البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2020-09-20T10:44:05+02:00

تفاصيل الذمة المالية للزعيم جمال عبدالناصر

ايمان بدر

فى الثامن والعشرين من سبتمبر الحالى ، يكون قد مر 50 عاماً على وفاة الزعيم جمال عبدالناصر .

و لعل عبدالناصر هو الرئيس الأوحد فى تاريخ البشرية الذى قال عن نفسه صراحًة فى إحدى خطبه وعلى وجهه إبتسامة ثبات وفخر "إن رئيس الجمهورية معندوش حاجة ومالوش عيلة"، ولم يقصد وقتها فقط أن ينتقد عصور الملكية والإقطاع والرأسمالية، ولكنه كان معتمدًا أن يكشف عن ذمته المالية الناصعة ويده التى ظلت نظيفة رغم السلطة والزعامة، بل يمكن القول أن الرئيس الشاب الذى قاد ثورة غيرت مجرى التاريخ لم يمتلك ثروة من الأموال والأملاك، ولكن ثروته الحيقية كانت حب الجماهير المصرية والعربية، وإحترام كل شعوب العالم المحبة للحرية والبناء والعمل، وإن لم توجد فى أرصدته وخزانته أوراق بنكنوت وجد فى قلب كل مواطن حالة من العشق لهذا الرجل حققت له زعامة أسطورية بل وخلقت ريادة لبلاده تفوق ثروات وكنوز الأرض.

 

وفيما يتعلق بإقرار الذمة المالية من المعروف أن "عبدالناصر" هو أول مواطن مصرى قدم إقرارًا بذمته المالية وحدث ذلك في عام 1968، فى إطار تفعيل قانون من أين لك هذا الصادر وقتها، ورغم أنه كان رئيسًا للجمهورية ومر عليه فى الحكم أكثر من 14 عامًا، ولكنه ترك خانة العقارات خالية، لأنه ببساطة لم يكن يمتلك أي أصول عقارية، أما في خانة الأسهم والشركات فكتب 326 سهمًا مودعة في بنك مصر، وكانت بمثابة حصص رمزية في شركات الحديد والصلب ومصر للألبان والقومية للأسمنت وبنك الاتحاد التجاري، حيث كان الغرض من شراء الرئيس لهذه الاسهم، بمثابة دعم سياسي بهجف تشجيع المصريين على شراء الأسهم فى الشركات الوطنية.

 

ولأن الحقائق فى حياة الحكام تتكشف دائمًا بعد رحيلهم، كشفت الأجهزة الرقابية التى بحثت فى أرصدة حبيب الملايين بعد رحيله فى سبتمبر عام 1970، عن مفاجآت من العيار الثقيل، حيث تبين أن لديه حساب فى بنك مصر يحمل رقم 9964226، أما قيمة المبالغ المودعة فى هذا الحساب فكانت 3718 جنيه، ولما لا إذا كان الرجل الذى حكم مصر منذ 1954 وحتى رحيله فى مثل هذا الشهر قبل خمسين عامًا، كان يتقاضًا راتبًا شهريًا بلغت قيمته 500 جنيه، أما قيمة الصافى الذى كان يحصل عليه شهريًا فكانت فقط 395 جنيه و60 قرش و7 مليم.

 

ومثل أى رئيس أو حاكم يتوفاه الله بحثت الأجهزة الرسمية عن أرصدة للرجل فى بنوك الخارج فلم تجد، ولكنه مثل كل موظف حكومى مصرى تبين أنه إستبدل من معاشه 35 جنيه بما يعادل 3500 جنيه، حتى يستطيع تجهيز إبنتيه هدى ومنى للزواج، وشراء لوازم العرائس.

 

وعلى ذكر أسرته وحياته العائلية، رحل عبدالناصر دون أن يترك لأسرته منزلًا مملوكًا لهم، ولم يكن لزوجته السيدة تحية كاظم أى دخل إلا راتبه فى حياته ثم معاشه بعد رحيله.

 

وداخل دولابه الشخصى تم العثور على 10 بدل من إنتاج تعاون غزل المحلة، و3 كاميرات تصوير، كما كان يمتلك 8 أزواج من الأحذية وبعض الكرافتات جميعها من إنتاج الشركات المصرية، وفيما يتعلق بملابسه وجيوبها يذكر إنه عند رحيله وجدوا فى جيبه 84 جنيه.

 

 

 

أسرار إهتمامه بشراء أسهم فى الشركات والبنوك الحكومية

 

-                                             امتلك 5 أسهم فى مصر للألبان وسند واحد فى بنك عقارى وحصل على قرض إنتاج بقيمة 100 جنيه

 

إعتدنا فى عهد الرئيس الأسبق الراحل حسنى مبارك أن نجليه يمتلكون نسب ضخمة من أسهم شركات القطاع الخاص العملاقة والتوكيلات العالمية الضخمة، وفى سبيل تحقيق الأرباح الخرافية لا مانع من تخريب الشركات الحكومية التى تنافس شركات أبناء الرئيس وأعضاء لجنة سياسات الوريث.

 

أما عن عبدالناصر، فقد كانت له سياسات مختلفة، تعتمد على تشجيع الصناعات الوطنية والبنوك الحكومية، من خلال شراء نسبة رمزية من أسهمها، لتشجيع الناس على الاكتتاب فيها، لأنه كان يعلم بمكانته لدى الشعوب التى أطلقت إسمه وإسم نجله خالد على أبنائها.

 

وفى هذا السياق كان يشترى نسبة من الأسهم بقيمة رمزية تتماشى مع دخله المتواضع، فاشتملت قائمة استثماراته فى الشركات على 5 أسهم فى شركة مصر للألبان، وسند واحد فى بنك عقارى، و10 أسهم فى بنك الإتحاد التجارى، و100 سهم فى الشركة القومية للاسمنت، و18 سهم فى شركة النصر لصناعة أقلام الرصاص، فيما حصل على قرض إنتاج بقيمة 100 جنيه وامتلك شهادات استثمار بلغ إجماليها 600 جنيه، كما كانت له مساهمات بقيمة 60 جنيه فى شركة الحديد والصلب.

 

ولأنه فى الأساس ضابط فى القوات المسلحة المصرية فقد كانت له وثيقة تأمين قوات مسلحة بقيمة 1500 جنيه، ووثيقة أخرى فى شركة مصر للتأمين بقيمة 1000 جنيه، ووثيقة ثالثة بنفس القيمة فى شركة الشرق للتأمين

 

 

اكتفى بسيارته الأوستين التى كانت معه قبل الثورة

 

والده ظل يركب المواصلات إلى أن اشترى له سيارة نصر بالتقسيط

 

·                     رفض تعيين والده فى شركة أبورجيلة وقال: لما ينصلح حال البلد كلها نبقى نصلح أحوالنا

 

 

 

تظل السيارة الخاصة لرئيس الجمهورية علامة استفهام تستهوى الباحثين فى أسرار حياة الرفاهية والترف لطبقة سكان القصور، وعادة ما يتراهن هؤلاء فيما بينهم حول أفخم الماركات العالمية التى يتصورون أن رئيس الجمهورية لديه من أكثر من سيارة هو كل فرد من أفراد عائلته.

 

ولأن عبدالناصر لم يكن يومًا من طبقة ساكنى القصور، بل ولم يرغب أن يعيش حياتهم، فقد كانت لديه سيارة أوستين منذ أن كان ضابطًا شابًا فى القوات المسلحة، لكن الغريب أنه لم يغير هذه السيارة ولم يمتلك غيرها طوال الفترة التى اعتلى فيها سدة الحكم لما يقرب من ربع قرن.

 

والأغرب أن والده عبدالناصر حسين ظل يركب المواصلات العامة، فى الوقت الذى كان إبنه فيه نائبًا للرئيس محمد نجيب، ثم رئيسًا للجمهورية، بل وحينما حاول الأب أن يشترى سيارة من إحدى الشركات الوطنية رفض جمال بشدة وقال لوالده: "لما ينصلح حال البلد والناس نبقى نتكلم فى الموضوع ده".

 

ولكن لأنه إبن بار أشفق على والده المسن فقرر عام 1958 أن يشترة له سيارة نصر 1300 بالتقسيط على نفقته الخاصة، ودفع من جيبه جميع الأقساط.

 

وعلى ما يبدو كانت علاقته بالشركات العاملة فى مجال النقل والمواصلات قاصرة على شركة النصر للسيارات فقط، كشركة وطنية حكومية، حيث علم بأن المليونير عبداللطيف أبورجيلة عرض على والده بعد إحالته للمعاش أن يعمل فى إحدى شركات السيارات المملوكة له كعضو مجلس إدارة مقابل مرتب ضخم وسيارة فاخرة، ولكنه رفض وقال لأبيه بهدوء: "يا والدى إنت لست خبير فى مجال النقل والمواصلات، ولكنهم يريدون تعيينك لكى يشترونى عن طريقك". 

 

 

 

" لو حد فكر يستغل إسمى أنا مش هارحمه "

 

قال لعائلته : اعتمدوا على نفسكم إنتم مش مميزين عن باقى الناس

 

·                     مصر كانت تنافس كوريا الجنوبية فى النمو ثم أصبحت تنافس بوركينافاسو فى الفساد

 

 

 

من المعروف أنه حتى أكثر المعارضين لسياسات عبدالناصر لا ينكرون أن مصر فى عهده كانت مرشحة لأن تكون نمر إقتصادى على غرار النمور الآسيوية، بسبب التوسع فى التصنيع والاهتما بالصناعات الوطنية المتنوعة من الغذائية إلى الثقيلة وصولًا إلى التصنيع الحربى، وتوضح البيانات الرسمية ان مصر كانت فى عهد عبدالناصر وتحديدًا قبيل هزيمة 67، تنافس كوريا الجنوبية على خط التقدم، ثم تبدلت الأحوال وتفشى الفساد بعد رحيله فى عصور الانفتاح والخصخصة حتى أصبحت فى أواخر عهد مبارك تنافس بوركينافاسو على خط الفساد.

 

ولأن الفساد هو إستغلال النفوذ والسلطة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، يذكر أن الرئيس عبدالناصر قال  لشقيقه شوقي: "أنا ما عنديش مانع أن مستواكم المادي ينمو ويتحسّن، بس مع نمو المستوى الاقتصادي للبلد كلها، وبشرط أن تعتمدوا على أنفسكم.. يعني الناس كلها مستواها ينمو وإنتم كمان مستواكم يتحسن علشان إنتم مش مميزين عن بقية الناس.. وبصراحة شديدة لو حد منكم فكر إنه يستغل اسمي أنا مش هرحمه".

 

 

 

لأنه لم يكن فاسدا تآمر عليه الأمريكان والإخوان

 

"  كيسنجر "  قال أشعر بالسعادة لوفاة عبدالناصر وجون ماكين قال عن السيسى لانريد ناصر جديد

 

 

 

في حوار عبقري للمبدع وحيد حامد ضمن أحداث فيلم "طيور الظلام" قال الإخوانى رياض الخولي لمحامي الحزب الوطني إنه يدافع عن نظام فاسد فقال له عادل إمام مخاطبًا جماعة الإخوان "وانتوا عايزين إيه غير نظام فاسد، ده انتوا موجودين بالفساد".

 

ولأن عبد الناصر لم يكن لصًا ولم يكن عهده فاسدًا كرهه الإخوان المجرمين وتآمروا عليه وحاولوا قتله، ومن أجل إسقاطه ذهب سعيد رمضان مدير مكتب حسن البنا وزوج ابنته ليلتقي بالرئيس الأمريكي "آيزنهاور" داخل البيت الأبيض لوضع مخطط إسقاط نظام "ناصر".

 

ولم يخفى الأمريكان كراهيتهم للرجل، حتى بعد رحيله كتب هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في مذكراته "أشعر بالسعادة لرحيل جمال عبد الناصر".

 

وبعد مرور عقود طويلة على رحيله ظهر عبد الفتاح السيسي بنفس صورة القائد العسكري السياسى القادر على التصدي لمؤامرات الإخوان والأمريكان ومحاربة الفساد مستندًا على شعبيته الطاغية بين أبناء بلده، فخرج علينا جون ماكين السيناتور الأمريكي الذى عرف قبل رحيله بأنه صديق جماعة الإخوان ليعلن صراحة أن بلاده لا تريد ظهور ناصر جديد في المنطقة.

 

وهو ما يعيدنا لمقولة عبدالناصر نفسه حين قال "طول ما الأمريكان والإخوان بيشتمونى يبقى أنا ماشى صح وبشتغل لمصلحة مصر".

 

 

 

تحدى الأتراك وأوقف دفع الجزية كأنه تنبأ بظهور إردوغان

 

 

 

ومن مفارقات القدر ألا يكون عبدالناصر متحديًا للأمريكان والإخوان فقط، ولكن للأتراك أيضًا، وكأنه تنبأ بظهور رجب طيب إردوغان الرئيس التركى الإرهابى، ولما لا إذا كان استقراء التاريخ يرسم لمن يقرأه جيدًا معالم المستقبل، حيث لا يخفى على أحد أن وقوع مصر تحت الاحتلال التركي العثماني، كانت أسوء فترات تاريخها، حيث ساءت أحوال البلاد السياسية والاقتصادية، وتحولت مصر وقتها من دولة مستقلة يغمرها العمران إلى دولة بدائية للغاية، ليس لها نصيب من الحضارة.

 

ومنذ أن وقعت مصر تحت الاحتلال التركي، وهى تقوم بدفع جزية سنوية للمحتل العثمانى، حتى بعد وقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني عام 1882 وفرض الحماية البريطانية على مصر ظلت تركيا تحصل على تلك الأموال غير المستحقة ( الجزية ) سنويا.

 

بل أن المفاجأة أنه رغم سقوط الخلافة العثمانية عام 1924 استمر حصول تركيا على تلك الأموال قيمة الجزية التي كانت مفروضة على مصر إبان الحكم العثماني، ودفعتها مصر على مدى أربعين عاما بطريق الخطأ وكانت هذه الجزية تقدم إلى الحكومة التركية في صورة ذهب، وكان ناصر هو أول من اكتشف هذا الخطأ وأوقف دفع الجزية للأتراك.

 

 حسبما أعلن الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل في كتابه “سنوات الغليان” الجزء الأول، وأشار فيه إلى أن الحكومة المصرية ورغم انتهاء الخلافة العثمانية إلا أنها ظلت تسدد الجزية العثمانية من سنة 1915 وحتى 1955 دون حق أو أسس مشروعية.

 

 

 

 


مقالات مشتركة