الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية       وزارة المالية : الدولة ليس من دورها إدارة الأصول العقارية       أخبار سارة للموظفين.. المالية تعلن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024       بالأرقام الرسمية .. إصدار 32.5 مليون قرار علاج على نفقة الدولة       وزارة العمل تُحذر المواطنين بعدم التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية       إطلاق دورى رياضى لأبناء الأسر في قرى ( حياة كريمة ) تحت شعار ( أنت اقوى من المخدرات )       أخبار سارة : مصر تستهدف إنتاج 800 ألف أوقية ذهب عام 2030  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2023-03-18T10:16:49+02:00

بيزنس ( بير السلم ) يهدد الإقتصاد المصرى

محمد طرابيه

 منذ أيام ، إعترف اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية بإستمرار وجود  التشابكات بين الجهات  الحكومية المختلفة بشأن التراخيص والاختصاصات ولا توجد  آلية عمل  موحدة لتلك الجهات مما يصعب من  عملية الترخيص علي المواطنين وإستمرار الإجراءات المعقدة .

وأكد الوزير خلال لقائه مع  أعضاء لجنة الإسكان والإدارة المحلية بمجلس الشيوخ أن الحكومة تحاول تشجيع المواطنين لتنقين أوضاعهم الامر الذي يساهم في دمج الاقتصاد غير الموازى فى الاقتصاد الرسمى للدولة، من خلال وضع قواعد وآليات لتنظيم هذا الأمر بما يضمن التيسير على المواطنين .

 فى هذا السياق ، كشف تقرير رسمى صادر عن مجلس الشيوخ ،  أنه رغم الجهود التى بذلتها الحكومات المتعاقبة ، إلا ان هذا الإقتصاد لا يزال يتسع يوماً بعد يوم .

 واشار تقرير مجلس الشيوخ الى الدراسة الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول " التعداد الإقنصادى " والتى أكدت أن قطاع الإقتصاد غير الرسمى استحوذ على 35 % من إجمالى المنشآت فى قطاعات الأنشطة الإقتصادية ، حيث وصل عدد المنشآت العاملة فى هذا القطاع الى مليونى منشأة، بينما أعلنت  وزارة المالية أن حجم الإقتصاد غير الرسمى فى المتوسط قد يصل إلى 55 % من إجمالى حجم الناتج فى الإقتصاد المصرى ، وقد يرتفع إلى 60 % ، وهى نفس النسبة التى توصلت اليها الدراسة التى أجرتها لجنة الضرائب بإتحاد الصناعات المصرية .

 نعود الى تقرير مجلس الشيوخ ، والذى كشف أن عدد العاملين فى قطاع الإقتصاد غير الرسمى  " يطلق عليه مسمى بيزنس بير السلم " ، يصل إلى نحو 4 ملايين  بنسبة 29.3 % من إجمالى نسبة المشتغلين فى مصر فى القطاع الرسمى وغير الرسمى والذى يقدر ب 12.6 مليون فرد .

 وهنا نشير إلى أن النسبة الأكبر من العاملين فى القطاع غير الرسمى تتركز فى ثلاث محافظات  هى القاهرة والجيزة والقليوبية ، وتستحوذ أربعة أنشطة اقتصادية على 84.2 % من إجمالى المشتغلين بالقطاع غير الرسمى ، وهى تجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية والزراعة والصيد وخدمات الغذاء .

 وعلى صعيد متصل ،  تشير تقارير وزارة القوى العاملة إلى أن نسبة المشتغلين خارج المنشآت الرسمية  قد تغيرت خلال عام 2020 لتصل إلى 44 % من إجمالى المشتغلين  بالمجتمع ، مقابل نحو 35 % لدى القطاع الخاص المنظم  ، ونحو 21 % فى القطاع الحكومى وقطاع الأعمال العام ، وبعبارة آخرى فإنه يشكل النسبة الغالبة من المشتغلين فى سوق العمل ككل ، وترتفع هذه النسبة بشدة داخل الريف الذى يستحوذ على 60 % من المشتغلين .

 

 وتكشف التقارير الرسمية  ،  أن نسبة من يعملون عملاً دائماً 48.7 % مقابل 47.9 % لمن يعملون عملاً متقطعاً فى هذا القطاع ، وفى المقابل تصل نسبة من يعملون فى القطاع الخاص الرسمى  بصورة دائمة نحو 84.4 %   مقابل 1 % فقط يعملون عملاً متقطعاً .

 

ويرى المتخصصون أن خطورة هذا القطاع  تكمن فى أنه قد بدأ يستوعب قطاعات جديدة من الشباب ، خاصة خريجى الجامعات والمعاهد العليا ، ليضافواً إلى قوته الأساسية  المتمثلة فى المنتقلين من الريف للمدن أو العائدين من الخارج ، كما أدى التوسع فى هذا القطاع  الى الإعتماد على العمالة متوسطة المهارة بالأساس ، أى الشريحة التعليمية الأقل ، وإشتغال العديد من الأفراد فى وظائف ومهن لا علاقة لها بمؤهلاتهم العلمية ، وهى أمور تؤثر ى النسيج الإجتماعى لمصر .

 

الجدير بالذكر  أن معظم  منشآت الإقتصاد غير الرسمى  صغيرة ومتوسطة الصغر ، حيث  تصل نسبة المنشآت التى يبلغ رأسمالها المستثمر أقل من 100 ألف جنيه  نحو 81 % من إجمالى المنشآت فى قطاع الإقتصاد غير الرسمى  ، تليها المنشآت الأقل من 200 ألف جنيه  وأكثر من 100 ألف جنيه  بنسبة 18 % ، ولذلك فإن نسبة المنشآت  التى يعمل بها أقل من 5 أفراد  تصل إلى 96 % من إجمالى المنشآت  فى قطاع الإقتصاد غير الرسمى ،  تليها المنشآت التى  تستخدم من  5 الى أقل من 10 أشخاص  بنسبة 4% ، ولذلك يتم أخذ نحو  95 %  منها شكل المنشأة الفردية من الناحية القانونية ، ويشير التعداد إلى أن نحو 72 % من هذه المنشآت تم  انشاؤها  بعد عام  2010 .

 المفاجأة التى  كشفتها التقارير الرسمية أن  حجم الإقتصاد غير الرسمى فى مصر  وصل إلى نحو 3 تريليونات  جنيه من حجم الإقتصاد الكلى ، بينما تقدر خسائر الدولة من هذا القطاع نتيجة لعدم اندماجه  تحت مظلة الإقتصاد  الرسمى بنحو 400 مليار جنيه .

 وبحسب الموازنة  العامة للدولة  لعام 2021 2022 فإن هذا المبلغ يغطى ما يقرب من 85 % من العجز الكلى المقدر ب 475 مليار  جنيه .

 وفى المقابل  يرى البعض أن الإقتصاد غير الرسمى يعد جزءاً مهماً فى الإقتصاد المصرى ، حيث أن مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى  بنحو 40 % من ناتج الإقتصاد الرسمى  الباغ 6.4 تريلونات جنيه  لعام 2020 2021 ، فى ظل استيعابه  نحو 50 % من قوة العمل  بالإضافة الى أن عدد وحداته الصغيرة والمتوسطة  بلغ أكثر من أربعة أمثال  عددها فى الإقتصاد الرسمى وهو الأمر الذى يجعل منه قوة وأهمية للدولة المصرية  فى القضاء على البطالة .

 

الكارثة أن معظم العاملين فى القطاع غير الرسمى من الفقراء حيث بلغت نسبتهم  51 % مقابل 37 % فى القطاع الخاص المنظم  و12 % فى القطاع الحكومى ،

وتعود خطورة  هذا الوضع إلى  صعوبة تنظيم الأوضاع بداخل القطاع غير الرسمى  مع ما يتلاءم مع احتياجات المجتمع ، علاوة على الظروف السيئة التى يعمل فيها العاملون بهذا القطاع ، فمعظمهم يعملون بدون عقود رسمية ، حيث تشير الإحصاءات الى أن 1 % فقط ممن يعملون بأجر داخل هذا القطاع  يعملون بعقود قانونية ، ونحو 27.3  % منهم يعملون عملاً دائماً ، فضلاً عن أن 11 % تقريباً مشتركون فى التأمينات الإجتماعية ، و3.2 % فى التأمين الصحى .

 

على الجانب  الآخر نشير إلى أن هناك أشكال كثيرة للإقتصاد غير الرسمى فى مصر منها :

القطاع الصناعى والذى يشمل المصانع غير الحاصلة على عضوية اتحاد الصناعات ، والمفارقة أن هناك الألاف من المصانع تمكنت من التسجيل فى السجل التجارى دون الحصول على موافقة اتحاد الصناعات بالمخالفة للقانون الذى يلزم كل المصانع بالاشتراك فيه، وهو الأمر الذى يعنى أن هناك الاف المصانع يحصلون على غطاء شرعى  لمزاولة عملهم ثم يتوقفون عن استكمال باقى الموافقات .

وهناك أيضاً الباعة الجائلون فى الاسواق العشوائية بالقرى والمدن ، وفى مجال التعليم نجد من ضمن مجالات القطاع غير الرسمى الدروس الخصوصية والكتب الخارجية ورغم أن أسعارهما معلومة للجميع الا أنهما لم يدخلان ضمن اطار الحسابات القومية التى تفرض عليها الضرائب أو يؤخذ عليها رسوم معينة مقابل تقديم الخدمة .

 وفى مجال  النقل والمواصلات ، تتجلى ظاهرة الإقتصاد غير الرسمى فى اطارالدخل المتحقق من ممارسات رفع أجرة التاكسى رغم وجود تعريفة محددة ، وهناك أيضاً ظاهرة  " التوك توك " الذى يعد وسيلة نقل أساسية فى الأحياء الشعبية والمناطق النائية حيث يوفر ما يزيد عن 2 مليون فرصة عمل مباشرة ما يخلق دخولاً كبيرة لأصحابها لا تخضع للحسابات القومية .

 ومن مجالات الإقتصاد غير الرسمى ، البناء المخالف سواء على الأراضى الزراعية أو فى المناطق العشوائية بما يخالف القواعد القانونية المنظمة والضابطة لمثل هذه الأعمال  وهو ما أدى إلى تزايد أعداد المساكن فى العشوائيات وكذلك البناء على الأراضى الزراعية .

 

 نأتى الى  جانب مهم جداً فى هذه القضية وهو المخاطر المتعددة للإقتصاد غير الرسمى على الأوضاع فى مصر بصفة عامة وعلى الشباب على وجه الخصوص .

من بين هذه المخاطر  التأثير على الستوى الفنى للصناعات المصرية حيث أن هذا النوع من الإقتصاد  لا يلتزم بأية مواصفات قياسية متعارف عليها فى المجال الصناعى ، بل يعتمد على أردأ أنواع الخامات المستخدمة  بهدف تخفيض تكلفة انتاج السلعة أو الخدمة الأمر الذى يترتب عليه الإضرار بسمعة الصناعة الوطنية .

وعلى المستوى التجارى  يترتب على سوء مستوى الصناعة المصرية عرقلة حركة التجارة الداخلية والخارجية فى ظل تراجع الطلب على هذه الصناعات الرديئة .

 

 وعلى مستوى السياسة النقدية للدولة ، فإن هذا النشاط يؤثر على رسم السياسة النقدية بشكل صحيح ويؤدى الى تقدير نسب التضخم بنسب غير منضبطة  تؤثر سلبا على كفاءة البنك المركزى فى تحديد أسعار الفائدة وادارة السياسة النقدية .

كما يؤثر هذا القطاع غير الرسمى على السياسة المالية للدولة ، ففى الوقت الذى يستفيد فيه العملون فى القطاع من كافة الخدمات التى تقدمها الدولة من تعليم وصحة  ..الخ ، نجد أنهم لايساهمون فى تحمل ياة أعباء ضريبية وهو ما يؤدى إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة .

و يؤثر  أيضاً على مستوى الإقتصاد ككل ، حيث أن النتيجة الطبيعية للبيانات غير الصحيحة والسياسات غير الواضحة ، تطبيق سياسات غير مثلى بما يترتب عليها آثار اقتصادية غير مناسبة بل ربما تضر بالإقتصاد الكلى .

 ويخطىء من يتصور أن التاثيرات السلبية لإقتصاد " بير السلم " قاصرة على الجوانب الإقتصادية ، حيث أن  له تأثيرات إجتماعية كارثية منها ، ضعف المهارات المكتسبة للعاملين فى هذا النمط الإقتصادى اذا لا يتطلب فى غالبية انشطته عمالى مدربة ومؤهلة ويظل المستوى الفنى للعاملين ضعيف لا يمنحهم أحقية الطلب بعد مرور سنوات  عديدة من العمل لزيادة أجورهم بشكل يتناسب مع خبراتهم العملية .

ومن التأثيرات الإجتماعية  أيضاً  غياب الأمن الوظيفى والضمان القانونى ، اذا لا يخضع العاملون الى التشريعات القانونية المنظمة للعمل ولا يكتسبون عضوية النقابات العمالية والمهنية المختلفة ، ولا يتمتعون بالحماية الإجتماعية والصحية " مكافأة نهاية الخدمة  ، اجازات مدفوعة سنوياُ " وتتزايد مخاطر هذا الغياب للمنظومة القانونية الحامية لحقوقهم فى أوقات الأزمات على غرار ما حدث أثناء فترات الإغلاق الجزئى وفرض الإجراءات الإحترازية خلال جائحة كوفيد 19 .

كما أن هذا الإقتصاد غير الرسمى يؤدى إلى زيادة نسبة التسرب من التعليم  ، اذ يصبح لديهم الدافع للحصول على دخول تتجاوز  حينها أعلى مما يمكن  أن يحصلوا عليه بعد اتمام تعليمهم ، ويترسخ لديهم مفهوم أن الحصول على المال هو الغاية وليس الوسيلة ، وهو ما يترتب عليه تراجع قيمة العلم وومكانته ودوره فى بناء الدولة ، لأن نهضة الدول لا يمكن  أن تتم دون النهوض بالتعليم .

 

 

 

 


مقالات مشتركة