البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

كتاب وآراء   2021-06-23T03:49:16+02:00

* يا شيخ يعقوب : كانت أمي مُسلمة !! *

مأمون الشناوى " كاتب وباحث )

لم  تعرف ابن تيمية ولا فتاواه ، ولا ابن باز ولا العريفي والسديسي والحذيفي والخريبي ، ولا قرأت الظلال ولا معالم في الطريق !!.

ولكنها كانت مُسلمة صحيحة الإسلام !!.

كانت تدير البيّت والأرض ، وتخالط الرجال وتصافحهم ، وتستقبل ضيوف أبي حتي في غيّبته ، تجالسهم في حجرة الجلوس وتقدم لهم الشاي المُعطر والمُعتق كالسُلافة ، تحادثهم وتمازحهم وتستمع إليهم وتقدرهم حق قدرهم ، فقد كان جُلهم من المشايخ حفظة القرآن الكريم وسدنته !!.

وكانت زوجةً لشيّخ تقيّ نقيّ ، عابد سائح ، لايكف فمه عن التسبيح وتلاوة القرآن ، فيختمه كل عشرة أيام ، وظلّ يؤم الناس مُتطوعاً سبعين سنة ، وفي كل ركن مِسبحةٌ مُعلقة ومُصحفٌ وسجادةُ صلاة !!.

كان والدي شافعيّ المذهب ، وهي لاعلاقة لها بذلك ، فالدين عندها مثل الماء ؛ لا لون ولا طعم ولا رائحة ، ولكنه يَروّيك ، الدين عندها عمل ونجاح وإخلاص ووفاء ومعاملات وأخلاق !!.

وكثيراً ماكانت تداعب الوالد وتشاكسه ، إذ كان يتوضأ لصلاة المغرب ثم يظل يذكر الله ويفرك مسبحته حتي صلاة العشاء ، فيُصليها بوضوء المغرب ، خاصةً في شتاء طوبة وبردها القارس ، وكان يعتقد وفق مايقوله الإمام الشافعيّ بأنه إذا لمسته إمرأة بطل وضوؤه ، حتي زوجته ، فكانت هي تتعمد أن تلمس يده بزعم دعوته للعشاء ، فينزعج في كل مرةٍ ويُصمم علي تجديد وضوئه مُبتسماً ومُتسامحاً !!.

كانت ترتدي الطرحة الشيفون التي تجعل وجهها مُستديرا كالبدر الذي أُشتق من إسمها ، وجلباباً من القطيفة عند خروجها وسفرها !!.

كانت تسهر لتستمع إلى أم كلثوم في حفلاتها ، وتحرص علي استضافة صديقاتها من الجيران لسماع مُسلسل الإذاعة اليوميّ عقب نشرة أخبار الخامسة مساءً !!.

كانت تدير شؤون تعليمنا وصحتنا وحياتنا ، وتملأ البيّت بالطيور ؛ فحيّثما أسندت رأسك فثمةَ حمامةٌ تبيض أو دجاجةٌ راقدةٌ علي بيّضها أو أفراخٌ من الرومي يتبعون أمهم أو قطيعٌ من الأرانب الصغار يُغادر جُحره !!.

وكان البيّت عامراً بخيرات الله ؛ فأعلي سطحه ترقد بلاليص الجبنة القديمة والعسل الأسود ، وفي منتصف البيّت حجرة خُصصت للبن ومُنتجاته ، لا يعرف أين مفتاحها إلا هي ، حيّث تحتفظ به في مكان آمن يستحيل لأحد الوصول إليّه ، وكانت تمنع مَن يدخلها إلا اذا كان طاهراً فاللبن لايُحب عدم الطهارة وفق ما كانت تعتقد !!.

كانت أمي مُسلمة يا شيخ يعقوب  !!.

تعرف قيمة العلم والتعليم ، وهي التي باعت فداناً من أرضها لتلحق أخي الأكبر  بالمدرسة الإبتدائية ، في زمن لم يكن يتعلم فيه إلا القادرون وأولاد الباشوات  !!.

كانت أمي مُسلمة يا شيخ يعقوب !!.

تحب جيرانها وتودهم وتجاملهم في أفراحهم وأتراحهم ، وتكرم أهلنا وتحتفي بالضيوف ، وتوزع نصف المحصول قبل أن يدخل البيت !!.

كانت أمي مُسلمة يا شيخ يعقوب !!.

تحرص علي درس الأربعاء في المسجد كل أسبوع ، لكنها كثيراً ما اصطدمت بالشيّخ مُعترضة علي شطحاته واستهباله مثلك تماماً !!.

 كانت أمي مُسلمة يا شيخ يعقوب !!.

لكنها مُسلمة مصرية ، لا وهابية ولا سلفية ولا شيعية ولا إخوانية ولا طعمية ، مُسلمة مصرية يا مُسيّلمة عصرك !!.

فانصرفوا عنا ، وأعيدوا لمصر وجهها الحقيقي الناصع المضئ الذي يُشبه وجه أمي الجميل المستدير مثل البدر ، والذي أُشتق من اسمها !!.


مقالات مشتركة