البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2021-06-07T12:31:00+02:00

الإخوان يطلبون من إيران ملاذات آمنة للهاربين خشية تسليمهم للقاهرة

سيد سعيد

 كثيرون فى الأوساط الشعبية والدوائر الإعلامية، وأنا منهم تتملكهم الحيرة، أو ربما عدم الارتياح، من مسألة التقارب القطرى، بعد محطات متلاحقة من العداء العلنى للدولة المصرية ومؤسساتها الصلبة، الضامنة لاستقرارها، والتى تمثل عماد بقائها، ولا أبالغ إذا قلت أن الأمر برمته بات عصيًا على الفهم، فما الذى جرى؟ ولماذا؟ هل غيرت الدوحة استراتيجيتها تجاه مصر؟ أم ماذا؟ تلك التساؤلات وغيرها، برزت على السطح بصورة محرضة على البحث، فى مساعى قطر، للتقارب مع مصر، والتى تبلورت فى شكل تصريحات رسمية إيجابية، بلوغًا للزيارات الرسمية.

 وبرغم التباين فى الرؤى المطروحة للنقاش، حول الارتياح أو عدم الارتياح لعودة العلاقات فى إطار المصالحة، إلا أن أمورًا تبدو فى غاية الأهمية، لا يمكن تجاوزها، أو إخضاعها لرؤى ناتجة عن الثرثرة العاطفية،المشحونة بالحماس، سواء مع أو ضد، فمصالح الدول لا تخضع للأهواء، حيث لا توجد صداقات دائمة أو عداوات دائمة، لكن توجد مصالح مشتركة هنا وهناك، هذه المصالح مبنية على معلومات، تحدد أبعادها الحكومات، من حيث أهميتها ومكاسبها وخسائرها.

جوهر تلك الأمور يتعلق بمعطيات المرحلة، منها تعقيدات المشهد الإقليمى، سياسيًا وأمنيًا، فضلًا عن التغير الذى طرأ على خريطة القوى الفاعلة فى مسارات السياسة الدولية، بحسب مصالح كل طرف من الأطراف، ومدى قدرته على صياغة علاقاته، وترتيب أولوياته، بما يحقق أهدافه الاستراتيجية، لذا فإن التقارب المصرى القطرى، وفق ما يجرى الآن فى منطقة الشرق الأوسط، ليس سوى ملف من بين عشرات الملفات، التى تتشكل منها خريطة التوازنات الإقليمية والدولية، وهى الملفات التى برز من خلالها، تصاعد الدور المصرى إقليميا ودوليا، بصورة جعلت القاهرة قبلة لصناع القرار الدولى، باعتبارها شريكا رئيسيا فى صياغة المشهد الدولى، ابتداء من أحداث الاعتداء على غزة، وليس انتهاء من الملف الليبى بكل تعقيداته.

 فى السياق ذاته، لم تكن زيارة محمد بن عبدالرحمن آل ثانى وزير خارجية دولة قطر للقاهرة، قبل أسبوعين، مجرد زيارة رسمية عادية، يمكن النظر إليها من زاوية رؤية ضيقة، أو يمكن حصرها فى دائرة اللقاءات البروتوكولية، المعتادة بين النظراء «وزراء الخارجية»، أو تسليم رسائل خاصة من القادة إلى القادة، لكنها تمثل أهمية لافتة للدوائر السياسية، الإقليمية والعالمية، باعتبارها خطوة عملية وواقعية، تشير من وجهة نظرى على الأقل إلى تحسن العلاقات بين القاهرة والدوحة، فضلًا عن أنها الأولى لمسئول قطرى رفيع، منذ قطع العلاقات بين البلدين عام 2017.

 كما أنها تأتى على خلفية اتصال هاتفى جرى فى شهر أبريل الماضى، يمكن أن يكون ترجمة لكسر حواجز وعوائق، فقد تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مكالمة هى الأولى، أيضًا، من تميم بن حمد، هنأه فيها بمناسبة شهر رمضان، وبالرغم من أن الاتصالات بين القادة فى المناسبات الدينية والوطنية،أمر معتاد وبروتوكولى، إلا أن مثل هذا التصور، يختلف تماما فى حالة أمير قطر.

 فى هذا السياق، لا يمكن بحال من الأحوال إغفال توقيت الزيارة، باعتبار أن التوقيت يحمل دلالات كثيرة، منها تزامنها مع الأجواء المتوترة فى قطاع غزة، وما تبع ذلك من طغيان للدور المصرى فى الأزمة على كل المستويات السياسية والأمنية والإنسانية، ما جعل دوائر صناعة القرار الدولى، تبرز أهمية مصر كقوة إقليمية وشريك دولى صاعد، لذا فإن ما يحدث على أرض الواقع فى العديد من القضايا، لا يمكن تجاوز تأثيره، على المستوى العالمى بكل تعقيداته.

 العنوان الأبرز للزيارة، هو اللقاء بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وتسليمه دعوة رسمية من الأمير تميم، لزيارة الدوحة، وبالرغم من عدم الإفصاح رسميًا حتى الآن، عن قبول الدعوة أو رفضها، إلا أن الدعوة فى حد ذاتها، لم تكن مفاجئة على الأقل بالنسبة للمتابعين لهذا الملف، بما يعنى أن التمهيد لها، تم عبر اتصالات من الدوحة، وقبول من القاهرة، لكنها تمثل فى الوقت ذاته، حدثًا فارقًا على مسار العلاقات بين البلدين، ما جعل المتابعون، يضعونها على طاولة التحليل السياسى المبنى على معطيات، لم تغفل محطات التوتر، لذا صار السؤال الأهم، يدور حول أسباب هذا التحول؟ ربما غياب المعلومات ووعدم الدراية بما كان يجرى فى الكواليس، يمثل جزءا من حالة المفاجأة، خاصة أن الرأى العام فى مصر، لديه مليون تحفظ حول العلاقة مع دولة، جاب مسئولوها العواصم العالمية، لتشويه صورة الدولة المصرية، للنيل من رئيسها وحكومتها، لنصرة ودعم جماعة إرهابية مارقة، لفظها الشعب المصرى وأسقطها إلى غير رجعة.

 على خلفية تصريحات الوزير القطرى، التى وصف خلالها الزيارة بأنها إيجابية، مشيدا بالدور القيادى البارز الذى تقوم به مصر، حدثت حالة من الارتباك فى صفوف الهاربين من جماعة الإخوان، والموالين لهم، أفصحت عنها تغريدات جرى نشرها على موقعى التواصل الاجتماعى «تويتر وفيسبوك»، يعبرون من خلالها عن القلق على مستقبل بقائهم فى الدوحة واسطنبول، والبحث عن ملاذات آمنة خشية تسليمهم إلى القاهرة، خاصة مع وجود مؤشرات قوية للتقارب بين مصر وقطر من ناحية، وبين مصر وتركيا من ناحية أخرى.

التصريحات الرسمية التى تصدر من أعلى مستويات السلطة فى الدوحة وأنقرة، كشفت عن مخاوف قيادات التنظيم الدولى، وفجرت الصراعات المكتومة جراء المنافع، لكنها كشفت بجلاء عن حجم الحروب المشتعلة فى صفوف الهاربين، سواء فى الدوحة أو إسطنبول، تبلور ذلك فى شماتة المحسوبين على تيار التشدد، وأحدهم ممدوح إسماعيل المحامى الهارب والمقيم فى تركيا، والذى كشف تخبط الإخوان، على خلفية التقارب مع قطر وتركيا، وإزدياد مخاوفهم من التصريحات الصادرة عن حكومة «أردوغان «، رغم أنه وصفهم بتعبير يفتقد للمصداقية، قال عنهم أنهم فريق من المعارضة، إلا أنه» فضح» الارتباك الذى سيطر عليهم، على خلفية تصريحات وزير خارجية قطر عن زيارته للقاهرة، وتغير لغة خطاب دولته، التى عبر من خلالها على احترام بلاده للحكومة الشرعية فى مصر، وهو أمر يحمل دلالات تتعارض بالأساس مع رغبات تنظيم الإخوان.

 نشر المحامى الهارب والمحكوم عليه غيابيًا فى عدة قضايا إرهاب، تغريدة على حسابه بتاريخ 30 مايو، قال: «صدمة فى فريق من المعارضة المصرية من تصريحات الوزير القطرى، ولكنهم يستحيون أن يرفعوا أصواتهم، ماذا كنتكم تنتظرون بعد ثمانى سنوات من الفشل؟ هذه هى السياسة التى لعب بها البعض فى المعارضة فعليكم قبول الهزيمة، وفكروا إذا كان عندكم شجاعة، ما الحل الذى يرضى».

وكان وزير خارجية قطر، قال فى حوار مع التليفزيون العربى: «إن الملفات العالقة بين القاهرة والدوحة يمكن تجاوزها، وأن بلاده تتعامل مع الحكومة الشرعية المنتخبة»، مشيرا إلى أن قطر ليست حزبا سياسيا، وليس لديها أحزاب، لكى تكون تعاملاتها مع الأحزاب، وشدد على احترام الدوحة لمؤسسات الدولة المصرية، ونظامها المنتخب، بما يعكس التغير الجذرى فى سياسة قطر تجاه مصر، بعد حروب إعلامية، كانت سببًا مباشرًا فى العداء بين البلدين منذ ثورة 30 يونيو التى أطاحت حكم الفاشية الدينية عام 2013.

كانت مصر إحدى الدول الأربع التى فرضت مقاطعة دبلوماسية واقتصادية على الدوحة منذ عام 2017، لأسباب لم تكن خافية على المستويات الشعبية أو دوائر صناعة القرار فى البلدان العربية، على اتساع خريطتها الجغرافية، لعل أهمها وأكثرها بروزا توفير الدعم والملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية، التدخل فى شئون دول المنطقة، إطلاق منصات إعلامية تحرض على الفوضى، فضلا عن أنها كانت بمثابة الوكيل الحصرى، لما أطلق عليه الربيع العربى، والذى شمل خرابة عدة بلدان «مصر، تونس، ليبيا، اليمن»، إلى جانب إنفاق المليارات على تلك الفوضى، ودعمها إعلاميا، فقد كان مقدمو البرامج على فضائية الجزيرة، أشبه بجنرالات حرب الشوارع، يقودون المظاهرات فى الميادين معظمها مظاهرات افتراضية وهمية تقوم على تقنية الخداع البصرى، فضلا عن نشر التقارير الزائفة عن أمور لا تحدث فى دولة يسودها القانون.

 نعم هناك أسباب كثيرة وراء تعقيد العلاقة مع قطر، فالممارسات وتبنى الخطاب الإخوانى بوسائل الإعلام القطرية أو المدعومة من قطر، وراء قرار قطع العلاقات معها، من جانب مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لكن بعد بيان قمة» العُلا» الذى وضع أسس المصالحة بين قطر ودول المقاطعة، سارعت قطر بطلب عودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وقد حدث. فى المقابل لم تنجح جماعة الاخوان فى نيل مكاسب سياسية حقيقية لها، طيلة 8 سنوات كاملة، سواء داخل مصر أو خارجها، فقط مكاسب مالية وإقامة فى الفنادق، وتمويل لأنشطتهم المشبوهة، وبالتقارب مع قطر ومؤشرات تقارب تركيا مع القاهرة، تفقد الجماعة الدعم المطلق من أهم حليفين لها، وإن كانت الدوحة ومعها أنقرة ترفضان تصنيف جماعة الإخوان على لائحة الارهاب.

فى سياق الارتباك الذى يجتاح صفوف الهاربين، لم يعد خافيًا على المتابعين، أن مؤشرات التقارب المصرى مع تركيا وقطر، بات يمثل خطرًا حقيقيًا على مستقبل الجماعة ونشاطها، ورغم نفى وزير الخارجية القطرى، التطرق لموضوع جماعة الإخوان أثناء المحادثات مع المسئولين فى القاهرة، إلا أن إصراره على تكرار بعض المفردات، جاء بمثابة رسائل لقيادات الجماعة، بما يعنى تخلى النظام القطرى عن دعم الخطاب الإخوانى، الذى اعتادت الجماعة الترويج له، ومفاده أن ثورة الشعب فى 30 يونيو، تمثل بالنسبة لهم، انقلابا على شرعية محمد مرسى.

 قيادى إخوانى تركى نشر تغريدة على حسابه الرسمى، فضح خلالها ما يرتبون له، التغريدة المنشورة على حساب حكمت هاسو، يقول فيها:» قيادات من التنظيم الدولى يتقدمهم المرشد العام للإخوان إبراهيم منير، تواصلوا مع مسئولين إيرانيين ومع الحرس الثورى، لطلب المساعدة وتوفير دعم لوجيستى، بتوفير ملاذات آمنة لبعض عناصر المتهمين بقضايا إرهاب، والذين سيغادرون تركيا لتفادى تسليمهم للقاهرة.


مقالات مشتركة