البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2022-05-15T21:50:51+02:00

لا تستبعدوا الشعب من المشاركة فى الحوار الوطنى

سيد سعيد

بينما تعانى شرائح المجتمع من الأزمات المتنوعة، وعدم قدرة الغالبية على مسايرة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، طفى على سطح الحياة العامة فى مصر سجالاً حول حدث معنوى، أرى أنه مهم، ارتبط باطلاق مبادرة للحوار الوطنى، ورغم أن الفكرة والتوجه نحو البدء فى خطواتها، تمثل ضرورة وطنية مُلحة، خاصة فى الظروف الحالية، الا أن الكثيرين داخل المجتمع غير معنيين بطغيان المطالب السياسية فى الحوار الوطنى، وإغفال الجوانب الحياتية التى باتت كابوسًا يهدد استقرار ملايين الأسر.

 نعم الحوار من الأمور الإيجابية التى لا يمكن انكارها ولا يمكن رفضها، حيث لا يوجد عاقل يرفض حوارًا من شأنه توسيع دائرة النقاش حول حاضر البلد ومستقبلها، فاطلاق الفكرة، يدلل على اتساع أفق نظام الحكم، وقدرته على توحيد صف المصريين فى مجابهة كافة الأخطار، كما أن الحوار فى حد ذاته يفتح المجال واسعًا أمام طرح الرؤى المغايرة على أرضية وطنية، وإعلاء المصالح العليا على المصالح الذاتية الضيقة، حيث سيتم تداول الرؤى والأفكار التى من شأنها النهوض بالدولة على المستويات كافة، لكن هناك مخاوف من طغيان المطالب السياسية والحديث عن الإفراج على السجناء، دون اتاحة الفرصة للخبراء المتخصصين فى الشأن الاقتصادى، لتحديد الأولويات.

 نعم لسنا ضد قرارات العفو الرئاسى لمن لم يحملوا السلاح فى وجه المجتمع والدولة، ومع الإفراج عن كل شخص عبر عن رأيه، على يسير ذلك بالتوازى مع المطالب الأساسية للشعب، وهى المتعلقة بحياته المعيشية، وتفعيل دور الرقابة لحمايته من المتلاعبين بقوت الشعب.

ومن هذا المنطلق يجب أن يشمل الحوار كافة المهمومين بالشأن العام، ولا يقتصر بأى حال من الأحوال على المعارضين فى كل عصر وضد أى نظام من أصحاب الصوت العالى، والذين لا يملكون أى ثقل شعبى يمنحهم حق الحديث باسم الشعب، لذا فإن هناك ضرورة ملحة، تفوق فى تقديرى الشخصى أى نقاش آخر، وهو ضرورة دعوة أصوات تمثل البسطاء، الذين تم تجاهلهم طويلًا، فهؤلاء هم عصب المجتمع وأعمدته الراسخة فى كل الأزمات، لكن الغريب فى الأمر هو دعوة بعض الأسماء للمشاركة فى الحوار الوطنى، تصيب بالإحباط وترسخ فى الذهنية مفهوم سلبى، مفاده أن الوقوف ضد نظام الحكم، هو أسهل طريق للتقرب إليه، لذا يجب على القائمين بالإعداد للحوار، عدم الاستسهال وإعداد قوائم من الأسماء الجاهزة دون دراية، حيث توجد ضرورة، أؤكد مرة أخرى، توجد ضرورة، لدعوة فئات تمتلك رؤى تنطلق من ثوابت وطنية، فئات بعيدة عن صخب الإعلام وضجيج الندوات وغير طامعة فى تحقيق مكاسب ذاتية على حساب المصلحة العامة، إضافة إلى ممثلى الأحزاب والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والقيادات الشعبية، التى تلعب دوراً مهماً أثناء الأزمات، وممثلى الطلبة باعتبارهم ذخيرة المستقبل والشباب أيضًا، ويجب ٌبعاد الوجوه الثابتة، والتى باتت مقررًا ثابتًا لا يتغير فى كل المؤتمرات، وذلك حتى يشعر الجميع بأنهم سواسية فى وطن للجميع.

 خاصة أن دواعى الحوار متعددة، ربما يكون من بينها مناقشة بعض الأزمات التى تمر بها البلاد، أو منع تعرضها لأزمة تلوح مؤشراتها فى الأفق، خاصة فى ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية، أو الانتقال إلى مرحلة جديدة تحتاج لشروط محددة، فضلًا عن أن الحوار لابد وأن تشمل محاوره الرئيسية مناقشة الأولويات والضروريات التى نحتاجها فى الوقت الراهن.

من المؤكد أن تحديد سبب الحوار قبل البدء فى جلساته، سيجعل المدعوون له مدركون لأبعاده ومدى أهميته فى اللحظة الراهنة، ما يجعلهم يساهمون بإيجابية فى تحديد سقف الحوار، ومدى الاعتماد على مخرجاته، وما سوف تنتهى إليه توصياته فى تحقيق التطلعات المرجوة منه، حتى اللحظة لا أعرف أنا أو غيرى أجندة الحوار ولا نعرف من هى الأسماء المشاركة، إلا القليل، ومنهم من لا يلقى قبولا شعبيا، كما لا نعرف على وجه الدقة، هل سيكون الأمر مجرد استماع للآراء، ثم بلورة تلك الآراء وإعداد ورقة بها تمهيدا لعرضها على لجان مختصة، وهل سيكون الحوار نخبويًا، يتم خلاله النقاش بين المدعوين فقط، وبعدها يحدث نقاش مجتمعى واسع، يتم فيه طرح الآراء وبلورة المتطلبات الأساسية،أم أن الأمر سيكون مقصورا على بلورة ورقة استرشادية تقود إلى تغيرات منهجية عبر إصدار تشريعات وخطوات اقتصادية وغير ذلك.

 ربما يتساءل البعض، وهذا من الأمور المقبولة، ما الموقف من الجماعة المارقة عن الصف الوطنى.. وهل ستشارك فى هذا الحوار؟.. بالطبع هناك أمور بديهية لا تحتاج منا إضاعة الوقت فى تفسيرها أو شرح أبعادها، فالمجتمع بكل أطيافه، ليس لديه الرغبة فى التعامل مع تلك الجماعة بأى صورة من الصور، فضلاً عن أن العنوان هو الحوار الوطنى، فكيف يمكن قبول جماعة إرهابية رفعت السلاح فى وجه المجتمع والدولة، وباركت اغتيال أبناء الشعب، بدم بارد، أن تشارك فى حوار وطنى يهدف تداول الأفكار من أجل النهوض بالوطن، لذا فإننى سأتوقف قليلاً أمام هذه الجزئية، ما أن طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى فكرته حول الحوار الوطنى، خرجت بعض الأصوات على الميديا، واختارت مصطلحا يختلف كلياً عن المصطلح أو المبادرة إلى أطلقت، حيث جرى الحديث عن مصالحة وطنية، وهنا أتساءل من الذى ذكر كلمة مصالحة؟،الموضوع برمته يتعلق بحوار وطنى مع عقلاء تعنيهم مصلحة البلد، ولم يقترب من مصطلح المصالحة بالأساس، ثم هناك جانب مهم، من يملك فى هذا البلد أن يطرح هذه الكلمة من الأساس؟ ومن الذى يمتلك جرأة الوقوف فى وجه المجتمع كله ليتحدث فى هذا الأمر.

يا سادة.. هناك فارق كبير جدًا وجوهرى بين الحوار الوطنى والمصالحة، الحوار، كما نفهم، هو نقاش متعدد الرؤى حول قضايا الوطن، يتم فيه تداول الآراء حول الأزمات وحلولها على أرضية وطنية مشتركة، وتحديد الأولويات والضرورات، وكيفية النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، أما المصالحة فتتم بين فريقين متناحرين، فريقين على طرفى نقيض، لا يلتقيان أبدًا، الأول يمثل الدولة بكل مؤسساتها، والشعب بكل أطيافه، والثانى قلة مارقة تريد اختطاف الدولة وإرهاب الشعب، فهل يمكن قبول هذا؟.. أردت التوضيح حتى لا يردد من يسمعون الإعلام العدائى ما تطلقه ماكينة الشائعات والأكاذيب. أن شروط نجاح الحوار الوطنى تكمن فى قناعة المتحاورين بأهمية اللحظة التى يدور فيها الحوار، وأهمية دور المعارضة الوطنية فى البناء ودعم مؤسسات الدولة التى تعمل على عدة محاور، على رأسها الحرب ضد الإرهاب والملفات الاقتصادية والحريات العامة، ومن هذا المنطلق أكرر مرة أخرى على تنوع الشخوص الممثلة لفئات المجتمع فى الحوار، ولا تقتصر الدعوة على الأحزاب السياسية الهشة، فالجميع يعرفون عدم قدرة غالبية الأحزاب على التأثير، كما لا يمكن الاعتماد عليها، فهناك شخصيات عامة وعلماء وكتاب تأثيرهم أكبر بكثير من الأحزاب الورقية، التى يبغى معظمها الحصول على مقعد أو اثنين فى البرلمان، ضمن تقسيمة ارتضوها، وعلى الجانب الآخر لا يمكن قبول أن تكون غالبية تمثيل المشاركين من الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسى، ففى هذه الحالة سيخرج الحوار عن مبتغاه، لأن من يناقشون الأزمات ويسعون لإيجاد حلول، هم بالأساس من صنعوها وشوهوا المشهد السياسى، والنقطة الأهم أن يكون الحوار مع المعارضين وليس المؤيدين لتظهر وجهات النظر الأخرى، ويبرز على السطح التباين فى الأفكار بما يفيد صاحب القرار، أما الحوار مع الأحزاب المؤيدة، فهذا لن يضيف جديد، وهذا لا يعنى أن المختلفين وحدهم من يتحدثون ويطروحون وحدهم ما يريدونه من آراء، فالمقصود منح هؤلاء الفرصة كاملة ليشعر الكل بصدق الحوار وضرورته يقينًا توجد على اتساع خريطة مصر الجغرافية تيارات شعبية غير منظمة ولا تمثلها أحزاب أو جمعيات، وهؤلاء هم الفئات المهمومة بالشأن العام، تجدهم على المقاهي وفى التجمعات المجتمعية وعلى المصاطب فى الريف، لذا فإن وجود تلك التيارات مباشرة فى الحوار، يبدو فى قناعاتى أهم بكثير، بل كثير جداً من وجود الأحزاب، لأنهم يعرفون الحقيقة ويعيشون المعاناة بكل تفاصيلها، وفى هذا السياق لا أطالب باستبعاد الأحزاب، لأن وجودها مهم، كما أن تجاهلها لا يصح على الاطلاق لأنها أحزاب رسمية، لكننى أهدف من أطروحتى، أن يكون التمثيل الأكثر واقعية إلى جانب التمثيل الحزبى والنقابى وهيئات المجتمع المدنى الوطنية وليست الممولة من الخارج.

وفى هذا السياق يجب معرفة أن الأحزاب لا تملك صيغا مبتكرة لحل المشكلات، فهى ليس لديها سوى الخطابة والبيانات الانشائية، ولا تملك رؤية شاملة للخروج من الأزمات بأسلوب علمى وواقعى، لكنها تلوح بأحلام وردية وعبارات تدغدغ مشاعر المتلقى لكى تثبت أنها موجودة على الساحة، هى تتحدث عن المشكلات وتنفخ فى نيران التحريض، لكنها لم يقدم أى من تلك الأحزاب يوماً ما أى حلول، أو طرح رؤى لكيفية الحل، فقط يشيرون للأزمات ويحددون ملامحها، وهى أزمات معلومة للكافة، ويعرفها القاصى والدانى فى بر مصر، من المفترض أن تكون الأحزاب قادرة على التعاطى مع القضايا القومية، من خلال تقديم رؤى وأفكار ودراسات تنطلق من برامج حزبية، تطرحها على الرأى العام لكى يثق بها، لكنها فقدت قدرتها على التواصل مع المجتمع، لأنها لا تملك أدوات التواصل، هى تطرح المشكلات المعلومة عن التعليم والصحة والزراعة والصناعة، وقلة المدارس والمستشفيات، دون طرح كيفية تمويل هذه المشروعات، أو كيفية تدبير الموارد.!! أن طريقة غالبية الأحزاب فى تناول القضايا الكبرى يبعث على المخاوف حال مشاركتها بكثافة، لأنهم قادرون على إفشال أى عمل من خلال منهجهم القائم على الخطابة، وبالتالى تحويل الحوار إلى «مكلمة» تظهر القدرات الخطابية لبعض رؤساء الأحزاب، ولذلك نقترح أن تحدد الأكاديمية الوطنية أجندة الحوار ثم ترسله إلى المدعوين للموافقة عليه كليًا، والإضافة عليه فربما تأتى اقتراحات يحتاجها الحوار، وتكون الكلمات رمزية على أن تكون الاقتراحات التفصيلية فى ورقة مكتوبة ومعتمدة من هيئات الأحزاب أو النقابات ولجانها العليا، ويمكن مناقشتها أو وضعها على جدول أعمال الحوار وجلساته.


مقالات مشتركة