الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2021-09-30T16:19:03+02:00

فوضى المرتبات فى مصر تكشف أسرار إتساع الفجوة بين الناس ( اللى فوق والناس اللى تحت )

ايمان بدر

يحتفل العالم خلال هذا الشهر باليوم العالمى للمساواة فى الأجور، وهى فكرة تبدو من خزعبلات عالم ألف ليلة وليلة، حيث تغيب فكرة المساواة عن عالم المال فى مصر، حتى بين العاملين فى نفس القطاع، فى ظل دستور ينص على ربط الأجر بالإنتاج من ناحية وإعتماد السوق المصرى على اقتصاد الريع من ناحية أخرى.

وفى ظل هذا المناخ يستحوذ أصحاب الأعمال أو أصحاب الريع على أكثر من 75% من الدخل القومى الإجمالى، وهو ما يعرف بالربح بدون مجهود أو مخاطر، ولا يتبقى للعاملين سوى أقل من 25 %  من هذا الدخل، علمًا بأن عدد العاملين فى القطاع الخاص بشقيه الرسمى والغير رسمى يصل إلى 75% من إجمالى قوة العمل فى مصر.

وبالرغم من إقرار الحكومة للحد الأدنى للأجور بألا يقل عن 2400 جنيه شهريًا، وفقًا لأحكام القضاء النهائية، ولكن البيانات والإحصائيات على أرض الواقع تؤكد أن 7 عاملين بالقطاع الخاص من كل 10 لا يحصلون على أجر يبقيهم تحت خط الفقر المدقع، ليبقى السؤال هو لماذا تتهاون الحكومة فى إلزام أصحاب الأعمال بدفع الحد الأدنى للأجور، ولماذا لا يقوم المجلس القومى للأجور بدوره المنوط به.

حيث تبرز هنا العديد من الإشكاليات المتعلقة بصعوبة إلزام أصحاب الأعمال بدفع مبلغ الـ2400 جنيه شهريًا كحد أدنى لكل عامل، لأن الإصرار على ذلك يتربت عليه تهرب أصحاب الأعمال من الالتزام بدفع الحد الأدنى، ومن ثم يلجأون إلى الفصل التعسفى وطرد العمال ما يؤدى إلى ارتفاع نسب البطالة، فيما يخشى العامل نفسه من الإبلاغ عن ضآلة الأجر الذى يتقاضاه حتى لا يفقد عمله.

ومن القطاع الخاص إلى الحكومى، حيث يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن تطبيق الحد الأدنى للأجور فى غالبية القطاعات الحكومية، لم يحمى العمال من الفقر، لأنه إذا وضعنا فى الاعتبار معدلات التضخم، نجد أن قيمة الـ 2400 جنيه هى نفس قيمة الـ 1200 جنيه، التى تم إقرارها كحد أدنى عام 2013، بمعنى أن نفس المشتريات التى كان من المممكن شراءها بالـ 1200 جنيه عام 2013، هى نفس المشتريات التى تتحقق بالـ 2400 جنيه حاليًا، علمًا بأن زيادة الأجور تنعكس بشكل مباشر وسريع على ارتفاع الأسعار على الفور.

وفى سياق متصل تفقد فكرة الحد الأدنى للأجور قيمتها  وتعجز عن تحقيق أهدافها المتعلقة بضمان التوزيع العادل لثمرة النمو الاقتصادى على جميع أفراد المجتمع، فى ظل تنوع وتناقض التركيبة العمالية للمصريين، حيث نجد أن غالبية العاملين فى القطاع الحكومى من النساء، وبالتالى تكون المرأة هى الأكثر استفادة من تطبيق الحد الأدنى للأجور، ناهيك عن غياب المساواة بين القطاع الحكومى والقطاع الخاص، بل وغياب المساواة داخل القطاع ذاته، حيث نجد موظف فى جهة حكومية ما يتقاضى أضعاف راتب زميله الحاصل على نفس المؤهل ونفس الأقدمية فى جهة حكومية أخرى، بينما تبلغ نسبة العاملين بدون تثبيت فى قطاعات الحكومة حوالى 10% وهؤلاء جميعًا تحت خط الفقر، ويمكن وصفهم بطبقة المعدمين ومحدودى الدخل، رغم أن من بينهم معلمين بالحصة وموظفين حاصلين على مؤهلات عليا.

 

 

رغم إقراره بنص المادة 27 من الدستور المصرى

 

مفاجأة: قانون الحد الأقصى للأجور تطارده شبهة عدم الدستورية

 

لأننا فى بلد " معاندة نفسها وكل حاجة وعكسها " ، كما غنت الفنانة ريهام عبدالحكيم فى فيلم "عسل أسود"، نجد أن رئيس الجمهورية شخصيًا أصدر قانون الحد الأقصى للأجور، وطبقه على نفسه، بل وتنازل بإراداته عن نصف راتبه، ليتقاضى نصف الحد الأقصى للأجور، وهو مبلغ 21 ألف جنيه فقط، بعد أن قال إن 42 ألف " كتير عليه" على حد تعبيره، ومع ذلك يطبق القانون عليه وعلي رئيس الوزراء وكبار موظفى السلطة التنفيذية ولا يطبق على موظفين آخرين داخل نفس الحكومة لنفس النظام.

والأدهى أن  الرئيس عبدالفتاح السيسى حينما أصدر القانون رقم 63 لسنة 2014، الذى وضع الحد الأقصى للأجور للعاملين فى الحكومة بحيث لا يزيد عن 42 ألف جنيه، الذى كان وقتها يمثل 35 ضعف الحد الأدنى الذى كان وقتها 1200 جنيه، فقد استند إلى النص الدستورى الذى ينص فى المادة 27 من دستور 2014، على أن "يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيًا بتكافؤ الفرص، والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول، والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى لكل من يعمل بأجر وفقًا للقانون".

وبالرغم من وجاهة ونبل الفكرة وقابليتها للتطبيق حتى على أكبر موظفى الدولة وهو رئيس الجمهورية، ولكن أصدرت لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة العديد من الفتاوى والأحكام التى استثنت الكثير من الفئات العاملة بالقطاع الحكومى من تطبيق الحد الأقصى، بل وتطارد القانون ذاته شبهة عدم الدستورية بسبب ديباجته التى خلت مما ينص على أنه تم عرضه على قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وهى الجهة التى خول لها دستور 2014 مهمة مراجعة القوانين والتشريعات، وبذلك يكون القانون يستند على مادة دستورية تكفل تكافؤ الفرص والتوزيع العادلن ويخالف مادة أخرى فى ذات الدستور تنص على ضرورة عرضه على قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.

 

يطبق على الرئيس السيسى ورئيس الوزراء وقيادات السلطة التنفيذية فقط

 

قائمة الفئات المستثناة تضم القضاة وموظفى البنوك والشركات والهيئات "المحظوظة" جدًا

 

-           أبرزها البترول والبريد والمصرية للاتصالات والسكة الحديد والمقاولون العرب

 

نظراً لأن قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لم يقر قانون الحد الأقصى للأجور، فلم يكن مستغربًا أن يصدر مجلس الدولة ذاته العديد من الفتاوى والأحكام التى أخرجت فئات بعينها من تطبيق الحد الأقصى للأجور، وفى مقدمة الفئات التى حصلت على حكم بعدم تطبيق الحد الاقصى عليها يأتى القضاة وأعضء النيابة العامة، واستندت هذه الفتوى على أن القانون يطبق على أعضاء السلطة التنفيذية ولا يطبق على السلطة القضائية.

وعلى جانب آخر تم إخراج العاملين فى العديد من البنوك والهيئات والشركات الحكومية من تطبيق الحد الأقصى، ومن بين هؤلاء موظفى البنوك الحكومية وأيضًا العاملين فى الشركات المساهمة والشركات ذات المسئولية المحدودة، ولو كان رأس مالها بالكامل مملوكًا للدولة، ومن بين هذه الشركات الشركة المصرية للإتصالات وكذلك شركة المقاولون العرب والهيئة القومية للبريد والهيئة القومية لسكك حديد مصر، والهيئة العامة للبترول، بالإضافة إلى شركات قطاع الأعمال العام والشركات القابضة مثل الشركة القابضة للتشييد والتعمير وغيرها.

وتبرز هنا علامات استفهام من نوعية كيف يطبق القانون على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وقيادات الجهاز الإدارى، ولا يطبق على هؤلاء العاملين فى كيانات رأس مالها بالكامل مملوك للدولة، وتأتى الإجابة من واقع حيثيات الفتاوى والأحكام التى أقرت بأن قانون الحد الأقصى يختص بمن يعملون فى الجهات الحكومية والوزارات والمصالح والوحدات الإدارية والمحلية، ومن ثم لا يدخل فيه الأشخاص الاعتبارية الخاصة، ومن بينها الشركات المساهمة والبنوك والهيئات الاستثمارية التى تعامل جمعياتها العمومية معاملة الشخصيات الاعتبارية الخاصة.

 

 

            أبرزها القطاع المصرفى والتأمين والتعدين والنقل والتخزين

 

            خريطة الفئات المحظوظة ذات المرتبات الأعلى

 

 

-           5 ألاف جنيه مرتب حديث التخرج فى البنك ويتقاضى 50 ألف شهريًا بعد عشر سنوات فقط

 

فى ظل هذا التفاوت الرهيب بين الأجور، وعدم تطبيق الحد الأقصى على فئات معينة، بل وعدم حصول فئات أخرى حتى على الحد الأدنى، يأتى العاملون فى مجال البنوك والوساطة المالية والبورصة والتأمين في المركز الأول من حيث الوظائف الأعلى دخلا، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري حوالي 15 ألف جنيها بمعدل 192ساعة عمل شهريا، علمًا بأن ما يتقاضاه أحدهم شهريًا يفوق ثلاثة أضعاف هذا الرقم بعد إضافة الحوافز والبدلات والعمولات التشجيعية، حيث تؤكد مصادر من داخل القطاع المصرفى على سبيل المثال أن مرتب الشاب حديث التخرج عند تعيينه فى أحد البنوك الاستثمارية الكبرى، لا يقل عن 5 آلاف جنيه كأساسى فى بعض البنوك، بينما يصل بعد إضافة الحوافز والبدلات إلى ما يتجاوز الـ25 ألف شهريًا، أما الموظف الذى قضى فى الخدمة عشرة سنوات فيحصل شهريًا على حوالى 50 ألف جنيه، شاملة الحوافز والبدلات والأرباح، وهو نفس ما يتقاضاه العاملون فى القطاعات المالية الأخرى ومن بينها التأمينات والسمسرة فى البورصة والأوراق المالية والصرافة  وغيرها.

ومن الأموال والتأمين إلى البترول والتعدين، حيث احتلت مهنة التعدين واستغلال المحاجر المركز الثاني  وبلغ متوسط الأجر الشهري للعامل، نحو 5536 جنيها بواقع 184ساعة عمل.

ولأن شبابنا دائمًا يحلمون بالعمل إما فى البنوك أو فى قطاع البترول أو فى وزارة وهيئات الكهرباء والطاقة، جاء قطاع الكهرباء والطاقة فى المركز الثالث، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري 4880 بواقع 212ساعة عمل، فيما يصل بعد إضافة الحوافز والبدلات والإضافات الأخرى إلى ما يتجاوز الت 30 ألف جنيه شهريًا.

وبما أننا فى عصر قناة السويس الجديدة وهيئتها الاقتصادية ومجمعات الخدمات اللوجيستية وخدمات النقل والتخزين التابعة لها ولغيرها من الموانئ والمطارات، تبرز أهمية العمل فى مجال النقل والتخزين والشحن والتفريغ، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري للعامل في مجال النقل والتخزين، نحو 4860 جنيها، بالرغم من ارتفاع عدد ساعات العمل بها عن غيرها من المجالات.

وبالعودة إلى الفئات التى حصلت على أحكام وفتاوى من مجلس الدولة لتخرج من قائمة الملزمون بتطبيق الحد الأقصى للأجور، نجد أن من بينها العاملون فى مجال شركات مياة الشرب والصرف الصحى، بالرغم من أن الأرقام الرسمية توضح أن متوسط الأجر الشهري للعامل في مجال الإمداد المائي وشبكات الصرف الصحي يبلغ 4240 جنيها بواقع 208 ساعة عمل شهريا، ولكن ما يحصل عليه هؤلاء خاصًة قيادات القطاع فعليًا بعد إضافة الإضافات الأخرى يجعلهم يتجاوزن الـ 42 ألف جنيه التى أقرها القانون كحد أقصى للأجور، ومن ثم سعوا إلى تحريك دعاوى قضائية لإخراجهم من بين ضحايا الحد الأقصى.

 

 

 

            عجائب وغرائب فى قائمة الفقراء والمعدمين

 

-           نحلم بتطوير التعليم ولدينا معلم يحتل المركز الأول فى قائمة الأقل دخلًا

-           الخادمة فى المنازل تتقاضى أكثر مما يحصل عليه خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

 

مازلنا نعيش أجواء نتائج الثانوية العامة وامتحانات الدور الثانى، التى كشفت عن فشل ذريع فى منظومة تطوير التعليم، ومن ثم أجمع الخبراء على أنه لا تطوير ولا تحسين للخدمات التعليمية بدون الارتفقاء بأحوال المعلم إقتصاديًا وثقافيًا وعلميًا، لتكشف الأرقام الرسمية عن أن المعلم المصرى يحتل المركز الأول فى قائمة الأقل دخلًا، حيث جاء قطاع التعليم في مقدمة الوظائف التي تقدم أقل دخلا، بمتوسط شهري 1800جنيه، بمعدل 212 ساعة عمل شهريا.

ولأن نشر الوعى يعتمد على جناحين أساسيين هما التعليم والثقافة، والأخيرة تشمل الفنون والإبداعات، جاءت مهنة الفنون والإبداع  في المركز الثاني من حيث الوظائف الأقل دخلا حيث بلغ متوسط الأجر الشهري 2100جنيه بمعدل 232ساعة عمل.

أما عن الجيش الأبيض من الأطباء والممرضين، فقد سجل أجر العاملين في مجالات الصحة وأنشطة العمل الاجتماعي نحو 2456جنيها، بمعدل 232 ساعة عمل.

وإذا كان العالم حاليًا يعيش عصرالتكنولوجيا وثورة المعلومات والاتصالات، ويقال أنها المهنة الأفضل مستقبلًا فى العالم كله، ولكن الوضع مختلف فى مصر، حيث جاءت ضمن المهن الأقل دخلًا، وبلغ متوسط الأجر الشهري للعاملين بهذا المجال 2544جنيها.

وعلى جانب آخر ارتفع متوسط الأجر اليومي بقطاع  الخدمة المنزلية، وعمال وعاملات النظافة داخل البيوت، إلى نحو  150 جنيه يوميًا، بما لا يقل عن 3500 جنيه شهريًا.


مقالات مشتركة