البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2022-11-16T10:06:49+02:00

د. مصطفى محمود يكتب : ( الإنفلونسرز والبلوجرز ) فِتَنْ، لعن الله من أيقظهم

لا أحد ينكر أن السوشيال ميديا بروافدها أحدثت طفرة غير معقولة في عمليات التواصل الاجتماعي بين البشر بمختلف وجودهم، فتلك دوافع اكتشافها حينما ظهرت لنا في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، تعارف وتقارب وترابط، ثم احتواء، ومشاركات إنسانية من هنا وهناك.. ولكن كطبيعة كل الأشياء التي تصل إلينا نحن وتتخطى حدودها، فكان لا بد وأن تتحول هي في عدد قليل من السنوات، من عظمة الجانب الإنساني فيها، إلى اختراع سيعد هو الأسوأ في تاريخ البشرية في المستقـبل؛ بسبب تأثيراته المـد.مرة في الأجيال الحالية والقادمة لكل ما هو جميل، داخل العلاقات الاجتماعية، خصوصًا في الأسرة الواحدة؛ حتى وصل بنا الحال ليخرج للمجتمع آباء ليس لهم من المسؤولية في شيء، وأمهات هم أبعد ما يكونوا عن تحمل أعباء التربية، وهكذا نبقى في دائرة مفرغة ليس لها نهاية.

فـ أرى أن لوجود السوشيال ميديا عيوب وكوارث لا حصر لها، ولكن أخطرهم على الإطلاق؛ نظرًا لتحكمهم الفعلي بشكل أو بآخر، في كل مساوئ هذا العالم الافتراضي، وكأنهما سرطان ينسف كل من يقترب منهما، وهما: التريند، والكوميديا.. فـ تلك آفتان، متكاملتان، مدمرتان وبقوة تفوق القنا.بل النو.وية بمراحل، فاللهث وراء الأولى (التريند ) يجعل زيف مشاهير العالم الأزرق، يتخطى توقعات زبانية إبليس إذا أراد أن يوقعنا في الخطيئة، فـ باعتبارات وحيثيات عالـم السوشيال ميديا، يعطيك أموال لا تعد في مقابل تفاعلات لا تنتهي، فكان لـزامًا على هذه الفئة من صانعي المحتويات من المراهقين الشباب _تاركي الدين، قليلي العلـم، فاقدي التربية، ومدمني الشهرة_ ، ونسبة ليست بالقليلة من مختلف الأعمار، فـي أن يدخلوا عدسات الكاميرا في كل تفاصيل حياتهم غير المتوقع منها قبل البديهي، المثير للجدل السيء قبل الحسن، لأن الجمهور بطبيعته يبحث عن غير المألوف حتى ولو كان يرفضه كمبدأ.

أما الثانية (الضحك والكوميديا) جعلت كل شيء كان سيئًا مرفوضًا، مباح، فـالتنمر حلال لو غُلِفَ بطابع من الكوميديا في كوميك لطيف، العن.صرية مستحبه إذا مارسناها على مسرح الضحـك في ايفيهات، والسخرية جميلة طالما أشبعت رغبتنا في السعادة من خلال الميمز، أما المقالب فـممتعة لو نُفِذت في إطار الهزار والشو، والكثير والكثير من كل الصفات الحسنة التي شربناها للأجيال عكسًا، حتى تطور كل هذا إلى أمور عدوانية، فـ قلبت أساس العلاقات رأسًا على عقب، ولو أسقطها كل منا على نفسه لحظة لمجرد أن نتخيلها، فـوالله لن نقبلها أبدًا أبدًا، لا هـي ولا فاعلها، ولكن طالما هـي كانت بعيدة عنك، وأنت الذي تضحك على الآخرين، فـ why not.. لدرجة قد تصل لاستغلال الشخص نفسه لشيء في خِلْقته أو إدعائه لمرض لا قدر الله، فـ هذا للأسف نقص في عزة النفس، أن يستبيح حرمات البيوت ويفعل من الآداب ما هو مثير ولافت، ولذلك فنحن نحتاج إلى إعادة تأهيل تبدأ من الصفر لسنين، من أجل تربية النشء على قاعدة بديهية تقول: "استفزاز الآخرين؛ ليهاجمونا، غباء.. وليس من المروءة".

والمعروف للقاصي والداني.. أن من سيكولوجية علم نفس الجماهير وفي أبجديات المعيشة اليوم؛ الشهرة ليست فقط للصالح أو المفيد، فكما هناك مشاهير كُثر لمن أفادوا المجتمع والعالم في كل المجالات، هناك الأكثر عددًا وشهرة ممن دمروا المجتمعات بجهلهم ومساوئهم، ويا حسرة على أجيال وأجيال ولدت وتكبر في مثل هذه العشوائية المُنتنة التي تغرقنا اليوم، فـ تقلد كل ما تراه، من دون رقيب، فـ فتنة المال والشهرة أخذت بعقول وحولتها كالأنعام، وفي المقابل لن نغفل عن أسباب هذا التحول الرهيب في ثقافة وأخلاقيات مجتمع يعاني من كل أنواع البلاء والتخلف، الذي يُمارس عليه من سنوات كمنهج، ليدمره ويجعله مسخ، ليس له أي قيمة، ولا عنده ذرة وعي، شخص خاوٍ.. إلا من رحم ربي؛ وقليلٌ ما هم، نالوا جـزءًا من نضج والديهم، فخرجوا من عباءة "جيل المقارنات الفارغة" بقلوب سليمة.

فـ دعونا نرجع إلى الطريق الصحيح مرة أخـرى، هلموا بنا نجتهد في وسط كل هذا الدمار، هيـا نأخذ بأيدي بعضنا البعض لكي نقبض على جمرات النار التي يلقيها علينا من حولنا ونطفأها؛ فننجو بأنفسنا بعد أن ننقذ من هم أمانة معنا، فـ من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.. أن ترفضه لله بقلبك، وتأخذ بالأسباب، وتدعو الله لك ولأخوانك العافية من تقلب القلوب، وتبحث عن الحسن في الأشياء التي هي من نعمة الله علينا في هذه الدنيا، وتنأى بنفسك عن تجربة السيء منها، حتى من باب الفضول، فاحترم ضعفك ولا تكابر.


مقالات مشتركة