جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

د.محمد صالح يكتب   2022-12-01T07:40:41+02:00

أفكار غير تقليدية للنهوض بالسياحة المصرية

د.محمد أحمد صالح

تعرضت السياحة المصرية خلال السنوات الماضية لضغوط وأزمات شديدة نعكست أثارها على الإقتصاد القومى لمصر بصفة عامة وعلى الملايين من العاملين فى هذا المجال وأسرهم .

 

ومع تقديرنا لكل الإقتراحات التى قدمها الكثيرون بضرورة تشجيع السياحة الداخلية وكذلك دعوة المصريون بالخارج لقضاء اجازاتهم فى مصر لدعم السياحة والإقتصاد حتى تتمكن السياحة المصرية من مواجهة الإنتكاسات المتتالية التى حدثت لها فى السنوات الثلاث الماضية والتى أدت إلى انخفاض عائدات مصر السياحية بنسب كبيرة بسبب الظروف السياسية والأمنية .

 

ومن واقع خبرتى كمستشار سابق لوزير السياحة وكعضو سابق أيضا فى لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشعب لعدة سنوات ..أقدم عدداً من الأفكار والإقتراحات غير التقليدية التى من شأنها فى حال تطبيقها تحقيق طفرة كبيرة فى هذا المجال الحيوى للإقتصاد المصرى .

 

وفى رأيى الخاص أن بداية النهوض بالنشاط السياحى ينطلق من ضرورة وقف السباق المحموم الذى يستهدف زيادة عدد السياح لأننا لا نملك الإمكانيات التى يمكننا بها مواجهة زيادة أعداد السائحين .. ولذلك أطالب بأن نهتم بالكيف وليس الكم لزيادة القيمة المتدنية أو العائد المتدنى للسياحة المصرية مقارنة بما نملكة من إمكانيات كبيرة وقد لا يكون لها مثيل فى معظم دول العالم .

 

وهنا أقول إنه لا يعقل أن تستمر الحكومة فى تقديم الدعم للأجانب وممثلى البعثات الدبلوماسية فى مصر خاصة فيما يتعلق بالبنزين الذى تستخدمه السيارات الدبلوماسية وكذلك حصولهم على طاقة مدعمة أثناء إقامتهم بالفنادق المصرية .

 

من ناحية آخرى أؤكد ومن واقع الأرقام الرسمية أن مصر تعد من أرخص دول العالم بالنسبة للسائحين خاصة فيما يتعلق بأسعار المواد والسلع الغذائية ..والدليل على ذلك أن أى سائح عندما يأتى لزيارة مصر ويقضى فيها أسبوع كامل على سبيل المثال فإن ما ينفقه السائح خلال هذا الأسبوع يقل عن ثمن ما يدفعه هذا السائح داخل بلده فى وجبة عشاء واحدة .. وهذا الأمر يؤكد أننا لسنا فى حاجة ماسة لمثل هذا النوع من السياحة لأنها لا تفيد الإقتصاد المصرى كثيراً حيث أنها تكلف موازنة الدولة مبالغ كبيرة تنفق على الدعم والتأمين ..الخ .

 

ومن بين الإقتراحات التى يمكن أن تؤدى دوراً كبيرا فى النهوض بالمجال السياحى الإهتمام بالسياحة العلاجية التى سبق أن كتبت عنها وعن أهميتها فى نفس هذا المكان أكثر من مرة , وقلت إنها تعد أحد الكنوز والثروات الطبيعية التى لم نتعامل معها بجدية لإكتشافها ومحاولة إستغلالها على الوجه الأمثل .. حيث أنه من المؤسف القول إننا لم نستغل ولا بنسبة واحد فى المائة هذه الثروة العظيمة المتمثلة فى السياحة العلاجية .. والتى لا تتأثر بالعوامل السياسية فالمريض يذهب إلى أى مكان بحثاً عن العلاج والشفاء مهما كلفه ذلك من صعاب وأهوال وأموال .

 

 وهنا أشير إلى أنه فى مصر تنتشر العيون الكبريتية والمعدنية التى تمتاز بتركيبها الكيميائى الفريد . والذى يفوق فى نسبته جميع العيون الكبريتية والمعدنية فى العالم . علاوة على توافر الطمى فى برك هذه العيون الكبريتية بما له من خواص علاجية تشفى العديد من أمراض العظام وامراض الجهاز الهضمى والجهاز التنفسى والامراض الجلدية وغيرها ومرض الروماتيزم المفصلى عن طريق الدفن فى الرمال .

 

ولإيمانى بأهمية هذا النوع من السياحة فقد سبق لى أن أطلقت حملة تستهدف جلب السياح الراغبين فى العلاج والإستشفاء فى مصر من أمراض الصدفية والروماتويد والألام الروماتيزمية وغيرها .. ولمن لا يعلم فقد نشرت أبحاث علمية فى العديد من الدول مثل ألمانيا وسويسرا, وقد أثبتت تلك الأبحاث العالمية وايضاً الأبحاث التى أجريت داخل المركز القومى للبحوث جدية وجدوى علاج هذه الأمراض فى مصر . وأكد أن هذا النوع من السياحة العلاجية يمثل قيمة مضافة للسياحة العادية من حيث الإقامة والمواصلات والطعام وغيرها .

 

فى هذا السياق أرى أنه من بين الأخطاء التى نقع فيها فى مصر أننا نخطىء فى حساب عدد السائحين الذين يأتون إلى مصر سنويا وكذلك نخطىء عندما نتحدث عن عدد الليالى السياحية ..لأننا بإختصار لو قمنا بمقارنة عدد الأسرة (جمع سرير ) التى توجد بالفنادق المصرية بعدد الليالى السياحية لوجدنا أن هناك 3 سائحين ينامون على نفس السرير كل يوم وهو ما يكشف عن الأخطاء التى نتحدث عنها وهى أخطاء لا يمكن فى حال استمرارها أن ننهض بالمجال السياحى . كما أننا نرتكب أخطاء آخرى مشابهة عندما نحتسب أعضاء البعثات الدبلوماسية والسفارات والقنصليات من بين الساحين لمصر سنويا .

 

ولذلك أؤكد مرة آخرى على ضرورة التفكير فى الكيف وليس الكم حتى نرفع قيمة العائد من النشاط السياحى عن طريق تطوير الخدمات والإهتمام بأنواع جديدة من السياحة حتى نتمكن من رفع الأسعار على الخدمات التى نقدمها للسائح مثلما يحدث فى كل دول العالم .

 

   ومن بين الأفكار غير التقليدية التى يمكن أن تسهم بشكل كبير فى إحداث نقلة نوعية بالنسبة للنشاط السياحى فى مصر الإهتمام بسياحة الغوص التى تجلب حوالى 80 % من إجمالى عائدات السياحة المصرية سنويا وفقا للتقارير الرسمية كما أنها سياحة لا تتأثر بالأحداث السياسية التى مرت وتمر بها مصر .. ومن المؤسف القول إننا لم نعرف كيفية النهوض بهذا النوع من السياحة   طوال السنوات الماضية خاصة منذ أن إنتقلت تبعية الإشراف على مراكز الغوص إلى وزارة السياحة وهو الأمر الذى كان بمثابة الكارثة على هذه السياحة المهمة للإقتصاد المصرى ولذلك نطالب بمحاسبة بل ومحاكمة كل من شارك أو تورط فى هذا الموضوع الذى أدى إلى نقل واستمرار تبعية رياضة الغوص لوزارة السياحة .

 

كما أطالب بالإهتمام بضرورة الإستعانة بخدمات الطيران العارض ( الشارتر ) لأن هذا الأمر يؤدى إلى جلب أنواع جديدة من السائحين لمصر ويمكن أن تقوم الجهات الرسمية بالإتفاق مع مجموعة من رجال الأعمال المصريين الراغبين فى الإستثمار فى هذا المجال او الأغستعانة بعدد من الشركات الإماراتية العاملة فى هذا المجال ..وقد سبق أن ساهم هذا الطيران العارض فى تحقيق طفرة سياحية عقب الإنتكاسة التى تعرضت لها السياحة المصرية فى أعقاب حادث الأقصر الشهير فى عام 1997 .

 

  هذه بعض الأفكار والإقتراحات التى أقدمها من واقع خبراتى فى هذا المجال وأتمنى أن تقوم كل الجهات الرسمية بدراستها وتنفيذها إذا كانت لديها رغبة جادة فى النهوض بالقطاع السياحى والذى يعد بحق قاطرة التنمية لمصر فى الحاضر والمستقبل .


مقالات مشتركة