الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2020-07-25T12:39:47+02:00

العالم السرى لإمبراطورية السلفيين في مصر

ايمان بدر

بعد أن نجح الشعب المصرى من خلال ثورة 30 يونيو في استئصال خلايا الإخوان السرطانية من الجسد المصرى، أكد بعض المحللون أن هذه الخلايا قادرة على التحور وتغيير شكلها وإعادة الظهور بشكل جديد، راى البعض أن هذا الشكل هو التيار السلفى، فيما رأى آخرون أن التيار السلفى كان موجود بالفعل وتحالف مع الإخوان إبان إنتخابات الرئاسة فى 2012، ولكنه قفز من المركب وأرسل أحد ممثليه ليجلس خلال إلقاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى لبيان عزل الإخوان فى 3 يوليو، وبذلك باع السلف حلفائهم الإخوان، مقابل البقاء فى المشهد والاحتفاظ بمكان لهم على خريطة دولة 30 يونيو الجديدة، التى أعلن السيسى صراحًة منذ أن كان مرشحًا رئاسيًا إنه لا مكان للإخوان فى نظامه.

 

 وفى هذا السياق يؤكد الخبراء في شئون الجماعات المتأسلمة أن التيار السلفى أشد خطورة من الإخوان، وأنه اخترق جماعة الإخوان نفسها وسيطر عليها فظهرت شخصيات قيادية إخوانية متأسلفة، تميل للفكر السلفى الوهابى المتشدد، وفى مقدمتهم خيرت الشاطر النائب الأول لمرشد الجماعة ورجلها القوى، ومن ثم لم يكن غريباً أن ينضم بعض أعضاء جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة إلى التيار السلفى، الذى كان قد أعلن عن نفسه بقوة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، علماً بأنه كان موجوداً قبلها بسنوات ولكن كان وجوده قاصرا على محافظات معينة في مقدمتها الاسكندرية والمنيا، وكان نشاطه في البداية قاصرًا على الدور الدينى الدعوى.

 

ولأن هؤلاء يجيدون استغلال الأزمات فقد اجادوا مخاطبة حالة البؤس واليأس التى تفشت في المجتمع المصري في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، مع ارتفاع معدلات إنتشار الفقر والجهل والمرض والفساد، فبدأت الجماعات السلفية تتحول إلى الدور الخدمى والخيرى لتنشأ المستشفيات والمدارس ورياض الأطفال ومراكز الدروس الخصوصية وأيضاً الجمعيات الخيرية التى توزع المعونات النقدية والعينية على الأرامل والأيتام، وكلما طالت طوابير الواقفين أمام كراتين السلع التموينية وأكياس اللحوم وشنط رمضان والمدارس، سرعان ما تتحول إلى طوابير أخرى واقفة أمام صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى أعقاب سقوط نظام مبارك.

 

وإذا كان وعى الشعب المصرى قد أسقط جماعة الإخوان الإرهابية فى ثورة 30 يونيو ولكن طبيعته التى تميل للتدين والعبادة منذ عهد الفراعنة، افقدته القدرة على أن يلفظ هذه التيارات نهائياً وأدى ارتفاع نسبة الأمية خاصة الثقافية إلى عدم جرأة المجتمع والدولة على اتخاذ خطوات جادة في اتجاه فصل الدين عن السياسة، بل وبدأ السلفيين يظهرون الولاء لنظام 30 يونيو وبتبرأون من الإخوان أحياناً ويقدموا أنفسهم كبديل للإخوان أكثر تشددا في أحيان أخرى.

 

وانعكست هذه المواءمات على مشاركة السلفيين في كتابة الدستور الحالى، دستور عمرو موسى 2014، ثم إقرار موافقتهم على تعديلاته لتمديد فترة الرئاسة للرئيس عبد الفتاح السيسى، وبالرغم من أن الدستور ذاته ينص على حظر الأحزاب الدينية وحلها وعدم السماح لها بخوض الانتخابات، ولكن بقى حزب النور الذراع السياسية لجمعية الدعوة السلفية، وله فى البرلمان الحالى حوالى عشرة نواب، كما ظلت قيادات هذا التيار وأبرزهم ياسر برهامي ينشرون الفتاوى التكفيرية، ولا تملك الدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف إلا منعه من الصعود لمنبر المسجد، ليجد منبره الأوسع انتشارا على منصات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

 

على طريقة معتز مطر وثورة البلكونة

 

 

تفاصيل محاولات استعراض عضلات حزب النور قبيل انتهاء الدورة البرلمانية

 

 

·         قنوات الإخوان تتاجر بفاعليات السلفيين كلما دعوا أنصارهم إلى النزول للشارع

 

 

 

استمرارًا لسياسة المتاجرة بالأزمات وخلط الدين بالعلم بل واستعراض العضلات لإعلان تحدى الدولة، ومع انتشار فيروس كورونا المستجد، وتحول الأمر إلى وباء، دفع المؤسسات الدينية للدولة إلى منع صلاة الجمعة في المساجد وإغلاق المساجد لفترة مؤقتة أسوة بالمملكة العربية السعودية التى أغلقت الحرمين الشريفين، وإذا بأحد شيوخ السلفية يدعو الناس إلى النزول والصلاة في المساجد ضاربًا عرض الحائط بالقرار الحكومة، وعلى ما يبدو تعرض هذا الشيخ إلى ضغوط معينة دفعته إلى التراجع عن فتواه.

 

ولم يتوقف الأمر عند حالة هذا الشيخ بل دعا سلفيو الاسكندرية جموع المواطنين إلى النزول إلى الشوارع بعد منتصف الليل والدعاء على الفيروس بصوت مرتفع، وهم بالطبع لا يريدون أن يسمعوا صوتهم لله، لأنه سبحانه وتعالى سميع قريب مجيب للدعوات، ولكن الهدف هو استعراض العضلات أمام الحكومة التى دللت هذا التيار وتركته يقيم حزب سياسى على أساس طائفى، ولم يتم حله رغم نص الدستور الحالى على ذلك صراحةً، ومازال لهذا الحزب أكثر من 10 نواب فى مجلس النواب الحالى، ومع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية وعقد انتخابات برلمانية جديدة، بالإضافة إلى إنتخابات مجلس الشيوخ الذى سيكون بديلًا لمجلس الشورى، من الطبيعى أن يدعو التيار السلفى أنصاره والمؤمنين بأفكاره، إلى المزيد من الفاعليات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، على غرار ما فعلوه مع بدأ ظهور فيروس كورونا فى مصر، وقبل أن تفرض الدولة حظر التجول، أو بالأدق قبل أن يتم إجبارها على إتخاذ قرار الحظر الذى عانى منه الجميع، ولم يكن هذا القرار ببعيد عن دعوة من قيادات السلفية لأنصارهم أن ينزلوا إلى الشوارع ويتحدوا الدولة، ويقوموا بطقوس أشبه بطقوس الشيعة في إيران حين نزلوا للشوارع ومعهم أجهزة الموبايلات للاتصال بسيدنا الإمام الحسين – رضى الله عنه، وقالوا لا مانع من أن ننشر فيروس كورونا لأنه يعجل بظهور المهدى المنتظر، وكانت النتيجة تفاقم الأزمة والارتفاع الجنوني فى أعداد المصابين والوفيات وسرعة انتشار الفيروس فى إيران، دون ظهور هذا المهدى المنتظر.

 

وبالرغم من أن السلفيين والشيعة يكفرون بعضهم البعض ولكن طقوسهم تبدو متشابهة في أحيان كثيرة، علماً بأنه لولا الدعوة الغير مسئولة التى تبناها التيار السلفى فى الاسكندرية فى أواخر شهر مارس الماضى، لما اضطرت الحكومة إلى إصدار قرار فرض حظر التجول، ليدفع الشعب بأكمله، بل ويدفع اقتصاد الوطن فاتورة تصرف هذه القلة الغير مسئولة، والتى تستغل الدين لخدمة أغراضها التى تصل إلى التآمر على الدولة ذاتها ونشر وباء قادر على الإطاحة ليس فقط بالنظام الحاكم ولكن بالشعب بأكمله.

 

ولما لا إذا كانت دعوتهم المواطنين إلى النزول للشوارع والخروج إلى الشرفات والبلكونات للصراخ في وقت واحد، ماهو إلا تقليد أعمى لدعوات الإعلامى الإرهابى معتز مطر الخبيثة من تركيا، حين دعا إلى أن يقوم الشعب بفاعليات ثورية مزعومة للتعبير عن موقف سياسى معارض للدولة، وحين خرج بعض البسطاء للدعاء على الوباء من بلكونات المنازل، تاجرت صفحات ومواقع وقنوات الإخوان بهذه الصور والفيديوهات ليصوروا الأمر على أنه ثورة غضب ضد النظام ودعاء عليه.

 

 ليبقى السؤال هو إلى أى مدى مازال هؤلاء المتأسلمين قادرين على تحريك الشارع وكيف ينظر إليهم رجل الشارع، وهل مازالت جموع المصريين تنظر إلى المتأسلفين باعتبارهم ناس متدينين وطيبين.

 

 

 

الناس سمعوا عن السلفيين ولم يسمعوا منهم

 

51 % عرفوهم من القنوات الفضائية و47% من " السوشيال ميديا "  ونسبة ضئيلة تعاملت معهم بشكل مباشر

 

 

 

دائما ما يؤكد قيادات التيار السلفى فى تصريحاتهم الإعلامية على أن الناس سمعوا عن السلفيين ولم يسمعوا منهم، تلك الحقيقة أثبتتها دراسة بحثية صدرت تحت عنوان "اتجاهات الجمهور المصرى نحو السلفيين"، أعدها الباحثين دكتور شريف درويش اللبان والدكتور محمد عبد السلام أبو المعاطى،

 

وفى سياق الدراسة أوضح الباحثان أن تلك التيارات أصبحت لاعباً أساسيا على الخريطة السياسية المصرية، وفيما يتعلق بمصادر معلومات الناس عن السلفيين رصدت الدراسة عينات بحثية كشفت عن ترتيب وسائل الإعلام الحديثة من حيث قدرتها على تعريف الجمهور بالتيار السلفى وأفكاره، ووفقاً لهذا البحث جاءت القنوات التلفزيونية الفضائية على رأس قائمة هذه المصادر، حيث أكد 51.5 بالمئة من المبحوثين على أنهم تعرفوا على التيارات السلفية من خلال البرامج الفضائية، وفى المركز الثانى جاءت مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 47.5 بالمئة، وتلتها الصحف الورقية بنسبة 26 بالمئة، أما 14 بالمئة من عينة البحث فأكدوا أنه لا يوجد مصدر محدد تعرفوا من خلاله على تلك التيارات، وأخيراً وبنسبة ضئيلة جاء لقاء الناس مع شخصيات من السلفيين أنفسهم والسماع منهم أو السماع من الجيران عنهم بشكل مباشر، وهو ما يؤكد على فكرة أن الناس الذين سمعوا عن السلفيين أكثر من الذين سمعوا منهم وتعاملوا معهم.

 

وانتقلت الورقة البحثية من التعرف على السلفيين إلى متابعة أخبارهم وصفحاتهم، حيث بلغت نسبة متابعة الصفحات التي تتحدث عن السلفيين 49 بالمئة، والغريب أن الصفحات الخاصة بالسلفيين أنفسهم لم تأت في المركز الأول، بل احتلت المرتبة الثانية بنسبة 42 بالمئة، أما عن الجمهور الذى يتابع أخبار السلفيين من خلال الصفحات العامة فلم تتجاوز نسبته 15 بالمئة فقط من الأشخاص المبحوثين.

 

وتطرق الباحثان إلى أسماء بعض الصفحات على وجه التحديد، حيث جاءت صفحة "إسلام أون لاين" هى الأكثر متابعة ضمن صفحات الفيس بوك، بنسبة 49.6 بالمئة، أما المفاجأة فتكمن في أن تلك الصفحة اسلامية ولكنها ليست تابعة للتيار السلفى نفسه، وبالرغم من أن حزب النور الذراع السياسى للدعوة السلفية يقدم نفسه بوصفه الكيان السلفى الأكثر تواجد بين الناس، ولكن صفحته على موقع فيس بوك جاءت في المركز الثاني بنسبة 41.9 بالمئة، حيث وصفتها الدراسة بأنها إحدى أهم الصفحات التى تخدم تيار الإسلام السياسي السلفى.

 

وفى المرتبة الثالثة تأتى صفحة "أنا سلفى" بنسبة 17.8 بالمئة وتلتها في المرتبة الأخيرة صفحة "صوت السلفى" بنسبة حوالي 13 بالمئة، علماً بأن تلك الصفحة هى صفحة دينية دعوية ليس لها أى توجه سياسي.

 

وعلى خلفية ذلك تبرز علامات استفهام حول مدى إيجابية الصورة التى تكونت لدى الجمهور وحقيقة انطباعات الناس عن هذه التيارات، وكيف تمكنت وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي من تقديم صورة واقعية عن الحركات السلفية، وأجاب المبحوثين وعددهم 129 عن هذه التساؤلات موضحين أن الصورة التى تكونت لديهم بدت إيجابية بنسبة 70 بالمئة، ولكن تبدو هذه النسبة غير حيادية فى ضوء تشديد  الدراسة ذاتها على أن غالبية من أجابوا على هذا السؤال من المنتمين لتيارات دينية أو ليس لهم انتماءات سياسية من الأساس.

 

 

 

بسبب النشاط المجتمعى والخدمى

 

كيف استطاع السلفيين اختراق المجتمع ؟!!

 

 

 

حول أسباب الصورة الإيجابية للتيارات السلفية لدى نسبة ليست بالقليلة من المصريين، أشارت الدراسة إلى أن 46 بالمئة من عينة البحث أكدوا على أن تلك الصورة تكونت لديهم بسبب النشاط المجتمعى الذى تمارسه غالبية الجمعيات المتأسلمة، ذات الصبغة الخيرية، فيما ذهب 40  بالمئة من المبحوثين إلى أن الانطباع الإيجابي يرجع إلى أن السلفيين يتمسكون بالخلفية الدينية في توجهاتهم السياسية.

 

وفى سياق متصل قال آخرون أن التراث العلمي للمرجعيات السلفية يتسم بالقوة والتوثيق، أما النسبة الأقل والتى جاءت في المرتبة الأخيرة فتبنت وجهة نظر تتلخص في أن السلفيين لديهم تدين حقيقى، ومصداقية في الخطاب.

 

 

 

متهمون بالتشدد والمقامرة

 

جماعات سياسية تستغل الدين لخدمة أغراضها السلطوية

 

·         خريطة التصويت الانتخابى تكشف تواجدهم فى مناطق محدودة

 

·         يفتقدون المصداقية فى طرح القضايا الدينية وتوجههم السياسى غير فعال

 

 

 

لم تكن كل الانطباعات عن الجماعات السلفية انطباعات إيجابية، ولكن كانت هناك العديد من الصور السلبية التى قدمتها هذه الصفحات عن التيار السلفي، وفى مقدمة الصفات السلبية التى أشار إليها بعض المبحوثين أن السلفيين جماعات سياسية تستخدم الدين لخدمة أغراض سلطوية، ناهيك عن وصفهم بالتشدد والمقامرة، بهدف الوصول إلى أهداف معينة.

 

فيما رأى آخرون على عكس ما يشاع عن أهمية دروهم الخدمى، أنه ليس لهم نشاط مجتمعى، في العديد من المناطق، بينما يقتصر تواجدهم ونشاطهم على دوائر معينة، ويتضح ذلك من خريطة التصويت الإنتخابي لصالح مرشحيهم.

 

وبشكل عام تبنى أصحاب الانطباع السلبى عن السلفيين فكرة افتقادهم للمصداقية في طرح القضايا حتى الدينية، وعدم مواكبة التراث العلمى لديهم لظروف ومتغيرات العصر، ناهيك عن ضعف توجههم السياسي الذى يصفه غالبية خبراء السياسة المتخصصين بأنه توجه محدود وغير فعال.

 

 

 

 

 


مقالات مشتركة