البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2022-05-30T09:43:29+02:00

بالأسماء والأرقام: مشروعات عملاقة فى قلب القارة السمراء بأموال وتكنولوجيا مصرية

ايمان بدر

 

لم تكن مصر على مدار تاريخها دولة غازية أو معتدية ولكنها دائما دولة تجيد حماية حدودها وأمنها القومى وإمتداداته فى جميع الاتجاهات و الأعماق، وفى سبيل حماية أمنها القومى والاستراتيجى لا تستخدم فقط سلاح الردع العسكرى ولكن السلاح الأقوى هو الاقتصاد والتنمية والإعمار، وإذا كانت القاعدة المعروفة تقول إنه لا استثمار بدون إستقرار، ولكن أيضًا لا استقرار بدون مشروعات عملاقة توفر فرص عمل للشباب وتنقذهم من براثن التيارات الإرهابية التى تجد من الفقر والبطالة بيئة خصبة للتخريب.

وفى هذا السياق مثلما أطلقت مصر مبادرة إسكات البنادق لتصفية الصراعات المسلحة فى إفريقيا، وتبنت الحلول السياسية والسلمية للنزاعات العرقية والمذهبية فى جميع الملفات الافريقية والعربية وأبرزها العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، نجدها أيضًا تمد يدها بالإعمار والبناء والتشييد لإعادة إعمار دول انهكتها الحروب والصراعات والثورات والتوتر بشتى صوره، كما تنشأ مشروعات عملاقة فى دول أخرى لكى تلحق بركب التقدم الإقتصادى العالمى، وكأنما قدر الله لمصر أن تدفع عن الانسانية أخطار غزاة منذ الهكسوس والتتار والصليبيين والصهاينة والدواعش، ثم تعيد بناء وإعمار دول المنطقة لأنها ليست دولة الجيش الباسل الموحد فقط، ولكنها أيضًا صاحبة حضارة البنائين ومؤسسة فنون العمارة والتشييد والنحت والرسم والجمال.

 

 

أبرزها تشييد الطرق والمطارات والموانئ وخطوط السكك الحديد ومرافق إنتاج الطاقة

 

التكلفة الإجمالية للعمليات تتجاوز 480 مليار دولار

 

-           مشروعات فى إفريقيا بقيمة 2.5 تريليون دولار تضم 10 ملايين وحدة سكنية سنويًا

 

تتطلع أغلب دول المنطقة العربية ودول قارة إفريقيا إلى تسريع خططها التنموية، وذلك لرغبتها في اللحاق بركب الاقتصادات الناشئة على مستوى العالم، وهذا ما يدفع بتلك الدول إلى توجيه جانب كبير من استثماراتها نحو تطوير البنى التحتية الخادمة لحركة الاقتصاد والتجارة، مثل: تشييد الطرق والمطارات والموانئ البحرية وخطوط السكك الحديدية، ومرافق إنتاج الطاقة الكهربائية مثل السدود الكهرومائية ومحطات الخلايا الشمسية والمحطات الحرارية وغيرها، فضلًا عن تطوير المباني الخدمية مثل المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والمدارس، ومقرات إدارة الأعمال ومراكز تطوير التكنولوجيا.

وحول تلك الفكرة صدرت مؤخرًا دراسة بعنوان " فرص واعدة: مصر وتصدير صناعة التشييد والبناء للإقليم"، أعدها مصطفى عبداللاه الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أوضح خلالها أن الكثير من الدول العربية والافريقية لديها رغبة حقيقية وتوجه فعلى نحو إعادة الإعمار.

وربطت الدراسة بين إتجاه تلك الدول نحو تطوير حالتها الاقتصادية،  وبين الظروف الإقليمية والداخلية الحالية، حيث بدأت الساحتان العربية والإفريقية تشهد حالة ملحوظة من الهدوء الأمني والسياسي، وذلك بعد مرور سنوات من الاشتداد لحركة التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى دخول الأنظمة الحاكمة في تلك الدول مرحلة التعافي، وذلك بعدما تعرضت لحالة غير متوقعة من الهشاشة، نتيجة لهبوب موجات متلاحقة من الثورات والاضطرابات التي كادت تسقط دولًا، وتودي بأخرى إلى حالة الفشل.

وبالأرقام رصدت الورقة البحثية تكاليف تطوير مشروعات البنية التحتية وإعادة الإعمار في الوطن العربي وإفريقيا موضحة أنها تُقدر الآن بآلاف المليارات من الدولارات، فالدول العربية التي عانت من الصراعات المسلحة مثل ليبيا والعراق واليمن وسوريا، تنتظر بداية عمليات إعادة الإعمار التي ستمتد على فترات متوسطة وطويلة الأمد، ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة الإجمالية لتلك العمليات أكثر من 480 مليار دولار.

وفى سياق متصل تستحوذ القارة الإفريقية على نصيب ضخم من الاستثمارات المتعلقة بالبنية التحتية، فوفقًا لأحد التقديرات التي أطلقتها مؤسسة ماكينزي الأمريكية المختصة باستشارات الأعمال، هناك مشروعات تشييد متاحة للتنفيذ في مختلف دول القارة حتى عام 2025 بقيمة تصل إلى 2.5 تريليون دولار، كما ستؤدي الزيادة المضطردة لسكان القارة الإفريقية التي ستصل بحلول 2050 إلى قرابة 2.5 مليار نسمة، إلى زيادة الطلب على إنشاء الوحدات السكنية الجديدة بواقع 10 ملايين وحدة سنويًا، وذلك وفق تقديرات الاتحاد الإفريقي لمقاولي البناء والتشييد.

 

المقاولون العرب وأوراسكوم والسويدى أبرز الشركات المشاركة

 

-           إحداها إخترقت 26 سوق عربى وإفريقى ونفذت أكثر من 100 مشروع متنوع

-           من بينها سد جوليوس بتنزانيا وتطوير ميناء طرابلس وشبكة الطرق فى تشاد

 

أدى الازدهار العمراني الذي شهدته الدولة منذ عام 2014م إلى تحفيز العديد من المستثمرين المحليين إلى دخول مجال مقاولات التشييد والبناء، لذلك يوجد في مصر الآن أكثر من 20 ألف شركة مسجلة على قوائم الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، وبالطبع تتفاوت هذه الشركات فى حجم أعمالها ورؤوس أموالها، ولكن توجد أكثر من ثلاثة آلاف شركة مصرية كبرى تتميز بامتلاكها سجل أعمال كبيرًا من المشروعات السابقة، بالإضافة إلى العديد من المؤهلات الأخرى المطلوبة للعمل في المشروعات الدولية.

وأشار الباحث فى سياق دراسته إلى أن شركة المقاولون العرب التابعة للقطاع العام، تعتبر واحدة من أكثر الأمثلة نجاحًا بين شركات مقاولات التشييد والبناء الكبرى في مصر، حيث نجحت تلك الشركة على مدار 65 عامًا في اختراق 26 سوقًا عربية وإفريقية، ونفذت فيها ما يزيد على 100 مشروع متنوع، فبعضها مشروعات لتشييد السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية، وبعضها الآخر مشروعات لتشييد الطرق البرية والموانئ البحرية والجوية، فيما توزعت المشاريع الأخرى بين تشييد المباني الخدمية والمصالح الحكومية وبناء المرافق الاساسية.

وتطرق " عبد اللاه" إلى الحديث عن سد جوليوس نيريري ومحطة الكهرباء الملحقة به، وهو السد الذى تتحالف "المقاولون العرب" في بنائه مع شركة السويدي إلكتريك المصرية، ووصفه بأنه واحد من أبرز مشروعات الشركة في إفريقيا، حيث سينتج هذا المشروع فور اكتمال تشييده 6307 آلف ميجاوات / ساعة سنويًا، وهو ما سيؤمن إمدادات الكهرباء لـ17 مليون أسرة تنزانية.

 ومن تنزانيا إلى لبنان، حيث يعد مشروع تطوير وتوسعة ميناء طرابلس اللبناني من أهم مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الشركة بالوطن العربي، حيث يتوقع لهذا المشروع أن يُساهم في رفع قدرة التداول بميناء طرابلس إلى 5 ملايين طن من البضائع سنويًا، بزيادة قدرها 500% عن حالته القائمة قبل التطوير.

ومن الأمثلة الهامة أيضًا لمشروعات الشركة في مجالات الطرق والبنية الأساسية، مشروع تطوير شبكة الطرق الأسفلتية حول العاصمة التشادية نجامينا بطول 186 كم، ومشروع تطوير شبكة الصرف الصحي بمدينة صيدا بطول 141 كم ومحطة المعالجة الملحقة بها.

ولا يقتصر الأمر على شركة المقاولون العرب الحكومية، ولكن هناك أيضًا شركة "أوراسكوم" المصرية التابعة للقطاع الخاص وهي الأخرى واحدة من أقوى الشركات المصرية العاملة بمجال مقاولات التشييد والبناء خارج مصر، فإلى جانب مشروعاتها المحلية التي يفوق عددها إلى الآن 27 مشروعًا، تنفذ الشركة حاليًا 23 مشروعًا دوليًا، 6 منها بدول عربية كالإمارات العربية المتحدة والجزائر والبحرين والمملكة العربية السعودية، ومن أهم تلك المشروعات عملية تطوير محطة الحامة لتحلية مياه البحر بالعاصمة الجزائر، فيما تعتزم الشركة خلال الفترة القادمة توسيع دائرة أعمالها الإقليمية، وذلك عن طريق الدخول إلى عدد من أسواق الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء والتي تتميز بتعدادها السكاني المرتفع مثل غانا والسنغال وتنزانيا وكينيا.

وتضم القائمة أيضًا شركة السويدي إلكتريك التى تهتم بتنفيذ أعمال البنية التحتية المتعلقة بإنتاج ونقل الطاقة الكهربائية، ولقد استطاعت شركة السويدي خلال السنوات الماضية أن تنفذ 25 مشروعًا مختلفًا لمحطات وخطوط لنقل وتوزيع الكهرباء بعدد من الدول العربية والإفريقية، مثل المملكة العربية السعودية والجزائر وزامبيا وإثيوبيا وغانا وتنزانيا، إلى جانب ذلك استطاعت الشركة أن تفوز بتنفيذ عدد من المشروعات ذات الطابع الهندسي المدني في عدد من الدول الشقيقة، مثل إنشاء 54 كوبري وبربخ أعلى طريق برج بوعريرج السريع جنوب العاصمة الجزائرية، وتطوير عدد من حواجز الأمواج الحامية لمدينة مابوتو بجمهورية الموزمبيق.

 

لسنا وحدنا ودول كبرى تتنافس على كعكة الإعمار

 

الشركات الصينية تستحوذ على 31% من مشروعات التشييد البالغ قيمتها 399 مليار دولار

 

فى ظل وجود العديد من الفرص التنموية في قارة إفريقيا وإقليم الشرق الأوسط، تحتدم المنافسة بين غالبية الدول والاقتصادات الكبرى فى محاولة للسيطرة على أكبر الحصص الممكنة من استثمارات المقاولات، وتُعتبر الساحة الإفريقية أفضل مثال لتصوير هذا التنافس المحتدم بين دول العالم المُصدرة لصناعة التشييد البناء.

واستشهدت الدراسة بأرقام منشورة فى التقارير الدولية، فوفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة "ديلويتي البريطانية" المختصة في استشارات وتقييم الأعمال، كان عدد المشاريع الكبرى المنفذة في إفريقيا عام 2020م هو 385 مشروعًا بقيمة مالية تجاوزت 399 مليار دولار أمريكي.

وتناول التقرير تفاصيل المنافسة على تلك المشروعات بين العديد من شركات المقاولات التابعة للدول الكبرى والاقتصادات الناشئة، بالإضافة إلى الشركات الإفريقية المحلية ، إلا أن الشركات التابعة لدولة الصين استطاعت السيطرة على النصيب الأكبر من تلك الاستثمارات، حيث استطاعت الشركات الصينية أن تنفذ ما نسبته 31.4% من إجمالي مشروعات التشييد في القارة، فيما نجحت الشركات الإفريقية والحكومات المحلية في الاستحواذ على 30.6% من جملة المشروعات المنفذة، تلتها في الترتيب التحالفات المشتركة بين الشركات الإفريقية والدولية والتي سيطرت على 15% من المشروعات، فيما لم تستطع الشركات الأوروبية أن تستحوذ منفردة سوى على 9.9% من مشروعات التشييد، كما لم تنجح الشركات التابعة لبقية دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وتركيا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية إلا في الحصول على ما مجموعه 13% من جملة المشروعات في القارة السمراء.

 

            روشتة مصرية لإحراز المزيد من النجاحات

 

-           استراتيجية تعتمد على التنسيق بين القطاعين العام والخاص مع البنوك والمعارض والدعاية والترويج

 

بالرغم من النجاحات التى حققتها الشركات المصرية فى مجالات الاستثمار داخل السوق الافريقى، ولكن حجم المنافسة الكبير الذي ستواجهه شركاتنا الوطنية في الخارج، يتطلب منا تنسيق مجموعة من الخطوات المتكاملة وذلك لتعزيز مكانة المقاول المصري، بهدف حصول مصر على حصص جيدة من سوق التشييد والبناء عربيًا وإفريقيًا.

وأوردت الدراسة بعض هذه الخطوات وفى مقدمتها ضرورة وضع استراتيجية متكاملة لتصدير صناعة مقاولات التشييد والبناء إلى الدائرتين العربية والإقليمية، من خلال تنسيق مجهودات الأطراف الفاعلة في الصناعة، سواء كانت جهات حكومية أو مؤسسات تابعة للقطاعين العام والخاص، مما يعظم بدوره من إمكانات قطاع التشييد والبناء المصري أمام المنافسين الخارجين، ويساعد الشركات الوطنية على التكامل فيما بينها في حال الاحتياج لتخصصات فنية مختلفة بأي مشروع إنشائي محتمل.

كما يمكن للحكومة المصرية أن تنسق برامج تحفيزية للشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة بمجال مقاولات التشييد، والتي يقدر عددها الآن بأكثر من 16 ألف شركة، وذلك لكي تطور من إمكاناتها وقدراتها مع مرور الوقت، وهو ما سيؤهلها فيما بعد لمضاهاة المعايير الدولية التي تسمح لها بالعمل في المشروعات الخارجية.

وعلى الصعيد السياسى يجب على الدولة المصرية أن تستمر في مساعيها الدبلوماسية لعقد الاتفاقات والبروتوكولات مع الدول الشقيقة في إقليم الشرق الأوسط وأقاليم التكتلات الاقتصادية الإفريقية الثلاث، من أجل تسهيل عمليات دخول وخروج الشركات المصرية وأفرادها ومعداتها، وإزالة كافة القيود الإدارية والتمويلية التي قد تعطل أعمال تلك الشركات أو تحد من قدراتها، كما يجب على الدولة أن تستمر في خططها القائمة لتقوية مكاتب التمثيل التجاري الخارجي.

وإلى جانب ذلك، يجب على الجهات المختصة أن تراعي توفير شبكة كبيرة من فروع البنوك الوطنية بالدول المستهدفة في استراتيجيات تصدير صناعة مقاولات لبناء والتشييد، حيث يسهل وجود فروع البنوك الوطنية في تلك الدول عملية إصدار خطابات الضمان وتحويل المبالغ المالية لتنفيذ المشروعات الإنشائية المختلفة.

وشددت الدراسة على أهمية ملف الدعاية والترويج لصناعة التشييد والبناء بداخل الدول المستهدفة في استراتيجيات التصدير العقاري، وذلك لعرض قدرات شركاتنا المصرية العاملة في هذا المجال والتي ظهرت بوضوح مع تنفيذ المئات من المشروعات الإنشائية داخل وخارج البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، كما يجب على الحكومة أن تهتم أيضًا بتنظيم المعارض الدولية بتلك الدول المستهدفة في استراتيجيتنا التصديرية، وذلك لتحقيق التواصل المباشر بين العملاء المحتملين وممثلي شركات المقاولات الوطنية.


مقالات مشتركة