الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2021-01-11T13:59:45+02:00

( كورونا ) .. الحكومة تكذب ولا تتجمل

سيد سعيد

ليس من المعقول على الإطلاق، الاستمرار فى العزف على أوتار التهوين من حجم الكوارث الناجمة عن فيروس» كورونا»، فالبيانات والتصريحات المتواترة فى الميديا بتنوع أشكالها وتعدد مسمياتها، لا تعكس بأى صورة الواقع المؤلم، وما يحويه من معاناة حقيقية، تعيشها فئات مجتمعية لا تملك سوى التضرع إلى السماء، لذا لم يعد بمقدور أى أحد أن يقفز على مخاوف اللحظة الراهنة، وهى مخاوف مرتبطة بفقدان الثقة فى المعلومات المتداولة، باعتبار أنها تتنافى تماماً مع البيانات الرسمية المعلنة فى النشرات عن أعداد المصابين والوفيات، فضلاً عن أمور شتى مرتبطة بوقائع مرعبة تحدث على مدار الساعة فى المستشفيات الاستثمارية والحكومية، ومعامل أبحاث الدم ومراكز الأشعة مجملها، وإن كان مدعاة لغضب شرائح المجتمع بتنوع مستوياتهم، إلا أن الفئات الفقيرة، وما أكثرهم فى بر مصر، هم وحدهم الذين يقفون على الهامش فى انتظار المجهول.

 قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام ما مفاده وفاة مواطنين فى غرفتى الرعاية المركزة فى مستشفيين حكوميين بمحافظتى الشرقية والغربية، صاحب الواقعتان لغطا شديدا، حول نقص الأكسجين فى الرعاية، والأهمال العمدى وما شابه ذلك من الأمور، التى فتحت المجال واسعاً أمام جنرالات الافتاء بدون علم لتوجيه الاتهامات من ناحية، وأبواق الدفاع المستميت بلا دراية من ناحية أخرى، فتاهت الحقيقة وسط الأمواج المتلاطمة، ولم يتبق منها سوى علامات الاستفهام لتسفيه القضية.. من الذى قام بالتصوير؟ ومن الذى علا صراخه لفقد عزيز لديه؟ دون التطرق لجذور الأزمة للحد من تفاقمها.

 فى هذا السياق لا يمكن لى أو لغيرى من غير المتخصصين، الافتاء فى أمور طبية تتعلق بأسباب الوفاة التى حدثت فى غرفتى الرعاية بمستشفى الحسيسنية» شرقية» أو زفتى» غربية، لذا أجدنى لا أميل بأى صورة من الصور، لتصديق مزاعم انقطاع الأكسجين بصورة مفاجئة، أو نتيجة الإهمال أو غير ذلك، فجهات التحقيق الفنى والقانونى، هما وحدهما من يقررا إثبات الحقيقة من غير مزاعم ومن دون الانتصار لفريق ضد آخر، إلا أن ما لفت نظرى فى هذه القضية، هو التهوين من حجم الواقعة، عبر إطلاق التصريحات الفورية، لتكذيب ما جرى تداوله بالفيديوهات» صوت وصورة» قبل إجراء التحقيقات، وهو ما يدين الحكومة ويعزز من اتهامها، بعدم الشفافية فى أمور تتعلق بحياة الناس، خاصة البسطاء، لأنهم دون سواهم المترددين على المستشفيات الحكومية وهم وحدهم ضحايا الإهمال. إن الوقائع التى حدثت، لا يمكن بحال من الأحوال، التقليل من آثارها السلبية على الشرائح المجتمعية الفقيرة، فهؤلاء ليس لديهم أى قدرة، أكرر مرة أخرى، ليس لديهم أى قدرة، على تحمل تكلفة العلاج فى المستشفيات الخاصة، ولم يعد أمامها سوى أمل وحيد، وإن كان هذا الأمل الوحيد بعيد المنال، إلا أنهم يتعلقون به، بعد أن دهسهم غول الأسعار تحت عجلاته، وهو اللجوء للمستشفيات الحكومية، وإن تحقق، فلا يكون إلا للحالات الحرجة، وهو ما يعرفه القاصى والدانى، ولم يعد سراً خافياً على أحد، خاصة أن الغالبية فى الريف والحضر، يعرفون الحقيقة ويتعايشون معها بصورة يومية، هم يعرفون أعداد الحالات التى أصيبت، ويعرفون أعداد الذين فارقوا الحياة من دون الحصول على العلاج للسيطرة على الفيروس القاتل، أو الذين فارقوها عقب دخولهم المستشفيات مباشرة بعد تدهور حالتهم، وتوغل الفيروس فى أجسادهم.

 هؤلاء يوثقون الوقائع الخاصة بهم وبذويهم عبر الإعلان عنها على مواقع التواصل الاجتماعى، أو عن طريق المعارف والجيران والأقارب الذين أصيبوا بالفعل، وعزلوا أنفسهم بعد أن ذاقوا مرارة البحث عن وسائل الفحص فى المعامل الخاصة ومراكز الأشعة، التى تنشط تجارتها أثناء الكوارث، لتحقيق أرباح خيالية، من دون النظر إلى المسئولية الاجتماعية التى تقع على عاتق المنشآت الطبية، باعتبار أن الطب رسالة إنسانية. كل هذه الأمور وغيرها كافية لتنامى الشكوك فى مصداقية الحكومة وفى قدرتها على التعامل مع الجائحة بصورة عملية، خاصة أن ما يبرز على السطح من حقائق معلومة، لا يتسق مع ردود المسئولين عليها، فإذا توقفنا على سبيل المثال، لا الحصر أمام تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى، نجد أن إصراره على التهوين من حجم الوباء يفوق التصور، بالتأكيد على استمرار الدراسة فى المدارس، ويفوق قدرة احتمال أولياء الأمور على الانصياع لقراراته خوفاً على أبنائهم، فلولا تدخل القيادة السياسية فى هذا الشأن لحدثت الكوارث، خاصة فى المدارس الحكومية، التى تضم الملايين من أبناء البسطاء على اتساع الوطن، من غير القادرين على التعايش مع متطلبات وأساليب التوعية الضرورية، أو بمعنى أكثر دقة، غير قادرين على شراء الكمامات، رغم تدنى أسعارها وغير قادرين على تكاليف المطهرات.

أسوأ ما فى تلك الأمور، طريقة تعامل الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة والبيانات الرسمية التى تتناقلها وسائل الإعلام المحلية، فالجائحة عالمية، ولم يعد خافياً على أحد، سواء من المهتمين بمتابعة التقارير الدولية، أو من غير المهتمين، أن دولاً كبرى من حيث التقدم العلمى والتفوق الاقتصادى واتساع مساحة الوعى المجتمعى، تضررت بصورة أزعجت حكومات تلك الدول، مثل بريطانيا وبلدان الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، بما يعنى أن الوباء عالمى وشرس ويهدد أرجاء المعمورة، وليس مصر وحدها، إلا أن الحكومة تعاملت، ومازالت تتعامل، مع تلك الحقيقة المرة بقدر هائل من التهوين، وكأنها تدارى عورة، لا تريد إظهارها على الملأ بعدم الإفصاح عنها، ولا ترغب فى أن يعرف المجتمع شيئاً عنها، عبر التعتيم على التداعيات الخطيرة، مما يساهم فى تنامى الشكوك فيها، بلوغاً لوصمها بالفشل.

 فالحكومة لم تتسم بالشفافية فى كل ما يتعلق باللقاحات التى جرى الإعلان عن وصولها والتعاقد عليها، فهذا الأمر طاله الكثير من اللغط، ولم تكن بعيداً عن مساحة الشكوك المتنامية فى كل ما يصدر من تصريحات لمسئولى وزارة الصحة، وبيانات حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، أما السبب فهو الإصرار على التهوين من حجم الأزمة، رغم الهلع العالمى من الموجة الثانية للفيروس القاتل، ورغم تضارب المعلومات المتواترة فى الميديا عن جدوى اللقاحات ونسبة نجاحها فى مواجهة الفيروس المتحور.

 المثير للاستغراب أن التهوين يحدث من دون وجود مؤشرات حقيقية تقترب منه، فتارة تقول الحكومة أنها تعاقدت مع الصين على استيراد اللقاحات وأنها على وشك الوصول، وسرعان ما تخرج تصريحات أخرى، مفادها أن الحكومة تدرس التعاقد على لقاحين أحدهما بريطانى والآخر أمريكى، بما يشير إلى أن الحكومة، بالفعل، لم تتوقف عن اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الأزمة، إلا أن القائمين على التنفيذ من المسئولين عن هذا الملف، لا يملكون جرأة الإفصاح عن تلك التدابير، خشية اكتشاف أكاذيبهم المتواترة فى التصريحات العبثية، كما أنهم لا يملكون مواجهة الرأى العام بما يحدث من إهمال فى المستشفيات، جراء عدم وجود رقابة حقيقية من وزارة الصحة، فالحكومة من خلال اجتماعاتها تقوم بتوفير جميع الإمكانيات لمواجهة الفيروس اللعين، ابتداء من الإجراءات الحاسمة والحزم فى التوجيه بالتوعية، وتوفير احتياجات غرف الرعاية المركزة وتوفير أجهزة التنفس الصناعى، إلا أن الرقابة عليها فى وادٍ آخر، ما يمنح المتربصون وسيلة للتحريض على الدولة ومؤسساتها.

 لم يدخر المغامرون ومحترفو التربح من الكوارث، جهداً فى ابتكار الطرق الاحتيالية المتنوعة، لتحقيق مآربهم على حساب الوطن والمواطنين، فمن بيع أسطوانات الأكسجين فى السوق السوداء، إلى اختفاء أدوية البروتوكولات الطبية لتقوية جهاز المناعة للحد من توحش الفيروس، أصبح كل شىء متاحا ومباحا، وهذه الأمور ليس لها تفسير سوى وجود أزمة حقيقية، بما يعنى نقص فى وجود الأدوية الضرورية من الأساس، لذا فإنها تباع فى السوق السوداء، أو أن هناك مافيا تصنع الأزمة بتخزين المتطلبات التى يحتاجها الناس للعلاج أو الخضوع للتنفس الصناعى فى المنازل أو غرف الرعاية المركزة بالمستشفيات العامة والخاصة. الأخطر من هذا وذاك،اختفاء أدوية تعزيز المناعة،المتعلقة بالبروتوكول العلاجى لمرضى فيروس» كورونا»، فالحديث عن هذه النقطة تحديداً، لم يكن حديثاً عبثياً، أو أنه من قبيل توجيه الانتقادات للحكومة، لاتهامها بالفشل فى هذا الملف الأكثر أهمية، إنما لأن المخاوف المرتبطة بتلك القضية، خرجت من حيز الصراخ غير المسموع، إلى براح النقاش العلنى تحت قبة مجلس الشيوخ، بما يؤكد حقيقة انعدام الرقابة.

 قبل أيام قليلة وبالتزامن مع تزايد شكاوى المواطنين من اختفاء الأدوية الضرورية، وتخبط الحكومة فى تصريحاتها عن اللقاحات، مرة تقول إنها تعاقدت منذ فترة على اللقاح الصينى الذى تم تجريبه، ومرات أخرى تقول إنها تستعد للتعاقد على اللقاح الألمانى، ثم الروسى، فى ظل تلك الحالة المشحونة بالغموض، تقدم أحد النواب بمذكرة برلمانية، أوضح خلالها عدة تحذيرات، مضمونها يتعلق باتساع مساحة القلق والخوف لدى المواطنين من الإصابة أو العدوى من» كورونا»، مما سيدفعهم لبعض الممارسات الخاطئة، منها التهافت على الصيدليات لشراء الأدوية الخاصة بتعزيز «المناعة والفيتامينات» بروتوكول العلاج من كورونا، لتخزينها بكميات كبيرة، ما ينذر بوجود عجز فى المسكنات وخوافض الحرارة، ما يؤدى بالتبعية إلى التأثير السلبى على المخزون الاستراتيجى من الأدوية، خاصة أن التكالب على الشراء، سيحرم المرضى من فرص الحصول على الدواء، المذكرة طالبت بالتحرك السريع لمنع حدوث كارثة جراء تلك الأفعال، وهذا لا يتحقق إلا بمنع صرف أدوية البروتوكول العلاج بدون روشتة، واقتصار صرفها على الصيدليات العامة وتحت إشراف وزارة الصحة.

 اختفاء الأدوية وبيعها بأسعار خيالية فى السوق السوداء، دفع بعض التجار ومعهم أطباء فى استغلال حاجة الناس لأدوية تقوية المناعة، عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعى للترويج عن عبوات مكملات غذائية، وليست دوائية، يؤكدون أنها تقوى الجهاز المناعى والتغلب على فيروس «كورونا»، فضلاً عن ظهور بعض الأطباء على قناة» يوتيوب»، يروجون لعلاجات بدائية، تعود بنا إلى العصور السحيقة، فهل هذه الأوبئة الخطيرة، أصبحت وسيلة مثالية وسهلة لجنى الأرباح بالفهلوة،عبر الترويج للمكملات الغذائية التى تباع على أنها أدوية لمواجهة» كورونا»، ولماذا لا تصدر وزارة الصحة نشرة للتحذير من الانسياق وراء الأوهام، فالمروجون يعرفون أن شرائح المجتمع، لديها دراية بأن استخدام الأعشاب، لا ينتج عنه ضرر، لذا فإن الرهان على هذه الجزئية، يمنح الفرصة للترويج بأنها ذات فوائد متعددة لتقوية المناعة، وما بين الفهلوة وقناعة المواطن، تاهت الرقابة الصحية، وأصبحت المسئولية المجتمعية فى خبر كان.


مقالات مشتركة