جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2022-04-06T17:07:44+02:00

حكايات وأسرار حول منصات ( نتفليكس ) وعلاقتها بالماسونية العالمية

ايمان بدر

لعل الحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من ارتفاعات فى الأسعار، جعلت الرأى العام المصرى ينسى الأزمة التى اشتعلت منذ وقت قريب بسبب عرض فيلم " أصحاب ولا أعز" على منصة نت فيلكس الأمريكية، وبعد أن هدأت الأزمة بالفعل بقى منها تصريحات لأكثر المدافعين عن حرية التعبير والذين إعتبروا الفيلم عاديًا لا يقدم نماذج بعيدة عن الواقع، وحتى هؤلاء الذين وقفوا إحترامًا لموهبة وإبداع الفنانة منى زكى، ولكن أحدهم لم ينكر وجود أهداف موجهة لمنصة "نت فليكس" التى انتجت الفيلم وعرضته، كأول فيلم عربى من إنتاجها، كما لم ينفوا إتجاه مثل هذه المنصات للترويج لثقافة قبول المثلية الجنسية وإقامة علاقات خارج إطار الزواج، رغم أنهم برروا ذلك بأنه أمر ليس بعيد عن الواقع المصرى الفعلى ورصدته السينما المصرية من قبل فى عشرات الأفلام الخالدة بدءًا من الخيانة الزوجية فى      " نهر الحب"، مرورًا بالمثلية والعلاقات الإباحية  فى أفلام مثل " حمام الملاطيلى" و"قطة على نار" و"عمارة يعقوبيان".

وفى سياق الأفلام السينمائية الجديدة والقديمة، من مفارقات القدر أن يتزامن عرض فيلم منى زكى على منصة نت فليلكس الأمريكية مع عرض فيلم آخر بدور العرض المصرية، هو فيلم " الكاهن" الذى حدد وسائل الماسونية العالمية فى تحقيق أهدافها من خلال شركات إقتصادية ومؤسسات إعلامية وجماعات سرية وتنظيمات دينية، ومن هنا تعد شبكة نت فليكس نفسها إحدى الشركات الاقتصادية الكبرى العاملة فى مجال الإعلام، كما حدد الفيلم ذاته أساليب إعتماد هذه الكيانات على المال والتكنولوجيا والسحر والعقيدة، أو بالأدق تعتمد على المال وتكنولوجيا الانترنت والفضائيات لسحر الرأى العام وغسل العقل الجمعى لتوجيه وتغيير العقيدة، والمقصود هنا ليس العقائد الدينية كنصوص مجردة، ولكن منظومة القيم الإنسانية والسلوكيات الأخلاقية والتعاملات بين الناس التى هى جوهر الأديان، والتى تسعى الماسونية إلى تغيير نسقها القيمى والمجتمعى لصياغة مجتمعات جديدة بقيم مختلفة.

ولعل الدفع بتحليل فيلم "الكاهن" يتسق مع رغبة المدافعين عن حرية الإبداع والفن، الذين قالوا أن مواجهة فيلم منى زكى لا تكون بمنعه ووقف بث نت فليكس فى مصر، ولكن بإنتاج أفلام تواجه وتفضح هذه الممارسات، ولكن يبقى السؤال الأهم هو كيف نواجه عدو لا نعرف التفاصيل الكافية والوافية عن طبيعته، ومن ثم نحاول من خلال السطور التالية الاقتراب من حقيقة هذه الشبكات الإعلامية والأليكترونية، لأن الأمر لا يتوقف عند نت فليكس فقط، ولكنها منظومة تبدأ من صفحات العالم الافتراضى والفيس بوك والانستجرام التى تتجسس على الناس والدول وتحتفظ بأسرارهم وتفاصيل حياتهم وتعاملاتهم، لتستغلها فى توجيه الرأى العام وصياغة عقل جمعى مختلف، وتصل إلى الهدف الأكبر الذى هو تشكيل عالم جديد يضم مجتمعات جديدة بل وديانات جديدة، وليست الديانة الإبراهيمية التى يروجون لها حاليًا ببعيدة عن ذلك، ولا مشروع الشرق الأوسط الجديد بمنفصل عن هذه الأهداف التى تتجمع فى بوتقة الصهيونية العالمية.

 

-           القصة الكاملة للمنصة منذ نشأتها وحتى أصبحت الأكثر تأثيرًا

 

-           أصبح لديها 222 مليون مشترك وتخطط لأن يصل العدد إلى 500 مليون

-           أضافت 100 مليون خلال الثلاث سنوات الأخيرة وحققت انتشارًا سريعًا فى مصر

 

بالعودة إلى تاريخ شبكة نت فيلكس، نجد أنها قد تأسست في عام١٩٩٧، وقد بدأت خدماتها كشركة متخصصة في تأجير أقراص الفيديو (DVD)، وتحولت الشبكة نحو إطلاق خدمة بث الفيديو عبر الإنترنت في عام ٢٠٠٧، وتشعبت رسميًا إلى الأسواق الدولية في عام ٢٠١٠ مع إطلاقها في كندا. وفي عام ٢٠١١ تم إطلاقها في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وامتدت إلى أوروبا في عام ٢٠١٢، وأصبحت متاحة رسميًا في المملكة المتحدة وأيرلندا ودول الشمال.

 وقد واصلت نتفلكس مسيرتها في جميع أنحاء العالم في عام ٢٠١٥، وأطلقت أخيرًا خدمتها في أستراليا ونيوزيلندا واليابان ومواقع أخرى، واعتبارًا من عام ٢٠١٦، أصبحت نتفلكس متاحة في جميع أنحاء العالم تقريبًا باستثناء عدد قليل من البلدان.

ومن شاشات التلفاز إلى مواقع الإنترنت، من المؤكد أن نتفلكس هي الفائز الأكبر من ثورة البث عبر الإنترنت، حيث يذهب ١٥٪ من حركة مرور الويب في العالم إلى نتفلكس التي شهدت نموًا هائلًا في عدد مشتركيها الذي بلغ في الربع الثالث من عام ٢٠٢١ حوالي ٢٢١.٨٤ مليون مشترك، وفي خلال ثلاث سنوات (٢٠١٨-٢٠٢٠) أضافت نتفلكس أكثر من ١٠٠ مليون مشترك جديد للخدمة.

 وتتمركز القاعدة العريضة من مشتركي نتفلكس في الولايات المتحدة وكندا، حيث تمثل الدولتان ما يزيد على ٣٥٪ من عدد المشتركين في المنصة على مستوى العالم، وبحلول عام ٢٠٣٠ تخطط “نتفلكس” لأن يكون لديها ٥٠٠ مليون مشترك على مستوى العالم.

ولأن العبرة ليست فى الأعداد فقط ولكن فى كيفية وحجم التأثير صدرت مؤخرًا دراسة بعنوان " تأثير نتفلكس.. هل تعيد المنصات تشكيل الوعى الجمعى للمصريين"، أعدتها الدكتورة عزة هاشم، أوضحت خلالها أنه منذ أن نمت شعبية منصة “نتفلكس” وغيرها من خدمات البث الرقمي الأخرى تصاعدت المخاوف من تأثيرها، وهي مخاوف مبررة نظرًا لما تتمتع به شركة الترفيه الأمريكية من قدرة بعيدة المدى على إحداث تغييرات ملموسة في عقول وسلوك عملائها من ناحية، والقيم المغايرة التي تتبناها هذه المنصات غير الخاضعة للرقابة التقليدية من ناحية أخرى.

وأشارت الدكتورة عزة إلى خطورة التمدد المتسارع لمنصة “نتفلكس” في الشرق الأوسط بشكل عام وفي مصر بشكل خاص، حيث أثار وجودها جدلًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، وقد جاء هذا الجدل مقترنًا بطبيعة ما تبثه المنصة من محتوى، وتصاعد الحديث عن ملاءمة هذا المحتوى للمنظومة القيمية الخاصة بالمجتمع المصري، وأُثيرت تساؤلات عدة حول مدى تأثير ما تبثه المنصات الرقمية بشكل عام من محتوى على الوعي الجمعي المصري، وآليات التعامل مع هذا التأثير في ظل تزايد شعبية هذه المنصات، والتصاعد الهائل في عدد مشتركيها.

 

 

            تنفق المليارات من أجل إختراق كل بيت وكل عقل

 

            100 مليون دولار ميزانية حملات التسويق خلال عام واحد

 

-           تنال جوائز الأوسكار لأسباب لا تتعلق بجودة المحتوى

 

كشفت الدراسة عن حجم إنفاق المنصة على ما تقدمه من مواد فيلمية تهدف من خلالها إلى جذب أكبر أعداد من المتابعين والوصول إلى كل متفرج أو بالأدق دخول كل بيت حول العالم، حيث أنفقت “نتفلكس” في عام ٢٠١٩ حوالي ١.٥ مليار دولار على البحث والتطوير، بزيادة نسبتها ٢٦٪ عن إنفاقها في عام ٢٠١٨.

وفي عام ٢٠٢١، تم ترشيح نتفلكس لحوالى 35 جائزة من جوائز الأوسكار، وهو ما قد يبدو أنه مؤشر قوي على أن منتجات المنصة تنال استحسان النقاد، ولكن الدراسة تطرقت إلى حقيقة أخرى تتمثل فى أن هذا التحرك لجذب النقاد لا يرجع إلى جودة المحتوى الذي تنتجه المنصة؛ بل يرجع إلى التسويق أيضًا، كاشفة أنه في عام ٢٠٢٠، أنفقت نتفلكس ما يُقدر بـ100 مليون دولار أمريكي على حملات تسويق الجوائز.

وأرجعت "هاشم" نجاح نتفليكس فى الوصول إلى كل مشترك فى عقر داره إلى قدرتها على إضفاء الطابع الشخصي، مستندةً إلى دراسة أجرتها شركة “أكسنتشر”  عام ٢٠١٥، أوضحت أن نتفلكس أجادت صياغة الواجهات الصديقة للمستهلك والمدعومة بإضفاء الطابع الشخصي، وهو ما دفع المنصة لأن تصف نفسها بأنها “مهووسة بالعميل“، وتسعى جاهدة لتقديم تجربة شخصية بالكامل لكل متفرج، حيث تطلق شعارات من نوعية “لأنك شاهدت”  التى تعد مثالًا رئيسيًا على هذه الفلسفة في العمل،  ولذلك يأتي ٨٠٪ من المحتوى الذي تتم مشاهدته من توصيات المشاهدين، ومن ثم يعتبرها المتفرج منصة خاصة به تلبى رغباته، وبالتالى يزداد إرتباطه بها، وتصبح الأفضل لديه والأكثر متابعة وتأثيرًا عليه.

 

 

            من فريد شوقى واسماعيل ياسين إلى بنات التيك توك والبلوجرز واليوتيوبرز

 

حكايات " حراس البوابة "  وكيف يتعاطف المجتمع مع القاتل والخائنة ؟!!

 

بالعودة إلى فيلم منى زكى الذى أثار الجدل واتهم بأنه يروج لقيم غير إخلاقية فى مقدمتها المثلية الجنسية والخيانة الزوجية، نجد أن المدافعين عنه قالوا إن المجتمع الذى يخشى على أخلاقه أو على تدينه من مجرد فيلم أو حلقة في برنامج هو مجتمع هش قيمه الدينية والأخلاقية سطحية ظاهرية شكلية، وليست متأصلة كعقيدة في القلوب والعقول تترجمها التعاملات والسلوكيات، ولكن ردت الورقة البحثية على هؤلاء بنظرية ( حراس البوابة) المعروفة في علوم الإعلام بأن حراس البوابة هم المسئولون عن اختيار المحتوى الذي يقدم للمتلقى، بمعنى أنه فيما يتعلق بالصحافة الورقية التي هى أقدم آداة لتوجيه الرأى العام كان حراس البوابة هم المراسلين الصحفيين الذين يختارون مصادر المعلومات، والمحررين القائمين على صياغتها وتقديمها للقارئ وتوجيهه نحو أهميتها بوضعها إما بالبنط العريض في الصفحة الرئيسية الأولى أو إخفاءها في صفحة داخلية ومساحة غير واضحة.

ومع تطور وسائل الإعلام وثورة تكنولوجيا المعلومات أصبح هناك نجوم برامج "التوك شو" وأغلبهم أو بالأدق أكثرهم تأثيرًا على الرأى العام هم في الأصل صحفيين، أى أنهم لعبوا من قبل دور حراس البوابة الإخبارية.

ومن الفضائيات إلى الإنترنت حيث أصبح اليوتيوبر والبلوجر ونجم  التيك توك، لا يتكسب أرباح خيالية فقط من خلال متابعة ملايين (الفولووارز) لفيديوهاته ومقاطع البث المباشر التى يقدمها، ولكن تتهافت عليهم شركات مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية ليخرجوا على متابعيهم ويزعموا أنهم جربوا المنتجات وحققت معهم نتائج إيجابية.

وعلى ذكر الاستعانة بالفن والفنانين للترويج إلى قيم معينة ونشر ثقافات قد تكون مغايرة لقيم المجتمع وثقافته، تطرقت الدراسة لنظرية أخرى هى نظرية التعاطف مع بطل الدراما، بمعنى أن المتلقى يضع نفسه مكان البطل ليجده مظلوم دفعته الظروف إلى ارتكاب جرائم العنف أو الخيانة، فتتغير صورة الشخصية من مذنب يستحق العقاب إلى ضحية للمجتمع، على غرار فيلم ( جعلونى مجرمًا) للراحل القدير فريد شوقي الذى غير القانون وجعل السابقة الأولى للشخص لا توضع في ملفه حتى لو ثبتت إدانته وقضى فترة العقوبة، كما أثار فيلم ( أريد حلاً) لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامه حالة من التعاطف المجتمعى مع المرأة المطلقة والمعيلة انعكست على تعديل قوانين الأحوال الشخصية.

ومازالت الدراما حتى الآن تحاسب على مدى تأثيرها على المجتمع سلبًا أو إيجابًا، حيث تردد أن الرئيس جمال عبد الناصر حين كان في المغرب وقال له أحد المواطنين هناك:  "سلم لى على اسماعيل ياسين" أيقن أهمية الفن في تحقيق الريادة والزعامة التى كان يحلم بها لمصر في المنطقة، ومن ثم تمت الاستعانة بالفنان نفسه في أفلام الجيش والبوليس لتقدم صورة الجندى الطيب إبن البلد لرجل الشارع، وإن كان البعض حتى الآن يهاجمون هذه الأفلام لأنها قدمت الجندى في صورة هزلية لشخص ضعيف بل و"عبيط" يتعرض للظلم ويسلب حقه ولا يستطيع أن يستعيده إلا مع نهاية العمل.

وعلى الصعيد السياسي يتم الاستعانة بنجوم الفن والرياضة والإعلام وحالياً اليوتيوبرز في الحملات الانتخابية لغالبية الرؤساء والمرشحين، وقد لا يؤثر الأمر على الرأى العام فقط ولكنه ينال من شعبية الإعلامى نفسه، حيث فقد لاعب كرة القدم محمد أبو تريكة الكثير من شعبيته حين ظهر في حملات الدعاية للمرشح الرئاسي لجماعة الإخوان محمد مرسي، وهو نفس ما حدث مع الإعلاميين عماد الدين أديب ومحمود سعد حين أعلن كلا منهما أنه سوف ينتخب محمد مرسي، وحينما تكشف للرأى العام فشل هذا الرئيس وانتماءه لجماعة إرهابية خائنة وعميلة، صب المواطن غضبه على كل من روج لانتخابه على اعتبار أنه كان يضلل الرأى العام ويوجهه نحو اختيار خاطئ، وهو ما يؤكد على أهمية وخطورة تأثير الفن والإعلام والإنترنت في توجيه العقل الجمعي بل وصناعة وصياغة صورة مختلفة للمجتمع.


مقالات مشتركة