الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2021-08-18T22:21:27+02:00

المليارات الضائعة داخل الشركات القابضة فى مصر

محمد طرابيه

 

منذ أيام ، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال لقائه  مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، و هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام ، بمواصلة جهود تطوير شركات قطاع الأعمال العام، وذلك للمساهمة بفاعلية لصالح الاقتصاد القومي ودعم الصناعة الوطنية، وعملية التنمية المستدامة على مستوى الدولة، وذلك من خلال حسن إدارة أصول قطاع الأعمال العام، والميكنة، وتنمية الكوادر العاملة وتأهيل العنصر البشري ودعم الكفاءات المتميزة ببرامج التدريب المتقدمة، مع الاستعانة في هذا الإطار بخبرات المكاتب الاستشارية العريقة في مجال النظم الإدارية والهيكلية والموارد البشرية.

وفى الحقيقة فإن قضية شركات قطاع الأعمال قضية شائكة وذات أبعاد خطيرة لها انعكاساتها على كافة المجالات الإقتصادية والإجتماعية .

فهناك رأى يرى أنها شركات لم يعد هناك جدوى من الإبقاء على الكثير منها خاصة فى ظل استمرار خسائرها لعشرات المليارات من الجنيهات وعدم قدرتها على تطوير أدائها لمواكبة التطويرات الجديدة .

وفى المقابل يرى آخرون أنها شركات يعمل بها مئات الآلاف من العاملين فى مختلف المحافظات والقطاعات ، ولذلك من الواجب الإبقاء على هذه الشركات حتى يتمكنوا من إستمرار فتح بيوتهم والإنفاق على أسرهم .

ولذلك قررت البحث عن تفاصيل جديدة ومعلومات موثقة تستند لوثائق ومستندات رسمية توضح الكثير من الأسرار حول الوضع الحالى لهذه الشركات .

وسوف أركز على توضيح الحقائق المدعمة بالمستندات والأرقام ، حتى نتعرف على الحقائق التى لا يعلمها الكثيرون ، ومن خلالها نضع القضية أمام الرأى العام وكافة الجهات المعنية لتحديد ما إذا كانت هناك إمكانية للإستفادة من ضخ استثمارات جديدة لتطوير هذه الشركات حتى تواصل عملها أم سيكون من الافضل إغلاقها لإستحالة مواكبتها للتطورات الجديدة مع الحفاظ على الحقوق الخاصة بالعاملين فيها .

 

فى البداية نشير إلى أن شركات قطاع الأعمال العام وما يتبعها من شركات تابعة إحدى الركائز الأساسية فى الإقتصاد المصرى نظراً لما تمارسه من أنشطة استراتيجية مثل صناعات الحديد والصلب والأدوية والغزل والنسيج وغيرها .

وتعانى أغلب هذه الشركات – وفقاً لتقارير رسمية لدينا صورة منها – من مشكلات حقيقية فى الوقت الحالى أدت إلى محدودية  الدور الذى تقوم به فى دعم التنمية الإقتصادية على خلاف ما كان عليه الوضع فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى  حيث كانت وقتها قاطرة التنمية الأساسية والكيان الرئيسى الذى يعتمد عليه فى الإنطلاق نحوأفاق النمو المنشودة .

وعلى الرغم من استقلال هذه الشركات عن الموزانة العامة للدولة إلا ان نتائج أعمالها ما زالت تلقى بأعباء مالية على هذه الموازنة كما أنها تشكل أحد مصادر الضغط على سياسات المالية العامة .

 وينقسم هيكل شركات قطاع الأعمال العام إلى نوعين هما :

-          شركات قابضة يتبعها شركات تابعة  ، ويبلغ عددها 18 شركة يتبعها عدد 208 شركة تابعة  لوزارات قطاع الأعمال العام والموارد المائية والرى والصحة والسكان والنقل والإسكان والتموين والتجارة الداخلية والطيران المدنى والكهرباء والطاقة المتجددة .

-          شركات قابضة لا يتبعها شركات تابعة ، وعددها 5 شركات هى : المصرية للصرف والتخزين والقابضة للغازات الطبيعية والقابضة للبتروكيماويات وجنوب الوادى القابضة للبترول والأكاديمية المصرية لعلوم الطيران .

 

 

فى هذا السياق ، رصد تقرير برلمانى صادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة د. فخرى الفقى موقف الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام التى حققت نتائج أعمالها خسائر كبيرة ، والتى بلغ عددها 47 شركة تعادل نسبتها 40 % من جملة عدد الشركات التابعة للوزارة ، وقد حققت هذه الشركات خسائر قيمتها 6733 مليون جنيه خلال عام واحد فقط .

وقد تركزت النسبة الأكبر من خسائر العام فى الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج إذ بلغت 3005 مليون جنيه يليها الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية بنسب بلغت 31 % بقيمة بلغت 2083 مليون جنيه .

 

ولمزيد من التوضيح المدعم بالأرقام والمستندات نشير إلى أن الخسائر فى أبرز الشركات تمثلت فى : مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى " 751 مليون جنيه ، ومصر حلوان للغزل والنسيج " 178 مليون جنيه " ، ومصر للحرير الصناعى " 155 مليون جنيه " ، ودمياط للغزل والنسيج " 112 مليون جنيه " ، والدقهلية للغزل والنسيج " 74 مليون جنيه " ، والدلتا للغزل والنسيج " 148 مليون جنيه " والنصر للأصواف والمنسوجات " 150 مليون جنيه " ، ومصر شبين الكوم للغزل والنسيج " 150 مليون جنيه " ، والوجه القبلى للغزل والنسيج " 53 مليون جنيه "  ، والنصر للغزل والنسيج " 89 مليون جنيه " .

 أما قائمة الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية فجاءت خسائرها على النحو التالى :

الحديد والصلب المصرية " 1527 مليون جنيه " ، النصر لصناعة المواسير الصلب " 18 مليون جنيه " ، الدلتا للصلب " 80 مليون جنيه " ، المصرية للإنشاءات المعدنية " 100 مليون جنيه " ، العامة لمنتجات الخزف والصينى " 59 مليون جنيه " ، النصر لصناعة المحروقات " 12 مليون جنيه " ، مصاتع النحاس المصرية " 153 مليون جنيه " ، النصر لصناعة السيارات "10 ملايين جنيه " ، الهندسية لصناعة السيارات "13 مليون جنيه " .

وتضم قائمة الشركات الخاسرة التابعة للشركة القابضة للتشيد والبناء :

المقاولات المصرية " مختار ابراهيم "  282 مليون جنيه ، عمر أفندى 15 مليون جنيه ، والعامة للمشروعات الكهربائية  " 80 مليون جنيه " .

وجاءت الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية التى حققت خسائر :

الدلتا للأسمدة " 484 مليون جنيه " ، والنصر للأسمدة والصناعات الكيماوية "153 مليون جنيه " ، والعامة لصناعة الورق  " 39 مليون جنيه " ، والنصر للملاحات " 6 ملايين جنيه " ، والمصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية " 112 مليون جنيه " ، والنقل والهندسة " 188 مليون جنيه " .

 

 

 المثير فى الأمر أنه فى الوقت الذى تحقق فيه هذه الشركات خسائر تقدر بمليارات الجنيهات ، نجد أن لها مستحقات طرف جهات آخرى ولم يتم تحصيلها حتى الآن ، حيث بلغت قيمة رصيد المدينون " المبالغ المستحقة للشركات طرف الغير " نحو 92 مليار و562 مليون جنيه منها 46 % مبالغ مستحقة للشركات القابضة بقيمة بلغت 42528 مليون جنيه ونحو 54 5 مبالغ مستحقة للشركات التابعة بقيمة بلغت 50034 مليون جنيه .

وفى المقابل ، فقد بلغت قيمة رصيد الدائنون " المبالغ المستحقة للغير طرف الشركات  137  مليارا و20 مليون جنيه منها 19 % مبالغ مستحقة للغير طرف الشركات القابضة بقيمة بلغت 26460 مليون جنيه ونحو 81 % مبالغ مستحقة للغير طرف الشركات التابعة بقيمة بلغت 110559 مليون جنيه .

وتجدر الإشارة إلى أن المبالغ المستحقة للغير طرف قطاع الغزل والنسيج والقطن مثلت 40 % من مجمل المبالغ المستحقة للغير طرف الشركات بقيمة بلغت 54  ملياراً و324 مليون جنيه يليه قطاع التشييد والتعمير بنسبة 20 % بقيمة بلغت 27 ملياراً و137  مليون جنيه .

وبعد أن استعرضنا كل هذه الحقائق المدعمة بالمستندات الرسمية نسأل : ما الأسباب التى أدت إلى تدهور الأوضاع داخل هذه الشركات ؟.

وللإجابة عن هذا السؤال نشير إلى أن أهم الأسباب على سبيل المثال لا الحصر :

-          عدم وجود كيان واحد أو جهة واحدة تتولى الإشراف والرقابة على كافة شركات قطاع الأعمال العام فهناك 8 شركات قابضة وما يتبعها من شركات تابعة تخضع لوزارة قطاع الأعمال  وهناك 10 شركات قابضة قطاعية آخرى وما يتبعها من شركات تابعة تتبع لوزارات متعددة بخلاف وزارة قطاع الأعمال العام وهناك شركات قابضة لا يتبعها شركات تابعة تخضع لوزارات متعددة .

-          صدور العديد من التشريعات المساندة والداعمة للقطاع الخاص من خلال منحها للعديد من الإمتيازات دون تطبيق ذات الإمتيازات على الشركات العاملة فى قطاع الأعمال العام  ، فمثلاً بصدور قانون الإستثمار ؤقم 72 لسنة 2017 والذى منح المستثمرين حوافز كبيرة  ممثلة فى اعفاءات ضريبية وجمركية لم تطبق نفس الحوافز على شركات قطاع الأعمال العام ، كما أن ذات القانون  منح المستثمرين شروط ميسرة للغاية

فى الحصول على قطع الأراضى ومدها بالمرافق والخدمات دون تحملهم باية أعباء وهو ما نتج عنه دخول شركات قطاع الأعمال العام فى منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص .

-          تدنى اسثمارات الدولة فى بعض شركات قطاع الأعمال العام ، فضلاً عن تدنى العوائد الإقتصادية من حجم تلك الإستثمارات .

-          تراجع وانخفاض انتاجية العامل فى بعض الشركات وعدم وجود إطار واضح وحقيقى للمسائلة والمحاسبة يمكن معه تقييم أداء العامل فى ضوء انتاجيته الحقيقة وبالأخص فى الشركات الخاسرة ووجود مطالب عمالية للحصول على حصص فى الأرباح حتى فى الشركات الخاسرة أسوة بما يتم توزيعه على الشركات التى تحقق أرباحاً .

-           تدنى كفاءة وفاعلية بعض مجالس الإدارات نتيجة عدم تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة فى بعض الشركات فى ضوء صدور قرارات بالتجديد لهذه المجالس فى الوقت الذى تحقق هذه الشركات خسائر سنوية متتالية .

-          ارتفاع  المديونية المستحقة لبنك الإستثمار القومى وغيره من الجهات والتى وصلت قيمتها فى بعض الشركات التابعة الى 12.5 مليار جنيه .

-          ارتفاع تكلفة المنتجات التى تقدمها العديد من الشركات وانخفاض جودتها مما يؤدى إلى انخفاض القدرة على المنافسة وصعوبة فتح أسواق جديدة سواء فى الداخل أو الخارج وعدم القدرة على تطوير تلك المنتجات نظراً لإنخفاض الإستثمارات .

-          تزايد قيمة صافى خسائر الشركات عاما بعد عام .

-          تقادم الآلات وحرمان الشركات لفترات طويلة من ضخ استثمارات جديدة أو توفير قطع الغيار اللازمة لاصلاح الآلات المعطلة فضلا عن ضالة الاعتمادات المخصصة لصيانة هذه الآلات .

-          التوسع فى منح الإئتمان والخصومات والتسهيلات للعملاء تنشيطا  للبيع دون أخذ ضمانات كافية  وما صاحب ذلك من مخاطر عدم السداد وإعادة الجدولة  لبعض الديون لفترات أطول .

-          وجود بعض أوجه النقص والقصور فى نظم الرقابة والضبط الداخلى  لبعض انشطة الشركات من أهمها : عدم إبرام عقود مع الموردين بشكل قانونى ، والقصور الشديد فى إجراءات الشراء ومخالفة أحكام لائحة المشتريات ،وضعف الرقابة على أعمال الخزينة والسلف والتأخر فى تسويتها .

ونأتى للسؤال الأهم : ما هى روشتة انقاذ هذه الشركات والتعامل معها ؟. والإجابة يمكن أن نستعرضها من خلال مايلى :

-          توحيد تبعية الشركات لوزارة واحدة أو إسناد مسئولية الشركات التى تتولى الإشراف عليها الى الوزارات المعنية كل فيما يخصه.

-          عدم قيام الشركات بتأسيس شركات آخرى سواء بنفسها أو بالشراكة مع الأشخاص أو الجهات الآخرى إلا للضرورة الملحة.

-          اعداد برامج لإجراء إصلاحات لبعض الشركات التى تعانى من خلل فى هياكلها التمويلية بما يمكنها من الإستمرار فى نشاطها .

-          إعادة  النظر فى جدوى الإستثمارات فى رؤوس أموال بعض الشركات الآخرى التى لم تدر عائداً أو تدر عائداً ضئيلا.

-          الإستغلال الأمثل للطاقات العاطلة بما يحقق مصلحة الشركات.

-          تصريف المخزون الراكد وبطيىء الحركة بطريقة اقتصادية بما يعود بالنفع على الشركات .

-          الحد من انتاج وبيع أصناف لا تحقق ربحاً للشركات خاصة وأن هناك منتجات لا يغطى متوسط بيع الوحدة منها تكلفة الخامات .

-          تحديد المسئولية ومحاسبة المسئولين فى بعض الشركات لقيامهم باتخاذ بعض القرارات التى أدت الى تفاقم الأوضاع فى هذه الشركات .

-          العمل على الإستمرار فى تنشيط الصادرات وفتح أسواق جديدة ويتصل بذلك رفع القدرة على التنافسية فى الأسواق المحلية والخارجية لمعالجة المشاكل التسويقية التى تواجهها الشركات ومعالجة تكدس المخزون من الانتاج التام .

-          الإستغلال الأمثل للطاقات العاطلة بما يحقق مصلحة الشركات مع تطوير الآلات والمعدات حتى تتمكن من التطور التكنولوجى .

 

وفى النهاية أقول : هذه هى الصورة الكاملة للأوضاع داخل الشركات القابضة  عرضناها بالمستندات والأرقام الرسمية ليعرف الرأى العام الحقيقة ونضع الملف كاملاً أمام الجهات المعنية ونتمنى أن يتم اتخاذ الإجراءات  والقرارات اللازمة التى تحقق الحفاظ على المال العام وحقوق العاملين فى هذه الشركات .

 


مقالات مشتركة