البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2020-09-12T13:55:04+02:00

عام دهس الغلابة تحت عجلات الفقر

سيد سعيد

حالة ضجر تسيطر على شرائح مجتمعية من العام الجارى 2020، بلغت حد الدعاء والتضرع إلى الله، بتعجيل نهايته والانتقال إلى سنة جديدة، ربما تزيح بقدومها هموماً طالت نفوس الناس، وأوصلتهم للاكتئاب والانزواء، جراء تراكم الأعباء على عواتقهم، وهى أعباء تفوق قدرة الغالبية على احتمالها، بل تنوء بحملها الجبال، بدأت السنة بجائحة «كورونا»، وما تبعها من توقف الأنشطة الاقتصادية وارتفاع فى أعداد البطالة، وانهيار قدرة العمالة اليومية على الوفاء بأبسط الالتزامات المعيشية.. بلغ الضجر من هذه السنة حد وصفها على مواقع التواصل الاجتماعى بـ «الكابوس» الذى يتمنون رحيله، فضلا عن أوصاف أخرى مرتبطة بما جرى لكل شخص من مآسى خاصة.. تزامنت الجائحة مع مواجهة الدولة للإرهاب على الحدود الشرقية، وخوضها معارك دبلوماسية وقانونية لمواجهة تعنت أثيوبيا فى أزمة سد النهضة، وتصديها لمحاولات تركيا وقطر تهديد الأمن القومى المصرى عبر ليبيا، وبالرغم من تفاعل غالبية المجتمع مع تلك القضايا الشائكة وانصهارهم فى بوتقة توجهات الدولة ومؤسساتها الصلبة، إلا أن الإجراءات الاقتصادية المتلاحقة بصورة مذهلة خلال 2020، دفعت الكثيرين للتشكيك فى قدرة الحكومة على تحقيق طموحات القيادة السياسية، فالحكومة تتخذ خطوات متسارعة نحو إلغاء الدعم تماماً وفرض المزيد من الأعباء من دون منح مساحة زمنية يلتقط فيها الناس أنفاسهم، ومن دون ابتكار لأى أساليب تهدف تعظيم موارد الخزانة العامة بعيداً عن إرهاق المواطنين، خاصة الفقراء من معدومى الدخل الذين يعانون من الارتفاع الجنونى غير المنضبط وغير الخاضع لأى نوع من الرقابة فى أسعار السلع الأساسية المرتبطة بمتطلبات الحياة اليومية من الغذاء والدواء، مرورا بالارتفاع المتلاحق وغير المسبوق فى فواتير الخدمات الضرورية، مثل الكهرباء والغاز والمياه، والرسوم الخاصة بإنهاء أى إجراءات أو استخراج أوراق رسمية من الجهاز الإدارى للدولة، ابتداءاً من رسوم استخراج رخصة القيادة أو رخصة السيارة، وليس انتهاءاً باستخراج شهادات الميلاد والبطاقات، والحصول على خدمة ما، وشهادات التخرج ورسوم المدارس والجامعات، ورسوم الشهر العقارى والدعاوى القضائية، وارتفاع أسعار المواصلات العامة، واختفاء مستلزمات الزراعة.. إلى بقية الأمور التى شغلت حيزا من الاهتمام الشعبى فى الآونة الأخيرة، ويقف على رأسها المصالحات فى مخالفات المبانى. يقيناً.. توجد رؤية شاملة لتطبيق قانون المصالحات، مفادها الحد من فساد المحليات والمقاولين، كما أن التأكيد على الصرامة فى التطبيق لتحصيل حق الدولة من غرامات المخالفات، سيحافظ على العمر الافتراضى للمرافق العامة ويحافظ على الوجه الحضارى للمدن للقضاء على العشوايات وتكدس المواصلات، فضلاً عن أنه سيرسخ ثقافة الالتزام بالمخططات البنائية فى المدن والأحياء والقرى، وهذه التوجهات تحفز على التعاطى معها باعتبارها قضية مجتمع قبل أن تكون مسئولية الدولة، إلا أن عدم دراية القائمين على وسائل الإعلام بفلسفة القانون، وعدم قدرتهم على طرح الإشكاليات من كافة جوانبها، فتحت الطريق أمام جدل واسع مغلف بالتوجس من دون مناقشة، لأن الأمر يتعلق بوحدات سكنية مستقرة منذ سنوات، دفع ملاكها كل مدخراتهم للحصول عليها، وطيلة هذه السنوات لم تعترض خلالها جهة الإدارة، بل وافقت على توصيل المرافق، لكنهم «أى مالكو الوحدات السكنية» أصبحوا مطالبين بسداد غرامات عن مخالفات لم يرتكبوها، بل تورط فيها ملاك الأبراج والعمارات والمقاولين، الذين احترفوا كل أساليب التربح والفساد على حساب البلد والمواطنين على حد سواء، ومن هذه النقطة تنامت وتيرة الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى والإعلام المعادى بما يشير إلى أن ما يحدث لا يعدو كونه إرهاقاً للمواطنين، لا فرق بين من لديه القدرة على الدفع أو من ليس لديه، حيث يتم التركيز على المضارين من البسطاء، الذين تعرضوا للنصب من المقاولين وأصحاب العمارات، ويتعرضون الآن لدفع ثمن أخطاء أو بمعنى أكثر دقة خطايا من حققوا مئات الملايين، جراء غياب سلطة الرقابة على الأحياء، وعندما نقول أن المسئولين فى المدن والمحافظات تورطوا فى صناعة تلك العشوائيات عبر السماح بالبناء لمن يدفع الرشوة، فإننا لا نوزع الاتهامات عشوائياً، لكننا نؤكد على حقائق لا يستطيع أحد انكارها، لأنها موجودة على أرض الواقع، فما شهدته البلاد على اتساع خريطتها الجغرافية فى المدن والقرى من تعديات على أملاك الدولة والتعدى على الأراضى الزراعية من بناء للعمارات الشاهقة منذ بداية 2011 من دون ترخيص يقف شاهداً على حالة الفوضى والعشوائية، لكن يجب محاسبة من بنى والنظر بعين الرحمة لمن اشترى. بالتأكيد هناك فريق منا، يرى أن مثل هذه الإجراءات وإن كانت مُنهكة للشرائح المجتمعية المتنوعة، إلا أنها تأتى فى إطار تنفيذ سياسة الدولة للإصلاح، ويرى هذا الفريق ضرورة تحمل كلفة الفاتورة، غير أن هذه الرؤى تصطدم من حيث الشكل والموضوع بتوجهات القيادة السياسية وبرؤيتها الساعية لتخفيف الأعباء عن كواهل المواطنين، والتشديد على الحكومة فى كل مناسبة، بمراعاة الشرائح الفقيرة فى خطط الإصلاح المنشود، لانتشالها من أوضاعها المؤلمة، بما يعنى أن الزيادات المستمرة فى كل المتطلبات الضرورية، ليست ضمن التوجهات العامة، ولا تتناغم مع استراتيجية الدولة، بما يعنى أن ما يتم هو تفسير خاطئ من مسئولين بالجهاز الإدارى، يسيرون عكس اتجاه القيادة السياسية عبر اجتهادات تقليدية لتعظيم موارد بعض القطاعات الخدمية، وما يتبع هذا النهج من مكافآت وحوافز للعاملين بتلك القطاعات، وكل هذا يجرى علناً تحت سمع وبصر الجميع، جراء غياب الرقابة من الجهات المختصة ما أوردناه ليس اتهاماً عشوائياً نلقيه من دون مسئولية وننصرف إلى حال سبيلنا، لكننا نتحدث عن حقائق دامغة ومعلومة للقاصى والدانى ولا يمكن لنا أن نقفز عليها، فمنذ جائحة «كورونا»، سارعت الدولة باتخاذ إجراءات الحماية للمجتمع، ولم تكن تلك الإجراءات مرتبطة بالتوعية والإرشادات الصحية فقط، لكنها امتدت إلى قرارات صارمة، بإغلاق المقاهى الشعبية والكافيهات وكافة أمكنة التجمعات البشرية، وبالفعل أغلقت المقاهى، وهذا إجراء يجب أن نصفق له لأنه يتعلق بالحفاظ على الصحة والوقاية من الإصابة بالفيروس اللعين، فالدولة كانت على قدر المسئولية لحماية المجتمع من الوباء، فى المقابل كان من الضرورى أن يسير الجهاز الإدارى فى ذات الاتجاه، لكن هذا لم يحدث، لأن جهات تأدية الخدمة، لا يعنيها سوى تعظيم مواردها من جيوب الناس، على طريقة «هو كده واللى مش عاجبه يضرب دماغه فى أى حيط» ، وإذا أراد المواطن أن يشكو من عشوائية الجهاز الإدارى، للحد من تغول الموظفين وتقديراتهم الجزافية، يذهب المواطن المتضرر إلى ذات الجهة التى تعطى مرؤوسيها التعليمات العشوائية، بما يعنى أن جهة تقديم الخدمة هى الجلاد والقاضى فى نفس الوقت.. ماذا تفعل تلك الجهات التابعة للدولة ؟.. الوقائع متعددة وبات حصرها على وجه الدقة أمراً مستحيلاً، لذا فان استمرارها بهذه الطريقة يبعث على التخوف وفقدان الثقة، إذا لم تتدخل الجهات الرقابية لوقف استنزاف قدرة المواطن على العيش، وسنقف أمام نماذج من العبث الذى اتسع نطاقه، منها على سبيل المثال... إغلاق التجمعات البشرية «المقاهى والكافيهات» وغيرها منذ بداية الجائحة، بما يعنى عدم استخدام تلك الأماكن لمياه أو كهرباء أو غاز، وهذا يعنى أيضاً ضرورة عدم تحصيل أى فواتير استهلاك لهذه الخدمات، لأنه لا يوجد استهلاك من الأساس ولو ضئيل، فقط يمكن تحصيل الرسوم الإدارية، وهى حق رسمى لشركات المياه والكهرباء والغاز، لكن حدث العكس تماماً، فقد أجبرت تلك الشركات أصحاب المنشآت ومستأجريها، بدفع الفواتير على غرار الفواتير السابقة للإغلاق من دون نقصان، بالإضافة لدفع رسوم النظافة، ألم يكن هذا نوعاً من تجبر المسئولين فى الحكومة على المواطن الذى يخضع للإزعان بدون حماية، الجميع يعلم أن تلك المنشآت لم تعمل لمدة 5 أشهر كاملة، ثم عادت تدريجيا وبشروط لا تمكنها من استهلاك مياه أو غاز أو تيار كهربائى مثل الفترات التى سبقت الإغلاق، ما يحدث ليس له سوى تفسير واحد لا ثانى له، مفاده أن المسئولين عن القطاعات الخدمية، يصدرون لمرؤوسيهم تعليمات عشوائية لا تخضع لمنطق أو قانون، ولا تتناغم مع السياسة العليا للدولة، وهذا وحده من التحريض على كراهية الحكومة.. المدهش أن كل هذا يجرى بدون توقف وبدون إدراك لحقيقة ما تعانيه الغالبية العظمى، وهى التى باتت مسحوقة تحت عجلات الفقر، الأمر الذى ستقود تداعياته لاتساع مساحة التشكيك فى الحكومة وقدرتها على تجاوز الأزمات المجتمعية، وهذا بدوره سيزيد من تنامى الإحباط لدى الغالبية التى تشعر بالتهميش جراء تجاهل مشكلاتهم الحياتية، فضلا عن العزوف عن المشاركة فى كل ما يخص الشأن العام، وظهر العزوف جلياً فى انتخابات مجلس الشيوخ «الاستحقاق الدستورى الأخير»، فلم تكن عدم مشاركة الغالبية، نوعاً من توصيل الرسائل السياسية الرافضة لنظام الحكم كما يزعم البعض، لكنها انزواء ذاتى ناتج عن الإحباط من الظروف الاقتصادية السيئة، وعدم قدرة الأسر على الوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه أبناءها، إلى جانب ما أحاط بتلك الانتخابات من روايات، جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعى، ومضمونها يحمل فى طياته تهميشا للمواطن وعدم اشراكه فى اختيار من يمثلونه فى الغرفة النيابية الثانية، فلن يعرف الناس من هم المرشحين أو كيفية اختيارهم، ولا يعرفون تاريخاً لغالبيتهم، لذا كان لسان حالهم يردد ما يتم تداوله، بأن من تريده الحكومة، هو الذى سيأتى، بما يعنى بالنسبة لهم أن المشاركة وعدمها سيان، لا المشاركة ستؤثر فى الاختيار، ولا عدمها سيكون له تأثير، حاصة أن مجلس النواب الذى قارب على الرحيل» ينتهى بنهاية 2020، فهذا البرلمان لم يناقش قضاياهم كما ينبغى، أو كما يحفزهم على المشاركة.


مقالات مشتركة