد الباشا الذي كان يصلي فيه الرئيس الأسبق حسني مبارك في طفولته، والأرض التي أُقيم عليها مركز شباب القرية، وكان مبارك يمارس الرياضة فيه، وقطعة أرض أخرى لإقامة مدرسة درس فيها الرئيس الأسبق وكانت تسمى باسم "عبدالعزيز باشا فهمي" قبل أن يتحول اسمها فيما بعد إلى مدرسة "الشهيد فوزي فياز" أحد شهداء الجيش المصري في حرب يونيو من العام 1967.

 

وكما يقول أقارب الرئيس الأسبق، فقد بدت علامات النبوغ على حسني مبارك في طفولته، حيث كان متفوقا في دراسته، ومواظبا على الصلاة في "مسجد الباشا" المجاور لمنزل أسرته، وتنبأ له كل أهالي قريته بمستقبل باهر، وأن يكون أحد أعلام القرية على غرار عبد العزيز باشا فهمي، الذي كان مبارك يعتبره قدوة له ومثلا أعلى.

 

وبعد انتهاء دراسته الإعدادية التحق الشاب الصغير حسني مبارك بمدرسة المساعي المشكورة في شبين الكوم، وبعدها تحقق حلمه وحلم والده بالالتحاق بالكلية الحربية، وعقب تخرجه في العام 1949 عُين بالجيش ملازما ثانيا، والتحق ضابطا بسلاح المشاة، باللواء الثاني الميكانيكي لمدة شهرين، ثم أعلنت كلية الطيران عن قبول دفعة جديدة بها، من خريجي الكلية الحربية، فتقدم واجتاز الاختبارات وتخرج في الكلية الجوية في 12 مارس 1950.

 

ويقول أقارب مبارك إن حسني مبارك، وبعد تعيينه في الجيش، اصطحب أسرته معه للإقامة في القاهرة، وعلى عكس ما كان يُشاع بعد ثورة يناير من العام 2011 فقد كان الرئيس الأسبق بارا بوالديه وأشقائه، وتولى مسؤوليتهم جميعا وتكفل بنفقات والديه ولم يتركهما حتى وفاتهما.

 

كان مبارك متواصلا مع أقاربه في كفر المصيلحة، ورغم قلة زياراته إلا أنه كان على تواصل معهم عبر شقيقه عصام، ويطمئن على أحوالهم منه، وبعد توليه المسؤولية لم يتغير الأمر كثيرا، فقد كان يتابع أخبارهم ويتواصل معهم من خلال شقيقه عصام ونجلي عمه الدكتور سميح مبارك والدكتور أمين مبارك.

 

لم ينس مبارك معلميه في المدرسة الابتدائية، وكان يودهم ويسأل عنهم حتى بعد توليه منصب نائب رئيس الجمهورية، ثم منصب رئيس الجمهورية، وكان دائم السؤال عن عطاالله الأفندي معلم اللغة العربية الذي تأثر به، وتنبأ له معلمه بمنصب رفيع في المستقبل، كما لم ينس معلميه في مدرسة "المساعي المشكورة"، ويرسل لهم برقيات في مناسباتهم ومناسبات أولادهم المختلفة وأحيانا كان يبادر بالاتصال بهم لتهنئتهم.

اعتاد مبارك، كما يقول أقاربه، أن يعقد معهم اجتماعا سنويا في استراحته ببرج العرب في الإسكندرية، فقد كان يجمع شيوخ العائلة وكبارها، يستمع إليهم ويطمئن على أحوالهم، دون أن يستجيب لأي طلبات خاصة بهم، وكان دائما يطالبهم بعدم تقديم أي طلبات له، مؤكدا أنه يرفض الوساطة. وهنا يقول جميل مبارك، نجل ابن عم الرئيس الأسبق: "لم يكن هذا الأمر يسبب أي ضيق لنا، لكن كان المحافظون السابقون للمنوفية ومسؤولوها يهتمون بالقرية ودون وساطة أو تدخل شخصي من الرئيس ويلبون طلبات أهالي القرية باعتبارها قرية الرئيس".

 

ولم يحصل أقارب مبارك على امتيازات خاصة لكونهم أقارب الرئيس، وكان أقصى ما يحصلون عليه هو عدم القبض على أي فرد من أفراد الأسرة أو احتجازه في قسم شرطة، لكونهم من عائلة الرئيس، بل كانت التحريات الأمنية لأي فرد فيها عند تقدمه لشغل أي وظيفة ممتازة وإيجابية فهم أبناء وأفراد عائلة الرئيس.

 

 

وكان أفراد العائلة يجتمعون في 4 مايو من كل عام بنادي حسني مبارك بكفر المصيلحة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس الأسبق، وهو تقليد سنوي كان متبعا وكان الرئيس على علم به، وخلاله يقوم بالاتصال بهم، ويشكرهم جميعا فردا فردا، ويمازحهم، ويعبر لهم عن سعادته الغامرة بهذه اللفتة الكريمة والطيبة منهم.

 

في اجتماعاتهم السنوية مع الرئيس الأسبق في برج العرب، كان مبارك يبوح ببعض أسراره لأقاربه، وكما يقول نبيل مبارك نجل ابن عم الرئيس إن كبار العائلة، وعقب أحد اجتماعاتهم مع الرئيس، أكدوا أنه صارحهم برغبته في الرحيل عن الحكم، وكان هذا تحديدا في العامين 2004 و2005 أي قبل نحو 7 سنوات من تنحيه عن حكم البلاد.

 

 

في تلك الجلسة أكد مبارك لأقاربه أنه يرغب في الرحيل والابتعاد وقضاء ما تبقى من حياته طلبا للراحة بعد سنوات من العمل العام. وعندما سأله أحد كبار العائلة عن حقيقة رغبته في توريث الحكم لنجله جمال، نفى مبارك الأمر بشدة، وأكد لهم أن خليفته سيكون عسكريا، وأنه لا نية لتوريث جمال مبارك مطلقا، وأن ما يتردد شائعات تروجها جماعة الإخوان ودوائر غربية.

 

وفي بعض الاجتماعات كشف مبارك لأقاربه أن متطلبات الأمن القومي المصري تتطلب أن يكون رئيس البلاد عسكريا، فالعسكريون لديهم دراية واسعة وإلمام كامل بأبعاد الأمن القومي المصري الذي يتسع جغرافيا، ويتمدد بفعل عوامل القوة والتأثير والمصالح ليصل إلى ما بعد منابع النيل في إفريقيا والخليج العربي.

 

 

كان مبارك مهتما بالأمن والاقتصاد، وكان يرى أنه يكون رئيس الوزراء بخلفية اقتصادية كبيرة، حتى يتفرغ الرئيس للاهتمام بتنفيذ متطلبات الأمن القومي ورسم السياسات الكفيلة بتحقيق ذلك، على أن يتولى رئيس الوزراء النهوض بالاقتصاد الذي يعد الركن الثاني والأساسي في مفهوم الأمن القومي، ولذلك اختار طيلة حكمه رؤساء حكومات غالبيتهم من الاقتصاديين، مثل الدكتور عادل لطفي والدكتور عاطف صدقي والدكتور عاطف عبيد.

 

 

وعندما كانت النقلة التكنولوجية هي أحد مقومات الاقتصاد العالمي، اختار الدكتور أحمد نظيف وزير الاتصالات والتكنولوجيا في حكومة الدكتور عاطف عبيد رئيسا للوزراء، باستثناء فترتين تغلبت فيهما الرغبة في تحقيق الأمن والاستقرار على حساب الاقتصاد، فاختار رئيسي وزراء من العسكريين، وهما الفريق كمال حسن علي، الذي تولى منصب رئيس الوزراء في 5 يونيو من العام 1984 وحتى 4 سبتمبر من العام 1985، والفريق أحمد شفيق عقب اندلاع ثورة 25 يناير من العام 2011.

 

 

ولا يوجد في كفر المصيلحة أي منشآت تحمل اسم مبارك سوى مركز الشباب، ويقول أحمد عطاالله مدير المركز إن المركز أقيم في القرن الماضي على قطعة أرض تبرعت بها عائلة عبدالعزيز فهمي وزير العدل في حكومات ما قبل ثورة 23 يوليو من العام 1952، وعقب الثورة تم تغيير الاسم إلى مركز شباب كفر المصيلحة، وبعد تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك مقاليد السلطة تم تغيير الاسم إلى نادي حسني مبارك، وظل الاسم مقترنا به حتى العام 2011، بعدها خرجت أصوات تطالب بإعادة الاسم مرة أخرى إلى "مركز شباب كفر المصيلحة"، لكن ظل المركز معروفا لدى الجميع باسم "نادي حسني مبارك".

 

 

تخرج من المركز عشرات اللاعبين في أندية مصر المختلفة لكرة القدم، وكان قدوتهم نبيل نصير نجم نادي الزمالك ومنتخب مصر في الستينيات، وهو أحد أبناء القرية، ويضم المركز قاعات تحمل أسماء وزراء ومشاهير مصريين ينتمون للقرية مثل عبدالعزيز باشا فهمي وزير العدل الأسبق في حكومات العهد الملكي، وأحمد سلطان وزير الكهرباء في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وأحمد حشمت أول وزير للمعارف، وبه قاعات وصالات لكافة الألعاب، ونادٍ للرؤية وهو مكان مخصص لرؤية الأطفال بالنسبة للأزواج المنفصلين.

 

وعقب الإعلان عن وفاة الرئيس الأسبق اتشحت القرية بالسواد، وبكى الجميع شيوخا ونساء وشبابا وأطفالا ونساء، وكان الجميع يتلقى العزاء وكأن المصاب مصاب الجميع.

وقالوا إن الله حقق أمنية مبارك التي أكدها في آخر خطاباته قبل التنحي، وهي أن يموت في بلده التي حارب من أجلها، مؤكدين أن كلماته التي قالها وهي "إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية.. فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه.. وعلى أرضه أموت.. وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري بما لنا أو علينا.. لن أغادر.. وُلدت هنا في مصر، وسأموت فيها"، أصبحت محفورة في أذهان وذاكرة المصريين الذين لن ينسوه أبدا حتى وإن اختلفوا حوله.

 


مقالات مشتركة