البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2020-11-21T15:45:14+02:00

المليارات الضائعة داخل المشروعات الممولة بقروض أجنبية

محمد طرابيه

فى 29 أغسطس 2020  ،  قال الرئيس عبدالفتاح السيسى ، خلال افتتاحه ، مجموعة من المشروعات القومية بنطاق محافظة الإسكندرية : "إننا مضطرون للتمويل الخارجي للمشروعات التي نقوم بها حتى نستطيع تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي نسعى إليها لتحسين حياة المواطنين وتوفير الخدمات التي يحتاجونها"، مشيرًا إلى أن القروض التي يتم الاتفاق عليها تكون بشروط ميسرة للغاية.

 وإنطلاقاً من الأهمية الكبيرة لقضية القروض الأجنبية التى حصلت عليها مصر سواء فى العهود السابقة او فى عهد الرئيس السيسى ، قررنا فتح هذا الملف ، لنكشف عن عدد من التجاوزات والمخالفات الجسيمة فى المشروعات المنفذة بقروض أجنبية .

وسوف نكشف عن هذه التجاوزات بمستندات رسمية صادرة عن الجهاز المركزى للمحاسبات ومجلس النواب .

ونحن اذا نفتح هذا الملف الخطير جداً نتمنى أن تقوم كافة الجهات المعنية  بدورها  وتذليل كافة العقبات والمشكلات ومحاسبة كل من تسبب فى تعطيل أو منع الإستفادة من هذه المشروعات .

الجدير بالذكر أن البنك المركزى المصرى أعلن عن   سداد 20 مليار دولار من ديون مصر  الخارجية خلال النصف الأول من العام الجاري، كما أوضح أنها تعتزم سداد 5 ملياارت دولار أخرى من الديون قبل نهاية نفس العام.

وكان البنك المركزي ، قد أوضح أن ديون مصر الخارجية بلغت 112.6 مليار دولار بنهاية ديسمبر  الماضي، منها 101.3 مليار دولار ديونا طويلة الأجل.

وذكر  البنك المركزى أنه من المقرر أن تسدد مصر التزامات خارجية تبلغ نحو 13.94 مليار دولار خلال عام 2021، ونحو 12.613 مليار دولار خلال عام 2022.

وأشار إلى أن مصر ستسدد آخر التزام خارجى فى النصف الأول من عام 2071 بقيمة 4.47 مليون دولار، وذلك فى حالة عدم الحصول على قروض خارجية جديدة.

وأظهرت البيانات أن قيمة الالتزامات الخارجية التى ستسددها مصر، وتشمل أصل الدين وخدمة الدين، بداية من عام 2020 وحتى النصف الأول من 2071 تبلغ نحو 134.86 مليار دولار مقسمة على 99.783 مليار دولار أصل الدين، و35.081 مليار دولار خدمة الدين.

وأوضح البنك المركزى أن %90 من أرصدة الدين الخارجى القائمة فى نهاية ديسمبر الماضى يتم تصنيفها فى الأجل الطويل وتبلغ قيمتها 101.4 مليار دولار، بينما تصل قيمة المديونية قصيرة الأجل (استحقاق أقل من 12 شهرا) إلى 11.3 مليار دولار بنسبة %10.

 

وأشار إلى أن 34.7 مليار دولار من الدين الخارجى طويل الأجل مستحق لمؤسسات دولية و20.9 مليارا عبارة عن سندات دولية و10.2 مليار دولار ديون ثنائية منها 1.8 مليار دولار تسهيل دعم السيولة الذى قدمه بنك التنمية الصينى للبنك المركزى المصرى فى ديسمبر 2019.

فى هذا السياق ،  أشير إلى أننى حرصت على الإستشهاد بهذه البيانات والأرقام الرسمية للتأكيد على خطورة هذه القضية ومدى تأثيرها على الإقصاد القومى فى المرحلة الحالية ، بالإضافة إلى  تأثيراتها فى مستقبل الأجيال الحالية  والقادمة فى مصر  ، خاصة فى ظل التزايد المستمر فى أرقام الديون الخارجية وما يصاحبه ايضاً من زيادات مستمرة فى معدلات الديون الداخلية التى وصلت هى الآخرى لأرقام فلكية .

 

وقبل أن نكشف ما رصدته تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات فى هذا الشأن ، نطالب بأن يكون التعامل مع أكثر من 120 تقريراً سنوياً يصدرها الجهاز سنويا  ويرسلها إلى مجلس النواب بطريقة أكثر جدية  ، بدلاً من التعامل مع ما تكشفه تلك التقارير على أنها مجرد ملاحظات  وليست مخالفات وتجاوزات جسيمة تكشف عن إهدار مئات المليارات من المال العام سنوياً .

ويؤسفنى القول إن طريقة تعامل مجلس النواب  مع تقارير جهاز المحاسبات ليست على الوجه المطلوب ، حيث يتم تجاهل مناقشة معظمها ، وتلخيصها أثناء مناقشتها فى اللجان النوعية بالمجلس وهو ما يعطى صورة غير حقيقية عن حجم التجاوزات والفساد المالى فى الغالبية العظمى من قطاعات ومؤسسات الدولة .

 

 

 

 

 نأتى إلى التجاوزات والمخالفات التى رصدتها  تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حول " مركز الدين العام الخارجى " ، والتى كشفت  عن عدم الاستفادة من القرض رقم ١٠٧ المقدم من البنك الإسلامى للتنمية بخصوص المساهمة فى تمويل مشروع محطة تأهيل محطات الضخ لمياه الرى والصرف (مصلحة الميكانيكا والكهرباء) والبالغ قيمته نحو ١٠٩٫٩٥ مليون دولار والمبرم فى ٢٤/٦/٢٠١٤ نتيجة عدم إعداد دراسات الجدوى اللازمة قبل توقيع القرض أدى إلى إلغاء البنك للمشروعات التى لم يتم السحب منها أو ذات الأداء المنخفض مما أدى ذلك إلى تحميل الموازنة بمبالغ جملتها نحو 10  ملايين و680 ألف جنيه تمثل تكاليف الدورات التدريبية اللازمة للعاملين بالمشروع دون جدوى.

 

كما تم الكشف عن عدم الاستفادة من قرض مشروع إنشاء مزرعة رياح بخليج السويس بقدرة مركبة (٢٥٠-٢٠٠ ميجاوات) والبالغ ٣٤٥ مليون يورو مقدمة من الشركاء الأوروبيين فى التنمية والمتمثل فى (الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبى وبنك الاستثمار الأوروبى وبنك التعمير الألمانى) والمبرم فى ٨/٧/٢٠١٧ بهدف المساهمة وتنويع مصادر توليد الكهرباء بجمهورية مصر العربية والحد من آثار التغيرات المناخية وقد تبين عدم السحب من القرض وعدم الاستفادة منه الأمر الذى أدى إلى تحميل الموازنة بقيمة عمولة ارتباط سنويا بلغت نحو ٢٣٨ ألف يورو بما يعادل ٤٫٥٠٣ مليون جنيه قيمة القرض الأصلية.

 

وكشفت التقارير الرقابية عن عدم الاستفادة من القرض الخاص بمشروع خط ائتمان لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة (مرحلة ثانية) والموقع فى ٣٠/٦/١٩٩٩ بين مصر وإيطاليا بقيمة إجمالية بلغت ١٢٫٩ مليون يورو فى الغرض المحدد له حيث إنه دخل حيز التنفيذ فى ١/٣/٢٠٠١ ورغم المزايا والشروط المعدلة والميسرة المحددة للقرض إلا أنه تبين أن قيمة المسحوبات من القرض بلغت نحو ٤٫٣٢٣ مليون يورو بما يعادل نسبة ٣٣٫٥٪ من القيمة الإجمالية للقرض حتى ٣٠/٦/٢٠١٩ لوجود معوقات فى التنفيذ.

 

وفى هذا السياق ، تم الكشف عن عدم الاستفادة من المبالغ المتبقية من قرض بنك الاستثمار الأوروبى الممنوح لوزارة الطيران المدنى والمخصص لتمويل مشروع تطوير الملاحة الجوية والبالغ قيمته نحو ٥٠ مليون يورو والموقع فى ١٧//١٢/٢٠٠٣ نتيجة استمرار تباطؤ معدلات السحب وذلك لوجود مشاكل ومعوقات فى التنفيذ حيث إن قيمة ما تم سحبه من القرض نحو ٤٫١٩ مليون يورو حتى ٣٠/٦/٢٠١٩ بنسبة ٨٪ من إجمالى قيمة القرض الأمر الذى ترتب عليه عدم تنفيذ المشروع وفقا للبرنامج الزمنى المحدد له.

 

كما تبين استمرار تباطؤ معدلات السحب من القرض المقدم من الوكالة الفرنسية بخصوص المساهمة فى برنامج تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي (المرحلة الثانية) والبالغ نحو ٥٧ مليون يورو على الرغم من مرور ما يقرب من خمس سنوات من إعلان نفاذ القرض فى ١/٦/٢٠١٤ مما أدى إلى تحميل الخزانة العامة سنويا بقيمة عمولات الارتباط على المبالغ الغير مسحوبة من القرض والبالغة نحو ٢٫٥٠١ مليون جنيه.

 

 وفى هذا الإطار تم الكشف عن قيام وزارة المالية بالترخيص بالخصم مباشرة على الباب الثالث والثامن (فوائد وأقساط) بمبالغ جملتها نحو ١٠٧٢ مليون جنيه قيمة فوائد وأقساط بدلا من الخصم على حسابات الضمانات الحكومية عن القرض الذى حصل عليه بنك الاستثمار القومى من اثنين من البنوك الكبرى  بمبلغ ٢٫٥ مليار جنيه لتنفيذ مشروعات تنموية بالمحافظات.

كما تبين قيام وزارة المالية بإصدار ضمانة لبنك الاستثمار القومى استنادا إلى الرأى القانونى الذى انتهى إلى أن بنك الاستثمار القومى يعد من الأشخاص الاعتبارية العامة ويمكن أن ينطبق عليه القرار الجمهورى رقم ١١٥ لسنة ١٩٨٦ والذى يأذن لوزير المالية أن يضمن الهيئات والمؤسسات العامة إلا أنه لم يتبين مدى اتفاق ذلك مع أحكام المنشور العام رقم ٢ لسنة ١٩٨٥ بشأن المستندات اللازم استيفائها لإصدار ضمانة من وزارة المالية وكذا التعليمات الداخلية الصادرة بالمحددات والاشتراطات المطلوبة قبل إصدار الضمان.

وتعقيباً على ما كشفته تقارير جهاز المحاسبات ، طالبت لجنة لخطة والموازنة بمجلس النواب  بتحديد المسئولية فى عدم الاستفادة من  تلك القروض وما ترتب عليه من عدم تحقيق الأهداف المبرمة من أجلها ،  وما ترتب على ذلك من تحمل الموازنة العامة للدولة بقيمة عمولة ارتباط سنويا.

كما طالبت اللجنة من الحكومة إعداد دراسة وافية عن كافة الظروف والملابسات المتعلقة بالقروض، وبالأخص المشاكل والمعوقات التى صادفت عملية تنفيذ مشروع تطوير الملاحة الجوية، وأدت إلى تأخر عملية التنفيذ فى التواريخ المحددة لها، وذلك ليتسنى للجنة اتخاذ القرار الملائم فى ضوء هذه الدراسة.

 

وفى النهاية ، أشير إلى أننى أعلم علم اليقين  أن الرئيس السيسى كثيراً ما طلب من الحكومة أن تقوم بالتقليل من القروض الأجنبية التى تحصل عليها مصر ، والبحث عن بدائل  لتمويل المشروعات .ولذلك أتمنى من الرئيس السيسى وكافة مؤسسات الدولة السيادية والرقابية والقضائية فتح ملف المليارات المهدرة فى المشروعات المنفذة بقروض أجنببية ، حيث أن هناك مشاكل وأزمات وأخطاء حدثت تسببت فى منع الإستفادة من عشرات القروض التى حصلت عليها مصر سواء فى عهود سابقة أو حتى فى سنوات حكم الرئيس السيسى .

وأقول إن هذا الملف شائك وخطير ويستحق الإهتمام الكبير ، حتى نتمكن من الإستفادة من هذه القروض الأجنبية التى تحصل عليها مصر فى كثير من الأحيان بشروط صعبة واشتراطات  تنعكس بصورة سلبية على معيشة وحياة المواطن المصرى .

ولذلك أتمنى أن يقوم الرئيس أو مجلس النواب بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق تضم فى عضويتها كافة الجهات المعنية والرقابية ، حول  قضايا القروض الخارجية حتى نقف على الأسباب الحقيقية  لعدم الإستفادة من هذه القروض ، وأسباب تحمل الخزانة العامة للمليارات من الجنيهات  نتيجة التأخير أو عدم السحب من هذه القروض فى المواعيد المحددة ، وبحث الوسائل الكفيلة والحلول الجذرية لمنع حدوث مثل هذه الأزمات والمشاكل .


مقالات مشتركة