تخاريف آخر العمر؟

**الحاجة نعيمة من العلامات البارزة في قريتنا .. عرفتها كل سيدات القرية والقرى المجاورة من خلال مكانتها التي حظيت بها لسنوات طوال فهي الطبيبة وحلالة العقد والمفتية لكل من لجأ إليها وطرق بابها .

**وأنا في طفولتي .. كانت تقولاتها تصيبني بالقيء والغثيان .

 وكنت أتعامل مع أهازيجها بقدر من اللامبالاة . أو الإشفاق وفي أحيان كثيرة أبكي علي حالها الذي لا يسر عدواً ولا حبيباً .

 **هي دميمة خلقاً وخلقا .. أما عن خلقها بفتح الخاء فلله في عباده شئون وعبر . وأما عن خلقها بضم الخاء فلا أدري من أين توارثت هذا الداء . اقتربت منها أكثر من غيري لتجاورنا في المسكن .. ولطالما وقعت عيناي علي مريديها الذين كانوا يتوافدون عليها من كل صوب وحدب .

** زوارها في الغالب كن من النساء ذوي الأعمار المتباينة . وأكثرهن قدوماً من حرموا من نعمة الإنجاب .. وشاءت إرادته تعالي أن يكن عقيمات .

** المهم أن الحاجة نعيمة ذاع صيتها وانتشر خبرها .. وقد قيل أن لها قدرات عجيبة في تأهيل هؤلاء النسوة أن يلدن ذكوراً وإناثا وبلا حدود .

 **طريقتها في العلاج تدعو إلي الريبة والغرابة والتساؤلات التي لا تجد في الغالب إجابة شافية .

** فطويلة العمر لاتملك من وسيلة إلا بث الرعب والفزع في قلوب ضحاياها والمترددين عليها من النساء . . تارة بإلقاء الثعبان تحت أقدامهن وأخري عندما تفاجئهن بمنظرها المرعب والمخيف . وثالثة بملاحقة ضحاياها بوضع الفئران الجبلي في ملابسهن الخ .

 **الحاجة نعيمة .. عرفت ومازالت بأنها الدكتورة .. وان لم تنل من العلم أدناه .. المهم أنها وحتى مماتها ظلت حبيسة الجدران الأربعة التي ولدت بينها ولم تغادرها إلا مرة واحدة عندما استيقظنا علي نبأ رحليها إلي مثواها الأخير .

** وهي إن امتهنت الطب دون علم .. إلا أنها مفتية أيضاً وان افتقرت إلي كل الشهادات حتى شهادة .................؟

 ومن مفاسدها تجرأها اللا محدود علي أمور الفتيا .

 مرات عديدة .. دخلت الجامع بالجزمة وانكرت ماهو معلوم من الدين بالضرورة . فطويلة العمر لاتفرق بين الحلال والحرام .

 **ومن سماتها إنها تضع أنفها في كل شئ وان عظم . ذات مرة سمعت النسوة وهن يرددن فيوضات استشعروها عندما كن يؤدين فريضة الحج وما وقعت عليه عيونهن عندما بصرن الكعبة المشرفة .. وكانت قولتها أنها حجر أصم لا ينفع ولا يضر .

 **ومرة أخري طلبت من زبائنها أن يسمحوا لها أن تناديهن بأمهاتهن .. وعندما استنكروا طلبها.. وسألوها وما العبرة.. قالت: أما علمتم أن الجنة تحت أقدام الأمهات .

 أمام منزلها المتواضع كان تجمع النسوة .. وكنا صغاراً نقترب منهن للوقوف علي حكاياتهن .. وكان ما يشغلهن في كل مرة .. الروايات التي لاطعم لها ولا رائحة والتي كانت تحرص علي ترديدها علي مسامعهن وان افتقرت إلي أدني بديهيات  الأدب .

 **ومن صفاتها كما قالوا: أنها ثرثارة ومتفيهقة .

 ومن المأثور عنها أنها سؤلت ذات مرة من حضورها .. فقالوا لها كم من الأنبياء تعرفين .. فقالت هم محمد وعيسي وموسي وفرعون .. فقالت لها احدي الحاضرات يا دكتورة .. فرعون ليس بنبي .. فنهرتها .. يا جاهلة .. انه كان يبحث عن الألوهية لكنه كان نبياً .

 **مرة أخري سألوها وماذا تعرفين عن أبو جهل . فقالت انه كان من الصحابة وكان بينه وبين الرسول نسباً وصهراً ونظراً لوجاهته فقد استكثر النبوة علي محمد. وعندما سؤلت هل هو في الجنة أم في النار . قالت : أغلب الظن أنه في الجنة لأن الرسول سيشفع لنا جميعاً يوم القيامة . .

** الحاجة نعيمة منذ ولادتها وحتى رحيلها كانت غريبة ومستفزة ولطالما تساءلت أنا وغيري عندما اشتد عودنا . ما الذي دهاها وأصابها ؟

** لكن الأغرب فعلاً والمستفز ماكنا نراه من فئة من الناس وهم يباركون خطواتها وقد اخذوا علي كاهلهم الترويج لأباطيلها التي ما انزل الله بها من سلطان .

** وربما دفعنا إلي الصبر علي مصيبتها ومصيبتهم أننا كنا نراها بأم العين. امرأة بلغت من العمر أرذله. وأخيراً أدركنا أنها تخاريف آخر العمر .

 ندعو الله أن يعصمنا منها.

 قولوا معي جميعاً آمين آمين آمين .