الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2022-06-29T01:45:23+02:00

خفايا خطة جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية لإعلان الحرب الإليكترونية على مصر

ايمان بدر

 

" جماعة الإخوان عندها الجيش بتاعها.. هيبقى فيه مجاهدين من أفغانستان ومن باكستان ومن الشيشان هييجوا مصر لتمكين حكم الإخوان"، بهذه الكلمات عبر المبدع خالد الصاوى عن إرهاب القيادى الإخوانى خيرت الشاطر خلال المشهد الشهير الذى جمعه بالقائد العام للقوات المسلحة آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسى الذى جسده الفنان ياسر جلال، ولكن السؤال الذى يدور فى خلفية هذا المشهد الواقعى هو كيف للجماعة الإرهابية أن تستدعى هؤلاء الإرهابيين وكيف تمكنت من التواصل معهم وتجنيدهم، ولو كانوا فى الأصل مصريين سيعودون من أجل تنفيذ أعمال إرهابية فى مصر لنصرة الجماعة، كيف تنكنوا من التواصل مع تنظيمات داعش والقاعدة خارج مصر ليتم تصديرهم إلى بؤر الصراع ثم استعادتهم وقتما تحتاج إليهم الجماعة.

لم تعد إجابة هذا السؤال سرًا، لأنه من المعروف أن جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإرهابية المسلحة تستخدم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات للتواصل مع أعضائها وتجنيدهم بل والتواصل مع أجهزة المخابرات الخارجية ومافيا تجارة السلاح وقيادات التنظيمات عبر القارات.

وبالعودة إلى تاريخ خيرت الشاطر نفسه نجد أنه سجن عام 1992 ومعه القايدى الإخوانى شريكه حسن مالك، فى قضية عرفت إعلامياًا بقضية سلسبيل، التى هى شركة مملوكة للشاطر ومالك كانت تعمل فى مجال اجهزة الحاسبات الآلية وتكنولوجيا المعلومات، ووجهت للقياديان بالجماعة تهمة استغلال نشاط الشركة المعلوماتية فى التجسس على الأجهزة الحكومية.

وإذا كانت أحداث مسلسل الاختيار3 قد انتهت بثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو الذى تم خلاله عزل الجماعة وإنهاء حكمها ولكن حتى بعد سقوط نظامها ظلت تستخدم الانترنت لنشر معلومات كاذبة وترويج شائعات عبر مواقع إليكترونية وشبكات كان أبرزها شبكة " رصد"،  كما ظل القيادى الإخوانى محمد كمال يجند ويوجه عناصر حركة حسم الإخوانية لتنفيذ جرائم تخريبية فى مصر من خلال الإنترنت، حتى تمت تصفيته أثناء القبض عليه.

وبإعتراف مفتى الإرهاب يوسف القرضاوى خرجت كل التنظيمات الإرهابية من رحم جماعة الإخوان، وما القاعدة وداعش إلا فروع للشجرة المسمومة، ومن ثم نجد تنظيم داعش يستغل الانترنت لتجنيد عناصر نفذت عمليات إرهابية وصلت إلى أوروبا وروسيا وأمريكا، فيما عرف باستراتيجية الذئاب المنفردة، التى مازالت تواصل عملياتها البرغوثىة هنا وهناك رغم الإعلان عن مقتل أبو بكر البغدادى خليفة داعش المزعوم.

ويرجع إهتمام الجماعات الإرهابية باستخدام تكنولوجيا المعلومات وما يعرف بالإعلام الأليكترونى لأنها تدرك حجم تأثير هذه الوسيلة على ملايين بل مليارات البشر حول العالم، حيث تشير أحدث مؤشرات التطور الرقمى بحسب التقارير الصادرة عن منصات إدارة وسائل التواصل الاجتماعى - إلى أنه حتى يوليو ٢٠٢١ بلغ عدد مستخدمى الإنترنت ٤٫٨ مليارات شخص، بنسبة تصل إلى ٦١٪ من إجمالى سكان العالم، وبنمو سنوى ٥٫٧٪، أى بما يوازى ٢٥٧ مليون فرد سنويا، ويصل عدد مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى إلى ٤٫٤ مليارات شخص، بواقع ٥٦٫٨٪ من سكان العالم، وبزيادة سنوية نحو ١٣٪ أى أن ٥٢٠ مليون شخص ينضمون سنوياً لمنصات التواصل الاجتماعى، بمعدل ١٫٤ مليون شخص يومياً، ويقضى هؤلاء ما يقرب من ١٠ مليارات ساعة على تلك المواقع.

 

 

 

 

أبرزها الدعاية والحرب النفسية وتجنيد الشباب فى الغرف المغلقة

 

تفاصيل استخدامات الشبكة العنكبوتية داخل التنظيمات الإرهابية

 

فى ظل انتشار جائحة كورونا لجأ غالبية الناس والمؤسسات إلى تحويل أنشطتهم إلى المجال الرقمى أو التواصل عن بعد، ولكن الجماعات الإرهابية كانت قد فطنت لأهمية هذه التكنولوجيا مبكرًا ليس فقط للتعامل فيما بينها وبين عناصرها إبان إنتشار الفيروس، ولكن كوسيلة للهروب من التضييق الأمنى.

وفى هذا السياق نشرت مؤخرا دراسة حديثة بعنوان  "التنظيمات الجهادية والإعلام الرقمى" أعدتها الدكتورة هبة عاطف لبيب مدرس الإعلام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث استهلت الدكتورة هبة دراستها بالتأكيد على أهمية الإعلام الرقمى فى خضم حالة الزخم والتطور التقنى والتكنولوجى التى يشهدها العالم، ومن ثم وعت التنظيمات الجهادية مبكراً لأهمية تلك الوسائل الإعلامية التى تشمل المواقع الاليكترونية ومنصات التواصل الاجتماعى " فيس بوك،تويتر، يوتيوب، سناب شات، تليجرام، واتساب"  وغيرها من التطبيقات المتاحة، وتتضح أهميتها فى أنها تجعل الجمهور ضلعًا أساسياً فى نشر الرسالة ذاتها.

وتناولت الدراسة الأهداف التى تستخدم الجماعات الإرهابية شبكة الإنترنت لتحقيقها وفى مقدمتها الدعاية، حيث حرصت تلك التنظيمات على توظيف الإعلام الرقمى فى الدعاية للأيديولوجية السلفية الجهادية، وتبرير العنف الذى تقوم به استناداً إلى أنه رد فعل، مستخدمة أسلوب شيطنة العدو، على غرار إطلاق لفظ الشيطان الأعظم على أمريكا وقتما كان تنظيم القاعدة يوجه ضرباته لأمريكا والغرب، ثم أطلقوا لفظ الطواغيت على الحكام العرب، حين تحولت منصات صواريخهم إلى الدول العربية والإسلامية بهدف إسقاط أنظمتها الحاكمة والسيطرة عليها، وفى سبيل ذلك يتم ترويج الشائعات وتشويه الإنجازات وإطلاق ما يعرف بالهاشتاجات والتريندات لتوجيه الرأى العام وتشكيل العقل الجمعى فى المجتمعات المستهدفة بما يتوافق مع توجهات هذه التيارات.

وإلى جانب الدعاية هناك أسلوب الحرب النفسية، من خلال نشر المعلومات المضللة، وبث التهديدات، وعلى سبيل المثال تقوم اللجان الأليكترونية لتلك الجماعات بنشر بعض الصور المروعة للعمليات الإرهابية بغرض خلق حالة من الخوف والقلق، كما ينشرون أحيانا صور للخراب والدمار والأطفال الجوعى فى سوريا أو العراق ويروجون أكاذيب من نوعية أنها صورة حديثة التقطت فى أحدى قرى أو أحياء مصر، على خلاف الحقيقة.

أما الهدف الذى تخشى منه كل أسرة، وبسببه تصاب بالقلق من جلوس إبنهم أمام شاشة التليفون المحمول أو اللاب توب لفترة طويلة، فهو تجنيد الشباب واستقطابهم من خلال التفاعل مع المستخدمين، والدخول معهم فى حوارات، خاصةً داخل المنتديات والغرف المغلقة.

وبعد عملية التجنيد والاستقطاب يتم التواصل بين عناصر التنظيم نفسه وبين القيادات، فقد غيرت شبكة الإنترنت من شكل شبكة العلاقات فى التنظيمات الجهادية، فلم تعد تتبع تسلسلاً هرمياً متدرجاً، بل ساعدت البيئة الرقمية على خلق خلايا عنقودية، تتصل فيما بينها بشكل أفقى.

ويأتى الهدف الأساسي لهذه الجماعات وهو تنفيذ جرائم إرهابية وأعمال عنف وتخريب فى مواقع معينة، حيث يتم استهداف أماكن العمليات الإرهابية والتخطيط لها، وجمع المعلومات اللازمة بشأن المواقع المستهدفة فى عملياتها، وكلها عمليات تتم عبر الشبكة العنكبوتية.

وشددت الورقة البحثية على أن الاستخدام الأبرز- من وجهة نظرها- يتمثل فى الدعاية والحرب النفسية، بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من المؤيدين، خاصة فى ظل التضييق الأمنى، وانتشار فيروس كورونا الذى حد من إمكانية انتقال المقاتلين إلى المعسكرات وأماكن تمركز التنظيمات الجهادية.

 

تعتمد على أساليب إشعال الفتيل والاستفزاز

 

            خفايا استراتيجية الجماعات الإرهابية لإنهاك الدول

 

فى السياق ذاته رصدت " لبيب" فى ورقتها البحثية مدى حرص التنظيمات الجهادية على التنويع بين الإصدارات فى الشكل والمضمون والجمهور المستهدف، ما بين مرئى ومسموع ونصى، وبين الجمهور العربى والغربى وجمهور الدول الآسيوية، لافتةً إلى أن الأساليب الدعائية المستخدمة فى المواد الإعلامية المقدمة ظلت على الوتيرة نفسها تنحسر بين خمسة أساليب، تنخفض نبرة إحداها وترتفع الأخرى تبعاً للجمهور المستهدف، وحسب القالب المستخدم فى تقديم المادة الإعلامية والغرض منها.

تلك الفكرة تذكرنا بخروج بعض قيادات وعناصر تنظيم داعش الإرهابى من آن لآخر ليتحدثون عما يسمونه الغزوات القادمة، وأنهم قادرون على قتل الضباط والجنود والمدنيين واستهداف الكنائس وأماكن التجمعات، ويروجون أكاذيب من هذه النوعية وهو ما يعرف بأسلوب الإنهاك، وفيه تسعى التنظيمات الجهادية إلى إقناع عدوها بأن لديها المقدرة على تسديد ضربات تكبده خسائر مادية ونفسية وبشرية.

ولا ينفصل أسلوب الانهاك عن أسلوب التخويف والتهويل الذى يهدف إلى استعراض القوة العسكرية وأنواع المعدات، والبرهنة على قوة التنظيم، فى مقابل الترويج لأكاذيب عن ضغف الحكومات، وتستخدم التنظيمات الإرهابية هذا الأسلوب بهدف إقناع الرأى العام بأنها تتمتع بالقوة الكافية لمعاقبة من يعصى أوامرها، وتصوير الحكومات على أنها غير قادرة على حماية أفراد شعبها.

وتطرقت الدراسة أيضًا إلى أسلوب إشعال الفتيل أو الاستفزاز، موضحةً أن هذه الاستراتيجية ترنو إلى إقناع عامة الشعب بأن الهجوم على الجماعات الإرهابية واستهدافها من قبيل الأفعال الوحشية التى تقوم بها الحكومات والأنظمة تجاه المدنيين العزل، فيما يعرف باستراتيجية «نخز العدو» عن طريق استغلال أى رد فعل غير ملائم للحكومات، وتحويلها إلى أداة لاصطفاف الجموع مع الإرهابيين، على غرار متاجرة إعلام الإخوان بفيديوهات القبض على بعض الفتيات المنتميات للتنظيم والمتاجرة بقضية الحرائر وغيرها.

وبالرغم من أن الجماعة كانت تزعم كذبًا أنها جماعة سلمية، ولكنها كشفت عن وجهها الإرهابى الدموى حين حرضت صراحةً على القتل والتخريب، وهو ما يعرف بأسلوب  وقف السلام، حيث صممت تلك الاستراتيجية لتأكيد ضرورة الخروج عن المنهجية السلمية، والحث على الجهاد، والاستمرار فى العنف.

وعلى ذكر جماعة الإخوان التى لم تتخلى عن سلميتها المزعومة تجاه خضومها فقط، ولكن فيما بينها أيضًا ظهرت صراعات ونزاعات على المناصب والأموال، أدت لانشقاقات وحروب إعلامية وصلت لاتهامات بالفساد المالى والأخلاقى، وهو ما عرفته الدراسة بأسلوب المنافسة الذى ينشأ عند وجود قطبين أو أكثر يتنافسون على القيادة، ويكون عموم الناس غير متأكد من أفضلية أحدهما فى تحقيق مصالحه، وهنا تحرص الأطراف المتنافسة على الظهور بشكل أكثر تسلحاً، بما يعطى انطباعاً بأنها أكثر نضالاً وحماية للجموع، وبالتالى أكثر جاذبية لعموم الناس، وضربت مثال أكثر وضوحًا بالوضع فى سوريا مع وجود فصائل جهادية متعددة، أبرزها داعش والقاعدة وجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها، وكل منهم يكفر الآخر ويبيح قتل أعضاءه.

 

           

الإعلام الرقمى للجماعات استفاد من جائحة كورونا

 

تغير نوعى فى العمليات الارهابية والتضييق الأمنى سلاح ذو حدين

 

إذا كانت غالبية الأنشطة البشرية قد تأثرت بانتشار فيروس كورونا الذى اجتاح العالم، والقليل منها هو الذى استطاع أن يواصل معتمدًا على الفضاء الأليكترونى والإعلام الرقمى، ولكن فيما يتعلق بنشاط الجماعات المتأسلمة، لا توجد مؤشرات حتى الآن على أن الجماعات السلفية الجهادية فقدت دعمها وحماسها، خاصة أن هناك ارتفاعا كبيرا فى الأعمال الجهادية فى بعض الأماكن، وبالتالى يجب على المجتمع الدولى أن يحرص على استمرار جهود مكافحة الإرهاب، تحسبا للتغير النوعى فى العمليات الإرهابية، فعلى الرغم من أن القيود المفروضة على السفر لا تزال توفر فرصا لتعقب الجماعات الإرهابية، فإن الدراسات التحليلية تشير إلى أن القادة الجهاديين يكيفون استراتيجياتهم وتكتيكاتهم مع القيود التشغيلية التى فرضها عليهم فيروس كورونا، فالتنظيمات الجهادية شبكات رشيقة معتادة على القيود والمصاعب، وتتمتع بالصبر.

وفى هذا السياق من المعروف أن فيروس كورونا حد من الوجود الجسدى للمجندين فى التنظيمات الجهادية، الذين يتوافدون من دول العالم على منصة الشرق الأوسط، ولكن يسهم الإعلام الرقمى فى استمرارية الدعوة للفكر الجهادى، بل ويمكن له أن يقوم بدور سلبى فى انتشار العمليات الإرهابية الفردية " الذئاب المنفردة"، خاصة أن النظرة المبدئية التحليلية للإصدارات الحالية لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" - على سبيل المثال فى فترة كورونا - تكشف عن نغمة الحديث عن إظهار القوة بشكل مبالغ فيه، إضافة إلى التركيز على فكرة أن الفيروس قد أضعف من قوى الدول الكبرى، بما يتيح الفرصة أمام الخلافة للجهاد والتوسع، بالإضافة إلى ظهور تنافس فى استخدام التطبيقات الإلكترونية بين تنظيمى «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» لنشر سلاسل من المحاضرات، وتبادل الاتهامات بين منظرى وشيوخ التنظيمين.

ومن ثم فإن القيود الأمنية التى تم وضعها على الفكر الدعائى للتنظيمات الإرهابية بمختلف أيديولوجياتها فى الإعلام الرقمى تعد سلاحاً ذا حدين، فحجب الفكر كان ولا يزال ضرورياً للحد من انتشار العنف والأفكار المتطرفة، إلا أن غياب الفكر عن السطح يقلل من فرص تفنيد عناصره أولا بأول على المستوى الأكاديمى، وهو ما يتطلب إنشاء مواقع عربية أكاديمية متخصصة لجمع المواد الإعلامية المعبرة عن الأفكار المتطرفة، والعمل على تحليلها، ووضع آليات دعائية مضادة لها، من خلال المؤسسات المعنية وفى إطار استراتيجية موضوعة بشكل مسبق.

 


مقالات مشتركة