الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2022-02-21T20:43:42+02:00

إلا الدين يا شلة المنتفعين !!

سيد سعيد
 لا أعرف بالضبط من أين أبدأ؟ أو كيف أبدأ؟ فالقضية من فرط خطورتها، لا تحتمل ترف الصمت، أما تداعياتها الكارثية فسيدفع المجتمع بأكمله ثمنها غاليًا، لا فرق بين جميع فئاته، رغم التباين فى أوضاع تلك الفئات على المستويات كافة، كما أنها لا تحتمل الوقوف فى المنطقة الرمادية» البين بين» أو إمساك العصا من المنتصف للنجاة والنأى بالنفس بعيدًا عن صخب فئة ضئيلة وضالة، أدمنوا إثارة الزوابع والفتن، واستباحوا كل شىء فى إطار مزايداتهم الرخيصة لنشر الفوضى الأخلاقية تحت لافتة براقة عنوانها الظاهر «التنوير وحرية الفكر»، أما مضمونها فهو الترويج لأجندة التخريب والتدمير ومحو الهوية.

 

 فالأمر برمته يتعلق بالتشكيك فى العقيدة الدينية، والنيل من الموروثات الثقافية، التى شكلت الوعى والانتماء الوطنى، ورسخت لمنظومة القيم والتقاليد التى نباهى بها على مر العصور، ناهيك عن الطعن المٌتقن، بالبطئ، فى القناعات المتوطنة داخل النفوس بمكانة الأئمة العظام، والأزهر الشريف وشيخه أيا كان اسمه، باعتباره رمزًا للمسلمين فى كافة أرجاء الدنيا.

 

 قبل أن نفيق من صدمة مدوية، كافية لشحن الغضب فى النفوس، تداهمنا أخرى أكثر كارثية من سابقتها، والصدمة ليس فيما يقال على ألسنة الغوغائيين، إنما من الذين أتاحوا الفرصة لهؤلاء أن ينالوا من العقيدة جهارًا نهارًا، والتبارى فيما بينهم على رفع سقف انتهاك المقدسات عبر ترويج الأكاذيب والادعاءات.لعل آخر الافتراءات التى داهمتنا، وأشعلت نيران الغضب فى نفوس الغالبية، انكار المدعو إبراهيم عيسى لواقعة الإسراء والمعراج، عبر برنامجه على قناة القاهرة والناس، مدعيًا أنها قصة وهمية من اختراع السلفيين، مشيرًا فى ذات الوقت إلى أن 99% من الكتب التى نقرأها غير صحيحة، باعتبار أن نسبة الـ1% التى يقرأها هو هى الصحيحة وما عداها حزمة من الأكاذيب، وراح يطرح افتراضاته المريضة، التى لا تتسق مع العقل، لكى يبلغ غايته، إلا أن الأمور فى هذه المرة، لم تسر على هواه، فقد تقدم العديد من المحامين ببلاغات ضده للنائب العام، الذى أعلن عن استدعاء إبراهيم عيسى للتحقيق معه.

 

فى هذا السياق المتخم بالأضاليل الممنهجة، لم يعد غريبًا على أى متابع أو مهموم بقضايا الشأن العام، أن يجد دعاة الانفلات الأخلاقى، وأصحاب الصوت العالى» الهمجى» فى صدارة المشهد الاعلامى، ولم يعد مستحيلاً على الكافة اكتشاف أبشع أساليب التدليس التى تحدث علناً، لتمرير أجندات دخيلة على مجتمعنا، تهدف دهس القيم الدينية والإنسانية، ولتحقيق تلك الأغراض الموبوءة، تم الدفع بنماذج مثيرة للغثيان، يرتدون ثياب الوعظ، وهم ليسوا بوعاظ، ولا يوجد لديهم أدنى دراية بالقضايا الشائكة التى يقتحمونها، فقط يرفعون شعارات التنوير وحرية التفكير، ومن فرط بجاحة هذه النوعية المنبوذة، يطالبون باستبعاد العلماء والمتخصصين فى شئون الفقه والعقيدة من الإفتاء فى أمور الدين، باعتبار أنهم الأكثر علمًا ودراية.

 

النقاش العقلانى فيما أورده جهبذ هذا الزمان وعلامة عصره وأوانه، يتجاوز النظرة السطحية التى توقفت فقط أمام إنكاره لواقعة رواها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودافع عنها صحابته حينما حاول أمثال إبراهيم عيسى فى عصر الرسالة التشكيك فيها، والتى خلفت جدًلا فقهيًا حولها، يدور فى نقطتين لا ثالث لهما، هل كانت واقعة المعراج التى ينكرها» مولانا عيسى «، بالجسد، أم بالروح فقط، ولم يتطرق الجدل لمدى صحتها من عدمه، لأن صحتها معلومة وليست محل شك، لكن ما الهدف من إثارة الفتنة بإنكار الواقعة؟ ولماذا فى هذا التوقيت؟ وهذا هو المهم، وفق قناعاتى، لأننى لا أميل بالمرة إلى الآراء المنحازة لبعض الإجابات الجاهزة، والتى يدور مضمونها فى فكرة الإلهاء، أى إلهاء المجتمع لتفريغ طاقات الغضب صوب الأدعياء من أمثال إبراهيم عيسى وإسلام بحيرى وغيرهما، بهدف الانصراف عن معاناتهم وأوضاعهم المعيشية. إن التشكيك فى واقعة المعراج، لأنها لم ترد صراحة فى القرآن الكريم، لم يكن عشوائياً، انما تم وفق دراسة متقنة لبلوغ الهدف، فمن ناحية سيدافع عنها فئة مأجورة، تدور فى فلك أجندة الترويج لما يطلق عليه «حرية التفكير»، من دون دراية أو إدراك لتبعات الانحياز لهذه» الهرتلات» على المجتمع، حال النجاح فى ترويج تلك الادعاءات، ومن ناحية أخرى سيمهد هذا للموجة الثانية المتعلقة بإنكار الصلاة، باعتبار أن فريضة الصلاة على المسلمين، نزلت بالأمر الإلهى أثناء واقعة الإسراء والمعراج، ومن هذه النقطة تبدأ فعليًا عملية تشويه العقل الجمعى تمهيدًا للشك فى كل المسلمات والانصراف عن تأدية الفرائض، لأنها محل شك، وهذا هو الهدف الأسمى لمؤسسات إعلامية أمريكية داعمة لبرنامجى إبراهيم عيسى وإسلام البحيرى، وفق اتهامات سابقة تناقلتها مواقع إلكترونية عن الإعلامى حافظ المرازى، عندما اتهمهما بالحصول على تمويلات ضخمة لبرنامجيهما فى قناة الحرة الأمريكية، لنقد الخطاب الدينى» أيوة نقد الخطاب الدينى، «وهو عنوان أخف وطأة من الفعل الحقيقى الذى يمارسانه على أرض الواقع بشكل علنى ومفضوح، ولم يجرؤ أى منهما على الرد، أو توضيح الأمر فيما قاله المرازى، من اتهامات واضحة، لا لبس فيها، لذا لم يكن غريبًا أن نجد إبراهيم عيسى يتحدى المجتمع بأكمله، حين وقف منحنيًا للفنانة منى زكى، دفاعًا عنها وعن فيلمها«أصحاب ولا أعز»، الذى أذاعته» نتفليكس»، وهو الفيلم الذى اعتبره البعض، وهم  كثر، أنه يروج للمثلية الجنسية، والحض على الرذائل، إبراهيم عيسى فى هذا السياق، لم يدافع عن فنانة أدت دورًا فى الفيلم وقام بتحيتها، لكنه يدافع عن ترويج أفكار تدور فى منهج الحرية بلا سقف، الحرية المدمرة لأسس الدين والاعتقاد، فكرة نشر الرذائل، حرية الشذوذ، حرية الزنا وغيرها من الأمور التى يضغط بها الغرب على البلدان المسلمة، ومن هذا المنطلق، نجد الهجوم على شيخ الأزهر، حتى يستجيب للنداءات الغربية والداخلية الممثلة فى هؤلاء الأدعياء.

 

لم يكتف عالم هذا الزمان بما قاله عن الإسراء والمعراج، لكنه ذهب للتشكيك فى الشيوخ، مشيرًا لعدم حاجة المجتمع إليهم، وفى إطار خلط الأوراق لم يفرق بين شيوخ الأزهر وشيوخ السلفية، متهمًا الجميع بأنهم سلفيون، لكى يجد انحيازا من المجتمع الذى ينبذ أفكار تلك الجماعات، إنها عملية متقنة وتجد من يحميها على الأقل فى وسائل الإعلام التى فتحت قنواتها على البحرى لهذه النوعية التى استباحت الدين وكذبت الرسول، ولا مانع لديها فى النيل من الذات الإلهية، ما دام الطعن فى الذات الإلهية، يمر بدون عقاب، لأنه يدور فى أجندة حرية الفكر والرأى، وفى هذا السياق دعونا نتوقف أمام بعض الأمور التى تثير الريبة، حين هاجم أحد المذيعين ناديًا رياضيًا، قامت الدنيا ولم تقعد، حيث تم وقفه عن العمل والتحقيق معه فى تجاوزاته، ونصبت له المشانق على نواصى السوشيال ميديا والفضائيات، وحين أهان المدعو إبراهيم عيسى نساء الصعيد، وادعى زورًا وبهتانًا، أنهن كن يرتدين المايوهات فى الستينيات والسبعينيات، لم تتحرك جهة واحدة مسئولة فى هذا البلد، لإجباره على الاعتذار فقط وليس وقف البرنامج أو التحقيق معه، أتدرون لماذا؟ لأن الأمر فى هذا الحالة يتعلق بدهس القيم والموروثات الثقافية والتقاليد المجتمعية، المراد دهسها تحت الأقدام، فضلاً عن أن إبراهيم عيسى من أصحاب الذوات المتضخمة، ويرى فى نفسه أنه لا ينطق عن الهوى، فكل ما يقوله صواب لا يحتمل الخطأ، وما عداه خطأ لا يحتمل الصواب، فهو عالم فى الدين وخبير فى السياسة، ومفكر فى العلوم الاجتماعية والإنسانية، وأديب وسيناريست، وإعلامى وكاتب صحفى، وناقد رياضى، وممثل بارع «يعنى من الآخر مفيش منه اتنين فى الكون كله».

 

 على مدار السنوات القليلة الماضية ارتفعت نبرة تجديد الخطاب الدينى، وهذه رغبة مجتمعية بامتياز، باعتبار أن المعنى المقصود من مصطلح التجديد، يتعلق بتنقية التراث من موروثات تجاوزها العصر، ولم تعد تليق بالمستحدثات فى أمور الدنيا والتطور الذى واكب المجتمعات فى كل المجالات، شريطة عدم المساس بثوابت العقيدة وجوهر الدين، إلا أن الموجة التى سادت رأت فى انطلاق الفكرة ضالتها المنشودة، وجرى الخلط الفاضح بين الرغبة فى تنقية التراث والطعن البغيض فى جوهر العقيدة، بدون دراية أو تخصص فى هذا المجال الذى يشكل حياة الناس وتعاملاتهم الدنيوية، حيث جرى التشكيك فى الصحابة وأحاديث البخارى، تحت دعوى الاجتهاد، مرورا بالسعى نحو التشكيك فى الأزهر وشيخه، تمهيدا لتهميشه وإرهابه من فئة متخصصة فى التضليل، ولا علاقة لهم من بعيد أو قريب بأمور الفقه والشريعة، ففى إطار الحملة الممنهجة على الأزهر فى الفضائيات، استضاف عمرو أديب اسلام البحيرى، سبق حبسه فى قضية اذدراء أديان، ونسب إلى شيخ الأزهر هو والإعلامى صاحب برنامج الهيصة والصراخ، ما لم يقله فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد البطيب شيخ الأزهر، وأنه يقف ضد إصدار قوانين تجرم ضرب المرأة، وغير ذلك، معتمدين على أن الضجيج، فخرج الأزهر لينسف كل الادعاءات بصورة مهنية راقية، فضحت شلة المنتفعين من الضجيج من خلال مجلة الأزهر، لكن هناك نقطة جوهرية، هل سيتم ترك هؤلاء بخزعبلاتهم، وشيخ الأزهر وعلمائه، يتفرغون للرد على السفهاء، ممن يهرتلون، ولا يدركون عواقب ما يصنعون.

 

 فى النهاية أطالب المجتمع بأن يفيق أطالب مؤسسات الدولة بعدم التهاون مع هذه النوعية، التى تسعى لهدم المجتمع، عبر التشكيك فى المسلمات الدينية، وأطالب الأزهر الشريف بالتصدى لهؤلاء، ويقينا سيقف المجتمع خلف الأزهر لمنع هذا الانفلات من التنامى والطغيان، كما أننى أطالب المؤسسات التشريعية بأن تتبنى إصدار تشريعات تحمل عقوبات صارمة على كل من يطعن فى صلب العقيدة، لحماية المجتمع من العبث والفوضى.

 

 يا سادة إن حرية التعبير والفكر، كفلها الدستور لكل المواطنين، حرية الاعتقاد مكفولة، لكن ليس هناك حرية فى العبث، أنت حر فى اعتقادك الدينى، أو أن تكون لا دينى أو ملحد، أنت حر، وأنت حر فى آرائك وكيفية تفكيرك، لكنك ليس حراً فى تدمير قيم المجتمع، لست حرًا فى التنمر أو الإساءة لشرائح لها نفس حقوقك، الحرية التزام وليست فوضى.. اتقوا الله فى هذا البلد.

مقالات مشتركة