البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2020-08-18T05:59:04+02:00

قطر.. الوكيل الحصرى لإسرائيل وتركيا فى عرقلة مفاوضات سد النهضة

سيد سعيد

لا توجد أزمة على اتساع الخريطة الجغرافية للمنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، إلا وكانت دويلة قطر طرفا فاعلا فى تأجيجها، إن لم تكن صانعة لها، ومنها أزمة سد النهضة بين مصر وأثيوبيا، تلك الأزمة التى تتصاعد حدتها منذ بداية عام 2017 بصورة مغايرة للمألوف فى العلاقات الدولية، ابتداء من المراوغة والكذب، وليس نهاية بالتنصل من توقيع اتفاقية ملزمة، مرورا بانسحاب أثيوبيا من المفاوضات فى الولايات المتحدة الأميركية، التى جرت فى مارس 2020، وأخيرا القرار المصرى بتعليق المفاوضات للتشاور الداخلى بشأن مقترحات أثيوبية جديدة، لم تكن ضمن بنود التفاوض الذى ترعاه منظمة الاتحاد الأفريقى.

القراءة الدقيقة لتفاصيل الأزمة تؤكد على جملة من الحقائق، مفادها أن إصرار الحكومة الأثيوبية على المراوغة لإطالة أمد المفاوضات المتعلقة بسد النهضة، ليس من قبيل إيجاد حلول تضمن التعايش الإيجابى بين دول حوض النيل، بتحقيق التنمية للشعب الأثيوبى وعدم الإضرار بحياة المصريين، إنما بهدف استفزاز الدولة المصرية، وإجبارها على خيارات تؤجج الأزمة وتقود إلى صراعات عسكرية، فكلما تتقدم تلك المفاوضات خطوة إلى الأمام، سرعان ما تعود خطوات إلى الخلف، أما السبب غير المعلن من كافة الأطراف، فهو أن حكام قطر يلقون بكل ثقل دويلتهم المالى للإضرار بالمصالح المصرية، فقد كشفت الأحداث المتعاقبة أن نظام الحكم فى قطر، يقف داعماً لعرقلة مسارات التفاوض المصرى السودانى الأثيوبى، ومحرضاً على التعنت ضد مصر، تجلى ذلك بوضوح فى تهديد صريح للقيادة السياسية فى أثيوبيا، بسحب الودائع القطرية والتركية لدى البنوك الأثيوبية، والمخصصة لمشروع سد النهضة، حيث وضع النظام القطرى وديعة بقيمة 3 مليارات دولار، بالإضافة لوديعة تركية مماثلة، وفق ما كشفت عنه دوائر سياسية وإعلامية غربية وثيقة الصلة بكواليس الأزمة.. الدوائر ذاتها أكدت أن وفودا أمنية قطرية– تركية يتخذون من العاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» قبلة للسفر للقاء المسئولين قبيل أى خطوة من المفاوضات، لعل أبرزها التى جرت فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حمل أحد تلك الوفود رسالة مشتركة من تميم بن حمد والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مفادها أن الموافقة على شروط مصر فى التفاوض ستكون لها خسائر كبيرة، لن يستطع النظام الأثيوبى تحملها، أخبروهم أن سحب الودائع القطرية والتركية، سيعطل بناء السد من الأساس، ويعرقل خطة التنمية الأثيوبية فى ظل أزمات عالمية متلاحقة، وأكد الوفد للسلطات الأثيوبية أنهم لن يجدوا فى دول العالم من يقبل بضخ مليارات الدولارات، فى ظل أزمة انتشار جائحة كورونا التى تعصف بالعالم.

لم تكن جماعة الإخوان الإرهابية بعيدة عن خط الأزمة، أوعزت لرجالها المسيطرين على البنك المركزى الليبى ليخطر الحكومة الأثيوبية بسحب الوديعة الليبية من البنك المركزى الأثيوبى وتبلغ مليار دولار، إذا أقدمت الدوحة وأنقرة على سحب ودائعهما من البنوك الأثيوبية.

 تشدد الوفود القطرية التركية على السلطات الأثيوبية، بتصعيد لهجتها ضد القاهرة، والعمل على استفزازها وتحريضها على ارتكاب فعل عسكرى، مقابل وعود بوديعة قطرية جديدة سيتم وضعها خلال الفترة القادمة للمساهمة فى الانتهاء السريع من إنشاء السد الذى من الممكن أن يسبب أزمات اقتصادية واجتماعية هائلة لمصر، إلى جانب وعود أخرى بضخ استثمارات وتوقيع اتفاقيات تعاون فى المجالات الاقتصادية مع أديس أبابا، لزراعة مليون و200 ألف فدان فى المنطقة القريبة من السد بتكلفة 8.5 مليار دولار وهى استثمارات قائمة بالفعل من خلال رجال أعمال قطريين.

التدخل القطرى لم يكن من قبيل التشجيع على التنمية أو الاستثمار فى القرن الأفريقى، لكنه مرتبط بالمصالح الاستراتيجية التركية والأجندة الاخوانية منذ عام 2005، لذا فإن سياستها الإقليمية، ومحاولاتها التوغل فى أفريقيا عبر بوابات الصومال وأثيوبيا وليبيا، يصب فى استراتيجية نشر الفوضى وإسقاط الدولة المصرية لصالح المخططات التركية، وهى استراتيجية تقوم بالأساس على مشروعين رئيسين لا ينفصل أحدهما عن الآخر، أما هدفهما فهو نشر الفوضى وتفكيك البلدان، لذا عملت الدويلة الصغيرة حجما وتاريخا على تنفيذهما بآليات متنوعة، المشروع الأول أطلقت عليه دوائرها الإعلامية مشروع «النهضة»، ويديره شخص قطرى اسمه جاسم بن سلطان، انضم لجماعة الاخوان أثناء دراسته بكلية الطب جامعة القاهرة فى منتصف سبعينيات القرن الماضى، التقى آنذاك بقيادات الإخوان، وأصبح، بفلوسه، عضوا بالتنظيم الدولى للجماعة، وفور عودته إلى الدوحة التقى أعضاء الجماعة فى الإمارة، وبعدها توطدت علاقته بالمرجع الإخوانى يوسف القرضاوى، ثم صار منذ منتصف التسعينيات أحد القيادات الاخوانية القريبة من حمد بن جاسم مهندس توظيف امكانيات الدوحة لدعم أنشطة الإرهاب فى المنطقة العربية، وينتمى جاسم بن سلطان لجيل عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان، وهما من أبرز قيادات مكتب ارشاد الجماعة ولديهما اتصالات واسعة بالتنظيم الدولى من خلال منظمات الاغاثة.. انبثق من مشروع النهضة، مشروع آخر، أطلق عليه «أكاديمية التغيير»، وأوكلت مهام إدارته فى العاصمة البريطانية «لندن» لطبيب أطفال مغمور اسمه هشام مرسى، زوج ابنة يوسف القرضاوى باعتباره من أهل الثقة، أما المشروع فهدفه تغيير أنظمة الحكم وتفتيت بلدان المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية، لذا لم يكن غريبا أن تتسع خريطة الصراعات من سورية إلى العراق ومن اليمن إلى لبنان ومن الصومال إلى ليبيا بأموال قطرية تحت لافتات إنسانية ومساعدات وغير ذلك من المسميات.

أما مشروع النهضة، فيعمل على تفتيت ثوابت الأنظمة العربية، ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، بمعنى أنه مشروع، يؤسس لنظرية فكرية، مضمونها يدور فى تفتيت ثوابت الشعوب وقناعاتها القومية، ويعمل على تغيير أنظمة الحكم العربية، بالحشد ضدها والتنفير من سياساتها، مرورا بالتشكيك فى وطنية الحكام، وهو المشروع الذى رفعه محمد مرسى شعارا لبرنامجه أثناء الانتخابات الرئاسية، المصرية بما يعنى أن المصطلح لم يخرج على سطح الحياة السياسية عبثا، ولم يكن صدفة أن يتأسس فى العام نفسه حزب إخوانى يحمل اسم النهضة فى تونس، ويطلق على سد الألفية الجديدة فى أثيوبيا اسم سد النهضة، فى أبريل 2011 فى زروة اتساع خريطة الفوضى تحت لافتة الربيع العربى.

أن حجم الدعم القطرى لأثيوبيا، وحجم الوجود الإسرائيلى والتركى فى العاصمة أديس أبابا، دلائل لا تقبل الشك حول تورطهم فى تعثر التوصل إلى اتفاق، واختلاق أثيوبيا الحجج لتعطيل التفاوض والسير فى عملية البناء والملء بشكل أحادى، وبرغم من هذا التورط غير الخاف على دوائر الرصد والاهتمام، إلا أن تركيا وإسرائيل لا تظهر أى منهما بصورة مباشرة فى التحريض، اعتمادا على قطر الوكيل الحصرى لتنفيذ أجندة الاضرار بمصر.

أن مساعى قطر للإضرار بالمصالح المصرية انتقاما من إزاحة الإخوان عن حكم البلاد بدأت منذ عام 2013، وقتها مدت جسور التواصل مع النظام الأثيوبى، ملوحة بمليارات الغاز لبلد منهك اقتصاديا، فتوطدت العلاقات بين نظامى الحكم فى البلدين بعد انقطاع العلاقات بينهما، وكانت أثيوبيا أعلنت فى أبريل عام 2008 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة احتجاجا على دعمها للإرهاب فى القرن الأفريقى، إلا أن حكام الدوحة، تركوا المعارضين واتجهوا صوب سلطة الحكم، ووجدوا فى سد النهضة وسيلة للانتقام من الدولة المصرية، تبلور شكل العلاقة بين الدوحة وأديس أبابا عام 2017 عندما زار رئيس الوزراء الأثيوبى هيلى ماريام قطر فى أعقثاب تعثر أول جلسات التفاوض بين مصر وأثيوبيا، طالبا دعمها والكف عن مساندة ودعم المتمردين والارهابيين.

تنامت العلاقة بين الدوحة والإرهابيين قبل أيام قليلة من انقلاب حمد بن خليفة على والده، والاستيلاء على السلطة بمسرحية إعلامية، وخداع لقبائل الدويلة الصغيرة، وقتها تورطت قطر، فى محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بتاريخ ٢٦ يونيو ١٩٩٥ بتدبير قطرى إخوانى، وبتنسيق بين الجماعة الإسلامية وأسامة بن لادن، الذى كان يقيم وقتها فى الخرطوم، وانقلاب حمد بن خليفة على والده بتاريخ ٢٧ يونيو ١٩٩٥، أى فى اليوم التالى مباشرة لمحاولة اغتيال مبارك.. لكن ما العلاقة بينهما؟..

ما جرى فى أثيوبيا محاولة اغتيال فاشلة، وما حدث فى قطر عملية انقلاب مدبرة من الـ «حمدين»، حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم، الذى كان وقتها وزيرا لخارجية قطر ومهندس مؤامراتها، فقد كان معلوما لديهما، مسبقا، أن الشيخ خليفة حاكم قطر سيذهب إلى أوروبا فى رحلة علاجية، وكان معلوما أيضا موعد القمة الأفريقية فى أديس أبابا، فجرى لقاء بين حمد بن جاسم، وزير خارجية قطر وعلى عثمان طه، وزير خارجية السودان، القريب جدا من حسن الترابى والأخير وثيق الصلة بالقرضاوى، تم الاتفاق على اغتيال مبارك، والتخلص منه فى أديس أبابا، لإشغال الحكام العرب بعملية الاغتيال، وضمان عدم حشد أنظمة الحكم العربية، لمواجهة الانقلاب فى الدوحة.

 استغل عثمان محمد طه منصبه كوزير للخارجية واتفق مع نافع على نافع، الذى كان يشغل مدير جهاز الأمن والاستخبارات فى السودان، وخططا لاغتيال الرئيس المصرى مبارك أثناء حضوره مؤتمر القمة الأفريقى بالعاصمة الأثيوبية، وقررا أن تتم العملية بواسطة بعض المصريين المنتمين للجماعة الإسلامية وإمداهم بالأسلحة والذخيرة من السودان، حيث جرى تهريبها بالحقائب الدبلوماسية إلى سفارة السودان فى أديس أبابا، وقامت السفارة باستلام الشحنة، وسلمتها بدورها للعناصر التى ستقوم بالتنفيذ، وهم عناصر مصرية ينتمون إلى التنظيمات الدينية هذه المعلومات وردت فى اعترافات موثقة بسجلات محكمة الينوى الأمريكية، والتى كشفت النقاب عنها فى بدايات العام 2017 وكالة الاستخبارات المركزية «سى آى إيه»..... هذه الاعترافات وردت على لسان شخص سورى الجنسية، اسمه «إنعام الأرناؤوطى» أثناء التحقيق معه فى جرائم غسيل أموال وتمويل عمليات إرهابية، تضمنت الاعترافات الصلات الغامضة بين أسامة بن لادن وجمعية قطر الخيرية منذ عام ١٩٩٢، وعلاقة القاعدة بجماعة الإخوان، فهذه الجمعية يتولى إدارتها من خلف الستار حمد بن جاسم، وهى التى مولت تنفيذ المحاولة الفاشلة لاغتيال مبارك بمليون دولار أمريكى.

الوثائق التى أفرجت عنها المخابرات الأمريكية وجرى تداولها إعلاميا على نطاق واسع، لم تكن وحدها الكاشفة عن تورط قطر فى محاولة الاغتيال الفاشلة، فقد كشف حسن الترابى نفسه عن تفاصيل مذهلة عندما حاول التنصل من مسئولية تورطه فى محاولة اغتيال مبارك لكنه أقر فى حديث موثق بالفديو، بأن نائبه ووزير خارجيته على عثمان طه، قام بالتنسيق مع نافع على نافع رئيس جهاز الأمن العام وهما من هربا السلاح إلى أثيوبيا لتنفيذ المحاولة.


مقالات مشتركة