الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2021-07-12T13:05:02+02:00

احترسوا.. ظاهرة خطف الأطفال تهدد أمن وسلامة المجتمع

سيد سعيد

نحن أمام قضية من فرط خطورتها، لا تحتمل ترف الإسهاب فى كتابة المقدمات، أو تزويق المفردات.. أتحدث عن ظاهرة خطف الأطفال، التى اتسع نطاقها بصورة مزعجة، وصارت الشغل الشاغل فى أحاديث غالبية المصريين على اختلاف شرائحهم الاجتماعية، ولا أنكر أن صدى ما يتم تداوله فى وسائل الإعلام، أو على مواقع التواصل الاجتماعى، عن تلك الجرائم كاف لأن يبعث على الخوف والقلق من الظاهرة وتداعياتها الكارثية، على أسر المخطوفين، أو المستوى العام بأكمله، على امتداد خريطة مصر الجغرافية، من الحضر إلى الريف، ومن الصعيد إلى بحرى، مرورًا بالمناطق الصحراوية التى لا تخلو من تلك الجرائم، حيث تقطن القبائل العربية والبدو، وحيث الصراعات التى لا تنتهى.

فى سياق القضية نستطيع القول، بأنه ليس أمامنا سوى طرح الأسئلة الصعبة، ما الذى جرى؟..... وكيف تسللت إلى مجتمعاتنا الجرائم المنافية لقيمنا وتقاليدنا المتوارثة؟... ومن المسئول عن تنامى تلك الظاهرة المخيفة؟... وإلى أى مدى يمكن أن تصل بنا الأمور؟.... يقينًا، لا أملك إجابة قاطعة شافية، تزيح من فوق صدورنا الهموم التى تتركها الحوادث المتعاقبة، لكننى أستطيع رصد هواجس الناس، سواء الذين عانوا من بشاعة وقسوة الجريمة بصورة مباشرة، أو الذين سمعوا بها فى جلساتهم أو على مواقع التواصل الاجتماعى، ويخشون على أولادهم من نفس المصير، الذى يذهب بالمخطوفين إلى مجهول، لا يمكن التنبؤ به، فتارة يتم الخطف لطلب فدية من ذويهم، أو لتسخيرهم كأدوات فى جرائم أبشع، تبعث على القلق والتوتر بين جدران البيوت، مثل استخدامهم كوسائل للتسول والتشرد، أو استخدامهم كقطع غيار، وهى جرائم بيع الأعضاء البشرية.

إن تلك الظاهرة لها أبعاد اجتماعية وأمنية، لا يمكن إنكارها، وفى نفس الوقت، لا يمكن أن ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام، ونطلق العنان لأنفسنا فى استدعاء الظروف الإنسانية واستدعاء العواطف، من دون لفت الانتباه عمق القضية، فهى جرائم إرهابية بامتياز، كما أن مرتكبيها، لا يقل أى منهم عن توصيفه بالإرهابى، خاصة إذا علمنا أن التفسيرات ستذهب حتماً لأبعاد سياسية، تهدف النيل من الدولة ذاتها.. قطعا هى جرائم إرهابية بامتياز، لأنها تضر بسلامة المجتمع، فضلا عن تهديد أمنه واستقراره.

إن تنامى هذا النوع من الحوادث، يبعث على الصراخ، ليس فى وجه مرتكبيها فحسب، بل فى وجه كل من يتقاعس عن دوره لحماية المجتمع من العابثين باستقراره، ابتداءً من مؤسسة التشريع «مجلس النواب»، المنوط بها إصدار قوانين صارمة ورادعة، ضد كل من تسول له نفسه الأقدام على جريمة الخطف، وليس انتهاء بالمجتمع ذاته، والمقصود هنا فئاته وشرائحه المتنوعة من مثقفين ونخبة وفنانين ومهنيين، كل على حسب دوره فى التوعية بمخاطر تلك الجرائم على المدى البعيد، وتأثيراتها على المجتمع بصفة عامة.

نعم.. تعددت أسباب الخطف من حالة لأخرى، لكن الجريمة واحدة، فهناك حالات تتم للانتقام من أهل الطفل، جراء الخلافات العائلية بين ذوى الطفل أو الطفلة، وهى أمور معلوم أسبابها فى المناطق الريفية، وغالبًا تقترن عملية الخطف بقتل المخطوف، وإخفاء جثته، وما أكثر تلك الوقائع، التى فكت أجهزة الأمن ألغازها، وكشفت النقاب عن أسبابها، فضلا عن أسباب أخرى متنوعة، منها إخفاء الضحية فى مكان مجهول، لمساومة أهله، بهدف الحصول على فدية مالية ضخمة، عقب تهديد ذويه بقتله، حال إبلاغ الشرطة، ولا يخفى على أحد أن كثيرًا من أهالى المخطوفين خضعوا مُكرهين للابتزاز، والانصياع لرغبة عصابات الجريمة، خاصة الجرائم المقترنة بالحصول على فدية مالية من عائلات وأسر ثرية، فضلا عن أن بعض العائلات لا تستطيع الإبلاغ، خشية الشماتة أو التقليل من وضعهم الاجتماعى فى الريف.

هناك بعض الحالات تتعلق بأهداف احترافية من أصحاب الجريمة المنظمة، والتى تديرها شبكات، تدير نشاطها بأسلوب المافيا، ونحن هنا لن نتحدث عن وقائع محددة، بمعنى أننا لن نرصد كم الوقائع، ونوعيات الضحايا، وما شابه ذلك، لكن نريد فقط التحذير من مخاطر هذا النوع من الجرائم، فهناك عصابات تدير نشاطها الإجرامى على طريقة المافيا حيث، التخفى والإمكانيات المادية الضخمة، التى تتوافر عبر أباطرة الاتجار فى الأعضاء البشرية، ولنا فى هذا القول مليون دليل ودليل عن تورط أثرياء وأطباء ومراكز تحاليل، فى العديد من القضايا التى جرى ضبطها بمعرفة أجهزة وزارة الداخلية والرقابة الإدارية، فضلا عن جهات أخرى، وأرشيف النيابات والمحاكم مليئة بالأوراق والمحاضر، التى تم الحكم على أساسها.

لم تتوقف الأسباب عند تلك الجرائم رغم قسوتها على أهالى الضحايا والمجتمع بأكمله على حد سواء، لكنها امتدت إلى مناح أخرى، وهى الخطف، لتدريبهم على توزيع المخدرات أو بيع الأطفال لمحترفى التسول، وهذا النشاط يديره بلطجية وأباطرة يفرضون الاتاوات على المتسولين، ويقومون بتسريحهم فى مناطق تخضع لسيطرتهم، وفى كثير من الأحيان، يتم إحداث عاهات بأجساد الزهور البريئة، لاتقان عملية التسول لأجل العلاج، والإنفاق على احتياجاتهم، ناهيك عن الحيل والأساليب الباعثة على تعاطف البسطاء وفاعلى الخير.

بالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة أو بيانات رسمية يمكن الارتكاز إليها،حول أعداد المخطوفين أو فئاتهم الاجتماعية على الأقل فى الآونة الأخيرة، إلا أن هذا النوع من الجرائم، أصبح يمثل ظاهرة، وليس مجرد حوادث طارئة، تحدث فى فترات زمنية متباعدة، لأسباب محرضة على حدوثها، وإن كانت غالبيتها انتقامية، بما يعنى أن جرائم الخطف قديمة فى المجتمع المصرى، والظاهرة موجودة منذ سنوات طويلة، لكنها كانت محدودة للغاية، بما يعنى أيضًا أن انتشارها بالصورة الحالية، يثير المخاوف داخل كل بيت، لا فرق بين غنى أو فقير.

 وأغلب الظن أن السبب الذى يقف وراءها، يعود إلى تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بما يعنى أن تلك الأسباب محرضة على تعاظم الفكر الإجرامى لدى الخاطفين، الذين يحاولون كسب المال من جرائمهم، إما من خلال طلب فدية، أو المساومة لإنهاء خلافات مالية، أو من دون أسباب، وعدم وجود أسباب معلومة لدى ذوى المخطوفين، جعل بعض الأهالى يلجأون إلى مواقع التواصل الاجتماعى، عبر نشر الصور والمناشدات وغير ذلك من الأساليب.

إن الظاهرة تنتشر فى المناطق الريفية بصورة أكثر منها فى المناطق الحضرية، فبحسب دراسات علمية، حول جرائم الخطف فى مصر بصفة عامة، سواء الأطفال أو الفتيات، تبين أنها تمثل نسبة 70% فى الريف، مقابل 30% فى المدن والمناطق الحضرية، وترجع هذا لأسباب رئيسية، فى مقدمتها ارتفاع نسبة الفقر فى الريف، مقارنة بالمناطق الأخرى، إلى جانب العنف المجتمعى الناتج عن الخلافات الأسرية والمعاملات المالية.

بالرغم من أن الوضع الأمنى حاليا أفضل بكثير من السنوات التى تلت عام 2011، لكن تبدو الضرورة ملحة لإصدار تشريعات لتشديد العقوبة على ارتكاب تلك الجريمة، وسرعة الفصل فيها، لتكريس فكرة الردع والقسوة تجاه مرتكبى عمليات الخطف أيا كانت أسبابها، خاصة أن الضحايا فى تلك الجرائم أطفال غير كاملى الأهلية، لذا فإن الأمر يتطلب انتفاضة داخل البرلمان» مجلس النواب» لتغليظ العقوبة، بحيث لا يواجه الخاطفون أى حكم سوى الإعدام.

بالبحث عن أسباب تفاقم الظاهرة المرعبة، والتقليب فى تنوع أسباب الجرائم، سنجد أن الأسباب متعددة، فالنسبة الأكبر من جرائم الخطف مرتبطة بتكوين تشكيلات عصابية، لطلب فدية، تليها الخلافات الشخصية بين ذوى الأطفال ومرتكبى الجريمة، وهذا النوع يكون بسبب الانتقام، وتفشى العنف، الذى ينعكس بدوره على الفئات الأضعف فى المجتمع وهم البسطاء، يلى ذلك الخطف فى ظروف غامضة ومجهولة، ثم الخطف بسبب عدم الانجاب، حيث تلجأ بعض المريضات نفسيًا إلى هذا النوع من الجرائم، أو عن طريق سيدات تنتمين لطبقة الأثرياء، وتقوم بشراء طفل لتربيته، تعويضًا عن عدم الإنجاب، فضلا عن الخطف لسرقة المصوغات الذهبية من البنات الصغيرات.

مع تزايد حالات الاختفاء المتعلقة بالخطف، كان من الطبيعى أن تلجأ الأسر إلى وسائل العصر الحديث فى الإبلاغ عن خطف أطفالهم أو اختفاء بعض الفتيات، والأخيرة ظاهرة تتضارب فيها المعلومات ما بين الحقيقة والادعاء، والمقصود بالادعاء هنا، هو صناعة الكذبة، بما يعنى أن كثيرًا من حالات الإبلاغ عن الاختفاء خاصة الفتيات، تكتشف الجهات المختصة وهى الشرطة، أن الاختفاء اختيارى بمحض الإرادة، وأنه جرى بالاتفاق مع طرف آخر، للزواج العرفى، أو الهروب من تجبر وقسوة زوجة الأب، أو أزواج الأمهات، وغير ذلك من الأمور المعلومة للكافة والتى نوقشت على نطاق واسع، باعتبارها قضية اجتماعية حساسة.

وعلى أى حال، لا يمكن إغفال جوانب مهمة، وهى أن بعض الأهالى الضحايا، يسارعون فى اتخاذ خطوات إيجابية، لبذل الجهود باستخدام تقنيات العصر، فى نشر الصور عن طريق صفحاتهم الشخصية أو الجروبات النشطة، لتوسيع دائرة التعريف بالواقعة، ونشر بيانات عنها، خاصة إذا تعذر وجود كاميرات فى منطقة الاختفاء، ففى حالات ووقائع كثيرة، تم التوصل إلى الخاطفين عن طريق تتبع الكاميرات الموجودة بالشوارع أو النواصى، وغيرها بمحلات التجارة فى كثير من المناطق الحضرية، وبالرغم من أن تلك الخطوات مهمة وضرورية، لكن الأكثر أهمية منها، هو إبلاغ الشرطة فور وقوع الجريمة، وعدم التعامل مع الجناة بمفردهم، لأن حماية المجتمع وسلامة الأطفال، يشكلان أولوية فى غاية الأهمية لأجهزة الشرطة بتعدد تخصصاتها.

لا يمكن لى أو لغيرى من المهمومين بالقضايا الأمنية، ومشغولين بالبحث فى الظواهر المجتمعية المزعجة، تجاهل التنبيه والتوعية، والحث على تكاتف المجتمع فى كل المناطق، للحفاظ على سلامة الأطفال وحمايتهم، لكى نقطع الطريق أمام محترفى جرائم الخطف لأى سبب من الأسباب التى ذكرناها فى سياق مقالنا، كما ينبغى أن تشمل التوعية عدم ترك الأطفال بمفردهم فى الشوارع والأسواق، وعدم الانشغال عنهم ولو للحظة، وتوعية الصغار بعدم الثقة فى أى شخص غريب وغير معلوم للطفل، والأهم من هذا كله، حرص الأسر على عدم ترك البنات يرتدين المصوغات الذهبية.

جانب آخر وإن كان بديهيًا ومعلومًا، إلا أننى أرى من الضرورى التأكيد عليه لأهميته، مفاده أن نتوخى الحذر والحيطة والتصدى للخطر قبل حدوثه، خير من مواجهته.


مقالات مشتركة