بالوقائع والأرقام .. الملفات المسكوت عنها داخل الهيئة الوطنية للإعلام

ماسبيرو .. ليس مجرد مبنى يقع على كورنيش النيل فى وسط القاهرة ، بل معنى عظيم للعراقة والأصالة .

فعلى برامجه تربينا وعشنا مع مسلسلاته أجمل أيام الطفولة والصبا والشباب .

هو الذاكرة الحية لمصر منذ 1960 وهو موعد إنشاء هذا المبنى ولكن يسبق ذلك تاريخ عريق للإذاعة المصرية  يعود إلى عام 1934 .

لكل ذلك كان إهتمامى منذ سنوات وحتى الآن بالكتابة عن هذا الكيان العريق ، دفاعاً عنه وعن حقوق العاملين فيه ورغبة فى أن يستعيد دوره الكبير فى حياة مصر  وكشفاً للمئات من وقائع الفساد والتجاوزات المالية والإدارية .

والحمد لله كتبت آلاف المقالات والأخبار عن هذا الكيان دون أن تكون لى مصالح شخصية مع أى شخص فيه وأتحدى أن يثبت أحد عكس ما أقول .

من هنا أواصل الكتابة لنكشف عن مفاجآت جديدة وملفات مسكوت عنها داخل الهيئة الوطنية للإعلام " ماسبيرو " .

ولن يكون الكلام قاصراً على موضوع واحد ، بل سنكشف مفاجآت وأرقام ومستندات رسمية حول العديد من القضايا الشائكة ، وسوف تكون على هيئة فقرات أو " بوستات " لإتاحة المجال لفتح أكبر عدد من هذه الملفات الشائكة .

• عندما يكون هذا العدد بين يديك – عزيزى القارىء – سوف يكون قد مضى قرابة الشهرين على بدء وقفات العاملين فى ماسبيرو للمطالبة بحقوقهم المشروعة . ورغم كل هذه المدة إلا أن الجهات الرسمية وقيادات المبنى لم تتعامل مع هذه المطالب بالجدية المطلوبة ، ولم تستجب إلا لجزء قليل من تلك المطالب رغم كثرة الوعود بحل كل الأزمات المتراكمة على مى سنوات طويلة .
• للأسف الشديد .. الغالبية العظمى من قيادات ماسبيرو غير مؤهلة بالشكل المطلوب سواء من الناحية العلمية أو من الناحية العملية ، فمعظمهم جاءوا إلى مناصبهم عن طريق الواسطة والمحسوبيات أو لأنهم مجرد منفذين للتعليمات التى تصدر لهم ، والمؤسف أن يحدث ذلك فى الوقت الذى يتم فيه تهميش أدوار الكفاءات المهنية أو من الحاصلين على شهادات الدكتورة من أعرق كليات الإعلام بالجامعات المصرية .
• من المؤسف القول أن صراعات بعض الأجهزة السيادية والرقابية والأمنية داخل مبنى ماسبيرو ، وتضارب التقارير التى  تقدم اليها أو ترفعها للقيادة السياسية ، تعد أحد أسباب إنتكاسة المبنى وتراجعه  فى السنوات الأخيرة . ونتمنى أن تنتهى هذه الصراعات ويكون الهدف تحقيق المصلحة العامة ، بحيث يتم تقديم إعلام هادف مع بذل كل الجهد لتخفيض النفقات .
• من واقع متابعتى الدقيقة لشئون ماسبيرو ، أستطيع القول إن الدولة على المستوى الرسمى لم تبخل على ماسبيرو من الناحية المالية ، حيث تزيد الموازنة الرسمية المخصصة لها بشكل سنوى منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى منصب الرئيس فى عام 2014 ، ومع ذلك لم نجد من يحاسب قيادات المبنى حول أوجه صرف هذه المليارات سنويا وما أسباب عدم حصول العاملين على حقوقهم المشروعة منذ سنوات وحتى الآن .
• للأسف الشديد لم يتم التعامل بشكل جاد مع ما تكشفه تقارير الأجهزة الرقابية وفى مقدمتها جهاز المحاسبات ، والذى تكشف تقاريره الرسمية عن العشرات بل المئات من وقائع الفساد سنوياً ، ومع ذلك يتم ركن هذه التقارير فى أدراج لجان مجلس النواب بسبب تضارب المصالح بين قيادات لجنة الثقافة والإعلام وفى مقدمتهم د. درية شرف الدين رئيسة اللجنة والتى تقدم برنامج " حديث العرب من مصر " أسبوعيا على شاشة القناة الأولى وكذلك يوسف الحسينى وكيل اللجنة ومقدم برنامج " التاسعة " اليومى على شاشة نفس القناة . وهو الأمر الذى أحدث نوعاً من تضارب المصالح الذى يحظره الدستور والقانون  ، ولذلك فمن المستبعد أن يتم فتح ملفات فساد ماسبيرو فى ظل إستمرار الوضع الحالى فى مجلس النواب .

• كشف حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، فى 8 يناير 2021  خلال استضافته ببرنامج «التاسعة»، المذاع على شاشة التليفزيون المصري، وتقدمه الإعلامية شافكي المنيري ،  أن إجمالي متراكمات العلاوات والمتجمدات والإضافات للعاملين قد تكون وصلت لـ 700 مليون جنيه . الغريب أنه فى 21 ديسمبر 2021 ، قالت أمل الجندى رئيسة القطاع الإقتصادى السابقة - والتى انتهت مدة خدمتها رسميا منذ 3 أيام -  فى إجتماع لجنة القوى العاملة بمجلس النواب  : " إن العلاوات الدورية لم تصرف للعاملين منذ سنوات، وتصل لنحو 600 مليون جنيه، وذلك نتيجة الظروف المالية الصعبة بالهيئة والديون المتراكمة عليها " . هذا التناقض فى الأرقام يكشف عدم الدقة فى البيانات الرسمية الصادرة عن الهيئة الوطنية للاعلام لوجود فارق يقدر ب 100 مليون جنيه بين الرقمين ، رغم أن التصريحات تدور حول العلاوات المتأخرة المستحقة للعاملين . وهنا نسأل  :  أين الجهات الرقابية والسيادية المعنية بشئون ماسبيرو ؟ و أين تذهب كل هذه الملايين التى نكشف عن وقائعها بشكل يومى ؟ ولمصلحة من تستمر هذه الأوضاع المتردية للعاملين فى ماسبيرو ؟!!. والسؤال الأهم  : متى يحصل العاملون على مستحقاتهم وحقوقهم المشروعة ؟! .

•  حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام قال فى حواره مع شافكى المنيرى إن الهيئة أنفقت مبلغ 100 مليون جنيه على مواجهة فيروس كورونا ، وللعلم فإن أمل الجندى رئيسة القطاع الإقتصادى السابقة - والتى انتهت مدة خدمتها رسميا منذ أسبوعين - قالت نفس الكلام رسمياً فى إجتماع لجنة القوى العاملة بمجلس النواب يوم 21 ديسمبر الماضى ، حيث أكدت أن الهيئة تحملت نحو 100 مليون جنيه للعلاج خلال فترة كورونا ، وبصراحة توقفت طويلاً أمام هذا الرقم  ، لأننا لو قسمنا مبلغ ال 100 مليون جنيه على 22 شهراً – منذ بداية كورونا وحتى وقت التصريحات -  لوجدنا الناتج 4 ملايين و545 ألف  جنيه شهرياً ولو قسمناها على عدد أيام الشهر لكان الناتج 151 ألف جنيه يومياً .
• وهنا نسأل : لماذا لا تصدر الهيئة الوطنية للإعلام بياناً رسمياً بأوجه صرف هذا المبلغ الكبير ؟ وما نوعية الخدمات التى قدمت للعاملين لمساعدتهم فى العلاج من فيروس كورونا منذ بدايته وحتى الآن ؟!!.

• بالأرقام الرسمية .. إجمالى تكلفة الترقيات ل 11 ألف عامل فى ماسبيرو 8 ملايين و849 ألفا و138 جنيه شهرياً فقط لا غير ، وليس 40 مليون جنيه كما ذكر حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام فى حواره مع شافكى المنيرى على القناة الأولى .

• بالارقام الرسمية  .. اجمالى بنود المصروفات فى موزانة العام الحالى ٢٠٢١-٢٠٢٢ للهيئة الوطنية للإعلام تبلغ ٨ مليارات و١١٧ مليون جنيه بزيادة قدرها ٧٠٧ مليون جنيه عن مصروفات موازنة العام الماضى ٢٠٢٠ / ٢٠٢١ والتى كانت تقدر  ب٧ مليارات و٤١٠ مليونا و٦٩٠ الف جنيه.

• لجنة القوي العاملة بمجلس النواب، برئاسة النائب عادل عبد الفضيل عياد، رئيس اللجنة، طالبت منذ أسابيع بدعم مالي للهيئة الوطنية للإعلام لسداد تكلفة علاوات الترقيات الصادر بها قرارات رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أرقام  65 و101 و265، وطلبت بيان بالتصنيف الوظيفى للعاملين  ، الجدير بالذكر أن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، أكد أنه طبقا لقرار رئيس الجمهورية بترقيات العاملين بالدولة، فإنه منذ أول أعوام 2019 و2020 و2021، تم صدور 3 قرارات من الجهاز تنفيذا لقرارات رئيس الجمهورية، بأرقام 65 و101 و265، بأن يتم ترقية كل العاملين فى الهيئات الاقتصادية والخدمية الذين لهم الحق فى الترقية، متابعا: "بالتالي الهيئة ملزمة أن تنفذ القرارات الخاصة بالترقية للعاملين لديها". وأكد  الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، أن الترقيات وفقا للقانون يترتب عليها أثر مالي ولا يجوز مخالفة الأثر القانوني، وهو علاوة 5%، وطالما العامل له حق الترقية يحق الترقية حتي لو بأثر رجعي".

• بالأرقام .. خلال الفترة من 30 يونيو 2020 وحتى 31 ديسمبر 2021 ، انخفض عدد العاملين فى قطاع الهندسة الإذاعية 589 موظفا مقسمين على النحو التالى : 7 إستقالات ، 106 وفيات ، 466 خروج للمعاش .. هذه الأعداد وفرت لموازنة الهيئة الوطنية للإعلام مبلغ 3 ملايين جنيه أجور شهرية . وفى المقابل .. تتكلف التسويات المنتظر اقرارها فى نفس القطاع 205 الف جنيه اما الترقيات فسوف تتكلف مليون و657 الف جنيه .

• بالأرقام .. يقدر إجمالى الموازنة العامة  للهيئة الوطنية للإعلام فى العام الحالى 2021 2022 ، 11مليار و260 مليون و835 ألف جنيه ،  وتقدر قيمة الإيرادات ب 2 مليار و220 مليون جنيه  موزعة على النحو التالى : مجموعة " 1 " ايرادات النشاط  " مليار و823 مليون جنيه وهو نفس معدل ايراد العام الماضى 2020 2021 ، مجموعة " 2 " منح واعانات  " 5 الاف جنيه " ، مجموعة " 3 " ايرادات استثمارات وفوائد " 200 مليون جنيه " ، مجموعة " 4 " ايرادات وأرباح اخرى " 196 مليون و950 الف جنيه " بزيادة 13 مليون و950  ألف جنيه عن العام الماضى !!!.

• حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ، كشف أن إجمالى ما يصل لماسبيرو فيما يتعلق بالأجور لا يتجاوز 220 مليون جنيه شهرياً منذ سنوات وحتى الآن والحقيقة أن حسين زين جانبه الصواب فى ذكر هذا الرقم ، والدليل على ذلك ما نشرته الجريدة الرسمية للدولة " الوقائع المصرية " فى عددها الصادر بتاريخ 30 يونيو 2021 ، وهو القانون رقم 118 لسنة 2021 بربط موازنة الهيئة الوطنية للاعلام  للسنة المالية 2021 2022 ، والذى صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى . حيث تم الكشف أن إجمالى المبلغ المخصص لبند الأجور فى الموازنة الحالية والتى تنتهى فى 30 يونيو القادم ، 2 مليار و874 مليون و100 ألف جنيه . ولو قسمنا هذا المبلغ على 12 شهراً لوجدنا أن الناتج 239مليوناً و508 ألفاً و333 جنيها " عداً ونقداً ". وهنا نسأل : لماذا يتجاهل حسين زين هذه الحقيقة ولا يذكر الأرقام الحقيقية رغم أنها رسمية وموثقة وموقعة من رئيس الجمهورية شخصياً ومنشورة فى الجريدة الرسمية للدولة ؟!! .

• جهاز المحاسبات تسبب فى موقف محرج جداً لحسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام . حيث كشف تقرير رسمى للجهاز – لدينا صورة منه – أن مديونيات الهيئة التى يترأسها زين للشركة المصرية للأقمار الصناعية " النايل سات والتى يشغل زين – بشحمه ولحمه – منصب عضو مجلس الإدارة فيها ، بمبلغ 6 مليون و102 ألف دولار .  وبالفحص تبين عدم سداد الهيئة لأية مبالغ منذ يناير 2021 ، بخلاف المبلغ المستقطع من نصيب الهيئة فى أرباح النايل سات . الجهاز طالب بمتابعة التحصيل أولا بأول بدلاً من الإنتظار لخصم المبلغ من نصيب الهيئة فى أرباح النايل سات خاصة فى ظل انخفاض أرباح الشركة وإعتراض بنك الإستثمار القومى على هذا الإجراء لرغبته فى الحصول على مديونياته لدى الهيئة أيضاً .

 والسؤال الآن : لمن ينحاز هل للهيئة التى يترأسها ويشتكى دوما من ظروفها المالية الصعبة ويقوم بتأجيل السداد لمدد آخرى أم للشركة التى يشغل بها منصب عضو مجلس الإدارة ويريد أن تحصل على مديونياتها لزيادة نسبة أرباحها وبالتالى تزيد النسبة المنصرفة من الأرباح لأعضاء المجلس ؟!!.

هذه بعض الحقائق والوقائع الصارخة التى تكشف جرائم خطيرة فيما يتعلق بإهدار المليارات من المال العام والإساءة لتاريخ مبنى ماسبيرو العريق ، ولذلك أتمنى أن تكون هناك وقفات جادة وحاسمة وسريعة من جانب كافة الجهات الرسمية للدولة لإنقاذ ماسبيرو والحفاظ على المال العام  .