الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2023-01-27T10:04:11+02:00

مصير العمالة ومعدلات البطالة فى مصر خلال 2023

ايمان بدر

 

مع بدية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وإتجاه الدولة إلى إقامة مشروعات عملاقة فى مجالات الإسكان والبنية التحتية والمدن الجديدة خاصًة الذكية، تراجعت معدلات البطالة إلى أدنى معدلاتها وقيل أنها وصلت إلى 8% بعد أن كانت قد تجاوزت الـ14% خلال الفترة السابقة على توليه مهام الرئاسة، كما أشيعت أرقام ضخمة عن حجم الرواتب والأجور التى يتقاضاها المهندسين والعمال فى هذه المشروعات واقتربت من الـ 10 آلاف جنيه لكل عامل، حتى أن بعض المقاولين كانوا يذهبون بسياراتهم إلى مواقع العمل فى العاصمة الإدارية أو المنصورة الجديدة باحثين عن أعمال إنشاءات وتشطيبات من الباطن وغالبية هؤلاء وجدوا بالفعل أعمال وحققوا مكاسب كبيرة.

وعلى جانب آخر تحدث الرئيس السيسى نفسه فى أحد اللقاءات، مفجرًا مفاجأة من العيار الثقيل وهى أن الدولة حين تطلب خريجين مؤهلين للعمل سواء فى الداخل أو الخارج، لا تجد من يمتلكون المهارات والقدرات المعلوماتية والتقنية بل والجثمانية لغالبية الأعمال إلا فيما ندر، ومن ثم طالب بعدم إنشاء جامعة جديدة إلا بعد أن تحقق توأمة مع إحدى الجامعات الدولية مع رفع مستوى الجامعات القديمة وربط تخصصاتها بإحتياجات سوق العمل الحالية محليًا وعالميًا، منتقدًا بعض الكليات بالإسم حيث وصفها بأنها تخرج ملايين الخريجين وتدفع بهم إلى البطالة والجلوس على المقاهى، وانتقد البعض هذا التصريح خاصًة أنه من بين تلك الكليات كلية الآداب التى يعانى خريجيها من البطالة فى دولة لديها عجز ضخم فى أعداد المعلمين المؤهلين، ليبقى السؤال هو هل هذه المجالات لا توفر فرص عمل أم أن الخريج المصرى هو الذى أصبح غير مؤهل فى ظل وجود آلاف الحاصلين على شهادات جامعية ومتوسطة لا يجيدون حتى القراءة والكتابة وليست لديهم أى مهارات أو معلومات عامة عن أى شئ.

وبالعودة إلى تصريحات "السيسى" نجد أنه طالم يدعم الشباب الذين إختاروا العمل والدراسة فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وخدمات الانترنت والذكاء الاصطناعى، ليبقى السؤال هو هل سيتحول جميع المصريين إلى مبرمجين ومهندسين حاسبات ومعلومات، وإذا كان هذا المجال هو صاحب المستقبل الأفضل فلماذا اغلقت إثنان من كبريات الشركات العاملة فى مجال الاتصالات الذكية والهواتف المحمولة أبواب فروعها فى مصر وقررت المغادرة وتسريح العمال، أم أن خريطة سوق العمل نفسها قد تغيرت وباتت تبحث عن مصادر الطاقة لتشغيل كل شئ بل وإنقاذ الإنسان من الموت بالجوع أو البرد القارس، ومن ثم أجمعت الآراء على أن الحرب الروسية جعلت العالم يرفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت مصادر الطاقة".

وعلى ذكر الحروب والأزمات الطارئة والعالمية، من المعروف أن أزمة كورونا رفعت قيمة العاملين فى مجال الانترنت مع انتشار التعليم عن بعد والعمل عن بعد والتسوق عن بعد والإعلام الأليكترونى، ولكن مع انحسار الجائحة عاد الطلاب إلى مدارسهم والموظفين إلى شركاتهم، ليصبح السؤال هو هل سيتحول سوق العمل إلى طريقة فيلم "عبده مواسم"، بمعنى أن الشباب سيجدون أعمالا متاحة بأجور مجزية خلال فترة أو موسم معين نتيجة ظروف طارئة، ثم يعودون إلى البطالة أو يبحثون عن أعمال أخرى بتغير الظروف على غرار بائعى البلاجات فى المصايف.

 

 

 

 

التجربة الناصرية سلاح ذو حدين أنقذت أبناء الفقراء ثم حولتهم إلى بطالة مقنعة

 

-           الانفتاح أدى إلى هجرة العمالة وتغير الهوية وحرب الخليج أعادت الطيور المهاجرة بالمروحة والكاسيت

 

-           نمو " جمال مبارك" للأغنياء فقط وإرهاب الإخوان وراء عزوف القطاع الخاص

 

لا يمكن وصف ظاهرة تأثر سوق العمل بالأحداث السياسية بأنها ظاهرة جديدة، ولكن بالعودة إلى تاريخ مصر المعاصر نجد أن بورصة التشغيل تصعد وتهبط بتغير الظروف السياسية وانعاكاساتها على الأوضاع الاقتصادية، وحول تلك الفكرة صدرت مؤخرًا دراسة بعنوان "الآفاق المستقبلية لسوق العمل فى مصر" أعدتها الباحثة أسماء رفعت، بدأتها بإستقراء بعض الأحوال التاريخية وعلاقاتها بسوق التشغيل المحلى، وبدأت الدراسة هذا الاستقراء من نظام ثورة 52 موضحًة أنه بالفعل تم رفع معدلات التشغيل وتعيين أبناء الطبقات الفقيرة الذين استفادوا من مجانية التعليم وارتفع مستواهم إلى الطبقة المتوسطة فى ظل التوسع فى التصنيع وافتتاح المشروعات القومية الضخمة، وبالرغم من صحة هذه الحقائق ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أخرى تتعلق بالبطالة المقنعة التى أفرزها إتجاه الدولة نحو التوسع فى التعيينات وعدم تقيد القوة العاملة بمبدأ التخصص، كما أن تزايد أعداد العاملين فى الجهات والمصانع الحكومية خلق أعباء على هذه الكيانات أدت إلى تفاقم الخسائر والاتجاه إلى الخصخصة وتسريح العمالة والمعاش المبكر الذى نعانى منه الآن.

ولم تكن تجربة الرئيس الراحل أنور السادات بأفضل من صديقه الزعيم "ناصر"، فهو المتهم دائماً بسياسة الانفتاح الاستهلاكى والاتجاه إلى الإستيراد والسلع الترفيهية وبيزنس البوتيكات والسوبر ماركت والثراء السريع، ناهيك عن التوسع فى هجرة العمالة المصرية إلى دول الخليج النفطية ما أدى إلى نقص فى بعض التخصصات بالداخل وارتفاع تكلفة الحصول على عامل ماهر خاصًة فى مجال المعمار، كما عاد المصريين بمظهر مختلف وثقافة دينية واجتماعية وهابية غيرت من شكل الهوية المصرية، ومازلنا أيضًا نعانى من تداعيات ذلك حتى الآن أيضًا، ومع إندلاع حرب الخليج وعودة الطيور المهاجرة تاركين أموالهم ولا يحمل غالبيتهم سوى مروحة المكتب وجهاز التسجيل، تراجعت التدفقات النقدية من الخارج وتراجعت معدلات النمو الاقتصادى لتصل إلى أقل من 3% وارتفع معدل البطالة إلى ما يقرب من 10%.

وحتى فى أواخر عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وبالرغم من تشجيع الاستثمارات  وارتفاع معدلات النمو الاقتصادى إلى أعلى معدلاتها التى وصلت 11%،  ولكن وصفت الباحثة فى سياق دراستها هذه الفترة بأنها " جوبليس جروث" أى فترة تراجع وانهيار معدلات التشغيل، ليس فقط لعدم المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب وبين إحتياجات سوق العمل، ولكن لأن التعيينات كانت كحرًا على مستويات معينة، وبشكل عام كان هذا النمو والتحسن فى الأوضاع الاقتصادية حقيقة لكن لا تشعر بها إلا طبقة معينة، سميت آنذاك بكريمة المجتمع، حيث عبر الاقتصاديون عن تلك المرحلة بعبارة " الأغنياء يزدادون غنى  فى مقابل أن يزداد الفقراء فقرًا"، بينما قالها صراحًة جمال مبارك نجل الرئيس وأمين لجنة سياساته بعبارة" إن النمو يبدأ من الطبقات العليا ليهبط تدريجيًا إلى الطبقات الأدنى ولكن ببطء".

وعلى ما يبدو لم ينتظر المصريين أن تصب عليهم قطرات النمو، بل أشعلوا ثورة 25 يناير 2011 ليسقط النظام نفسه بدلًا من أن تسقط عليهم عوائد إنجازاته، ولكن الأوضاع الاقتصادية إزدادت سوءًا فى سوق العمل حيث تصاعدت المطالب الفئوية والاعتصامات والإضرابات بشكل أرهق الجهات الحكومية، فيما عزف القطاع الخاص عن المشاركة فى النشاط الاقتصادى، خوفًا من حالة الإضطراب والانفلات الأمنى، بل وأغلق البعض مشروعاتهم ونقلوا استثماراتهم للخارج، خاصًة مع وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم ورغبتها فى الاستحواذ على الموارد الاقتصادية واضطهاد رجال الأعمال من غير المنتمين إليها لصالح قياداتها.

 

 

 

 

 

            تحديات تؤثر على مستوى الناتج المحلى ومستويات المعيشة

 

-           200  مليون شاب ينضمون إلى طوابير العاطلين حول العالم

 

-           ارتفاع معدلات الفقر واتساع الفجوة بين الأجور والدخول مع إندثار بعض الوظائف

 

تكمن أهمية تحليل حجم ومعدلات البطالة فى أنه - بحسب الدراسة – يعد مؤشر البطالة أحد المؤشرات الهامة التي يتم رصدها لتتبع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدولة، فهي من جهة تؤثر على مستوى الناتج المحلي الإجمالي، ومن جهةٍ أخرى تؤثر على مستوى معيشة الأفراد بالدولة، كما تتأثر معدلات التشغيل والبطالة بالتحولات الكبرى التي تشهدها الساحة العالمية، فتؤثر ثورة تكنولوجيا المعلومات على أنماط التشغيل ونوعية الوظائف المطلوبة، كما فرضت الأزمات العالمية العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي أثّرت بدورها على معدلات التشغيل والتوظف.

وشددت الباحثة أسماء رفعت فى سياق ورقتها البحثية على أن النظام العالمي الحالي يتسم بمجموعة من العوامل والسمات والتي تؤثر بدورها على آفاق وأنماط التشغيل المستقبلية من بينها الثورة الصناعة الرابعة وثورة المعلومات والطفرة التكنولوجية الهائلة والتي أدت إلى إعادة ترتيب أولويات الدول وتحول غالبيتها لموازين القوة الاقتصادية عالميًا.

كما ساهمت تداعيات جائحة كورونا في إثارة العديد من التغيرات الاقتصادية الجذرية؛ إذ أدت إلى تزايد معدلات البطالة العالمية؛ حيث توقعت منظمة العمل الدولية ارتفاع البطالة لأكثر من 200 مليون شخص حول العالم، كما توقعت تزايد مستويات فقر العمال إلى مستوى عام 2015، وهذا يعني العودة لمستويات توقيت وضع أهداف التنمية المستدامة، الأمر الذي سيزيد تعقيد الوفاء بتلك الأهداف، وقد أدت تلك الجائحة إلى زيادة البطالة بين الشباب بدرجة أكبر من الأكبر سنًا، فضلًا عن زيادة التوجه إلى القطاع غير الرسمي.

وأشارت " رفعت" إلى أن هذه التحولات مجتمعة أدت إلى إعادة تشكيل ملامح سوق العمل وأثرت في أنماط التشغيل ومستويات الدخول المتوقعة، وإضافة مفاهيم العمل الحرة.

وعلى الرغم من تعدد المزايا الناتجة عن تلك التحولات، إلا أنه ترتب عليها عدد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتي من أبرزها التهديد باندثار بعض الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة وزيادة التفاوت في مستوى الدخل والثروة. الأمر الذي يستلزم ضرورة اتخاذ السياسات اللازمة للحد من التأثيرات السلبية المحتملة على سوق العمل مستقبلا، وتحقيق التكيف والتوازن في سوق العمل.

 

 

 

 

            خريطة المشروعات القادرة على استيعاب العمالة ومواجهة شبح البطالة

 

-           الشباب يتهافتون على الأعمال ذات العائد السريع بدون مهارات وأبرزها اليوتيوبر وتنظيم الحفلات والتنمية البشرية

 

من الشان الخارجى إلى الظروف الداخلية والتحديات الهيكلية المتراكمة التي تؤثر على معدلات التوظف والتشغيل فى مصر، حيث رصدت الدراسة تراجع جودة العمالة المدربة على الرغم من التطوير المستمر بقطاع التعليم والتدريب إلا أنها لم تواكب التطور الأسرع في متطلبات سوق العمل، ولم تنعكس على زيادة جودة الإنتاج، كما يلاحظ انخفاض معدلات الرضا الوظيفي، ومن جهة الطلب فيتسم بالطموح في الترقي السريع وتأثر عدد كبير من الشباب بالوظائف المستحدثة في العصر الحديث والتي لا تعتمد على المهارات العملية وإن كانت تدر عائد مرتفع وسريع وتندرج تحت قائمة الأعمال الحرة مثل إعداد المحتوى على المدونات الالكترونية " الانفلوانسر واليوتيوبر"، وتنظيم الحفلات والمناسبات، ومدربين إدارة الحياة " التنمية البشرية"، وغيرها من الوظائف حديثة الظهور والانتشار.

ووفقًا لأحدث بيانات بحث القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2021، فإن 40% من جملة العاملين بأجر يعملون بعقد قانوني منهم 73.3% من الاناث و34.6% من الذكور، ومن الملاحظ أن سوق العمل المصري يتسم بقدرته على استيعاب العمالة وليس خلق فرص عمل جديدة؛ بما يعني عدم قدرة الشباب المؤهل على إيجاد وظائف تناسب مؤهلاتهم، مما يدفعهم إلى قبول الوظائف المتاحة في سوق العمل والتي غالبا ما تتطلب مؤهلات أقل من مؤهلاتهم وبمعدلات أجور منخفضة مما يزيد من معدلات عدم الرضا الوظيفي.

وفي إطار سعي الدولة لتنفيذ خطط التنمية والتشغيل ورفع كفاءة سوق العمل داخليا، ومواجهة تداعيات الأزمات العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد المصري، تبنت الدولة تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية الكبرى كثيفة العمالة لزيادة التشغيل من جهة وتشجيع القطاع الخاص من جهة أخرى ومعالجة الفجوات في عدد من أسواق السلع الاستراتيجية من جهة ثالثة، وجاء من بين أبرز تلك المشروعات مشروع الدلتا الجديدة، ومشروع توشكى، ومشروع تنمية شبة جزيرة سيناء، ومشروع غليون المتكامل للاستزراع السمكي، المشروع القومي للبتلو ومشروعات تطوير الثروة الداجنة، وغيرها من المشروعات، كما عملت الدولة على زيادة فرص العمل من خلال تقديم قروض ميسرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة فرص تمكين الشباب والمرأة، كما ساهمت مبادرة حياة كريمة في توفير أكثر من 450 ألف فرصة عمل دائمة، بإجمالي استثمارات بلغت نحو 4.4 مليارات جنيه.


مقالات مشتركة