جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2023-05-21T21:49:50+02:00

رسائل المصارحة فى الحوار الوطنى

سيد سعيد

الشأن العام حلقات يتصل بعضها البعض، وتشكل منظومة متناغمة، فلا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، ولا يمكن فصل الحماية الاجتماعية عن البناء والتعمير والتوسع فى الاستثمارات، جميعها يدور فى فلك واحد، مؤداه بناء دولة حديثة بمقومات عصرية، وهذا يتطلب سباق مع الزمن.. قبل أيام قليلة اقتربت من حدثين فى غاية الأهمية، الحدثان لا ينفصلان، كلاهما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالآخر.. الأول يخص الحوار الوطنى، أما الثانى فيتعلق ببدء العمل فعليـًا فى العاصمة الإدارية.

إن المتابع بدقة لمجريات الأحداث على الساحة المصرية، لا يجد صعوبة فى رؤية المشهد من دون رتوش، بما يؤكد على توافر الإرادة السياسية للانطلاق، والتغلب على المعوقات فى تناغم لافت للانتباه، فالاجتماعات بشأن العاصمة الإدارية لا تتوقف، لتوفير كافة متطلبات الانتقال، وتخفيف الأعباء على موظفى الدولة، الذين انتقلوا لمقار الحكومة وبدء العمل.

وفى ذات الوقت، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى إشارة البدء لإجراء حوار وطنى، يهدف الوصول إلى أرضية مشتركة بين أبناء الوطن، يناقشون خلاله فى إطار المسئولية الوطنية كافة المحاور المتعلقة بالشأن العام «السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحريات»، لرسم ملامح المستقبل وترسيخ مفاهيم الديمقراطية، والانتقال من الإدارة التقليدية إلى الرقمنة والمدن الذكية، بما يساهم فى انطلاق الدولة نحو التقدم، وتوفير حياة كريمة للإنسان المصرى، الذى تضعه القيادة السياسية فى الأولوية، يشارك فى الحوار كل أطياف المجتمع والقوى السياسية الممثلة فى الأحزاب، والمنظمات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية، والنواب وقادة الرأى والفكر والمثقفين، بتنوع مذاهبهم الفكرية ومشاربهم السياسية.

من يجيد قراءة الواقع وتشابكاته بموضوعية وحيادية، فى إطار المسئولية الوطنية، كما أسلفنا، لا يبذل جهدًا لإدراك حقيقة، مفادها، أن المسافة بين الشجاعة والخوف، مشحونة بحسابات معقدة وخيالات متناقضة، لكن جميعها يصيح بمكنون الشخصية، والحكم عليها إما بالتفرد فى إنجاز الأهداف الوطنية النبيلة، بلا حسابات أو مكاسب شخصية، أو الوقوف فى الصفوف الخلفية من المشهد على طريقة عواجيز الفرح، ممن يتبارون فى النقد اللاموضوعى، ومعارضة أى شىء لمجرد المعارضة.

ثمة أمور كثيرة لا يمكن إبعادها عن القضايا التى نحن بصددها، وهى المتعلقة بالحوار الوطنى وانطلاق الدولة صوب المستقبل بجرأة وثقة فى نفس الوقت، فالحوار يجمع كل أطياف المجتمع المصرى بتنوع أفكارهم وشرائحهم الاجتماعية، وكان لافتًا للنظر، كم الأفكار التى تعبر عن حجم التطلعات المرجوة فى كافة المجالات، خاصة فيما يتعلق بالنظام الانتخابى وترسيخ الديمقراطية والحماية الاجتماعية والحريات، إلى بقية المحاور، بما يتيح التمثيل العادل لفئات المجتمع.

هناك جوانب أخرى، لا يفوتنا التوقف أمامها بموضوعية، فى مقدمتها الحضور الطاغى لشخصيات سياسية ونيابية، بالأداء المتميز والمشحون بالمسئولية الوطنية، فقد بدا لى من الوهلة الأولى أن أطروحاتهم وأفكارهم داخل قاعات الحوار وعلى المنصات الفضائية، تشير إلى براعتهم فى ترجمة نبض الشارع وتطلعاته وطموحاته.. النائب علاء عابد واحد من هؤلاء، إن لم يكن أبرزهم على الاطلاق، فآرائه كانت تعبيرًا حقيقيًا عن طموحات المجتمع بكل فئاته بدون حسابات، والحسابات الوحيدة فقط، المصلحة الوطنية.

 توقفت كثيرا أمام واحد من تلك الشخصيات البارزة، إن لم يكن أبرزهم على الاطلاق، النائب علاء عابد، الذى ساهم بفاعلية كبيرة فى إثراء جلسات الحوار، من خلال أطروحات جادة لم تكن فقط ترجمة لأفكار حزبية، إنما جاءت تعبيرًا صادقًا عن رغبة الشارع وتطلعاته، وقدرته على تحمل مسئولية أن يكون صوت الغالبية على اتساع النطاق الجغرافى للدولة المصرية، وهؤلاء الذين لا يشاركون بشخوصهم فى المنتديات الفكرية والحوارات السياسية، ولا يظهرون على الشاشات الفضائية.

الأداء المسئول لأى شخصية من قادة العمل السياسى، يحفز على البحث فى سيرته الذاتية، باعتبار أن الأداء المسئول لا يأتى بالصدفة أو من قبيل ضربات الحظ، إنما لأنه نتاج طبيعى لتراكم الخبرات الحياتية، فضلاً عن الموهبة والقدرات الشخصية والتجارب التى تصقل صاحبها بالمهارة والبراعة والإيمان بالمسئولية الوطنية، وهذه الصفات ربما لا تتوافر فى كثيرين، لذا يصبح من المنطقى والطبيعى أن يكون النائب علاء عابد محور اهتمام من المتابعين للسجالات التى تدور فى الحقل السياسى أو الميديا أو البرلمان، فمسيرة الرجل مشحونة بنجاحات على المستوى المهنى والوظيفى منذ بدايات حياته كضابط موهوب، إلى جانب ملكاته الذاتية فى إنهاء المشكلات والصراعات المزمنة، حيث واجه العديد منها مسلحًا بالقانون الإنسانى، ويضاف إلى ذلك نضجه البرلمانى وتركيبته الشخصية التى تشكلت منذ نشأته فى أسرة مرموقة، تنتمى لإحدى العائلات العريقة.

 إسهامات النائب علاء عابد فى الحوار الوطنى وإمساكه بخيوط الرؤى المطروحة من كافة التيارات المشاركة، لا تنفصل بحال من الأحوال عن براعته تحت قبة البرلمان فهو، كما أسلفنا القول، يتحدث ويتحرك ويتفاعل مع القضايا المطروحة، لذا لم يكن غريبًا أن يكون هدفاً للجماعة المارقة عن الصف الوطنى، الذين أرادوا النيل منه مرات عديدة، لعل أشهرها التى نصب فيها المارقون حلقات الزار ووصلات الندب فى فضائياتهم وعلى السوشيال ميديا، حدث هذا لمن يريد أن يتذكر، أثناء نجاحه فى وأد الفتنة بين بعض المواطنين بالجيزة، وإحدى الجهات الحكومية، حيث تصدى بعقلانية ومسئولية لمحاولات الوقيعة والتحريض على العنف، واستطاع أن يخيب آمال الذين يريدون إشعال النيران فى جسد الوطن.

لم يعد من قبيل المبالغة أن يتحول مكتبه إلى قبلة يرتادها أبناء الشعب من كل الشرائح المجتمعية، وليس فقط أبناء دائرته الانتخابية، للبحث فى مشكلاتهم، وتقديم الخدمات العامة لهم، وليس من قبيل المبالغة أيضًا، القول بأن أثر خدماته العامة يمتد إلى بقية الدوائر، لا فرق بين مواطن وآخر طالما كانت الخدمة مشروعة، ولا تحمل جورًا على حقوق الغير، وهذا وحده كاف بأن يكون منفتحًا على الأوضاع العامة والمعوقات بكل تفاصيلها، والإحساس الحقيقى بنبض الشارع وتطلعاته، وذلك يفسر أسباب انحيازه للفئات المجتمعية المهمومة بالبحث عن الاستقرار والأمان الاجتماعى، ومن هذه الزاوية تحديدًا، يكمن جوهر الانحياز للبسطاء، وما يحمله فى أجندته السياسية البرلمانية، كاشفا لجوهر تلك الحقائق.

لم أتحمس منذ أن احترفت مهنة البحث عن المتاعب للكتابة عن الأشخاص، لكننى وجدت نفسى مشدودًا للحديث عن شخص ترتبط الكتابة عنه بالشأن العام، ليس لكونه شخصية عامة فقط، إنما لأن الشأن العام فى مصر حلقات يتصل بعضها البعض، كأنها منظومة متناغمة، فلا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، ولا يمكن فصل الحماية الاجتماعية عن البناء والتعمير والاستثمار، ولا يمكن إبعاد الصحة عن التعليم والبحث العلمى، جميعها تدور فى فلك واحد، إن صلحت الرؤى حول إحداها تسير بالتوازى معها فى ذات الطريق بقية الحلقات الأخرى نحو التقدم، وفى النهاية.. يجب التأكيد على أمور، أرى أنها مهمة، بل فى غاية الأهمية، مضمونها يدور فى تناول الرؤى بقدر هائل من الشفافية، وهذا حال كل المشاركين فى الحوار، الذين يمثلون المجتمع المصرى بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية وانتماءاته السياسية والفكرية، لذا لم يكن غريبًا، أن تحظى المناقشات الدائرة بقدر هائل من الاهتمام على المستويين الشعبى والإعلامى، كما حظى النائب علاء عابد باحترام جميع المشاركين والمتابعين على حد سواء، خاصة فيما يتعلق برؤيته حول تكافؤ الفرص بين الجميع، والمنافسة فى الانتخابات لتمثيل الشعب فى إطار ديمقراطى.

لم يكن غريبًا، أيضًا، أن يترقب الشارع المصرى مخرجات الحوار والتوصيات الصادرة عنه، وجدواها، وهذا يحمل فى طياته رسائل مهمة، محورها يدور فى المصارحة والمكاشفة، ووأد الشائعات التى تهدف الفتنة وتحاول النيل من استقرار الدولة، والأهم فى تقديرى الشخصى، هو أن الإرادة السياسية لإجراء حوار جاد ينطلق من رؤى وطنية توافرت بالفعل، ولم يتدخل أحد فى سير الجلسات أو توجيه دفة الحوار، بما فيها حزب الأغلبية، فالأفكار والمقترحات تم عرضها فى إطار ديمقراطى.

ورغم عدم التفاتى للصخب الذى يملأ الفضاء الإلكترونى عن عدم جدوى الحوار، فى إطار مسلسل التحريض على الفتنة، واعتباره من قبل المارقين ونخبة شائعة فى الداخل بأنه «مكلمة» على حد وصفهم، إلا أن هذا يحتاج إلى مواجهة من إعلام واع، ومدرك لطبيعة التحول الذى يحدث بالفعل على الساحة المصرية، على أن تكون المواجهة بالمعلومات، وإبراز رؤية التيارات السياسية ومطالبها، فكل التيارات بتنوع مشاربها، شاركت بفاعلية وتقديم أفكارها ورؤية أحزابها، إن الفشل الذى يجتاح صفوف الجماعات المارقة عن الصف الوطنى، يعلقونه دائمًا على شماعة أى إنجاز أو تقدم على الساحة المصرية ويعتبرونه فشلا، هم يفعلون بالضبط مثل من يبحث فى القرآن عن آية، يبترها من سياقها لتكفير خصمه، هؤلاء دأبوا على التشكيك والتشويه، والشعب كشف زيفهم وتضليلهم، وما يفعلونه ليل نهار، لم يعد مجديًا.

إن التجربة المصرية فى مسألة الحوار الوطنى، ستكون ملهمة لأى دولة أخرى تريد ترسيخ قواعد الحوار الديمقراطى بين القوى المختلفة، لإيجاد أرضية مشتركة بين الجميع لصالح بلدانهم ومجتمعاتهم.

 


مقالات مشتركة