الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2021-07-31T08:53:19+02:00

تفاصيل إنتحار جماعة الإخوان الإرهابية

ايمان بدر

 

يتشابه تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية إلى حد كبير مع تاريخ الصهاينة اليهود، ومن ثم أطلق عليها الإعلامي الشهير توفيق عكاشه أن الإخوان هم صهاينة الإسلام، حيث يتشابهون مع الصهاينة في أفكار عديدة من بينها العنصرية وتكفير الآخر واستباحة دمه، وهو ما يتضح في سلوكيات التعصب وانتهاج العنف تارة في فترات معينة ثم العودة للمسكنة حتى التمكين فيما يعرف بالتقية في أحيان أخرى.

ولعل أبرز أوجه التشابه بين الإخوان والصهاينة هو تعرض كلا الطرفين لحالات من الشتات ناتجة عن تصادمات عنيفة مع الدول، يتبعها حالة بيات شتوى أو ما يشبه الانهيار، ثم تبدأ بعدها عملية لملمة الأمور ولم الشمل، لتقف الجماعة الإخوانية أو الصهيونية على قدميها من جديد، وفي هذا السياق قال المؤرخ والمفكر حلمى النمنم وزير الثقافة السابق مقولته الشهيرة ( ما من مواطن مصرى أعلن الحرب على إسرائيل إلا قتله الإخوان أو حاولوا قتله)، مستشهدًا باغتيال الإخوان لرئيسى وزراء مصر أحمد ماهر والنقراشى ومحاولة اغتيالهم للزعيم جمال عبد الناصر ثم الرئيس أنور السادات، ولكل من هؤلاء مواقف معادية لدولة الكيان الصهيوني حتى قبيل نشأتها.

ولعلها ليست مصادفة أن يكون الاحتلال البريطاني لمصر هو الذى أسس الجماعة وهو نفسه الذى أقام دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية من خلال وعد بلفور، كما ارتبطت مراحل الشتات الإخوانى بمحطات في التاريخ الصهيوني، حيث كانت البداية عام ١٩٤٨ عقب حل النقراشي باشا الجماعة ثم اغتياله، وكذلك عام ١٩٥٤ حين حاولوا إغتيال عبد الناصر في المنشية بأوامر أمريكية صهيونية عقب لقاء صهر حسن البنا ومدير مكتبه سعيد رمضان مع الرئيس الأمريكي آنذاك آيزبنهاور، كما تعرضت الجماعة لضربة موجعة أخرى من الدولة خلال عام ١٩٦٥ على خلفية أحكام إعدام سيد قطب وعبد القادر عودة، إبان فترة الصراع مع إسرائيل قبيل نكسة ١٩٦٧.

وليست مصادفة أصلا أن الجماعة ذات الجذور الماسونية، تتبع نفس منهج الماسونية الصهيونية القائمة على الولاء التام والسرية المطلقة والسمع والطاعة، ومن ثم تحمل تلك التنظيمات فى داخلها بذرة تحللها وانهيارها، لأن فكرة السمع والطاعة العمياء والكبت والغاء العقل لابد أن تؤدى ولو على المدى البعيد إلى الضجر والانشقاق، بل والانتحار أو الإلحاد والكفر بمبادئ وأفكار التنظيم.

تلك الانشقاقات وحالة التحلل التى تنتاب الجماعة حالياً ليست وليدة اليوم، ولا علاقة لها بأحكام الإعدام النهائية الصادرة بحق بعض القيادات مؤخراً، بل وربما لا تعود فقط إلى ثورة 30 يونيو ومابعدها، ولكنها تراكمات عقود، تؤكد أن الهيكل التنظيمي الهيراركى للجماعة يحمل بداخله عوامل انهياره وتآكله، وهو ما يعيدنا إلى مقولة حسن البنا مؤسس الجماعة ( لو أننى استدبرت من الأمر ما استقبلت لعدت بالجماعة إلى زمن الدعوة)، وهو ما نادى به غالبية قيادات الجماعة المنشقون في أعقاب نجاح ثورة 30 يونيو وبيان ٣ يوليو ٢٠١٣.

 

انقسام الجماعة إلى جبهتين متنازعتين عقب نجاح ثورة 30 يونيو

 

-           الكشف عن فساد مالى وإدارى وراء حالة الإحباط التى أصابت الشباب

 

-           بدأت بخطة الإرباك والإنهاك ومعركة جمعة أمين مع محمد كمال

 

مازلنا نعيش أجواء الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو 2013، التى أعقبها بيان 3 يوليو من نفس العام والذى أسقط حكم الرئيس الاخوانى محمد مرسى، ومع عزل النظام الإخوانى، بدأت مرحلة من الشتات الإخوانى ليست فقط بسبب التصادم مع الدولة ولا حتى بسبب الرفض الشعبى، ولكن خرجت ديدان الفساد لتنخر فى جسد التنظيم من الداخل، وتهدد بقاءه من الأساس، وتعوق فرص إعادة لم الشمل من جديد، والتى كانت الجماعة معتادة عليها على مدار تاريخها.

وبالرغم من أن مرور عامى 2013، و2014 على جماعة الإخوان وهي في حالة انهماك تشغيلي، وسعي لإعادة لملمة أوراقها المبعثرة واستعادة الاتصالات التنظيمية بالقيادة العليا ممثلة في أعضاء مكتب الإرشاد، وبالفعل أسفرت تلك الجهود عن سد الفراغ القيادي الذي خلفته الضربات المركزة التي قامت بها أجهزة الأمن المصرية، وترميم الهيكل الإداري الإخواني على مستوى المحافظات، إضافةً لانتخاب لجنة عليا برئاسة عضو مكتب الإرشاد، آنذاك، محمد كمال، لتتولى إدارة شؤونها كبديل مؤقت لمكتب الإرشاد (الهيئة التنفيذية العليا ).

وفى هذا السياق اعتمدت اللجنة الإدارية العليا خطة عمل مسلح في أغسطس 2014 عُرفت بخطة الإنهاك والإرباك والحسم، وتجسدت تلك الخطة على الأرض في يناير 2015، عندما نفذت حركتي العقاب الثوري والمقاومة الشعبية (التابعة للجان الإخوانية النوعية) عشرات الهجمات الإرهابية في غضون أيام قليلة، مستغلةً حالة الزخم والسيولة الأمنية الذي خلقته مسيرات أنصار الإخوان في الذكرى الرابعة لثورة الـ25 من يناير، غير أن الأجهزة الأمنية المصرية استعادت اليد العليا وتمكنت من استيعاب موجة العنف الجديدة، وإجهاض المخططات العدائية التي كان مقررًا أن تنتهي باستعادة الجماعة لحكم مصر بالقوة المسلحة.

وفى محاولة للوقوف على تفاصيل ما حدث داخل الجماعة إبان تلك الفترة، أعد الباحث أحمد سلطان بمركز الإنذار المبكر، دراسة بعنوان " غليان داخلى.. تأثير ظاهرة الفساد التنظيمى على شباب جماعة الإخوان المسلمين"، تناول خلالها تفاصيل ما دار داخل الأوساط القيادية للجماعة، حيث عمدت قيادة الإخوان آنذاك لعقد جلسات تقييم لأداءها في الفترة من فبراير 2014: فبراير 2015، وظهر الخلاف والتباين بين القيادات لأول مرة، فمحمد سعد عليوة (عضو مكتب الإرشاد، المقبوض عليه حاليا)، أكد أنه لم يكن موافقًا على خطة العمل المسلح، رغم أنه شارك في مناقشاتها وإقرارها، لأنها أدت لتعامل أجهزة الأمن المصرية بصورة أشرس مع عناصر الإخوان، كما رفض جمعة أمين عبد العزيز، نائب المرشد حينئذ، طريقة وآلية عمل اللجنة الإدارية تحت قيادة محمد كمال.

 

            محمود عزت يشعل الحرب للتغطية على فساد محمود حسين

 

 

-           تدليل المؤيدين بالمنح المالية والإقامة فى أفخم الفنادق وإذلال المعارضين بقطع المعونات والاغتيال المعنوى

 

إنتقلت الورقة البحثية إلى مرحلة جديدة من الصراعات أو بالأدق الحروب داخل أروقة الجماعة، موضحًة أنه في خضم حالة الانقسام الداخلي، أصدر محمود عزت، القائم بعمل المرشد وقتها، قرارًا بإقالة اللجنة الإدارية العليا، وتشكيل لجنة جديدة برئاسة عضو مكتب الإرشاد المقرب منه محمد عبد الرحمن المرسي، وأيد محمود حسين، أمين عام الإخوان سابقًا والمقيم بتركيا، هذا القرار، بينما أعلن محمد كمال وأنصاره أنهم الممثلين الفعليين لعموم الصف الإخواني، وكانت محصلة هذا الخلاف أن انقسمت المكاتب الإدارية للإخوان إلى قسمين أحدهما مؤيد لجبهة محمد كمال (5 قطاعات جغرافية)، والآخر مؤيد لجبهة محمود عزت (قطاعين جغرافيين فقط).

وعادًة ما يقترن إسم محمود حسن تحديدًا بوقائع فساد مالى وإدارى وتمييز فى الإعاشة والخدمات المقدمة خاصًة للشباب، ففى الوقت الذى يتم فيه تدليل المؤيدين وتوفير حياة رغدة لهم فى أفخم فنادق وشقق تركيا، يتعرض المعارضون للاضطهاد الذى يصل إلى الإذلال والتجويع، حيث وقفت قيادة جماعة الإخوان وعلى رأسها محمود عزت الدعم المالي الذي كان يُقدم للمكاتب الإدارية الإخوانية بالمحافظات، كما رفضت إعادة تشكيل لجنة الإعاشة المكلفة برعاية أسر أعضاء الإخوان، رغم أنها بقيت تجمع الاشتراكات الشهرية من أعضائها في الداخل والخارج (يدفع العضو مابين 7: 8% من إجمالي راتبه لصالح الجماعة)، وتوزعها على المكاتب الإدارية الموالية لها.

واتخذت هذه الخطوة منحنيًا تدريجيًا، بدأ بتخفيض الحصة الشهرية المقررة لحوالي 40% فقط، وتأخير صرفها عن طريق المندوبين المحددين حتى منتصف الشهر التالي، وهو ما أثر بالسلب على الأعضاء المستحقين للإعانة الشهرية، في حين تم الانفاق ببذخ على المكاتب الإدارية الموالية لجبهة "عزت" وإعطائها حصة تفوق ما هو مقرر لها شهريًا، إضافة لمكافئة أعضائها بطرق عديدة منها السفر والرحلات والاستضافة في أفخم الفنادق.

ولم يقتصر الأمر على النواحى المالية فقط، بل اتبعت القيادة العليا أسلوبًا براجماتيًا في التعامل مع شبابها، ففي حين كفلت واحتوت الشباب المؤيدين لها، عمدت لاتباع أسلوب الضغط على مخالفيها في الملاذات التي لجئوا لها خارج مصر كالسودان وتركيا.

كما عمدت لطرد المخالفين لها من الشقق السكنية التي تستأجرها وقطع الراتب الشهري الذي كان يدفع لهم، وسحب جوزات سفرهم الخاصة، بل والتجسس عليهم عبر تجنيد جواسيس في مقرات إقاماتهم، إضافة للتعدي على بعضهم بالسب والضرب، وصولًا لإبلاغ الأجهزة الأمنية في دول الملاذات عنهم، وبالنظر لأن هؤلاء الشباب كانوا مطلوبين للأجهزة الأمنية في مصر لتورطهم في أعمال العنف، فلم يكن أمامهم سوى الإذعان الاضطراري للقيادات.

 

القيادات اتهموا الشباب بتعاطى المخدرات والزنا والشباب اتهموهم بالدعارة والقمار

 

في إطار حملة الضغط على شباب الإخوان، اعتمدت القيادات أسلوب الاغتيال المعنوي وهو أسلوب “قديم–  جديد” في التعامل مع المعارضين داخل الإخوان، عبر الترويج للشائعات ضدهم واتهامهم بشق الصف والتطاول على القائم بعمل المرشد، والقيادات المسؤولة، والانحراف الأخلاقي والذي يشمل قائمة اتهامات من ضمنها: تدخين السجائر وتعاطي المخدرات، والزنا، وتشبيه الخارجين من ثوب الإخوان والمنشقين بـ”الخبث” الذي يُنفى عن دعوة الإخوان، والشوائب التي تُزال بنيران المحنة.

 وبالطبع كان رد غالبية هؤلاء الشباب المحبطين والمصدومين فى قياداتهم هو الكشف عن مزيد من وقائع الفساد وحياة المجون والعربدة التى يعيشها القيادات، والتى وصلت الاتهام بعضهم بامتلاك وإدارة بيوت للدعارة ونوادى للقمار، واستمرت حالة التراشق بالاتهامات حتى أصبحت الجماعة كالجسد الذى يتداعى وينخر فيه السوس من داخله.

 

التنظيم العجوز يحتضر

 

-           بفعل الانشقاقات وتجميد العضويه وصولاً إلى الانتحار

 

على خلفية هذا التفسخ الإخوانى الداخلى، كان من الطبيعى أن يعلن عدد من شباب الإخوان مفارقتهم للجماعة، لاسيما “إخوان السجون” الذين أطلقوا مبادرات، بشكل منفصل ، وقالوا إنها تمثل نحو 90% من المعتقلين، للتصالح مع الدولة المصرية ودفع تعويضات وتبرعات لدعم الاقتصاد الوطني مقابل الإفراج عنهم .

واستعرض الباحث أحمد سلطان فى سياق دراسته تصريح لأحد شباب الإخوان خارج السجون،  الذى برر انشقاقه عنها بقوله: “إن الجماعة صارت كالصنم الذي تسعى القيادات للحفاظ على قدسيته لتستمر القرابين من أجله، ويضمنوا مكانتهم ومصالحهم في ظل وجوده”.

ومن الانشقاق إلى تجميد العضوية، التى لجأ إليها بعض الأعضاء من طرف واحد، دون إعلان الانشقاق الكامل عنها، وذلك بعدم الالتزام في حضور اللقاءات التنظيمية، أو المشاركة في الفاعليات الإخوانية.

وأرجعت الدراسة الدافع الرئيس لتجميد العضوية إلى حالة  اليأس والسخط على ممارسات القيادة الحالية، مع عدم وجود أفق ينبئ باحتمالية حدوث تغيير جذري فيها، خلال الفترة الراهنة.

وعلى جانب آخر مثلت السنوات السبع الماضية وما تخللها من فشل استراتيجي لجماعة الإخوان، فرصة مواتية لطرح فكرة المراجعات الفكرية ضمن إطار النقد الذاتي للحركة، ولعل الصدى الأبرز لتلك المراجعات كان في السجون، رغم أنه بقي محدودًا في أُطر ومجموعات ضيقة، بسبب رد الفعل القاسي الذي تبديه القيادات المسؤولة عن السجون تجاه من يطرح تلك الأفكار والتي تشمل المقاطعة والعزل والاتهام بالانحراف المنهجي والتضييق على المسجونين وعدم مشاركتهم في الطعام والشراب.

 وفي نفس التوقيت بقيت حركة المراجعات خارج السجون ضعيفة نسبيًا رغم أن بعض الشباب والأخوات اقترحوا اعتزال العمل السياسي بشكل كامل باعتباره أضاع الجماعة، والتركيز على الجانب الدعوي.

وحتى الآن، لم تلق مبادرات المراجعات الفكرية تجاوبًا رسميًا من الدولة المصرية، ولعل ذلك يرجع لعدم ثقتها في المراجعات الإخوانية والقائمين عليها، وإدراكها أنها قد لا تكون مراجعات حقيقية بل مجرد مناورة وقتية للخروج من السجون أو تحقيق مكاسب أخرى.

ولأن إنهيار الرموز والفشل الأيدولوجى مقدمات طبيعية تؤدى إلى الانتحار، ظهرت حالات إنتحار فعلية للشباب كتعبير مأسوي عن مبدأ الكفر بالعيش في ظلال الإخوان، باعتباره أحد أهم العوامل التي أدت بالشباب لهذا المنحدر، وربما كشفت تدوينة الشاب المصري عمر مجدي حول انتحار 3 من شباب الجماعة بسبب سوء أوضاعهم المادية والنفسية عن قمة جبل الجليد فحسب، خاصةً أنها أشارت إلى ظاهرة الفساد المالي والإداري داخل الحركة، التى لا تؤدى إلى انتحار بعض الشباب فقط ولكنها تجسيد فعلى لانتحار جماعة تقترب بخطوات واهنة من عامها المئوى، الذى ربما يحل علينا عام 2028 فلايجدها.


مقالات مشتركة