البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

د.محمد صالح يكتب   2021-06-27T22:18:00+02:00

الإمام الأكبر جاد الحق .. بطل لن يسقط من ذاكرة التاريخ

د. محمد أحمد صالح

أشعر بكل الفخر لكونى أنتسب لنفس القرية التى أنجبت فضيلة الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الراحل ، وهى قرية بطرة التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية ، والتى ولد بها الشيخ جاد الحق يوم الخميس 13 من جمادى الآخرة عام 1335 هـ الموافق 5 من إبريل عام 1917 م.

وفى رأيى الخاص أن الإمام جاد الحق لم ينل حقه  الكافى من التقدير والتكريم سواء فى حياته أو بعد وفاته ، وللأسف فإن أعداداً كبيرة من الجيل الجديد لا يعرفون شيئاً عن أمثاله من العظماء الذين قدموا الكثير من العطاء الفكرى والفتاوى الدينية والثقافة الإسلامية المستنيرة ، ولذلك رأيت أنه من واجبى أن أقدم فى السطور القادمة لمحات موجزة من حياة ومسيرة الإمام الأكبر جاد الحق رحمه الله .

 تقلد فضيلة الإمام الأكبر مناصب رفيعة منها  شيخ الأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية ، وخدم الدين والعلم في كل منصب تقلَّده؛ قاضيًا ومفتيًا ووزيرًا، ثم شيخًا للأزهر. وكان من أبرز جهوده في هذا الشأن اهتمامه بالبحوث في مختلف أصول الدين وفروعه والمعارف الإسلامية مما كان له نتائج وفوائد جمَّة، منها التوسّع في إنشاء المعاهد الدينية والكليَّات ومكاتب الدعوة والإرشاد بحيث تضاعف عدد تلك المؤسسات أضعافًا كبيرة داخل مصر وخارجها.

عُيِّن مفتيًا للديار المصرية في رمضان 1398 هـ/ أغسطس 1978 فعمل على تنشيط الدار، والمحافظة على تراثها الفقهي، فعمل على اختيار الفتاوى ذات المبادئ الفقهية، وجمعها من سجلات دار الإفتاء المصرية، ونشرها في مجلدات بلغت عشرين مجلدًا، وهي ثروة فقهية ثمينة؛ لأنها تمثل القضايا المعاصرة التي تشغل بال الأمة في فترة معينة من تاريخها، وفي الوقت نفسه تستند إلى المصادر والأصول التي تستمد منها الأحكام الشرعية. كما اختير عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية سنة 1980.

وتشمل اختيارات الفتاوى ما صدر عن دار الإفتاء في الفترة من سنة 1313 هـ/ 1895 حتى سنة 1403 هـ/ 1982، وضمت المجلدات الثامن والتاسع والعاشر من سلسلة الفتاوى اختيارات من أحكامه وفتاواه، وتبلغ نحو 1328 فتوى في الفترة التي قضاها مفتيًا للديار المصرية.

 

عُيّن وزيرًا للأوقاف في ربيع الأول 1402 هـ/ يناير 1982، وظلَّ به شهورًا قليلة، اختير بعدها شيخًا للجامع الأزهر في 13 جمادى الأولى 1402 هـ/ 17 مارس 1982. وفي سبتمبر عام 1988 تمَّ اختياره رئيسًا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.

ورغم كثرة المناصب التي تولاها إلا أنها لم تغير فيه شيئاً لا في طباعه ولا في تعاملاته مع الناس، ولم تختلف حالته المالية في أيامه الأخيرة عن تلك التي كانت في بداية حياته العملية، ففى كلتا الحالتين كان موظفاً يتقاضى راتبه من الدولة دون مكافآت أو حوافز، كما لم يكن يحصل على أية أموال تأتيه مقابل أبحاثه وكتبه القيمة فقد كان يجعلها في سبيل الله.

من بين مواقفه التى سجلها له التاريخ بأحرف من نور ، عندما وقف بفتواه الشهيرة في وجه طوفان التطبيع

وأعلن فى بيان له نشرته صحافة العالم أن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم وعندما جاء رئيس الكيان الصهيوني/ عيزرا وايزمان فى زيارة للقاهرة وقد رتبت له الرئاسة لقاء مع شيخ الأزهر ( ويبدو أنها لم تكن

بترتيب مسبق مع الشيخ ) ، فما كان من أسد الأزهر الشيخ جاد الحق إلا أن رفض مقابلته رفضا قاطعا

وقال لن ألوث يدي بمصافحة قتلة أطفالنا ومغتصبي أرضنا ،وأصر على موقفه مما سبب حرجا بالغا لمبارك وحكومته .

كما رفض بشكل قاطع حصول إسرائيل على مياه النيل وقال جملته الشهيرة :"إن حصول إسرائيل على مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر" وحملت العديد من الصحف العالمية هذه الجملة في صدر صفحاتها في اليوم التالي .

كما وقف الشيخ الجليل موقفا لا ينسى من مؤتمر السكان الذى عقدته الأمم المتحدة فى القاهرة عام 1994 وتناقلت وسائل الإعلام وثيقته قبيل انعقاده وقد تضمنت إباحة الشذوذ والزنا والإجهاض والمساواة بين المرأة والرجل فى الميراث وغيرها من الأمور التى تعارض تعاليم الدين الإسلامى ، فأصدر شيخ الأزهر وعلماؤه بياناً شديد اللهجة

أهاب فيه بالأمة الإسلامية عدم الالتزام بأى من بنود هذا المؤتمر التى تخالف الشريعة وكان لهذا البيان أثره البالغ

على القيادة السياسية التى أعلنت من فورها تبنى موقف شيخ الأزهر، واضطر مبارك لإصدار بيان أكد فيه أن مصر المسلمة لن تسمح للمؤتمر بأن يصدر أى قرار يصطدم مع الدين الإسلامى الحنيف وقيمه السمحة".

وكان وزير التعليم قد أصدر قرارا بمنع الحجاب بالمدارس الابتدائية وضرورة موافقة ولي الأمرفي المراحل الإعدادية والثانوية ونسي أن في مصر رجالا لا يخشون إلا الله فأصدرت لجنة الأزهر قرارًا أعلنت فيه مخالفة هذا القرار الوزاري للشريعة الإسلامية وهو ما اضطر الحكومة للتراجع عن تنفيذ القرار.

تحية إعزاز وتقدير لهذا الشيخ الجليل لم تكن له أي تطلعات دنيوية فقد عاش ومات في شقته البسيطة في حي المنيل وكان يتحامل على نفسه صعودا إلى الطابق الخامس على السلالم المتهالكة للعمارة التي لا يوجد بها مصعد وهو الذي قارب الثمانين من عمره .

وعندما عرضت عليه الحكومة الانتقال إلى مسكن أوسع وأرحب رفض .

كما لم يقبل الشيخ جاد تقاضي أي أموال غير راتبه الأساسي بدون أي حوافز أو بدلات أو مكافآت كما لم يقبل الحصول على أي أموال تأتيه مقابل أبحاثه وكتبه القيمة فقد كان يحتسبها لوجه الله تعالى .


مقالات مشتركة