البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2021-02-15T16:09:52+02:00

المسكوت عنه فى جائحة« كورونا»

سيد سعيد

 بدون مقدمات إنشائية، وبدون» تزويق» لواقع معلوم وملموس من القاصى والدانى فى بر مصر.. لا يوجد فى الوقت الراهن، شىء ما يحظى بالاهتمام العام، ويؤرق الشعب المصرى بكل فئاته وشرائحه المجتمعية ليل نهار، سوى جائحة «كورونا»، فالمخاوف منها ومن تداعياتها، تفوق فى قسوتها، كل ما عداها من هواجس أخرى، تخص بقية الأمور الحياتية، وما يندرج تحتها من مفردات لمشكلات متنوعة، مرتبطة بالمعاناة اليومية للناس، ابتداء من ارتفاع فواتير الخدمات الضرورية، وليس انتهاء بالانفلات غير المبرر فى أسعار بعض السلع، التى لا يمكن الاستغناء عنها، مهما كانت تكلفتها، لعل أبرزها الدواء، باعتبار أن المعاناة من المشكلات الحياتية، أصبحت أمورًا عادية، يمكن التعايش معها، والرضا بها، رغم كل ما تحويه من مرارات.

 الخوف من الوباء يجتاح بيوت غالبية المصريين، لا فرق بين غنى أو فقير، سواء كانوا من الريف أو الحضر، ويكمن جوهر الهواجس التى تسيطر على أذهان كثيرون، الآن، فى عدم شفافية البيانات المتداولة عن أعداد المصابين بالفيروس اللعين، ما يؤدى بالتبعية إلى عدم تصديق تلك البيانات، فضلاً عن اتساع دائرة التشكيك فى جدوى اللقاحات، التى راج الحديث عنها فى الأونة الأخيرة، وإمكانية الحصول عليها، والأهم من هذا وذاك، هو التناقض الواضح فى كل المعلومات المتداولة، التى اختلط فيها ما هو رسمى، بما هو غير رسمى، حتى تاهت الحقيقة.

 إن الخوف من المجهول، ليس ترفًا فى التفكير، بل هو من الأمور الطبيعة المرتبطة بالظروف الإنسانية والأوضاع الاجتماعية، خاصة فى أوساط الذين يعتمدون على بنيانهم الجسمانى، وصحتهم فى العمل البدنى من أجل العيش الكريم، وما أكثرهم.. هؤلاء ليس لديهم أى مقدرة على تحمل المرض وتبعاته وأعبائه، وأهمها تكاليف العلاج الباهظة، فضلاً عن أن الصحة هى القضية الأكثر أهمية فى كل زمان، وفى كل مكان، لذا تضعها كل دول العالم ضمن أولويات الأمن القومى.. لم يعد خافيًا على أحد، أن هواجس المصريين، لم تأت من فراغ، إنما جراء عدم دقة المعلومات المتواترة، بل تضاربها، حول أعداد المصابين والوفيات، فهناك بيانات رسمية تصدر يوميًا من وزارة الصحة، أو مجلس الوزراء، تتضمن أعدادًا تتناقلها وسائل الإعلام، كما أن هناك معلومات أخرى تتضمن أرقامًا، مزعجة، يتم تداولها على مدار الساعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وما بين هذا وذاك، أصبح من الطبيعى جدًا، أن تتنامى الشكوك فى الآونة الأخيرة بصورة غير مسبوقة، فى كل ما يتم الإعلان عنه، خاصة مع تصاعد وتيرة تحذيرات منظمة الصحة العالمية، من خطورة الموجة الثانية للفيروس اللغز، باعتبارها الأكثر شراسة من الموجة الأولى، الأمر الذى أربك حكومات بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، جراء ارتفاع أعداد المصابين، بالتزامن مع رواج الأخبار، التى احتلت الصدارة فى وسائل الإعلام الدولية، عن اقتراب إنتاج اللقاحات لمكافحة الفيروس، فضلاً عن تبارى حكومات الدول الكبرى فى بث الطمأنينة لشعوبهم فى إطار السباق المحموم بين شركات الدواء الكبرى على إنتاج اللقاحات، زاد من مخاوف الغالبية، تضارب المعلومات حول نتائج التجارب التى أجريت فى الصين وأوربا، مرورًا بالولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى فتح الباب واسعًا أمام التشكيك فى جدواها، خاصة أن التقارير العلمية لم تحسم ما تردد على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام، وبيانات منظمة الصحة العالمية، وخبراء أدلوا بدلوهم فى الميديا، عن أن اللقاح لا يمنع إمكانية انتقال العدوى لآخرين لم يتم تطعيمهم. لكن وبرغم حالة الاستنفار الحكومى للحد من تداعيات الجائحة، وما تبذله من جهود، يبقى الانحياز دائمًا للمواطنين، خاصة الذين دهسهم الفقر تحت عجلاته بلا رحمة، فهؤلاء دائمًا هم الأكثر مصداقية، لأنهم يعيشون فى قلب الحقيقة، ويعبرون عنها من دون رتوش.. إذا كانت الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة، لم تدخر جهدًا منذ بداية الجائحة العالمية، لعلاج المصابين وتخصيص مستشفيات للعزل، وفق المتاح داخل تلك المستشفيات من إمكانيات» أجهزة وطواقم طبية وغرف رعاية» إلى جانب التوعية والتشديد فى اتخاذ الإجراءات الاحترازية، إلا أنها فى كثير من الأحيان، لا تملك جرأة الافصاح عن الواقع بشفافية، ولا تستطيع اتخاذ الخطوات، التى من شأنها التعبير عن قدرتها على تحمل المسئولية دون العودة إلى المستويات الأعلى، فهى دأبت على انكار الواقع، بسيل من التصريحات، والتصريحات المضادة، وكأن الوباء عورة يجب إخفاؤها عن العيون. يا سادة.. على الجميع إدراك أن الجائحة عالمية، ركعت تحت أقدامها أعتى الدول، وأكثرها تقدمًا ورفاهية، لذا يجب على الحكومة وبالأخص وزارة الصحة، أن تتعامل معها بشفافية تعكس مصداقيتها، وليس بالتصريحات، التى يحمل جوهرها تعقيدا للأمور، وفتح الباب أمام الشائعات. الغوص فى دائرة الجدل حول مصداقية أى من البيانات الرسمية المشكوك فى صحتها، أو غير الرسمية، التى تعبر بجلاء عن الواقع الحقيقى على الأرض، فيما يتعلق بأعداد المصابين والوفيات، مرورًا باللقاح وجدواه، وهل سيكون بالمجان، أم أن الأثرياء فقط، هم وحدهم الذين سيتمتعون بالعلاج، والحصول على الأمصال، يقينًا، سيذهب بنا الجدل إلى مساحة من التشكيك، تفتح الباب على مصراعيه أمام تدفق شائعات مغرضة، ستتناثر هنا وهناك، وربما تتجاوز مراميها لدى المتربصين، حدود الأزمة ذاتها، باقحامها فى الشأن السياسى، أما الهدف فهو التحريض ضد الدولة، عبر ترسيخ مفاهيم مغلوطة فى الأذهان، لذا فإن الموضوعية فى تناول القضايا الشائكة، والتى يكثر حولها اللغط مثل» كورونا» تستوجب إعمال العقل، لا الاندفاع فى إطلاق التصريحات، ولا السير وراء الشائعات المغرضة من دون روية، إلى جانب الأخذ فى الاعتبار أن شكاوى المواطنين هى جدية بالأساس ويجب التعامل معها بنفس الجدية. نعم.. مخاوف المواطن لا بد وأن تكون محل تقدير من مؤسسات الدولة، ومن وسائل الإعلام، لأنها ترجمة حقيقية للواقع الملموس، والمكشوف أمام أعين الكافة، فالمواطن العادى، يعرف الحقيقة أكثر من غيره، يعرفها أكثر من وزارة الصحة ذاتها، فهو يراها بعينيه، بل ويعيش فى القلب منها، يراها فى نفسه وداخل بيته، وفى بيوت الجيران والأقارب، يراها فى الحوارى والقرى والمدن، ويسمع عنها بصورة مباشرة فى كافة التجمعات السكانية. المواطن العادى يعرف المصابين المعزولين فى منازلهم داخل محيط إقامته، ويعرف عن قرب، الذين فشلوا فى دخول غرف الرعاية المركزة، أو الوصول إلى مستشفيات العزل، رغم تدهور حالاتهم الصحية، لعدم قدرتهم على الوفاء بمتطلبات المستشفيات، وهؤلاء جميعاً، غير مدرجين فى البيانات، ضمن الأعداد الرسمية التى يتم الإعلان عنها، فضلاً عن آخرين كثر، يتلقون بروتوكولات العلاج فى صمت، لذا فإن رؤية المواطن المشحونة بمخاوف مشروعة، تظل هى الأكثر مصداقية، كما أن التصريحات الرسمية المغلفة بالتطمينات، والتى يحمل مضمونها، القدرة على تجاوز الأزمة، لا بد وأن تكون موضع ثقة من الرأى العام، لأن الدولة بكل مؤسساتها، لن تكون فى خندق معاد لمصلحة المواطن، خاصة أن القيادة السياسية تضع ملف الصحة بشكل عام على رأس أولوياتها، باعتبارها أمن قومى، ففى الوقت الذى تستنفر فيه الجهود لمواجهة» كورونا» تسير تلك الجهود بالتوازى مع الحملة القومية» 100 مليون صحة» لعلاج الأمراض المزمنة، والمتوطنة والطارئة، مما ساهم بصورة إيجابية فى تحجيم أعداد المصابين بالفيروس اللعين.

على وزارة الصحة إدراك أنها المسئولة عن تنامى مساحة التشكيك فى كل ما يرد على ألسنة مسئوليها، وعليها أن تعلم أن السبب الرئيسى هو التضارب فى التصريحات، إطلاق التصريح ثم نفيه، تكرر هذا كثيرًا، لعل أبرز الأمور التى أثارت جدلاً، هى تلك المتعلقة باللقاح، وكانت مواقع التواصل الاجتماعى، تداولت أن لقاح كورونا سيتم توزيعه وفق الشرائح الاجتماعية المختلفة، هذا القول جاء فى متن تصريحات عشوائية وغير مدروسة، فكثر اللغط، وعلى خلفيته عزف الإعلام المعادى نشيد التحريض، لكن سرعان ما قامت وزارة الصحة بنفى ما تردد على مواقع التواصل، مشيرة إلى عدم صحة تلك الأنباء المتداولة، عن خريطة توزيع اللقاحات بأنواعها المختلفة، موضحة أن الدولة تسعى لتوفير اللقاح لجميع المواطنين دون تفرقة، وأن التوزيع لا يتم على أسس طبقية أو اجتماعية، وإنما سيتم منح الأولوية للفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل الطواقم الطبية وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، مع تحمل صندوق تحيا مصر تكلفة اللقاح عن الأشخاص غير القادرين والفئات المستحقة، والمدهش أنها راحت تردد تلك التصريحات حتى اللحظة من دون توقف، ومن إدراك لمفهوم الفئات المستحقة، لذلك فتحت بنفسها باب الجدل حول أحقية المواطن / من يستحق ومن لا يستحق.. Facebook كانت مواقع التواصل الاجتماعى تداولت خريطة توزيع اللقاح فى هذا السياق يجب التأكيد على أمور فى غاية الأهمية، مفادها أن ما يتم ترويجه على مواقع التواصل الاجتماعى، من معاناة كثير من المواطنين، سواء من المرض ذاته، أو من عدم القدرة على الوصول إلى المستشفيات وإن كان معظمه صحيحًا ولا يجب بأى حال من الأحوال التشكيك فيه، إلا أنه يجد هوى لدى الإعلام المعادى، الذى يتبارى فى العزف على أوتار ما يتم ترويجه، بهدف التشكيك فى كل ما يصدر من الحكومة، للتحريض ضدها، وهى غاية لم تغب يومًا عن أذهان المتربصين بالبلد وأمنه واستقراره.

 اللغط لم يتوقف عن حدود معينة، فهو امتد إلى اللقاح بصورة لافتة للانتباه، فمنذ الإعلان عن التوصل إلى إنتاج لقاحات لفيروس كورونا، لم يعد غريبًا أن تتزاحم الفرضيات والتكهنات حول اللقاح من المتخصصين، ومن غير المتخصصين، وهى التى يتلقفها مرتادو مواقع التواصل الاجتماعى ويتداولونها بلا وعى، سواء فيما يتعلق بفاعليتها أو آمانها، أو مدى قدرة حكومات بعض الدول، ومنها الحكومة المصرية، على الحصول عليها فى وقت مبكر، مرورًا بنسبة نجاحها فى التجارب التى أجريت بشأنها.

التكهنات طالت البعد الزمنى الذى يتحقق فيه الإنتاج الآمن، بما يعنى أن الأمر يتعلق بالمدة التى سيتم خلالها التطوير، لإنتاج لقاح فعال، ومدى آمانه عند الاستخدام، وهل نجحت التجارب السريرية التى أجريت على هذه اللقاحات، وبالتالى تم التصريح باستخدامها.


مقالات مشتركة