الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الأسرة والطفل   2022-11-23T09:55:33+02:00

دماء بنات حواء تصرخ : بأى ذنب قتلت ؟!!

ايمان بدر

 

(  هقتلك زى المصرى ما قتل زميلته) تلك الرسالة البغيضة أرسلها شاب أردني لزميلته في الجامعة إيمان رشيد بعد ساعات قليلة من ذبح نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة على يد زميلها محمد عادل، لأنها تجرأت ورفضت حبه، وبعد ساعات أخرى قليلة من تلقيها هذه الرسالة كانت إيمان الأردنية تلحق بنيرة كشهيدات للرفض إن جاز التعبير، والغريب أن القاتل في مصر لم يجد فقط من يتعاطفون معه ويبررون له فعلته البشعة، تارة بأن الفتاة كانت متحررة وترتدى ما تشاء وتعمل موديل يوتيوبر وتارة أخرى لأنها امتلكت هى وأسرتها القدرة على رفض عريس في مجتمع يجبر الفتاة على الزواج من أى عابر سبيل خوفاً من شبح العنوسة، والأغرب أنه وجد من يجمع له أموال للدية في محاولة لضرب دولة القانون في مقتل؛ لأن القانون المصرى لا يعرف مايسمى الدية كما أن الشريعة الإسلامية تقرها في حالات القتل الخطأ وليس العمد مع سبق الإصرار والترصد على قارعة الطريق "عينى عينك".

ومن عجائب القدر أن غالبية المتعاطفين مع القاتل من بنات حواء، ربما حقدًا على فتاة متحررة لم تخضع لقيود المجتمع بل ولديها أسرة تدعم اختياراتها، وتحلم بأن تخرج من مدينة المحلة الكبرى نجمة جديدة على غرار الهانم المحلاوية صفية العمري، وكالعادة تنتصر السماء لمن يظلمه المجتمع حيث أثبتت رسائل نيرة – رحمها الله- أنها لم تعشم القاتل ولم تعده بالحب المتبادل بل رفضت حتى صداقته، وحين تكررت الجريمة بنفس التفاصيل فيما بعد مع فتيات أخريات هن سلمى وأمانى وخلود، كانت كل منهن ترتدى الزى الذي أقره المجتمع ولا تعمل في مجال الفن والإعلانات، بل وأثبتت الصور وجود علاقة ارتباط أو حتى خطوبة رسمية معلنة بين القاتل والضحية، وهو أبلغ رد على من ذهبوا ظلما وبهتاناً إلى أن نيرة أشرف قتلت لأسباب أخلاقية.

وعلى جانب آخر تطالعنا وسائل الإعلام كل يوم بأنباء عن جرائم قتل زوج لزوجته كان أبرزها واقعة ذبح أحدهم لزوجته أيضاً في مدينة المنصورة بعد أيام من واقعة قتل نيرة، وماهى إلا أيام قليلة وانتقلت العدوى من الأقاليم إلى القاهرة المبهرة ومن مجتمع طلبة الجامعة والطبقة المتوسطة والفقيرة إلى كريمة المجتمع حيث قتل القاضي أيمن حجاج زوجته الإعلامية شيماء جمال، وقام بتشويه جثتها بطريقة بشعة، والأبشع أنه هو الآخر وجد من يبرر له جريمته بأن القتيلة خطفته من زوجته الأولى أم بناته، وبالرغم من أن هذا الشخص كان متورط في قضايا فساد  قبل أن يعرف المجنى عليها، ولكنه وجد من يتعاطف معه لأنها ابتزته وهددته بما لديها من مستندات تثبت فساده، وكأن المجتمع بات يتعاطف مع الفاسد ضد من يكتشف فساده، ولما لا إذا كان يتعاطف مع القاتل فقط إذا قتل إمرأة، عملاً بمبدأ ( إكسر للبنت ضلع يطلع لها ٢٤)  حتى أصبحنا في زمن ( إكسر رقبتها أحسن وافصلها عن جسمها).

وعلى ذكر هذا المثل الشعبي المصري القديم، يصبح من الأهمية أن نفتح الملف احتفالاً بحلول يوم ٢٥ نوفمبر، الذى اختارته الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة، لتبرز علامات استفهام حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة، وآليات مواجهتها ومدى إمكانية القضاء عليها، علمًا بأن العنف ضد المرأة لا يقتصر على جرائم القتل فقط، ولكن هناك الضرب المبرح والتحرش والاغتصاب وصولاً إلى تشويه الوجه بماء النار، وهى جريمة باتت متكررة أيضاً، ناهيك عن تشويه السمعة بإيجاد مبرر لهذا الإجرام من خلال الإساءة للضحية والتشدق بسوء سلوكها، وهو أمر حتى لو ثبت صحته لا يعطي مبرر للقتل أو العنف؛ لأننا من المفترض في دولة قانون ولا تقوم دولة من الأساس على فكرة ( خد حقك بأيدك) أو  إغسل عارك بالدم إذا كان قاتل المرأة أو المعتدى عليها هو زوجها أو أبيها.


نيرة أشرف جديدة»... التحقيق في مقتل طالبة مصرية على يد زميلها بـ17 طعنة |  الشرق الأوسط

 

-           بالأرقام والتفاصيل

 

-           خريطة العنف ضد المرأة تمتد إلى خارج حدود المجتمعات العربية

 

-           نظرية " إكسر للبنت ضلع" تغزو ألمانيا وفرنسا وتركيا

 

-           80 %  من ضحايا جرائم العنف من النساء فى ألمانيا و139 ألف ضحية فى فرنسا وصل بعضها إلى القتل

 

مع تكرار وقائع العنف ضد المرأة فى مصر والمجتمعات العربية يردد الخبراء أن السبب هو التربية الذكورية، واعتبارات تعتمد على الفهم الخاطئ للدين، ولمفهوم الرجولة و"الحمشنة"، ومع نزوح العرب إلى أوروبا انتقلت هذه العدوى إلى المجتمعات الغربية أيضًا، وهو ما يفسر اتجاه بعض دول أوروبا إلى غلق حدودها فى وجه المهاجرين  بهدف الحفاظ على قومياتها وهويتها وثقافاتها.

ولأن ألمانيا تعد من أكثر الدول التى وفرت ملاذاً آمنا للعرب خاصة المنتمين للتيارات المتشددة، ترتفع فيها جرائم العنف بين الأزواج الحاليين والسابقين من عام لآخر، ووصل الأمر إلى وفاة أكثر من 139 إمرأة خلال عام واحد، وأوضحت البيانات التى نشرها المكتب الاتحادى لمكافحة الجريمة أن الرجال خاصة الأجانب – القادمين من مجتمعات عربية وشرقية- مسئولين عن غالبية هذه الجرائم، حيث وصلت النسبة إلى 91.5% من هذه الجرائم منسوبة إلى أزواج عرب أو أتراك، كما أوضحت البيانات أن النساء مثلن 80.5% من جرائم العنف الزوجى.

أما فى فرنسا بلد الحريات والفن والجمال، التى انتقلت إليها عدوى الإرهاب وجرائم القتل والدهس فقد سجلت الأجهزة الأمنية 159 ألف و400 حالة عنف زوجى خلال عام واحد، منها ما يزيد عن 139 ألف ضحية من النساء، وتضمنت معظم القضايا عنف بدنى أحدث إصابات قوية، بل وأودى بحياة 102 سيدة خلال عام واحد.

أما فى تركيا، فيبدو الأمر غريبًا حيث تتشدق حكومة تلك الدولة بكونها إسلامية ومع ذلك تيبح إستغلال النساء جسديًا فى تجارة الرقيق الأبيض، ثم تعود وتتمسك بفكرة ضرب الزوجات باعتباره جزء من الدين، وكأنها تأخذ من النص المقدس ما يبيح إنتهاك المرأة بالضرب وتترك ما يكفل صيانة عرضها وكرامتها، حيث انسحبت أنقرة من المعاهدة الدولية المخصصة لحماية المرأة، بموجب قرار الرئيس التركى رجب طيب إروغان.

 

 

            الضرب يتفوق على الشتيمة فى سن المراهقة والشباب

 

-           30 % النساء يتعرضن للإعتداء الجسدى والجنسى داخل البيت وخارجه

 

لا يقتصر العنف ضد المرأة على جرائم الضرب والقتل فقط، ولكن هناك هتك العرض والتحرش وصولًا إلى الإهانة اللفظية، وإن كانت ظروف المجتمع تجعل البعض يفضلن الشتيمة على الضرب على طريقة الراحل علاء ولى  الدين " هو كله ضرب مفيش شتيمة".

وبالأرقام كشفت دراسة حديثة أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن العنف النفسى هو الأعلى من بين أنواع العنف التى تعانى منه المرأة فى الفئة العمرية بين 18-64 سنة، حيث بلغ 22.3%، يليه العنف الجسدى 11.8%، ثم العنف الجنسى 6.5%، موضحة أن العنف النفسى يقل مع ارتفاع الفئة العمرية، حيث كان فى الفئة العمرية 18-19 سنة 33.5% وأخذ فى الانخفاض فى الفئات العمرية التالية حتى وصل إلى 6.9% فى الفئة العمرية 60-64 سنة وكذلك الحال تقريبًا بالنسبة للعنف الجسدى والجنسى.

وأشارت الدراسة إلى أن أعلى فئة عمرية ترتفع فيها نسب العنف النفسى والجسدى والجنسى هى للنساء اللاتى تعرضن للعنف من قبل الزوج وهى الفئة العمرية بين 20-24 سنة، حيث وصل على التوالى العنف النفسى 34.3%، العنف الجسدى 20.2%، العنف الجنسى 10.5%.

فيما أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك امرأة واحدة تقريبًا من كل 3 نساء بنسبة 30% من النساء اللاتى يتعرضن لعنف بدنى أو جنسى على يد الشريك أو العنف الجنسى على يد غير الشريك، أو لكليهما معًا.

 

            موسم قتل النساء والضرب المبرح

 

-           813  جريمة عنف وزوجها أو طليقها هو المتهم فى 72% من جرائم القتل

 

يستحق العام الماضى 2021 أن يكون عام إضطهاد المرأة المصرية بإمتياز، حيث أصدرت مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة تقريرًا رصد الحالات المنشورة فى وسائل الإعلام فقط، ناهيك عن التى لم تنشر، وكشف عن أرقام مخيفة حيث شهد العام السابق 813 جريمة عنف ضد المرأة، منها 296 جريمة قتل و74 واقعة ضرب مبرح، فيما كان الزوج الحالى أو السابق هو المتهم فى 72% من جرائم القتل.

أما خلال الربع الأول من العام الجارى 2022 وخارج إطار مؤسسة الزواج كان أحد أفراد الأسرة هو المتهم فى 43 حالة شروع فى قتل أو ضرب مبرح لفتيات وسيدات، وهناك أيضًا الضرب الغير مبرح الذى مارسه 150 شخص ضد ابنته أو شقيقته، خلال نفس الفترة من العام الحالى، وفقًا لأرقام وقائع العنف ضد النساء والفتيات على يد أحد أفراد الأسرة.

 بل وتورط أحد الجيران أو زملاء العمل فيما يزيد عن مئة واقعة عنف شاملة التحرش والإغتصاب، حيث أشار التقرير إلى أن المتهم هو أحد الجيران فى 63 جريمة  بينما تورط 44 شخص فى ارتكاب جرائم عنف ضد زميلات العمل.

 

 

 

 

            حالات تبيح القتل أبرزها الخيانة ومرض  " الذهان "

 

 

مع إنتشار جائحة كورونا وقرارات حظر التجول وإغلاق المقاهى والمولات، عادت إلى الساحة المجتمعية أمثال شعبية من نوعية " جنازة بطار ولا قعدة الراجل فى الدار"، بمعنى أن إجبار الرجل على عدم مغادرة المنزل وحرمانه من الترفيه والتنفيس بلقاء أصدقاءه على المقهى جعله أكثر عصبية وعنفًا فى التعامل مع زوجته وأبناءه، ما أدى لارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسرى.

ولكن مع تخفيف الأجراءات الاحترازية وعودة الحياة لطبيعتها لم تتوقف الجرائم بل إزدات عنفًا ودموية، وأرجعها البعض إلى أسباب إقتصادية تتعلق بضيق ذات اليد أو تفشى الغلاء الذى قد يدفع الرجل إلى التخلص من زوجته بل وأطفاله لعدم القدرة على الإنفاق عليهم، وربما الانتحار بعد ذلك، أو شعور الشاب بالعجز عن الزواج من حبيبته بسبب الفقر والبطالة ما يدفعه لقتلها حتى لاتكون لغيره، فيما يعرف بالهوس العاطفى الذى يتحول إلى ميول عدوانية دموية، تصل إلى القتل أو الانتحار بحسب أطباء علم النفس.

وفى السياق ذاته لا يعنى الهوس العاطفى إعفاء الجانى من المسئولية، بل يظل مسئولًا عن جريمته ويعاقب عليها حتى لو ثبت إدمانه للمخدرات، إلا فى حالة كون الجانى مصاب بمرض الاضطرابات الذُهانية؛ لأن الذهان فقط هو الذى لا يتمتع الشخص المصاب به بالوعى الكافى لتحمل مسئولية العنف.

وعلى الصعيد القانونى تعانى المنظومة التشريعية في مصر من غياب ما يمكن أن يطلق عليه قانون موحد لمواجهة العنف ضد المرأة، فما زال تعريف جريمة الاغتصاب غير واضح، وتختلف العقوبة حسب حالة المجنى عليها سواء كانت بكر أو ثيب عند وقوع الجريمة، كما يغض المجتمع الطرف عن جرائم العنف داخل الأسرة التى تصل إلى الاغتصاب والتحرش بين المحارم، ناهيك عن التداخل بين قانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية، وعلى سبيل المثال قد يسعى الزوج إلى تلفيق قضية زنا لزوجته بل وتصويرها فى أوضاع مخلة ليفلت من القوانين التى تلزمه بمستحقاتها بعد الطلاق، مستغلاً النصوص التى تبيح له ضربها وحبسها بل وقتلها فى حالة ضبطها متلبسة بالخيانة، وفى ظل صعوبة إثبات هذه الخيانة يتلاعب البعض بالقانون بشكل يجعلنا نسمع أن أحدهم أعطى لصديقه أو ربما لشخص مأجور مفتاح شقته وصعد ليدخلها خلفه ويصرخ ليجمع الجيران، ثم يحرر محضر يبتز به زوجته أو مطلقته للتنازل عن حقوقها مقابل الفضيحة، لأن الجميع يعلم أنها حتى لو برأتها المحكمة فلن يرحمها إضطهاد المجتمع.


مقالات مشتركة